الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

إحقاق الحق في النفاق

 

 

شبكة المنصور

الدكتور همام أحمد محمد

 

هذا عنوان بحث يعود للأستاذ خالد بن إبراهيم وهو بحث يستحق الثناء لما تضمنه البحث من دقة علمية رائعة عن واقعية للمنافقين في عهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم .

وبقدر استفادتي منه سحبني بواقعية مشابهه للمقارنة بين المنافقون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبين المنافقين في عصرنا الحالي وأخص بالذكر المنافقون الذين يعملون مع المحتل الأمريكي في العراق . والذين اتخذوا من الدين وسيلة لتلبية طموحاتهم وأطماعهم الخسيسة التي تجسد بشكل واضح نفاقهم .

والنفاق مرض يصيب الإنسان وهو مرض غير مستغرب حاله حال أي مرض يصيب البدن ، وكثير من الأمراض الجسدية يجهد أهل الاختصاص في اكتشاف الأدوية الناجعة لها، ولكن محاولاتهم لا تحقق النجاح المرجو! حتى قيل وعلى سبيل المثال:" فالج لا تعالج" ـ لأن هذا المرض يندر أن يشفى من يصاب به ـ كذلك الشأن في النفاق فهو مرض نفسي..؟ ولكنه كسبي. كالإدمان فهو مرض ينجم عن مقدمات يباشرها الإنسان بنفسه لذلك يصعب علاجه.. كذلك الشأن في المنافقين الذين أفرزهم المجتمع المدني نظرا لوجود (جرثومة )  أسمها حب الذات .

ومن المعلوم أن مرض (النفاق) لم يكن متفشيا ًً في العراق إبان الحكم الوطني وإذا كان موجودا ً فهو أشبه بمرض السل المليف الذي قضي عليه . لكنه حين يتاح له المناخ المناسب بفعل أصحاب الغرض ينشط هذا الجرثوم ويعود ليفتك بالبدن .

ولو استعرضنا عمل المنافقين منذ بداية الدعوة الإسلامية إلى يومنا هذا لوجدنا تشابه صفاتهم بعد أن حدد رسول الهدى صلى الله عليه وسلم علاماتهم حين قال ( أربع من كن َّ فيه كان منافقا ً خالصا ً ، ومن كانت فيه خصلة منهنَّ فيه خصلة من نفاق حتى يدعها : إذا اؤتمن خان ، وإذا حدث كذب ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر ) متفق عليه : رياض الصالحين باب تحريم الكذب .

 

أما الآيات التي تتضمن أوصاف المنافقين وأخبارهم ومواقفهم والحملات عليهم هي كثيرة جدا، حتى لا تكاد تخلو سورة مدنية منها، وخاصة الطويلة والمتوسطة؛ ، ويمكن تصنيفها كما يلي:

1.  ما جاء في صفاتهم وأحوالهم.

2.  ما جاء في مواقفهم الكيدية والساخرة وتآمرهم ضدّ المسلمين والإسلام.

3.  ما جاء في مواقفهم من الجهاد ووقائعه.

وهذا التصنيف الذي ذكرناه هو لتقريب الصورة أمام القارئ الكريم من حيث أوجه التشابه بين منافقين عهد التبشير بالنبوة المحمدية وعصرنا الحالي وكيف وضع النبي قاعدة ثابتة في وصف المنافقين ، و إلى يوم الدين .

وتعال معي أخي القارئ لنقارن أفعال المنافقين في عهد النبي وأفعال المنافقين في عصرنا هذا ونخص بالذكر الذين باركوا للمحتل الأمريكي في العراق وساروا معه وتحالفوا معه وقبلوا أفعاله ولم يجاهدوا في سبيل الله والوطن إنما يسايروه ويأتمرون بأمره وهؤلاء لبسوا الدين نفاق لتمرير أطماع الدنيا ومنهم :

عبد العزيز الحكيم المعمم ، وإبراهيم الجعفري المتفيهق ، ونوري المالكي الجلاد ، وطارق الهاشمي الكذاب ، وعدنان الدليمي الخرف . وعبد الغفور السامرائي الذي أخر احتفال المولد النبوي ليزامنه مع يوم احتلال بغداد هذا الذي أهل سامراء منه براء .

