الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

وأدنا الأمركة .. ونجهض الصهينة ..

﴿ العراق عروبي مسلم ولن يكون غير ذلك البته

 

 

شبكة المنصور

أ.د. كاظم عبد الحسين عباس  / أكاديمي عراقي

 

لم يحصل في تاريخ الامة الحديث والمعاصر ان تمت تربية شعب عربي وتثقيفه واشباعه بمبادئ الامة القومية والعروبية المسلمة كما حصل مع شعب العراق العظيم. هذه حقيقة تعامل معها اعداء الفكر القومي العروبي التقليديين والمجددين عبر الاربعين عاما المنصرمة وتصدى لها الغزو والاحتلال المقيت وادواته من عملاء واعلام ومخابرات، الذي اعتبر الشعب العراقي برمته هدفا للقتل والتدمير لادراكه اليقيني انه لم يقدم الى العراق لتغيير نظام كما ادعى بل ان الاحتلال قد غزى العراق لاجتثاث الفكر القومي العروبي المسلم وتصفية كل منجزاته الفكرية والميدانية التي انتقلت بالعراق وفقا لتقديرات المنظمات الدولية الرسمية والانسانية الى مصاف اول عشرين دولة متقدمة في العالم.

 

وعليه وكنتيجة منطقية وجدلية فان الاخفاق الذي حصل فعلا في تنفيذ برامج اميركا في العراق بعد الغزو والاحتلال والاخفاق المؤكد لما هو متبقي من انفاس متقطعة وحشرجة موت يدرك الاميركان قبل غيرهم وبعيدا عن المكابرات والتلفيق انها تنذر بنفوق يقيني قادم لا تبعدنا عنه سوى فترة زمنية تعد بالشهور ليس الاّ .. ان هذا الاخفاق قد انجز بالكامل بفعل المقاومة القومية والوطنية والاسلامية التي نبعت وفعلت بعقل وسلاح البناء القومي العروبي المسلم للانسان العراقي العظيم.

 

لقد برهنت مرحلة ما بعد الغزو والاحتلال عبر سنواتها الخمس المنصرمة على حقائق مطلقة ناصعة لا يجادل فيها الاّ ارباب الاحتلال والناعقين على بقايا اطلاله التي تكنسها عزيمة المقاومة الباسلة. من اول هذه الحقائق وأجلاها وضوحا هو المصداقية العالية والنظرة السياسية والاجتماعية والاقتصادية الصائبة، بل والثاقبة للبرامج التي نفذتها ثورة البعث العربي الاشتراكي في العراق وعلى القيادة المتفردة بخصالها وسماتها الوطنية والعروبية المسلمة للرئيس الشهيد صدام حسين ورفاقه في الحزب والدولة, مع الاقرار ان تلكم المسيرة العملاقة قد سقطت في هفوات واخطاء لا يمكن لأي منصف ومعتدل وغير مغرض، الاّ ان يقبلها ليس انصافا بل كاقرار موضوعي على ان قيادة الثورة وادوات التغيير لا يمكن ان تنجز ما انجزته من مسيرة اعمار وبناء وتقدم في كل صعد الحياة وروافدها الاّ مع وقوع مثل هذه الاخفاقات كنتيجة طبيعية وحتمية لمن يبني بهذه السعة العظيمة في بلد متخلف تماما ولمن يتصدى لعملية بناء الانسان قبل البناء المادي او بشكل متزامن معه وتواجهه كل مطبات وعراقيل التنفيذ محليا واقليميا ودوليا. ونحن اذ نتحدث بموضوعية مطلقة وفق ما نحن مقتنعون ومؤمنون به قطعا, فان ما حسب على دولتنا من مظلوميات ومقابر جماعية واعتداءات واعدامات، إن هي الاّ تزوير سياسي بحت ومن قبل الاطراف ذاتها التي جاءت مع الاحتلال لتحكم تحت حرابه وتنفّذ اجنداته المحلية والاقليمية والدولية، الامر الذي يفقدها اية مصداقية لما ادعت وزورت على تجربتنا ودولتنا وان من نافلة القول ان نوكد اننا كعراقيين نطالب الآن بمحاكمة كل هذه الاطراف وتنفيذ حكم الله والشعب فيها كونها عميلة وخائنة ومجرمة حتى وفق قياسات سيدهم ومدير اعمالهم المحتل ذاته وعليه فان من نال عقابه القانوني في ظل دولة العراق البعثية الوطنية العروبية المسلمة فان حاله ووصفه لا يخرج عن حال ووصف خنازير الدعوة وبدر والحزب الاسلامي وقطعان مقتده وامثال علاوي والجلبي ومثال الآن في هذا الوقت, فهم في حكم كل اعراف وقوانين السماء والارض يستحقون عقاب الخيانة و جرائم التطهير العرقي والقتل الجمعي والاغتصاب والزنا بمحرمات الوطن ونهب ثروات الامة وغيرها من الجرائم التي يعرف تفاصيلها كل ابناء العراق.

