الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

الفراغ القانوني واستمرار احتلال العراق

 

 

شبكة المنصور

د . فيصل الفهد

 

كان اندفاع مجموعة المحافظين لتنفيذ مخططهم العدواني ضد العراق اكبر من قدرتهم على وضع برنامج عملي يعالج النتائج الكارثيه التي سيرتبها احتلال العراق فالكونكرس الذي طوع ارادته لصالح المحافظين وإدارتهم المجرمة وضع صلاحياته وواجباته رهن اشارة الرئيس بوش بشأن حكم استعمال القوة المسلحة التي يفرضها الدستور، بما فيها حماية الحكومة التي نصبها الاحتلال من مخاطر داخليه و خارجية، الا ان هذا الموقف تغير الان حيث لم يعد الكونجرس الامريكي متحمسا على عقد الاتفاقبه بين الادارة الامريكيه وحكومة الهالكي واعتبرها غير ضرورية وقد دعم موقف الكونكرس ما ذهب اليه المتخصصين في القانون الذين أدلوا بشهاداتهم أمام "لجنة المراقبة" المنبثقة عن لجنة الشؤون الخارجية التابعة لمجلس النواب حيث أكدوا أن "صلاحية القتال" التي تسعى الإدارة الحالية للحصول عليها من العراق تتطلب بالفعل موافقة الكونجرس.

ومعروف،ان الأمم المتحدة ومجلس ألان كانا قد وفرا التفويض الأمي والخيطَ القانوني الأخير لسلطة استخدام القوة المسلحة بالنسبة للقوات الأميركية، وذلك على اعتبار أن "فرض احترام قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة"، كان أحد الهدفين اللذين أشار إليهما تصويتُ الكونجرس في عام 2002، والذي أجاز استخدام القوة ضد العراق   وتمثل الثاني في التخلص من التهديد الذي كان يزعم المحافظين ان مصدره نظام الرئيس الراحل صدام حسين ومعروف ان هذا التفويض ألأممي ينتهي في نهاية العام الحالي، ومن هنا فإن فترة الصلاحيات الممنوحة للقوات الامريكيه وحصانتها من المتابعة القضائية في العراق، تنتهيان بالتبعية. وهذا سينشئ ما يسميه القانونيين الامريكيين بالفراغ القانوني الذي تعرض له بتفصيل الخبيران في الدستور الأميركي "بروس آكرمان" و"أونا هاذاوي" في مقالهما بـ"واشنطن بوست" في الخامس من نيسان الماضي تحت عنوان "تاريخ انتهاء صلاحية الحرب".

وطفت على السطح اليوم أراء مختلفة حول الأسلوب الذي يجب على الاداره الامريكيه إتباعه للبقاء في العراق فهناك من يقترح الاستمرار باستخدام عباءة التفويض ألأممي في العراق لفترة أخرى للحفاظ على الوضع الراهن وإحالته إلى الرئيس والكونجرس المقبلين، ليكونا مسئولين عن تطبيق أي اتفاقية يتم توقيعها مع بغداد ويذهب أصحاب هذا الرأي إلى تمديد تفويض الأمم المتحدة في العراق لمدة ستة أشهر، مثلما حدث من قبل، وذلك حتى يتسنى للرئيس والكونجرس الجديدين العمل مع حكومة ألهالكي على تحديد الاتفاق المقبل.....ومع ذلك اعلن البيت الابيض الاسبوع الماضي انه لا يعتقد ان الاتفاق الاستراتيجي الذي سينظم العلاقات الاميركية العراقية على المدى البعيد سينجز قبل نهاية تموز كما هو مقرر، مشيرا الى ان ذلك قد يتطلب بضعة ايام اضافية. وقالت المتحدثة باسم البيت الابيض دانا بيرينو "لا اعتقد باننا سنكون قادرين على التوصل الى هذا الاتفاق قبل الخميس المقبل" في اشارة الى التاريخ الذي سبق وحدد للتوصل الى اتفاق بهذا الشأن وهو الحادي والثلاثين من تموزالحالي.