هؤلاء نصبوا أنفسهم وبمباركة المحتل على أنهم يمثلون الشيعة والسنة في العراق .

هؤلاء عطلوا الجهاد ضد الغازي المحتل ، وأقروا أن الجهاد ضد المحتل الأمريكي يعد إرهابا ً .

هؤلاء وعدوا الناس بأنهم أهلاً لتثبيت الأمن والأمان لكنهم عملوا عكس قولهم .

هؤلاء تنكروا للعراق وأثبتت الأحداث أنهم لا يؤتمن بهم بعد أن قتلوا ونهبوا .

هؤلاء الذين تحدثوا بالكذب واستغفلوا البسطاء من الناس .

هؤلاء الذين إذا خاصموا فجروا ودليل ذلك ما حل بأبناء العراق من تهجير وذبح على الهوية .

هؤلاء الذي ينطبق عليهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم .في الحديث أعلاه .

هؤلاء نذكرهم بالتحديد لكونهم لبسوا الدين لباساً ليس كحقيقته ولم نتناول في هذا المقال بعض من رزمة سيئة أخرى من المنافقين والعملاء لكون أؤلائك من صنوف أخرى . ليس صنف الدين . وإن كان الاثنان مشاركين في جريمة الاحتلال .

 

إن ما جاء في الآيات التي سنوردها من وصف:{ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} المائدة 52، بدل وصف "المنافقين" ومن اجتماع الوصفين معا في آية واحدة، ومن تفاوت الشدة في الحملات وتنوع الصور؛ مما يسوغ القول إن هذه الفئة كانت فريقين أو طبقتين، واحدة كافرة كل الكفر، عدوة كل العداوة، ماكرة كل المكر؛ وأخرى ضعيفة النفس، مريضة القلب، تميل مع المنفعة، وترغب بنفسها عما تسميه مخاطر ومجازفات ومشاكل، ويأخذها شيء من الشك والتردد في طاعة الله ورسوله طاعة تامة، وتنجرّ أحيانا إلى الفئة الأولى فتحذو حذوها، أو تقع في شباكها وتندمج معها. 

وفي صفات المنافقين وأحوالهم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء بالقرآن الكريم مقارنتاً مع المنافقين في يومنا هذا بعد غزو العراق سنذكر بعض الآيات القرآنية لتقريب المقارنة  

-  وصف شامل للمنافقين في سورة البقرة ومداه. 

 {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (1.) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ (12) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ (13) وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ (16)} البقرة. 

 وقد احتوت الآيات وصفا قويا شاملا للمنافقين، فهم يدّعون الإسلام كذبا، ويدسون ويفسدون ثم يزعمون أن فيما يبدو منهم إصلاحا ومصلحة، ويأنفون أن يكونوا كالمخلصين فناء في الإسلام وواجباته وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم، ويعتبرون ذلك سفها، وقد عقدوا الصلاة الوثيقة باليهود، فكلما خلوا إليهم أكدوا لهم أنهم معهم، وأنهم إذا تظاهروا بالإسلام فليس إلا خداعا واستهزاء، وكل هذا منبعث عن مرض قلبي ونية خبيثة فيهم. ...هذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ،

أما الآن فإنه التطابق الكامل بالسلوك مع المحتل الأمريكي والعدو الصهيوني من قبل هؤلاء وغيرهم من الذين ذكرنا أسمائهم اليس هذا دليل التطابق في السلوك بين الماضي والحاضر . 

وفي سورة البقرة الآيات التالية أيضا: 

 {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (2.4) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ (2.5) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (2.6)} البقرة. 

 وفي هذه الآيات صورة أخرى لمنافقين، وإن لم يرد فيها كذلك كلمة "المنافقين" وهي صورة قوية الملامح للناس الذين يستثيرون الإعجاب، بأقوالهم المنمقة، وأيمانهم المغلظة، ولكنهم لا يتورعون عن أفضع الآثام؛ ثم يغضبون إذا ما عوتبوا وطولبوا بتقوى الله وخوفه مما يقترفونه، ويعتبرون ذلك إهانة لكرامتهم، ووسيلة للإيغال في الشر والفساد والفتنة.

