الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

شكرا إخواني التركمان لطول صبركم

 

 

شبكة المنصور

ضحى عبد الرحمن / كاتبة عراقية

 

من المؤكد إن التركمان العراقيين مدعاة للفخر لقوة بصيرتهم وطول صبرهم وشدة عزيمتهم وسمو وطنيتهم التي طالت السحاب, فهم بالرغم من كل الأهوال وطرق الاستبداد التي مارستها القوى الكردية الغاشمة ضدهم منذ الغزو الأمريكي للعراق وحتى التفجير الأخير لذي طال مقر رئاسة الجبهة التركمانية, فأن تمسكهم بالعروة الوطنية الوثقى لم يهتز شعرة واحدة, لقد كان رمزهم النبي أيوب في صبره والنبي يونس في تحمله والنبي نوح في عزائه بولده, قدموا الكثير ورضوا بالقليل بقناعة تامة ورضا مقدس. ورغم قسوة وهمجية الهجمة الكردية عليهم فأنهم لم يتخلوا عن دعوتهم الرائعة إلى التهدئة وعدم إثارة المشاكل والبلبلة التي من شأنها أن تزيد الوضع حرجا وتعقيدا كما جاء في بيان الجبهة, ومن المؤكد إن هذا الموقف لم يأتي عن ضعف فالتركمان قوم معروفين بشدة بأسهم وقوتهم وصلابتهم سيما عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن وجوهم ومصيرهم, ومن المؤسف أن تكون نظرة الضعف هذه هي نظرة الأكراد إليهم إنها نظرة تنم عن قصر نظر واضطراب فكري وتخبط سياسي وتخلف في الوعي. وعلى العكس مما كان يتوقع الأكراد أنفسهم فان العملية الاستفزازية ضد التركمان قابلوها ببرود أعصاب وهدوء هو اقرب لهدوء القديسين والحكماء.

إن الحوادث صنيعة زمنها ومكانها وهي انعكاس طبيعي لظروف الواقع وملابساته ومن هذا المنطلق اعتبرت الجبهة إن الاجتماع الذي تم في مجلس محافظة كركوك والذي تقرر فيه ضم كركوك إلى ما يسمى بإقليم كردستان في حال عدم إحياء الفقرة (140) التي فارقت الحياة منذ أشهر كان خارج السياقات المنطقية بغياب الكتلتين العربية والتركمانية في المجلس, وطالبت الحكومة بالتدخل في الموضوع لحسم الخلاف منطلقة في دعواها من التعايش الأخوي السلمي بين جميع مكونات كركوك.

إن الخطوة الكردية الطائشة تدل على التهور الأخلاقي والسذاجة الكردية والتعابث بالأفكار والتخابث بالنوايا والتذبذب في المواقف لضم المدينة إلى الإقليم الكردي في عملية استفراد سخيفة بالقرار بعد تجاهل حكومة المالكي ومجلس النواب العراقي, مما جعل العرب والتركمان في المدينة يعلنون النفير العام تأهبا لمواجهة هذه الحماقة الكردية الجديدة التي بررت بأن نصف أعضاء المجلس يطالبون بانضمام كركوك إلى الإقليم المسخ, رغم أن الجميع يدرك بأن نسبة الأكراد في المجلس تمت وفق صفقة سياسية مع المجلس الأعلى للثورة الإسلامية وحزب الدعوة وانه هذه النسبة لا تعبر عن حقيقة الوضع الديموغرافي للسكان وهي صفقة فيها ثقوب عدة ولا تنفع معها الرتائق. ولم يقتصر الشجب على العرب والتركمان والأكراد الشرفاء من خارج إطار الحزبين العميلين, فقد استنكرها الشيخ أياد الآشوري زعيم الطائفة الآشورية في العراق واصفا القرار بأنه جائر ومن شأنه أن يحرق الوطن ويدخله في متاهات هو في غنى عنها في هذا الوقت العصيب, مطالبا الحكومة العراقية والمنظمات الدولية بمنع الكارثة التي يمكن أن تحل عند تنفيذ هذا القرار الطائش, منوها بوجود مسيحيين في المحافظة والأمر يخصهم أيضا ولا يمكن أن يتم تجاهلهم.

من جانبها قامت الحكومة العراقية بإصدار بيانا ضعيفا يتنصل من معنى لمعنى ويتهرب من قول لآخر وهو لا يتناسب مع حجم المشكلة مؤكدة رفضها لأية خطوة انفرادية لتغيير وضع مدينة كركوك واعتبرت قرار مجلس محافظة كركوك غير قانوني ودستوري, على اعتبار أن الوضع النهائي للمحافظة يحدده الدستور, ودعا الناطق باسمها على الدباغ الأطراف إلى الالتزام الهدوء والحكمة والاحتكام إلى القانون والدستور ومن المؤسف أن بيان الحكومة وناطقها الحوزوي ساوى بين الجلاد والضحية, فانه بدلا من فتح تحقيق عن هذا التجاوز القانوني والخرق الدستوري فانه طالب الجلاد والضحية بالتزام الهدوء والحكمة! جريا على عادته في قول ما ينقض ونقض ما يقول!

