الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

وزير كاوبوي من مخلفات رعاة البقر

 

 

شبكة المنصور

ضحى عبد الرحمن / كاتبة عراقية

 

يذكرني موقف وزير التربية في زيارته الاستفزازية والتحرشية بإحدى المراكز الامتحانية في مدينة الاعظمية تصاحبه عناصر من فرق الموت الرسمية بأحد أفلام الكابوي المدبلجة إلى اللغة الفارسية, حيث يظهر أحد زملاء راعي البقر المشهور ترنتي ممتطيا فرسه الأشقر المهيب ويستقر على ميمنته وميسرته مسدسان فضيان من نوع سميث مزركشان يلمعان وهما يتدليان من حزام مصفوف بالرصاص, يقتربان من مستوى حذائه الذي تزينه في مؤخرته عتلة حديدية تنتهي بنجمة سداسية تشبه نجمة إسرائيل, وما أن يترجل ويصل إلى باب الحانة حتى يرفسها لتنفتح على مصراعيها أمام نظرات غاضبة وحادة من الجالسين الذين وضعوا أيديهم على مسدساتهم تأهبا واحترازا من هذا الغريب, وبعد أن يوزع نظرة التحدي الشمولية على الجالسين يبادرهم بالسلام وظهر حسب الدبلجة" السلام عليكم" فيرد الجالسون" وعليكم السلام" وربما أكملوها بالقول" اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد" ولكننا لم نفهم الدبلجة, وبعد احتساء عدد من الأقداح تحصل المشادة كالعادة ويقتل من قتل ويهرب من هرب وتتحطم مناضد وكراسي الحانة. ويغادر راعي البقر الحانة وسط دهشة المستضعفين باعتباره قضى على قوى الاستكبار العالمي ولقنهم درسا لا ينسى في صنائع الرجال ومآثرهم الخالدة!

وزير التربية لم يختلف كثيرا عن راعي البقر سوى أن الأخير كان متأكدا من قدرته وقوته ولم يكن بحاجة إلى مجرمين لمرافقته كشأن وزيرنا الهمام, الذي ترك المراكز الامتحانية في عموم بغداد ليتوجه بقصد لعين إلى منطقة لا تنتمي إلى طائفته وليس فيها تمثيل لحزبه, وبدلا من احترام المركز العلمي وحرمته المقدسة دخل الوزير مع عناصر مدججة بالسلاح وهو على علم مسبق بأن الطلبة تم تفتيشهم تفتيشا دقيقا وسحبت منهم حتى التلفونات الخلوية أي انه في منطقة آمنة لا تقل أمانا على المنطقة الخضراء التي يرعى فيها مع بقية غنم الاحتلال, وبدلا من ممارسة دوره التربوي كما يفترض سيما أن الأجواء الامتحانية لها رهبتها علاوة على انقطاع التيار الكهربائي وعدم توفر الماء البارد والخدمات, يضاف إلى ذلك الفوضى في توزيع أسماء الطلاب على الرحلات التي أخذت وقتا طويلا من وقت الطلبة العصيب, فأن الوزير الكاوبوي استفز الطلاب بكلامه عن سابق إصرار, وبعد اشتداد الجدال مع الطلاب أطلق كلابه المفترسة للاعتداء على الطلاب بالضرب بأخمص البنادق, ولم تتوقف الجريمة عند هذا الحد فقد أطلقت عناصر الحماية الرصاص على طلاب العلم وأصيب خمسة منهم بجراح لتتحول القاعة الامتحانية من معركة بين العلم والجهل إلى معركة بين الأب التربوي الكبير وأبنائه الطلاب, ومن معركة بالقلم إلى معركة بالسلاح.

هكذا كان الدور التربوي المشرف لوزير التربية في طلعته التربوية التفقدية سيما انه روزخون سابق ينتمي إلى حزب يحمل كلمة" الإسلام", إنها الديمقراطية الجديدة التي حملها لنا الرئيس بوش والقادمون على ظهور الدبابات الأمريكية والتي سيشع رصاصها المتطاير على مدارس دول الجوار فيقتل ويجرح, ونتساءل بدورنا الم يكن الأجدر بالوزير الكابوي أن يقعد في وزارته ويكفينا شر زيارته مكتفيا بقراءة الأدعية واحتساء الشاي؟ أو أن يقوم بزيارة إلى مقاهي الشقاوات في الحارات الشعبية لتفقدها أو التحرش بفتواتها طالما أن بصحبته من أمثالهم في سوء الخلق وموت الضمير.