اليست هذه الآيات تنطبق على هؤلاء الخونة المارقون الذين جسدوا النفاق بعينه .

في سورة النساء الآيات التالية: 

وفي سورة محمد الآيات التالية: 

 {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29) وَلَوْ نَشَاء لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (3.)} محمد. 

وفي سورة الحديد الآيات التالية: 

 {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاء أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14)} الحديد. 

 وهي وإن كانت وصف حال مشهد أخروي، فإن الآية الثانية قد احتوت بيان ما كان من واقع حالهم الدنيوي من انحراف وريبة وغرور وتربص، الى سائر صفات النفاق التي كانوا متصفين بها. وقد ذكر المنافقات إلى جانب المنافقين كما ورد أكثر من مرة واستدلّ به أنه كان للمرأة دور في حركة النفاق كما كان لها دور في الحركة الإسلامية والحركة الجحودية معا.

نعم سيكون إن شاء الله موعدهم يوم الحساب عظيم لأنهم يعرفون الحقيقة وراوغوا عنها ولا ينفعهم يوم ذاك بوش أو خامنئي أو بلير .

في مواقفهم الكيدية والساخرة والتآمرية

أولا: مواقفهم الكيدية 

في سورة النساء الآيات التالية: 

 {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً (6.) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً (61)} النساء. 

 وقد احتوت صورة لما كان من تعطيل المنافقين وصدّهم عن التقاضي لدى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفضيلهم التقاضي لدى زعيم من زعماء اليهود عرف بشدة حقده وعدائه للنبي صلى الله عليه وسلم والإسلام، والصورة من صور الكيد الواضحة.

والآن يقومون هذه الزمرة في التسابق إلى البيت الأسود في أمريكا لكي يتقاضوا هناك على اختلافاتهم . لقد جعلوا من الغازي الفاجر حكما ً وتركوا قول الله سبحانه ونسوا سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم  . 

وفي سورة المجادلة الآيات التالية: 

 { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاؤُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (8)} المجادلة. 

 وقد احتوت صورة لموقف شديد الأذى والكيد مما كان يقفه المنافقون، فقد كانوا يعقدون المجالس والحلقات الخفية ليضعوا خطط الكيد والعصيان والتمرد على النبي صلى الله عليه وسلم، فعاتبهم النبي صلى الله عليه وسلم ونهاهم عن ذلك فلم يأبهوا للعتاب وظلوا في خطتهم الآثمة، ومما روي أن هذه الحلقات كانت تعقد أكثر ما تعقد في ظروف الأزمات الحادة التي كان يضطرب لها النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون، وهذه الرواية متسقة مع منطق الأمور، حيث تكون الفرص سانحة لهم لوضع خطط الدس والتثبيط والكيد، استغلالا للظروف الحرجة، وفي هذا ما هو ظاهر من شدة الكيد والأذى، وقد يدعم هذه الرواية آية وهي:

وفي هذا تقريب لما سلكوا منافقين العصر الحديث حين كانوا يجتمعون في السر والعلن قبل الاحتلال مع الغازي الأمريكي . اليس في هذا تطابق في سلوك المنافقون ؟

 {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (1.)} المجادلة. 

وفي سورة المنافقين الآيتان 7، 8: 

 {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (7) يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8)}، وقد تضمنت حكاية توصية كيدية من زعماء المنافقين للناس بعدم الإنفاق على المحتاجين ممن هم حول النبي صلى الله عليه وسلم حتى تضيق بهم الحال وينفضّوا عنه وتضعف حركته وشأنه، والراجح أن المقصودين هم المهاجرون من قريش الذي أصبح كثيرون منهم أو بالأحرى أكثرهم فقراء محتاجين بتركهم أموالهم في مكة على ما أشارت إليه إحدى آيات الحشر هذه: 

 {لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8)}. 