 

عند دخول قوات الغزو الى بلدنا الجريح كان الامريكان وعملاءهم يمنّون النفس بحال غير الحال الذي آلت اليه الاحداث عبر السنوات المنصرمة. ويجب ان نؤكد اننا حين نطلق عنوانا كالذي اطلقناه من اننا وأدنا الامركة فنحن نقصد امرين جوهريين:

 

الاول: اننا افشلنا الاهداف الاستراتيجية للغزو بل وافشلنا الكثير من تكتيكات الغزاة وعملاءهم وهذا الفعل العراقي المقاوم الرافض للاحتلال قد صار دالة وعلامة بارزة في العالم كله ولا يتجادل فيه اثنين من عقلاء الدنيا.

 

الثاني: اننا اسقطنا كشعب وكدولة وطنية مقاتلة ومجاهدة كل احلام الغربان التي حملها الامريكان في توطين أي رضى او قبول بهم في بلدنا الاّ من  قبل عملاءهم وبضعة آلاف من المتساقطين وبائعي وطنهم مقابل لقمة حرام مرة أمرُّ من العلقم. المهم ان سواد شعبنا بملايينه السبعة والعشرين قد رفض الوجود الامريكي وها هم جنود الاحتلال يجوبون شوارعنا وازقتنا واحراشنا بين ألغام الموت ولا يمكنهم ان يتواجدوا في اية بقعة خارج المنطقة الدولية المعروفة مساحتها الاّ وبنادقهم تحز انوفهم وعجلاتهم تخترق الطرقات باتجاهات عكس السير وتسحق وتقتل كل من يقترب منها هلعا وخوفا.

 

لقد خيل للغزاة واعوانهم ان العراق العظيم قد (نزع بسطاله وانهزم), هكذا يحلو لهم ان يتخيلوا ( ولبعض الشجعان جدا جدا منهم) من فئران تحتمي بمتاريس الحديد الممغنط الامريكي وكتل الكونكريت .. غير انهم بعد 66 شهرا يجدون انفسهم في جيوب مهلكة اعدت لهم بعناية وباتقان من لدن مؤمنين اتقياء, لا يتبجحون ولا يهذون. مهالك للجيوش التي فرَّ بعضها هاربا, وانزوى بعضها خلف مواضع الحديد والكونكريت, ومهالك لمن اراد ان يجرب ادارة وزارات ومؤسسات فاذا به يجد نفسه لا يجيد ادارة جامع او مدرسة ابتدائية. اسقطناهم في اسوار بغداد التي لم يفهموا عمق دلالاتها حين اطلقها الرئيس الشهيد صدام حسين رحمه الله ... فليقل لي احد من فعل كل الذي حصل لامريكا وذيولها من عمال الارتزاق بالدولار واصحاب مشاريع تمليك الفرس لمراقدنا المقدسة وتاسيس دولة رستم من جديد؟ من الذي اسقط عشرات الآلاف من الخسائر البشرية من جيوش الغزو ومن مزَّق هيكل فيلق بدر الفارسي وقبرَ العشرات من قياداته ومن حوَّل ارض العراق الى جحيم لا تنام فيه عيون لخمس خلت فيلجأ, الى الآن, من يضنيه الارق العراقي الى دول الجوار لينام اسبوعا ثم يعود على امل ان تحصل المعجزة فينام قرير عين .. ألا .. لا قرَّت عيون الجبناء.