ان الطريقة التي تستخدمها الإدارة الحالية لإبرام هذه الاتفاقية، أحدثت صُدمه  داخل الكونجرس لاسيما بعد إعلان المبادئ، التي حددت الخطوط العريضة للإطار التفاوضي، والذي وقعه الرئيس بوش وعامله في العراق نوري ألهالكي في تشرين الثاني من العام الماضي. ومنذ ذاك الوقت، لم يتسنى لاعضاء الكونغرس من الإطلاع على المعلومات حول الوضع التفاوضي للولايات المتحدة، بل وحتى حول الأهداف الأميركية، وهو ما دفع النواب الديمقراطيين، وبعض "الجمهوريين"، إلى الاعراب عن تحفظهم حول هذه الاتفاقيه لان من واجب الكونجرس بمقتضى الدستور الإشراف على المفاوضات الدولية والموافقة على الاتفاقيات ذات الصلة بالعمل العسكري الهجومي. والحال أن المعلومات بشأن هذه الاتفاقية متوفرة إما عبر الإشاعات أو التسريبات، و لا يمكن للنواب أن يدعموا شيئاً لا يملكون تفاصيل ملموسة عنه.

ان قوى كثيرة من تلك التي دعمت غزو العراق واعتبرته وسيلة لحماية الأمن القومي الأميركي بدات تعترف الان بوجوب التفتيش عن بدائل لسياسات إدارة بوش الفاشلة في الشرق الأوسط، فثمة خيارات أخرى للتعاطي مع التهديد الذي تشكله إيران التي لم يزدها الاحتلال الأمريكي للعراق إلا قوة ونفوذاً، ومن هذه الخيارات التي يراها هؤلاء  فتح مفاوضات مباشرة وحازمة مع الإيرانيين، وإعادة نشر القوات الامريكيه خارج العراق على نحو يسمح لها باحتواء التهديد الإيراني حيثما وقع.

ويضيف اصحاب هذا الراي الى كل ذلك، ان الوضع في الشرق الأوسط  و وجود القوات الأميركية في العراق يشبِّه الى حد كبير شكل الوجود الأمريكي طويل الأمد في اليابان وكوريا الجنوبية. ذلك أن كل المؤشرات تفيد بأن العراقيين لن يفرطوا بسيادتهم وان هم يرفضون الهيمنة الأمريكية وهذا ما سيجعل الوجود  ألأميركي طويل المدى في العراق مصدراً للعنف، وليس الاستقرار، وهذا الرأي لم يعد يسمعه المسؤلين الأمريكيين من القوى الرافضة لوجودهم في العراق بل حتى من أعضاء بما يسمى بمجلس النواب العراقي الذين حضروا اجتماعات الكونجرس الشهر الماضي ( مثل خلف العليان ونديم الجابري وآخرين غيرهم) وقد أكد هؤلاء أنه إذا كان ثمة جدول زمني واضح لانسحاب قوات الاحتلال من العراق، فإن ذلك سيفقد الفصائل ألمقاومه للاحتلال جانب مهم من الأسباب والمبررات لمحاربة القوات الأميركية الغازية وقد عرضت مجموعة مجلس النواب التابع للاحتلال في العراق خلال وجودهم في واشنطن، رسالة موقَّعة من قبل القوى المشاركة في العملية السياسية، تؤكد على أنهم ، ومثلما حدث العام الماضي خلال المناقشات حول تمديد تفويض الأمم المتحدة لعام 2008، لن يوافقوا على الاتفاقية الأميركية- العراقية إلا إذا كانت تتضمن جدولاً زمنياً لانسحاب أميركي كامل، وهو موقف يبدو أن الهالكي يتفق معه بسبب الضغوط التي تمارس عليه من قبل النظام الايراني.

ان العراقيين تحت أي ظروف ,مهما تكررت مشاهدتها، لن ينسوا الجرائم التي ارتكبتها القوات الأمريكية ضدهم سواء في سجن "أبو غريب" او غيره في العراق، وكلها قادرة علي إحداث صدمة نفسية وربما كان سببا إضافيا دفع المخرج ايرول موريس، الحائز علي جائزة أوسكار للأفلام الوثائقية، ليخرج فيلما اسمه "إجراءات العمل الاعتيادية"*، قدم فيه ثمرة بحوثه المفصلة حول معاملة السجناء العراقيين  وهذه الصور عن حالات الإذلال والتعذيب والموت التي شهدها العالم لأول مرة في 2004، أصبحت رمزا قويا لمدي خرق الولايات المتحدة للقوانين الدولية أثناء احتلالها للعراق وحربها العالمية علي "الإرهاب". ان هذه الصور تركت في ذهن من شاهدها اسئله مشروعه ملحه عما إذا كانت القسوة والفظاظة التي التقطتها عدسات الجنود الأمريكيين، كانت بتوجيه من المسئولين في واشنطن علي أعلي المستويات ام لا وقد اثبتت الاحداث اللاحقه ان كل ما جرى من جرائم كان عملا مخططا من اعلى القيادات الامريكيه!! ومع ذلك لاتزال إدارة بوش تتشبث بمواقفها الكارثيه التي ترفض منذ البداية الاعتراف بأن سياستها في العراق لا معني لها ان جانب مهم من حالة الدفاع التي يرفعها مؤيدي الاداره الامريكيه ان الجيش (الأمريكي) برمته، يفتقد  الإعداد والعتاد والحجم. وهو اضعف من قدرته على أداء العمل المكلف به. , وان هناك أعدادا كبيرة من الناس يوجهون اللوم الى المجرمان الحقيقيان وهما الرئيس بوش، ونائبه ديك تشيني، وثالثهما رامسفيلد. وهناك كميات هائلة من الوثائق حول سياسات إدارة بوش فيما يخص الاعتقالات والتعذيب.وان غالبية الأمريكيون يرفضون سياسة ادارتهم ،و يتمنون لو انسحبت قوات بلادهم من العراق، وهم لا يرغبون في التعامل مع الاداره. وهذا ما سوف يجني ثاره المرشح الديمقراطي باراك اوباما  ومن الأهمية للامريكين بمكان أن يفوز في انتخابات تشرين الثاني.