 وفي سورة المنافقين نفسها آية أخرى هي الآية 8، قد تضمنت حكاية نذر شديدة الخطورة والكيد من زعماء المنافقين بأنهم سيخرجون النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه القرشيين من المدينة، وهذا النذر يدلّ على ما كان يستشعره هؤلاء الزعماء من الثورة والعزة والقدرة على النكاية والكيد.

وبعد الأحتلال قام منافقوا العصر بتهجير الناس من ديارهم وقتل شيوخهم ونسائهم واطفالهم ونهب ممتلكاتهم اليس هو دليل واضح لتطابق سلوك المنافقين بين الماضي والحاضر . 

ثانيا: مواقفهم الساخرة 

وفي سورة التوبة الآية التالية: 

 {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (61)}. 

 وقد احتوت حكاية قول ساخر لهم إزاء النبي صلى الله عليه وسلم في نقدهم له، وقولهم عنه إنه سماع لكل ما ينقل له، كما أن فيها تنبيها إلى أن هذا القول كان مما يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم، وقد روي في صدرها أن بعضهم كان يقدح في النبي صلى الله عليه وسلم فإذا حذر بعضهم بعضا من وصول الخبر إليه قالوا: إنه أذن سهل الاقتناع فنحلف له فيصدق، وإن قولهم كان مما يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم مما يجعل الرواية سائغة كما هو المتبادر.  

في سورة محمد الآية التالية:

 

 { وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ (16)} محمد. 

 وقد احتوت صورة مقاربة للصورة التي احتوتها آية التوبة (124)، إذ تلهم أنهم كانوا يتلهون عن سماع الآيات القرآنية والمواعظ النبوية، وحينما ينصرفون يتساءلون تساؤل المستخف عما تلاه وقاله.

ومقارنة مع هذا نقول أليس ما يبتدعون هؤلاء المنافقون الجدد من أساليب وادعاءات بحب آل محمد صلى الله عليه وسلم من تشابيه في ذكرى استشهاد الحسين عليه السلام . من ضرب في السكاكين على الهامات وضرب الضلوع بالزناجيل . ولطم الخدود هو يعطي ويصور التخلف للإسلام . أليس البدعة الأخيرة التي ظهرت بعد الاحتلال في كون سيدتنا الزهراء البتول فاطمة رضي الله عنها والقول من هؤلاء المنافقون أنها شهيدة بسبب ضربها من عمر رضي الله عنه وهو الذي تزوج إنتها رقية رضي الله عنها أليس هذا نفاق أيها المنافقون لأنكم تنشدون شق المسلمين .

ثالثا: مواقفهم التآمرية 

في سورة النساء الآيات التالية: 

 {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً (139)}. 

 {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللّهِ قَالُواْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُواْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (141)} النساء. 

 وقد احتوت الآية (139) تقريرا بأن المنافقين كانوا يتمسكون بولائهم للكفار دون المؤمنين ابتغاء الاعتزاز بذلك، واحتوت الآية (141) صورة أخرى عن نفاقهم وذبذبتهم إذ كانوا يقفون موقف المتربص المنتهز للفرصة متى جاءت وكانت، وقد قال المفسرون: إن المقصود من الكافرين هم اليهود، وقد جاءت بعد الآيات بقليل سلسلة فيها حملة شديدة على اليهود مما يمكن أن يوجه ذلك القول، وعلى هذا فالآيات بسبيل الإشارة الى مواقف تآمري بين المنافقين واليهود، والأرجح إن هذا الموقف كان قبل التنكيل باليهود جميعهم، وبالتالي في وقت كان اليهود فيه أقوياء بعض القوة، وكان المنافقون فيه كذلك أقوياء بعض القوة، والآيات تلهم هذا وتلهم أنها في صدد اليهود، فاحتمال اعتزاز المنافقين بالولاء للكفار، واحتمال قولهم لهم إنهم نصروهم بموقفهم السلبي فتمّ لهم النصر على المسلمين، لا يمكن أن يكون إلا مع المنافقين واليهود، وفي وقت كان الفريقان فيه على شيء من القوة.. 