 

ان دولة العراق الوطنية هي التي نفذت هذه الخطوط العريضة من اسقاط المشروع الامريكي المجرم المدعوم ايرانيا وصهيونيا ومن انظمة الاميين والجهلة وسليلي الخيانة والعمالة. فصائل الجهاد العراقية كلها قاطبة هي ابناء العراق الأُسُود ضباط جيش وفدائيين وجيش القدس وقوى امن ومخابرات ورجال حزب البعث العربي الاشتراكي وعراقيين رضعوا مبادئ الامة وشرف الانتماء الى الوطن من خلال تربية وطنية دامت اكثر من ثلاثين عام. حتى من نزع بسطاله منهم تحت ظروف الكر والفر التي تطلبتها ساحة المواجهة, عاد حافي القدمين .. يربط الحجر حول معدته وينسف مواقع الاحتلال وعملاءه. لا احد غير ابناء العراق النشامى بما وفرته لهم دولة البعث العظيم من وسائل الجهاد من سلاح وعتاد وعقل مبدع وضمير متقد الوطنية قد اسقط الامركة في اطارها البشري واسقط الامركة كاجندات سياسية.

 

حتى فصائل الجهاد البطلة التي حملت مسميات اسلامية لتكون عنوانا مقدسا لقتالها البطولي ضد الغزاة والعملاء هي فصائل تتشكل في جلها من رجال يعرفون انفسهم ونحن نعرف الكثير منهم باسماءهم ورتبهم ودرجاتهم الحزبية. حتى من زعل منهم او ابتأس لحصول الغزو والاحتلال المجرم او ذاك الذي ينتقد هذا الفعل او ذاك التصرف فانه يعيش في قرارة نفسه نشوة الاحساس بان مسدسه وبندقيته الشخصية لم تجهزه بها جهة ممولة اشترطت عليه هذا الاتجاه او ذاك او هذا الهدف او ذاك بل هي تجهيزات دولته الوطنية ونظامها الذي خطط للمقاومة من سنوات خلت. وليسأل من يريد المدعو محمد العسكري الناطق باسم وزارة الدفاع الحالية .. عن الدورات التي كان ينسّق محاضراتها لعناصر الحزب وقطعات منتخبة من الجيش والحرس والمواطنين في قاعات الجامعة المستنصرية عام 2000 كمثال فقط ... ونحن نعرف اجابات الخونة المرتدين ونعرف كذلك كل اساتذة الجامعة ورئاستها التي كانت تهئ له المستلزمات في هذه الفعالية او سواها. العديد من الضباط الذين اعادهم الامريكان الى الخدمة او من المتعاونين الآخرين مع حكومة الاحتلال يعرفون ان الدولة العراقية الوطنية قد انتقلت بجل كوادرها الى ساحات الجهاد وان شعبنا العظيم برمته هو حاضنة هذه الدولة العظيمة. واميركا تعرف ان من استشهد من رجال العراق في المواجهة الطويلة معها في ساحات القتال او الذين قضوا من شعبنا اطفالا ونساءا وشيوخ تحت ظلم وجور الحصار المجرم والاسرى الشهداء والاسرى الاحياء من قيادة وكوادر الدولة والقيادات التي تمسك الآن قيادة فصائل التحرير البطلة هي التي مرّغت انف الغزاة وعملاءهم في الوحل وقلبت موازنات ستراتيجية محلية واقليمية ودولية. ان اميركا واعوانها تدرك اكثر من أي وقت مضى معنى قوة دولة العراق البعثية الوطنية ومعنى الصلة العجيبة التي ربطت القيادة التاريخية بشعبنا العظيم بعد ان حصلت المواجهة وفق النموذج العراقي الذي اعدَّ لها واستنادا الى معرفة واضحة بحيثيات خط  سير الصراع وبعد ان وجد الامريكان ان المقاومة الوطنية التي نظمتها دولة البعث بدءا لوحدها, ومن ثم متحالفة مع كل الفصائل العراقية البطلة الاخرى التي وصفناها اعلاه على انها جزء حي ولا يتجزء من كيان الوليد العراقي العملاق الذي انجبته ثورة البعث الوطنية والقومية من بين اضلع اعرق واعلم واشجع شعب عرفته البشرية وهو شعب العراق.

