الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

المهنية الاعلامية ومباديء المهنة

 

 

شبكة المنصور

المقاتل الدكتور محمود عزام

 

أطلعت على مقالة لأحد الكتاب العراقيين بعنوان " قناة الفرات عراقية، والعاملون فيها عراقيون" ..وأعدت قرائتها عدة مرات بعد أن أعجبتني الفكرة والمضمون والأسلوب والرؤية ..ويبدو من مجمل حديثه أنه إعلامي يعمل في القناة المذكورة.. 

فكرة المقالة هي الدعوة لنبذ سياسة التحريض الإعلامي والذي يؤدي إلى " تعرض العاملين في هذه الوسائل إلى مخاطر أهونها هو أن يتعرضوا لاعتداءات كلامية تتهمهم بالخيانة والعمالة لجهات أجنبية هذا إن لم نعرضهم للقتل ونعرض مؤسساتهم الإعلامية ومصادر أرزاقهم للتدمير".. 

مضمون المقالة يركز على لتوضيح إن " التصريحات والانتقادات المحرضة يدفع ثمنها أبرياء لا دخل لهم سوى إنهم مهنيون يقومون بأداء عملهم ولا دخل لهم في رسم سياسات الحكومة أو سياسة الأحزاب الأخرى".. 

وكان الأسلوب جميلا لأنه اتسم بالمهنية والعلمية وكان يركز على حماية العراقيين من أي جهة كانوا وبرؤية ناضجة تحمل بين طياتها الأمل وبصيص الضوء والنور بالرجوع للعقل والمنطق.. واستخدم الكاتب العديد من الجمل والصياغات التي تساهم بدفع الأذى عن الأبرياء من قبيل : " تحويل الصراع السياسي إلى العاملين في المؤسسات الإعلامية فبهذه الحالة نقدم زملاء لنا للموت أو تخليهم عن عملهم" .. 

و " أيها السادة الإعلاميون دعونا نحقن دماء بعضنا وأن لا تكون انتقاداتنا لجهات سياسية لها ثمن باهض وهو أرواح زملاء لنا والمواقف السياسية التي قد يتخذها المجلس الأعلى أو أي جهة سياسية أخرى هناك ميزان النقد الموضوعي لتقييم هذه المواقف والتاريخ كفيل بكشف الحقائق".. 

أحيي رجحان العقل ومنطق الأخوة والمحبة واختيار التعابير والمفردات التي لا تسبب ردود أفعال سلبية تجاه المقال فقد تعودنا اليوم كثيرا على كتاب يتميزون بالطرح العقلاني والعلمي وتلمس الحرص على وحدة العراق في كتاباتهم ليفاجئك في وسط المقالة بجملة وضعت حشرا فيها إساءة مقصودة وغير مبررة للبعث والنظام الوطني الشرعي ولا علاقة لها بالموضوع ليبعد عنه تهمة انه من رجال القائد صدام..  

ولأني أجد نفسي ميالا للثناء على خطوة الكاتب المذكور هذه أرجو منه أن ينتبه إلى مايلي من الحقائق اعتزازا مني باسلوب طرحه لهذا الموضوع الحساس : 

- عندما قامت الولايات المتحدة وحكومتها العميلة باستهداف الدولة الشرعية العراقية ركزت على ثلاث ركائز وطنية أساسية غالت كثيرا في السعي لتدميرها وملاحقتها وهي الحزب والجيش والمؤسسات الامنية والاعلام لعلمها التام بان منتسبي هذه الركائز يمتازون بأنهم غير قادرين على العمل الا ببيئة وطنية (عدا ستثناءات معروفة ومتوقعة). 

- لقد سيست الدولة والأحزاب المتحكمة الحالية في العراق كل القنوات الإعلامية التي أنشأتها.. وبعض القنوات الفضائية العراقية أصبحت أداة ليس للترويج لفكر الحزب الذي تنتمي إليه  بل تم استخدام هذه القنوات كأداة فعالة لبذر الفرقة والطائفية والدعوة للقتل والتشريد والتهميش والتخوين والاتهام بالكفر والإلحاد وإهدار الدم بلا وجه حق أو عذر شرعي أو قانوني ..

وربما سيكون الرد إن دولة البعث في النظام الوطني السابق كانت هي الأخرى تسيطر على الإعلام بشكل أكثر مركزية وتحكم ..فنقول لك:

نعم (كنا في زمن النظام الوطني الشرعي  نسعى لتثقيف الشعب بمفاهيمنا الوطنية  بجزء من برامج أجهزة الاعلام الرسمية)..

