الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

التكامل بين الدين والقومية والصراع مع الطائفية

 

 

شبكة المنصور

عراق المطيري

 

من الأمور غير القابلة للجدل إن امتنا العربية مقسمة إلى مجموعة من الدول المستقلة عن بعضها في كافة الصعد وغير المستقلة عن النفوذ الأجنبي , ويحكم فيها حكام متباينو الأهواء والنزعات والطباع ودرجة الولاء للأجنبي ورغم إن الولايات المتحدة الأمريكية هي السيد الذي يفرض نفوذه في منطقتنا الآن إلا إن ولاءات أخرى تفرض نفسها على الحكام العرب لهذه الدولة أو تلك وبدرجات متفاوتة أيضا ولكنها غير بارزة إلى سطح الأحداث بشكل ينافس الولاء لأمريكا , وهيمنة أمريكا ليس على النظام الرسمي العربي فقط بل أخذت تنسحب إلى ما أصبحنا نتعارف على تسميته بمنظمات المجتمع المدني التي أصبحت بديلا للنقابات والمنظمات والاتحادات المهنية من خلال ما يقدم لها من دعم مادي ومعنوي أيضا وهذه المنظمات ولطبيعة عملها وساحات نفوذها تمتلك من سهولة التغلغل والانزلاق بين صفوف الجماهير فتنشر أفكار القائمين عليها أشخاصا أو منظمات أو دول وتحصل من خلال ما تنفق من أموال على من يساندها من بين بسطاء الناس الذين يعانون من الفقر والمعوز المادي والبطالة إضافة إلى افتقارهم إلى الثقافة المناسبة التي تحصنهم من الوقوع في شباك تلك المنظمات , وفي مثل هذه الظروف ليس من المستغرب أن تتغلب عوامل التفتيت والتفسخ فتسهل عملية التباعد بين الأقطار العربية ويسهل التباعد الأكثر خطورة , وهو التباعد بين أبناء الشعب الواحد وفق أسس عرقية أو طائفية .


إن امتنا اليوم تمر بمرحلة صراع ستكون نتائجه بالتأكيد حاسمة بين القوى الغربية التي تهيمن على مصادر القوة والسلطة في مجتمعاتنا وتقود حملات منظمة تشمل كل جوانب الحياة اليومية وبين القوى الوطنية والقومية التي تعمل على الحفاظ على الأمة بهويتها وصفاتها ومقومات وجودها , فالجبهة الأولى تدعم التجزئة والطائفية وتمزيق وتميع الولاء للوطن أو للقومية لصالح ولاءات أخرى غاية في الخطورة , وتحاول تثبيت نفسها كجرثومة خبيثة في جسد الأمة من خلال عملائها الذي ينتشرون في اغلب الأقطار العربية ويتظاهرون بالصراع الطائفي والتشبث بالبدع والخرافات التي تثير العواطف وتستجدي الشفقة وما طرحه القزم الأمريكي بوش اثر اعتداء جيشه الهمجي على العراق عام 2003 من إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط هو جزء من ذلك الصراع , حيث يعمل التحالف الأمريكي – الصهيوني – الفارسي على تحقيقه , وجبهة ثانية تمثل مشروع نهوض الأمة المتمسك بهويتها القومية ويحافظ على هويتها وخصوصيتها ويتفاعل مع الحضارة الإنسانية ويساهم في رفدها بما يطورها .