هذا تطابق آخر وهو تحالف هؤلاء مع الغازي الكافر ضد المسلمين العراقيين وكيف تركوا أهله في أشد محنتهم وكانوا سببا ً مباشر لغز أمريكا . بعد أن هيئوا لها كل الذي طلبته منهم ليتحقق الفعل العسكري بغزو لم تشهده البشرية من قبل . لقد قدموا الولاء لليهود والأمريكان والبريطانيين . وحاربوا أهلهم إن كانوا هم صادقين بما يدعوا لكن أهل العراق منهم براء .

وفي سورة محمد الآيات التالية: 

 { إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26)}. 

 وقد احتوت الآية الثانية منها إشارة الى ما كان من وعد المنافقين، للذين كرهوا ما نزل الله بطاعتهم والاندماج في مكايدهم، في هذا صورة تآمرية واضحة، وتعبير {إسرارهم} مما يلهم أن المنافقين واليهود كانوا يعقدون جلسات خفية يتآمرون فيها على النبي صلى الله عليه وسلم.

وتطابق الحال في الوقت الحاضر حيث المنافقون هؤلاء من الذين نصبوا حكاما ً يعقدون اجتماعاتهم هدفها إيذاء المسلمين العراقيين من خلال جلساتهم المعلنة والخفية مع الحاكم الأمريكي بريمر ومع زلماي خليل زادة السفير الأمريكي ومع رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي ومع كروكر سفير أمريكا في العراق وغيرهم .... فهل من دليل أقوى على نفاقهم .

وفي سورة المجادلة الآيات التالية: 

 {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (14) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (15) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ (16)}. 

 ومع أن ذكر المنافقين لم يرد في الآيات إلا أن صفاتهم التي جاءت في آيات أخرى قد وردت فيها، كما أن الجمهور على أنهم هم موضوع التنديد وما تبع الآيات من حملة شديدة، وتعبير { ما هم منكم ولا منهم} يدلّ بقوة على أن المقصود من القوم الذين غضب الله عليهم .

ويظهر أن المنافقين كانوا يعاتبون على مواقفهم التآمرية فينكرونها ويحلفون على ذلك الأيمان الكاذبة، شأنهم في كل موقف من مواقفهم الأخرى على ما احتوته الآيات السابقة.

أنظر وقارن عزيزي القارئ أفعال وأقوال المنافقين من هؤلاء . الذي ينطبق عليهم الوصف .

فترى الحكيم يخرج بأقوال عكس الأفعال . ويخرج طارق الهاشمي يتباكى على السجناء . ويخرج الجعفري الباكستاني يتحدث بالشفافية وأفعاله قشط جلود المجاهدين في ملجأ العامرية . 

مواقفهم من الجهاد ووقائعه

 إن هذه المواقف على ما يستفاد من الآيات نوعان، نوع إزاء الدعوة الى الجهاد والاستنفار اليه، وآخر أزاء الوقائع الجهادية.

في سورة آل عمران الآية التالية:

 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزًّى لَّوْ كَانُواْ عِندَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ لِيَجْعَلَ اللّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156)}.

 

 وقد جاءت الآية في سياق الإشارة الى مشاهد وقعة أحد، وما كان للمنافقين وبعض فئات المسلمين المخلصين من مواقف فيها، والآية مطلقة تلهم أنها بسبيل تقرير موقف متكرر منهم، وهو أنهم كانوا يعمدون الى إشارة شجون أهل الشهداء والموتى من المسلمين الذين يستشهدون في الجهاد أو يموتون في السفر فيقولون إنهم لو لم يخرجوا الى ما خرجوا إليه لما ماتوا وما قتلوا، وواضح أن في هذا دسا خبيثا وتثبيطا عن الاستجابة الى الجهاد، وقد تلهم الآية أن المقصودين بالذين يضربون في الأرض هم الذين كان النبي صلى الله عليه وسلم يندبهم لمهمة ما فيلقون حتفهم، لأن الدسّ والتثبيط إنما يجدان سبيلهما في ذلك دور الأسفار المطلقة الخاصة التي لا غنى للناس عنها ولا سبيل الى إشارة الشجون فيها. 