 

لقد تصاعدت المقاومة الوطنية العراقية مع تقادم ايام الاحتلال والمقاومون كلهم من اقصى العراق الى اقصاه شهود على وطنية دولتهم التي اريد لها ان تذبح من الوريد الى الوريد وهي التي وأدت واجهضت الامركة اجهاضا كارثيا يكاد ان يكون عصيا على استيعاب العقل الامريكي. ووجد الامريكان ان الايام حبلى بما لا يسرهم وينذر بالويل والثبور لوجودهم المرفوض من الشعب العراقي قاطبة وكان الرفض السلمي للاحتلال رافد حي يرفد البندقية المقاومة ويزعزع اقدام المحتلين مسقطا اياهم بتناقض الوعود التي ساقتهم الى ساحة الموت والفناء والخسائر المفجعة.

 

اثبتت سنوات الاحتلال المجرم امرا آخر في صدقية القائد الشهيد صدام حسين رحمه الله وبُعد نظره وفهمه العميق للعنة ستحل باميركا إن اعتدت على بلد الحضارات والانبياء والائمة والصالحين. فكما توقع الخالد صدام حسين فان اميركا لم تهزم فقط على ساحة العراق بل انها بدأت تتدحرج من على القمة مع اول قذيفة اسقطتها على بغداد الحبيبة. و نحن الآن لا نتكلم عن استنتاجات ورؤى وتحليل بل عن واقع حال عرفه الامريكان قبل سواهم ويتعايشون معه في شوارعهم في اميركا واعلامهم وسياساتهم ... قتلى وجرحى ومعوقين في طول اميركا وعرضها واقتصاد منهك ويسير نحو مزيد من الانهاك رغم كل عمليات النهب المنظم لثروات العراق وخاصة النفطية وهيبة دولية تسير نحو الحضيض .. ونحن على يقين ان المتأمركين لن يكون بوسعهم اصلاح ذات البين الاّ بحل واحد ... هو العودة الى منطق العقل والتعقل واللجوء الى شعب العراق وقيادته المقاومة لتعاون اميركا على الخروج ببياض وجه من درجة ما .. خاصة وانها تعرف الآن يقينا ان شعب العراق بعثي وطني قومي مسلم، والدمى الاخرى من الادعياء محض امعات بلا رصيد حقيقي، وبعد ان ادركت ان من ولتهم تحت حرابها لا قدرة لهم ولا يقفون على نوايا وطنية موحدة وانهم غير قادرين على حماية انفسهم وغير قادرين على زيارة مرقد الامام علي والامام الحسين عليهما السلام في النجف وكربلاء رغم انهم ادعوا ان اهل النجف وكربلاء قد انتخبوهم في انتخابات حرة ديمقراطية متأمركة بنسبة 100% , .... فليخبرنا من يقدر كيف يخاف المنتخبون ممن انتخبهم ولا يطأون ارضهم الاّ في بطون المدرعات الامريكية وبحماية افواج المارينز والشرطه العرا_أمريكية! أو ليس هذا معلما بارزا من معالم التدحرج والانهيار والخسران المريع؟. أو ليس هذا دليلا آخر على ان العراق العظيم قد وأد الامركة .؟

 