في مطلع خمسينات القرن الماضي كانت الولايات المتحدة تعمل على إحاطة الفكر الشيوعي المتمركز في الاتحاد السوفيتي السابق بجدار عازل يمنع تقدمه باتجاه مناطق الشرق الأوسط الدافئة بينما كانت الصين تغفو في عزلتها داخل سورها فعملت على إقامة تحالف سمي حينها بحلف بغداد ضم مجموعة من دول جنوب غرب آسيا إضافة إلى تركيا وقسم من دول حوض البحر المتوسط وعملت على دعمه بمقومات البقاء والقوة والمطاولة ولكن قيام الثورات التحررية في المنطقة العربية قوض هذا الحلف وأنهى وجوده فلجأ الغرب إلى أسلوب أكثر قبولا لدى الشارع المعني بالحالة وأكثر فاعلية في المواطن وتكون نتائجه أكثر حسما لصالحها .... لجأت القوى الغربية إلى الدين الإسلامي وغذت فيه الخلاف مع الشيوعية وأسست لذلك الأحزاب الدينية ودعمتها بالأموال والسلطة والأسلحة وكان التقدم الروسي لاحتلال أفغانستان عاملا إضافيا ساعد إلى حد كبير في تقوية نفوذ تلك الأحزاب وما إن انهار الاتحاد السوفيتي وزال خطره وتمزقت أوصاله حتى باتت تك الأحزاب الدينية التي تطرفت كثيرا خطرا على حاضنتها وامتدادها .... خطرا على شعوبها وجماهيرها, فأعلنوا العداء للقومية العربية كبديل عن الشيوعية للحفاظ على تماسكهم وتوحدهم , وإذا كان الفرس قد توحدوا لحرب العرب من خلال عدوانهم على العراق طيلة أكثر من ثمان سنوات واستمروا في تنمية أطماعهم بالتعاون مع حلفائهم الأمريكان والصهيونية العالمية إضافة إلى تغذيتهم للروح الطائفية بين العرب فان باقي الأحزاب الإسلامية التي كانت تحضا بدعم الأمريكان قد تبنت مهمة قتل الأبرياء من خلال التفجيرات التي ينفذونها في أقطارهم كما يحصل اليوم في العراق ولبنان والجزائر واليمن وغيرها من الأقطار العربية .


لقد أشاعت الامبريالية الغربية والصهيونية بحسن استغلالها لتحالفها مع الفرس ما يرسخ عداءا غير موجود أصلا بين الدين والقومية العربية , فالإسلام ليس على نقيض مع القومية بل داعم لها ومثبت لوجودها وهي جزء منه ويشتركان في تاريخ مجيد والعرب حملة رايات الإسلام وفكره ورواد نشره بين شعوب الأرض .


إن تحالف الشر القذر الذي يهمن على امتنا العربية يحاول أن يفرض ويعمق ثقافة الاستسلام له والقبول بالأمر الواقع تحت سيطرته بين أبنائنا ثم يرسخ فيهم الشعور بالنقص وعدم القدرة على مقاومته ومقاومة صنائعه العملاء الذين نصبهم على رقاب جماهيرنا.


بعد أن أيقنت دول الامبريالية إن مشروعا عربيا نهضويا قائما لا محال نمى وترعرع بين العرب ضاعفت من شراسة هجمتها على الأمة العربية وهي لازالت متمسكة بضرب الأمة باستخدام الإسلام فشددت من قبضتها على الحكام لضمان مزيدا من التنازلات الرسمية عن طريق عقد الاتفاقيات المهينة التي تكرس سيطرتها وفرض وصايتها وتمييع قضاياها التحررية المصيرية من جانب ومن جانب آخر عادت لاستخدام الأسلوب القديم في احتلال شعوب الأرض ونهب خيراتها والتي كانت قد سنت وشرعت القوانين التي تحرمه وتدين القائمين عليه , فجيشت الجيوش وبدأت بغزو أفغانستان التي أنهك شعبها الاحتلال السوفيتي قبل انهياره والتناحر الداخلي بين أبنائه ثم غزت العراق , جمجمة العرب بعد أن فشل الفرس في اقتحام بواباته الشرقية وبعد أن حركت عملائها لإضعاف اقتصاده وبعد أن فرضت عليه حصارا قاسيا استمر أكثر من ثلاث عشرة سنة حاولت خلالها التأسيس لحواجز بين الشعب وقيادته تحت حجج ومسوغات واهية لم يقتنع بها احد ثم عادت لتكذبها .


إن حض قوى الامبريالية العاثر دفعها إلى الاصطدام بالعراق , صخرة العرب القوية التي تحطمت عليها ترسانة أسلحتهم والتهم العسكرية المتطورة التي كانوا يعدونها لحرب كونية بين أعتا قوتين على الأرض ولا زال الشعب العراقي الصامد يثبت فشل مخططاتهم في تفتيته وشرذمته فلا الطائفية التي تبناها الفرس وأعوانهم نجحت في تقسيمه ولا التعنصر العرقي نجح في كسر أواصر تلاحمه ولا قواتهم بعديدها وعددها استطاعت أن تفرض نفوذها على أرضه , وبنفس الهمة يجاهد باقي العرب في مختلف أقطارهم لإسقاط مشاريع الهيمنة الأجنبية .

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الخميس / ١٢ شعبان ١٤٢۹ هـ

***

 الموافق ١٤ أب / ٢٠٠٨ م