بعد هذه الواقعة التربوية حري بالمركز ألامتحاني أن يغير أسمه إلى اسم آخر وليكن" الزيارة الميمونة" تيمنا بزيارة الوزير الكاوبوي! وحري بمدير المركز ألامتحاني أن يوجه رسالة عن نتائج الزيارة الكريمة إلى منظمة اليونيسيف ليعلمها بالدور الأبوي والتربوي والإرشادي المشرف الذي قام به الوزير والذي يعكس علمه الواسع وأدبه الجم وثقافته الإسلامية الراقية وبصيرته النافذة وضميره الحي ومسئوليته الكبيرة تجاه طلاب العلم . ليكون تصرفه الواعي رسالة ملهمة لبقية وزراء التربية والتعليم في دول العالم المتحضر وغير المتحضر لاتخاذها كمنهج عمل نموذجي يوجب الحذو أو الاحتذاء به!

لقد اثبت وزيرنا الهمام صحة المقولة" قف للمعلم وأدي له التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا" مع تغيير طفيف ( قف للوزير وأدي له الخاوة .. كاد الوزير أن يكون شقاوة). وحري بطلاب مدارس العراق كافة أن يستذكروا هذا الموقف التربوي الشهم الذي ينضح بالشفقة والرأفة والحنان والعطف والأبوة والرجولة والشهامة والحكمة والموعظة والمسئولية والشرف والنخوة والرفعة.. أن يرفعوا أيديهم إلى الله عز وجل يبتهلون منه بأن يمد بعمر الوزير لأقصر فترة ممكنة, وان يعمر له كرسيه كما عمره لفرعون وان يعامله كما عامل قوم لوط على أن يمسخه قلما من الأقلام الصينية الصنع كلما بريته سقطت نبلته حتى ينتهي مصيره في سلة المهملات.

لا نعرف كيف ستكون ردة فعل رئيس الوزراء نوري المالكي أو مجلس النواب من الواقعة التربوية وان كانت العبرة المستخلصة من التجارب الماضية كافية لتصور النتيجة.

ولكننا نسأل الله أن لا يتم تكريم الوزير على فعلته الشنعاء ويطل علينا الناطق باسم الحكومة خبير شئون الحوزة علي الدباغ من نافذته في المنطقة الخضراء ليسوق لنا تجارته الكاسدة ويصدح رؤوسنا بجنجلوتية تبرر فعل الوزير الكاوبوي, كأن توحي له مخيلته المريضة بأن الوزير تعرض إلى تهديد إرهابي شرس من قبل بعض قوى الظلام الدامس الذين كان يرتدون نفس ملابس الطلبة ويحملون نفس أقلامهم ويبرونها بنفس المبراة ويركبون نفس سيارتهم ويحملون نفس هوياتهم, مستطردا ولكن بهمة رجال الحماية الإبرار تم إحباط هذه المؤامرة اللئيمة التي تدل طريقتها وأسلوبها بان من يقف ورائها أزلام النظام السابق أو تنظيم القاعدة كما جرت العادة في تبرير فشل التحريات والتحقيقات لمعرفة الجناة الحقيقيين! وتنتهي الجنجلوتية الدباغية بأنه تم جرح عدد من منفذي العملية وتجري تحقيقات واسعة وشاسعة حول الحادث الأثيم ستعرض بعد الانتهاء منها على شعبنا الكريم حسب التسلسل في تحقيق الحوادث كما عودناهم سابقا في كشف مفجري العتبات المقدسة في سامراء واختطاف رئيس وأعضاء اللجنة الاولمبية والغارة النهارية على وزارة التعليم العالي واختطاف موظفين من دائرة البعثات والهجوم على شركة الزيوت النباتية وآلاف الحوادث التي كشفت عنها الأجهزة الأمنية الحكومية مستمدة العزم من شرلوك هولمز وأجاثا كريستي؟

وربما ستنهال برقيات التهنئة من بقية المسئولين للوزير الهمام على سلامته من المخطط الإرهابي ويقرر مجلس النواب الموقر زيادة مخصصات مخاطر أعضائه والوزراء بنسبة 1000% ولله في خلقه شئون؟

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الخميس /  14  رجــــب  1429 هـ

***

 الموافق   17  /  تمــوز / 2008 م