مما لاشك فيه إن هذا التراخي الحكومي وضعف وهشاشة مجلس النواب بسبب تغليب بصفقات على الصالح العام والالتفاف عليه وخلق دوائر مغلقة وعدم انتهاج الأسلوب المستقيم في رسم سياسات البلد والمساجلات التافهة التي تطغي على مناقشاته وحواراته وتداخل المغالطات السياسية مع المخالطات الحزبية الضيقة للكتل الحاكمة أدى إلى تنمية النزعة الانفرادية عند الأكراد وتغذية تماديهم الأرعن, وهذا ما أفصح عنه بوضوح ودقة النائب وائل عبد اللطيف عندما طالب الحكومة بأن تكون أكثر جرأة في التعامل مع مشكلة كركوك وتكف عن مجاملة الطرف الكردي على حساب المصلحة الوطنية, واعترف عبد اللطيف بأن الأكراد استفادوا من الزيادة التي ابتزوها من ميزانية الدولة لتغيير ديموغرافية كركوك عبر تعويض كل عربي بعشرين مليون دينار لغرض الجلاء عن كركوك, واتهم عبد اللطيف التحالف الكردي بأنه السبب وراء تعطيل البلد خلال السنوات الخمس الماضية وإعاقة عمليات البناء والاستثمار باعتراضه على التعديلات الدستورية التي تؤمن مصالحه الضيقة إضافة إلى قوانين النفط والغاز والاستثمار وانتخاب مجالس المحافظات. ونوه عبد اللطيف بالدور القذر الذي لعبه التحالف الكردي في تغذية الطائفية بين العرب وهو الأمر الذي قوى من نفوذه وسيطرته على شئون البلاد.

وكما هو معروف عن الأكراد فهم اسود تجاه العرب وفئران تجاه الغير, إنهم ما برحوا يهددوا بالحرب ضد أبناء جلدتهم لكنهم يتجاهلون الاجتياح التركي لإقليمهم والقصف الإيراني المستمر للقرى الكردية, وفي الوقت الذي كانت تركيا تراقب عن كثب ما يجري في كركوك والتي أعقبها تصريح من رئاسة أركانها بأنها لن تسمح مطلقا للأكراد بالسيطرة على المدينة في ظل غياب التوافق مع باقي المكونات وبشكل خاص التركمان, سارع الرئيس الكردي الطالباني إلى الاتصال بنظيره التركي ليطيب خاطره ويستسمحه بأن ما جرى في كركوك لم يتجاوز صيغ التهديد وبعد تراجع في موقفه بدرجة 180 درجة أكد الطلباني رغبته في الوصول إلى اتفاق بشأن قانون انتخاب مجلس المحافظات يرضي جميع الإطراف, وانه قانع بالمقترح التركي بتحديد نسبة 32% لكل مكون سياسي مع 4% للكلد وآشور مجددا ولائه الكبير لتركيا وإدانته للفعل الجبان الذي قام به أتباعه الأكراد بتفجير مقر الجبهة التركمانية.

جاء بيان وزارة الخارجية التركية متوازنا وهادئا معبرا عن قلقها العميق لما تقوم به بعض الأوساط( الأكراد) باستغلال وضعهم في البرلمان لخلق أجواء متوترة في المدينة وإعلان ضم كركوك بالإدارة المحلية لشمال العراق, مؤكدة بأن الحكومة التركية تراقب هذه الجهات وان الأجواء المتوترة التي تخلقها لن تكون في صالحها. ورافضة لاتهام بعض الأطراف بأنها توقف موقف المتفرج إزاء مشكلة تركمان العراق.

وربما هذه هي المرة الأولى التي ينوه فيها القادة التركمان بتدخل تركي لحسم قضية كركوك وليس بطلب من تركمان العراق, فقد أعلن جمال شان رئيس الحزب الوطني التركماني بأنه يجهل الطريقة التي ستتدخل الحكومة التركية فيها لحماية تركمان العراق وقد حصر الأمر بحالتين أولهما في حال تعرض العراق إلى خطر التقسيم والثاني عند تعرض تركمان العراق إلى مذبحة ما! والكل يعلم إن مجرد طلب من تركمان العراق لتركيا بالتدخل من شأنه أن يقلب الطاولة على رؤوس الأكراد ويعصف بأحلامهم الصفراء, ولكن التركمان لم يصلوا بعد لهذه الحافة الخطرة ولا احد يلومهم في حال طلبهم ذلك فالأكراد أنفسهم يستعينون بالقوات الأمريكية والإسرائيلية عند تعرضهم للأزمات والأحزاب الشيعية الحاكمة تستعين بالجانب الإيراني.

كما لا يستطيع احد أن يلوم تركيا في حال تدخلها في موضوع كركوك طالما أن دول الجوار وخاصة إيران والكويت تلعبان دورا بالغ الأهمية في تفقيس أحقادهما داخل العراق بحجة حمايتهما لأمنهما القومي. أما تحذير وزير الخارجية العراقي هوش زيباري لتركيا من مغبة التدخل في الشأن العراقي مستمدا داء الغطرسة الفارغة من ابن أخته مسعود المنكود فأنه تحذير يثير الضحك ويذكرنا بحكاية طريفة عندما شاهدت حيوانات الغابة فأرا يسحب خلفه أسدا ميتا وراحت تصفق لف فبادرها قائلا" أنا إذا عصبت لا ارحم من يقف أمامي"

فربما انطلق الزيباري في تهديده من أفلام توم جيري معتقدا أن الفأر يمكن أن يلحق الأذى بغيره وهذا يستلزم منا أيقاظ الوزير وإعلامه إن الصور المتحركة لا تعبر عن واقع وهي محض خيال يا معالي الوزير.

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الجمعة /  06 شعبان 1429 هـ

***

 الموافق 08 / أب / 2008 م