ولكن..هل يمكن أن تعطينا مثلا ولو واحدا لحالة مارس فيها الإعلام العراقي الذي كانت تسيطر عليه دولة البعث الشرعية لمدة 35 عام وفيه إشارة إلى ( إجرامية وكفر الحزب الفلاني والدعوة لإهدار دم الناس في الشوارع وتهجيرهم وسرقة ممتلكاتهم وملاحقتهم واعتماد خطاب تحريضي على الفتنة الوطنية والقومية والطائفية وحتى المناطقية) واختلاق القصص والأفلام التي تسيء إلى ( فلان وفلان من تلك الأحزاب) ..في حين لا يوقف القناة الفضائية الفلانية في العراق اليوم لا الليل ولا النهار ولا العواصف المناخية أو تلك الناشئة بفعل المفخخات من الاستمرار بالإساءة للبعثيين والصداميين وتحميلهم مسؤولية كل شيء بدءا من انقطاع التيار الكهربائي وانتهاءا بانقطاع رزق عمال ومحلات تصليح إطارات السيارات في أي مكان في العراق وتجريم كل من يحمل السلاح بوجه الأمريكان ويقاتلهم دفاعا عن العراق وحرائره وأطفاله..

إذا..انه منهج وسياسة وخطط مرسومة للإساءة باستخدام وسائل غير شريفة من الكذب والتزوير والتضليل وقلب الحقائق بقصد خداع الناس وتسميم أفكارهم.. 

-  بمعنى آخر إن هذه القنوات هي قنوات تم تأسيسها لشتم وسب شرائح مهمة من الناس لا ذنب لهم الا لأنهم دافعوا عن العراق ومن المؤسف أن تكون أنت اليوم أحد الذين يشرح ويقرأ نصوصهم الكاذبة ..وهنا يظهر بوضوح الفرق بين المهنية المطلقة واستخدام المهنة بقصد المنفعة السياسية ..فأنا بعثي مثلا ولنفرض إنني إعلامي سابق ولنفرض إنني لم أكن مستفيدا من حالة النظام الوطني السابق بالمفهوم المجرد والمادي عند المقارنة وقد طردت من عملي بسبب حل مؤسسات الإعلام وبقرار من الدولة والأحزاب الحالية التي أنشأت مؤسسات بديلة عن مؤسستي وكان أمامي عدة طرق للعمل منها أن انتمي لأحد هذه المؤسسات التي يتعارض منهجها بما آمنت به لسنين ولنفرض إنني اليوم تخليت عن هذا الإيمان وقبلت بوظيفة في هذه المؤسسة كسبا للرزق من أجل سد رمق أطفالي وعائلتي !..فكيف أستطيع أن أتحمل أن أقرأ يوميا عشرات الأخبار التي لا تريد الكف عن الإساءة المزيفة لي ولفكري ووطنيتي ..ولا يخلو أي خبر أقرأه من الدعوة لتجريم المقاومة الوطنية العراقية ووصفها بالإرهاب ودعوة الناس للتعاون مع الميليشيات وفيلق بدر الذي لبس زي الشرطة والأمن بتقديم التقارير الإخبارية لهم عن حركة المجاهدين الأبطال ؟..في وقت أمجد يوميا بمن قتل الأسرى من أبناء عمومتي وإخوتي في القادسية بعد ان عذبهم حتى الموت ثم أتغنى بأمجاد الطالباني والبرزاني في تقسيم العراق وسرقة ثرواته؟!..سوف لن أقبل بهذا العمل لو مت أنا وأطفالي وعائلتي جوعا..وسأقبل به في حالة واحدة فقط ..وهي عندما انزع عني ثوبي واكسر قلمي وأتنكر لكل الماضي الذي كنت فيه كما فعل الكثير من الخونة..

-  ولو فرضنا إن هذه القناة أو تلك وإكراما (لطائفتك وقرابتك أو علاقاتك !) قد اكتفت بتعيينك في موقع في الظل بحيث لا ترى ولا تسمع ما يجري من أجل رزق وحياة أطفالك وعائلتك..فماذا ستعمل لو اكتشفت إن كل تمويل هذه القناة يأتي من إيران؟..أو إن الرواتب التي تتقاضاها هي من الحرس الثوري الإيراني ؟..أو من السفارة الإيرانية أو السفارة الأمريكية؟!..

-  أخي العزيز..مهنة الإعلام لا تشبه أية مهنة أخرى ..حيث تتداخل فيها المهنية الاعلامية الاختصاصية مع أخلاقية ومباديء المهنة ..فأنت تضع نفسك رغما عنك في منهج وسياسة وهدف..وتغلفك السياسة بثقلها وطابعها طبقا للمؤسسة التي تعمل بها وهذا ينطبق على كل مكان في العالم وليس فقط في العراق ولكل أشكال التخاطب والمنتديات والمواقع والفضائيات .. 

والإنسان الشريف المختص في الإعلام لا يصلح للعمل الا في البيئة التي نشا وترعرع وكبر وأشتهر فيها ..وهو ليس كالأستاذ المختص بتدريس مادة الفيزياء والذي يستطيع أن يمارس اختصاصه في تدريس المادة في أي بيئة وفي زمان ومكان.. 

وأخيرا أيها العراقي الأصيل.. 

أنك بهذه الأفكار والمعتقدات والطروحات الوطنية المشرفة سوف لن تجد مكان لك في يوم ما بينهم .. 

لأن منهجهم غير المنهج الذي تروج له .. 

ولأن الكثير من هذه القنوات لا يعجبها الا الناس الذين يلبسون جلد الحرباء التي تتكيف مع محيطها.. 

ودمتم

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاحد /  24  رجــــب  1429 هـ

***

 الموافق   27  /  تمــوز / 2008 م