الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

هموم في دائرة الذهول !

 

 

شبكة المنصور

المقاتل الدكتور محمود عزام

 

لم يبقى في وطني مكان للضوء وهم يحكمون..

وتحولت كل الدوائر والمساحات والأفكار في وطني المحتل إلى جبال وسهول وهضاب من الهموم والذهول!!..

كان أول من هلل من السذج والمساكين والمخدوعين للاحتلال في أسابيعه الأولى هم السكارى والمدمنين على الخمر وهم يرون بائعات اللبن والخضرة في البياع والكرادة وغيرها من الأماكن وقد افترشن الأرض وقد تحولت بضاعتهن إلى علب وقناني البيرة وسط أكوام الثلج في قدور اللبن الضخمة !!..ووقوف سيارات البيك آب المسروقة من الدولة وهي تبيع على الأرصفة ما تم نهبه من الأسواق المركزية من مشروبات كحولية !!..وقالوا في حينها بعد وصول شحنات الستلايت : (هذه هي الديمقراطية وهذه هي الحرية التي حرمنا منها صدام!!)..

ومرت أكثر من خمس سنوات على ( التحرير) بحثا وتحولا و(نضالا) للوصول بالعراق للديمقراطية والرفاهية والتقدم برعاية أكبر قوة في الكون والتي سيطرت على كل مقدرات العراق من شماله إلى أقصى نقطة في جنوبه..وتحول حلم (السكارى ) الى لحية وعمامة!!..

لا ندري بأي دائرة أو مجلس بلدي يستعرض هؤلاء السكارى والمدمنين خبراتهم اليوم بعد أن ارتبط اهتمامهم (الأول !) باهتمام جديد على منابر الخطب والوعظ ولجان الرشاوى في وزارات ومؤسسات حصصهم !!..

وتحول العديد من عامة الناس الى متسكعين يفترشون شمس الطرقات وقد أصابهم الذهول مما جرى ويجري وهم يتساءلون باستغراب عما يحدث!!..

هم يستغربون بما تتميز به الحالة العراقية اليوم بعد سنوات الاحتلال الطويلة وصرف التريليونات من الدولارات وخسارة عشرات الآلاف من الجنود الأمريكيين رغم ارقامهم المتواضعة المعلنة ومئات الآلاف من الجرحى ومئات ملايين الاطنان من الاسلحة الامريكية المهانة وبعد ان تم تدمير كل شيء قي العراق..كل شيء حتى القيم!..

هم يستغربون عن سر تسليم العراق الى هؤلاء !!..

وعن هذه العلاقة الحميمة بين الإدارة الأمريكية العسكرية والمدنية والمخابراتية في العراق وبين رجال الدين في الائتلاف العراقي الموحد ..علاقة  غاية في التنسيق والتفاهم وتقارب المواقف ترفع شعار من أجل خدمة العراق! ..

وأول ما يلفت انتباه المرء الساذج من هذه العلاقة هو هذه الاتتقالة النوعية في موقف الولايات المتحدة من الدين الإسلامي وتأثيره على الشباب والمرأة وحثهم على الدفاع عن أوطانهم وعن عقيدتهم ودينهم ومبادئهم الإسلامية التي تتعارض مع التوجهات الأمريكية التي تهتم بالاستعباد والاستغلال والسيطرة ومحو وتدمير منظومة القيم والمبادئ التي نشئوا عليها!!..

فهل كسب الطائفيون المعركة الفكرية مع جيوش الاحتلال وطوعوهم؟!!..

وثاني استغراب ساذج لهؤلاء الجالسين في طرقات المدينة والاقضية والنواحي والقرى هو النظرة الانفتاحية والموضوعية للتيارات الإسلامية وخاصة تلك المرتبطة بإيران منهجا وعقيدة وفكر والتي جعلت من الشيطان الأكبر حمامة سلام بين ليلة وضحاها!..

هل هو انتصار للإرادة الدينية أم تراجع للمشروع الاستعماري أم هو تنسيق بينهما؟!..

والاستغراب الساذج الثالث هو إن الزمن الرديء والسنوات التي مر بها العراق بعد الاحتلال بينت لنا ما لم نكن نحلم أن نراه حتى ولا في الأحلام أو في الأفلام..