وفي واقعنا الحالي تجد المنافقون الذين نحن بصدد الحديث عنهم يهبطون عزائم المجاهدون ويلحقون بهم اشنع الصفاة ويحثوهم على عدم الجهاد في سبيل الله ويقولون إن هؤلاء إرهابيون يعرضون أنفسهم للتهلكة كما هو حال المنافقون في معركة بدر وغيرها إنه التشابه الواضح في السلوك . لا بل أشنع من ذلك بكثير .

وفي سورة النساء الآيات التالية:

  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُواْ جَمِيعاً (71) وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيداً (72) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ الله لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً (73)}.

  {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً (81)}.

  وقد احتوت الآيات الأولى إشارة إلى ما كان من تثبيط المنافقين الناس عن الاستجابة إلى دعوة الجهاد، فضلا عن تربّصهم وانكماشهم، واحتوت الآية (81) صورة من صور مواقفهم من الدعوة أيضا، فقد كانوا يعلنون في مواجهة النبي صلى الله عليه وسلم السمع والطاعة ويخرجون للاستعداد، ولكنهم لا يلبثون أن ينقضوا ما أبرموا ويجنحوا الى الخلاف والتخلف.

  وفي الآيات الأولى صورة تأكيدية لنفاقهم وأن ما يصدر عنهم لا يصدر عن إيمان وإخلاص في صورة تقرير لما كان يكون منهم في حالتي إنتصار المسلمين وإنكسارهم.

وفي سورة محمد الآيات التالية:

 

 {وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (2.) طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ (21) فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23)}.

 

 وقد احتوت الآية الأولى وصفا بديعا وقويا لجبن المنافقين حينما كانت تنزل سورة فيها أمر حازم بالجهاد توافق رغبة المخلصين من المسلمين وفي الآيات الأخرى حملة عليهم لجبنهم، وتقطيع الأرحام وتدمير البلاد، لأن فيه تشجيعا للعدو إغراء له.

 

ومنافقين العصر الحديث في العراق من نماذج هؤلاء تجدهم حين تكون نتائج المجاهدون على الرض مؤلمة للعدو بعد أن يوقعوا فيها الخسائر تجد هؤلاء المنافقون يرتعدون خوفا ً . وهم حبيسي المنطقة الخضراء الذي يحميها العدو المحتل .

وثانيا: مواقفهم في وقائع الجهاد.

 

في سورة الأنفال الآية التالية:

 

 {إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـؤُلاء دِينُهُمْ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (49)}.

 

 وسورة الأنفال نزلت عقب غزوة بدر الكبرى على ما أجمع عليه المفسرون والرواة، وقد احتوت حكاية صور ومشاهد وظروف الوقعة من معرض العظة والطمأنة والتشريع، ومما ذكره الرواة أن فريق المنافقين خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم والمخلصين حينما كان هدفهم من الخروج كسب القافلة التجارية القرشية الواردة من الشام بقيادة أبي سفيان، والتي لم يكن معها حامية كافية، فلما نجت القافلة وتم إنقاذها استشار النبي صلى الله عليه وسلم الناس، فأعلن المهاجرون والمدنيون استعدادهم للاشتباك، فما كان من الفريق المنافق إلا المخالفة والرجوع، والأرجح أن الآية تحكي قولهم في هذا الظرف؛ إذ رأوا في قرار الاشتباك مع المكيين الذين يبلغون ضعف المسلمين وتورطا وغرورا فقالوا: إنما غر هؤلاء ورطهم دينهم.

حال هؤلاء المنافقون كما حال المنافقون الذين أصدروا فتوى الجهاد قبل احتلال العراق ولكن بعد احتلاله عطلوا الفتوى الجهادية وأصبحوا يتبادلون الرسائل ولاجتماعات مع العدو لتحقيق الغايات .