على امل ان يعالج جانب من الضرر الذي ألحقه احتلال العراق وتداعيات أحداث سجن أبو غريب لصورة أمريكا لان هذه الصور دمرت مفهوم الأمريكيون عن أنفسهم حيث كانت الناس تريد الاعتقاد بأنها حرب لحمل الديمقراطية الامريكيه الى شرق العالم  الا ان هذه الصور دمرت بقوة هذا الاعتقاد.فهذه الصور لطخت سمعة امريكا وصورتها، ويعتقد اغلب الامريكين استحالة عودت الأمور إلي ما كانت عليه.

ان الامر الذي لايختلف عليه اثنين هو ان الحديث عن التحسن الامني الحقيقي انما هو ضحك على الذقون ومن الادله على ذلك محاولات هرب اعداد كبيره من العراقيين الى خارج العراق لاسيما من تورطوا بالعمل مع قوات الاحتلال وفي ذلك  قالت السفارة الأميركية ان آلافاً من العراقيين الذين يخشون تعرضهم للقتل بسبب عملهم لصالح الحكومة الأميركية او الجيش الأميركي في العراق سيحصلون على تأشيرات تسمح لهم بالاستقرار في الولايات المتحدة بشكل دائم وان برنامج التأشيرات الجديد سيسمح بدخول 5 آلاف عراقي سنوياًَ على مدى خمس سنوات بدءاً من الشهر الماضي. ...لتوفير ملاذ آمن لهؤلاء المواطنين العراقيين الشجعان الذين خاطروا بأرواحهم لخدمة الولايات المتحدة". !!!!وألحقت الحكومة والجيش الأميركيان آلاف العراقيين بالعمل منذ الغزو في عام 2003 وقتل كثيرون منهم او واجهوا تهديدات بالقتل من مسلحين يعتبرونهم متعاونين مع الاحتلال.

وقبلت وزارة الامن الداخلي الأميركية العام الماضي آلاف الهاربين بموجب برنامج لإعادة التوطين بعد ان تعرضت ادارة الرئيس جورج بوش للانتقاد في الكونغرس لعدم قبولها سوى 466 شخصا عراقياً منذ بدء احتلال العراق. وياتي في مقدمة من تهتم الاداره الامريكيه بمنهم اللجوء والتأشيرات المترجمين واصبح البرنامج الجديد يزيد على ماكانت قد خططت له الاداره في السابق.

ان العنف لايزال يضرب اعماقه في العراق رغم كل محاولات التعتيم الاعلامي المقصود حيث لاتنشر وسائل الالام الا ما ندر من اخبار العمليات العسكره ضد قوات الاحتلال وصنيعته قوات حكومة الهالكي وتبرز محافظة ديالى واحده من اخطر المناطق الساخنة في العراق هجمات منظمه ومواجهات عنيفة بين المقاومه العراقيه و الجيش الاميركي وعناصر الصحوة اعتبروها عراقا صغيرا لان فيها السنة والشيعة والاكراد والمسيحيون. وبقية المحافظات ليست مختلطة الى هذا الحد. ولذلك يصعب ارساء السلام هنا. ولذلك فان ما ينطبق على ديالى ينطبق على كل العراق.

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الجمعة /  22  رجــــب  1429 هـ

***

 الموافق   25  /  تمــوز / 2008 م