فمن المعروف إن المستعمر عندما يجيش الجيوش لغزو بلد ما فلا بد أن تكون له أهداف خاصة به من هذه الحملة..أما أن تقوم الولايات المتحدة بهذه الحملة التي لم يسمع عنها احد في بطون كتب التاريخ عن شبيه لها بالظروف والعدوانية والصلف والتجبر وتتحمل كل هذه التضحيات من القتلى والأسلحة والسمعة وفقدان الهيبة والاحترام الدوليين لكي تسلم السلطة إلى حفنة من المعممين كالحكيم والصغير ومعلة والقنبجي والمالكي والجعفري وتجعلهم يتحكمون بمصير البلد الذي (حرروه) فتلك إحدى عجائب آخر الزمان..

حيث تحول العراق بقدرة (الولايات المتحدة) إلى بلد تمنع الطالبات اللاتي لا يرتدين الحجاب من الدخول للجامعات والدوائر وحتى بعض المحلات وأصبح مجلس النواب شبيه بمجلس الشورى الإيراني في الملبس والمنطق وبدا الشعب يعتاد على حديث آ يات الله من رجال الدين في كيفية صياغة ضوابط الانتخاب ومنع الحزب الفلاني من دخولها وكيف على العامة أن يتصرفوا لدعم الأحزاب الفلانية .وبدأت خطب الجمعة تلقن العامة من الناس على كيفية قتل الطائفة الأخرى وتحليل دمائهم ونهب أموالهم واستباحة أعراضهم وطردهم من بيوتهم ..تعلمهم كيفية التعاون مع الميليشيات وقوى الأمن وكتابة التقارير ورفع المعلومات عمن يقاوم المحتل!!..وأصبح واجب رجال الدين من الآيات وطالبي الدرجات العلمية في الفقه الديني هو كيفية تبرير القمع والاعتقال والتشريد والتهجير ومنع الرزق والاستحقاق !..

وأصبحنا نستمع من الفضائيات لساعات لخطب عصماء من رجال الدين المعتمرين للعمائم ومن ذوي اللحى الطويلة وهم يكيلون السب والشتم على المقاومة ويمتدحون الجندي الأمريكي ويدافعون عن وجوده..وسمع العالم اليوم من العراق لأول مرة عن رجال دين ( قضوا كل حياتهم!!) في الوعظ والإرشاد وخدمة العقيدة والمبدأ وكتاب الله والدعوة لتطبيقه وهم يتقاتلون اليوم على منع مناقشة مقترح لسحب القوات الأجنبية من العراق المحتل وتحريم مقاومتهم!!

والاستغراب الآخر في سلسلة الهذيان تحت الشمس هو كيف يمكن فهم إن الولايات المتحدة تعادي إيران وتتوعد بضربها وفي نفس الوقت تدافع وتدعم وترعى وتساند حلفاءها وأدواتها ووسائلها في العراق!..

وآخر ما سمعناه من ترديد لمعزوفة ضرورة رفع صور الرموز الدينية في الانتخابات !..

بعد كل هذه العقود من الحضارة العراقية سنعود لنجعل رجل يدعي انه من رجال الدين لأنه يعتمر العمامة ويطيل لحيته ليصبح منظر الانتخابات السياسية !!..ويتناقش في مواد الدستور والتعداد السكاني وتحديد الحدود الإدارية وضرورة تقسيم العراق إلى أقاليم وتقسيم بغداد إلى عدة أقاليم أيضا!!..

ويتساءل هؤلاء المساكين الذين خلصتهم القوات الأمريكية من ( الديكتاتورية والتخلف!) : هل سيأتي يوم تقوم بعض القوى السياسية برفع صورة المسيح (ع) وتحمل قوى أخرى صورة الأمام علي ( كرم الله وجهه) وصور الحسين والحسن والعباس (رض) لتضمن هذه القوى بقائها واستمرارها في السلطة بدون التطرق لمنهج أو خطة عمل وأهداف واجبة الالتزام بها لخدمة الشعب العراقي ..

وأخيرا هل سينقسم الشعب العراقي وقواه السياسية إلى معسكرين:

معسكر الاسلام والأيمان والعقيدة الذي يضم القوات الأمريكية وأجهزة استخباراتها وميليشيات إيران وهذه الأحزاب الدينية وعلى رأسها الائتلاف العراقي الموحد!! ..

ومعسكر كافر يؤمن بمحاربة المحتل وأتباعه؟!!..

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاثنين /  11  رجــــب  1429 هـ

***

 الموافق   14  /  تمــوز / 2008 م