إنه دليل آخر لواقع حالهم، فهم بخلاء، وحينما يحدق بهم الخطر يظهرون جبنا شديدا صوّرته الآية أبلغ تصوير، وحينما يذهب الخوف يطلقون ألسنتهم بالنقد الشديد والتبجّج العريض، وهم بعيدون عن كل خير وأفعالهم متصلة بموقف الجبن والتورط الذي

 

 والصور القرآنية واضحة كل الوضوح، وهي تؤيد شدة نكاية ومواقف المنافقين وبعد مداها في ظروف هذه الوقعة التي هي أشد ما تعرّض له الإسلام من خطر.

 

يستفاد من آيات سورة الحشر "11-14":

 

 {أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11) لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُوا لَا يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ (12) لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ (13) لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ (14)}.

 

 ما فيها من صور تذكيرية لتضامن المنافقين مع اليهود، وفي الآيات صور تتصل بهذا المبحث أيضا، لأن الموقف الذي وقفه المنافقين مع اليهود، وفي الآيات صور تتصل بهذا المبحث أيضا، لأن الموقف الذي وقفه المنافقون وحكته الآيات، إنما كان في ظروف وقعة يهود بني النضير، ويستفاد من الآيات والروايات التي وردت في صددها والمتسقة معها أن المنافقين تدخلوا وأوعزوا لليهود بعدم التسليم، ووعدوهم بالتضامن معهم في القتال وفي الجلاء، فتمرد هؤلاء نتيجة لهذا الوعد والإيعاز، ورفضوا شروط النبي صلى الله عليه وسلم المتسامحة، فشدد الحصار عليهم واضطرّهم الى قبول شرط أشد. وعلى كل حال ففي الآيات صور لموقف من مواقف المنافقين في ظروف الوقائع الجهادية، فيه تقوية للعدو كما هو واضح.

وهذا الموقف مشابه تماما ً لموقف المنافقون الذين نحن بصددهم حيث تحالفوا مع المحتل ومن معه وقدموا النصائح الخبيثة والمعروفة لإستهداف بلد العراق المسلم الوطني .

 

وهذا يفسّر الحكمة التي اقتضت إنزال الحملات القرآنية العنيفة في حقهم .

وقبل الختام نقول لهؤلاء المنافقون الذين يوالون المحتل أقرؤا بعمق الآيات التي نزلت بالمنافقين إن كنتم حقا مسلمين ً وهي :

 

البقرة: 18-2.، 76-77، 2.4-2.6.

آل عمران: 72، 86-89، 9.-91، 118-119، 144-154، 156-158، 167-179.

النساء: 38-39، 6.-68، 72-76، 78-82، 88-91، 1.5-115، 137-147.

المائدة: 41، 51-53، 57-62.

الأعراف: 175-177.

الأنفال: 37، 49، 6..

التوبة: 41-11.، 123-127.

الحج: 11-13.

النور: 11-21، 23-25، 47-5.، 63-64.

العنكبوت: 1.-11.

الأحزاب: 12-2.، 24، 48، 57، 58، 6.-62، 73.

محمد: 16-3..

الفتح: 6، 11-12، 15-16.

الحديد: 13-15.

المجادلة: 8، 1.، 14، 16-17.

الحشر: 11-2..

المنافقون: 1-11.

المدثر:31.

الماعون: 4-7.

التحريم: 9.

وختاما ً أيها المنافقون نقول : كفى حقداً وضغينة ، وكفى فساد عقيدة ، وكفى تثبيط الهمم ، وكفى نهب وسرقة لأموال الوطن والناس ، كفى ارتماء بأحضان المحتل ، كفى إشعالا للفتنة ومفارقة الجماعة ، كفى خيانة عظمى وتجسس لحساب العدو المحتل وكفى انتهاك أعراض المسلمين، وكفا الرغبة في التكالب على المغنم، لأن إيذاء المؤمنين بهذا الفعل يعد من الكبائر .

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الثلاثاء /  03  شعبان  1429 هـ

***

 الموافق   05  /  أب / 2008 م