الآن, هل ثمة فرق بين الامركة والصهينة على نحو يجعلنا نضع الامرين في مدخل حديثنا وكأنهما قضيتين لا صلة بينهما؟ الجواب قطعا كلاّ. نحن نفصل فصلا آليا لاغراض التوضيح ليس الاّ. فأميركا جاءت لتغزو العراق لكي تؤمركه وتصهينه. قضية الترابط الجدلي الامبريالي الامريكي والصهيونية التي طالما ادخلها الفكر القومي العروبي عموما والبعثي خاصة ليس في اطار البناء الثقافي لأعضاءه ولأبناء شعبنا العظيم، بل وأهم من هذا انه جعل منه احد اركان بناءه العقائدي. فأميركا قد صارت الحامي والمتبني للدولة العبرية الصهيونية تاريخيا بعد ان خرجت بريطانيا من دائرة العظمة واخذت اميركا زمام المبادرة في الاستحواذ على مقدرات المنطقة واتخذت من الدولة الصهيونية مجسها المتقدم في آلات التقاط الخارطة النفعية القذرة لاميركا الجشعة حد القرف. لقد كان محور نضال الامة العربية وقواها الوطنية في العصر الحديث هو كشف حلقات الارتباط بين الامركة والصهينة وكانت, في تقديرنا, الحلقة الأضعف في التعبئة الوطنية والقومية لهذه القوى هو التشابك السياسي والفكري المريع الذي خلقته الامبريالية لتعتم الصورة امام جماهير الامة وتضعف من التعبئة المناهضة التي تتصدى لها حركة القومية العربية فكرا وتطبيقات. ورغم ان العراق شعبا وحزبا وقيادة قد تمكن من تحقيق قفزة هائلة في مستوى وعي العراق لهذه الترابطية وتشابكاتها غير ان الامة ككل قد ظلت قاصرة في ارتقاءها الى الرؤى الحاسمة التي تصل بادراكها لخطورة هذا التحالف فضلا عن ان بعض قواها الخيرة في العمل السياسي او التي استلمت سلطة قد اسقطت في متاهات التآمر الذي سد عليها فرصة تتابع الخطى لغرض تثوير حصتها في المجتمع العربي. اجمالا .. لم تتمكن قوى الثورة العربية تحشيد طاقاتها وامكاناتها الهائلة لأسباب ذاتية هي فشلها في تنوير ساحة التصدي في مختلف اقطار الامة ولتفوق العدو علينا موضوعيا بتقنياته المختلفة. ومن هنا كانت بداية حلقات التآمر على العراق وثورته وحزبه وقيادته مذ بدأت خطواتها الاولى في التاسيس لبناء الدولة القومية الانسانية الحرة القادرة على اعادة الحق العربي في فلسطين. انه تآمر امبريالي صهيوني بامتياز، ثقفنا شعب العراق وتثقفنا عليه وعبّر عنه قائد الفكر، الفكر القومي العروبي الاسلامي المسلم صدام حسين رحمه الله في ما يعادل نصف ما ابدعه فكره القومي العروبي وتضمنته كتب وكراسات وخطب واحاديث صدرت له رحمه الله.

 

لقد كانت رؤى القائد رحمه الله وعبقريته النافذة قد احاطت بكل جوانب الترابط الحياتي العدواني للامبريالية والصهيونية، غير ان الامة لم تستفد ولم تتفاعل الاّ بحدود ضيقة. ولو اخذت الامة حقا من انوار الوعي التي اضاءت حياة شعب العراق العظيم لكان النصر العراقي الذي نوثقه الآن ليس نصرا عراقيا على الامركة ومشتقاتها، بل هو نصر الامة على الصهيونية المتأمركة. غير ان ما انجزه الفكر القومي البعثي في ساحات الامة ما زال قابلا وبمنافذ لا تعد ولا تحصى وبقدرات نضالية متوفرة في كل اقطار الوطن الكبير، قابلا للنمو والفعل والتصرف بل ان تحوله الى قوة فعل عاصف هي امر حتمي توجبها حتمية وحدة الامة.

 

ان فرصة الامة الآن في تبنّي الموقف الصدامي الفكري والتطبيقي ووليدته المتفجرة عنفوانا وكبرا وانتصارات، ألا وهي المقاومة العراقية البطلة مؤاتية وفي متناول قواها الشعبية والطليعية بكل تعبيراتها السياسية. ان الأمركة التي نعنيها لأغراض الحصر يمكن ان تكون في معايير محاولة السيطرة على العراق واخضاعه واخراجه من دائرة التشكيل العربي الذي وظف له العراق ممكنات عملاقة وارادة الشعب العراقي باكمله, غير ان الصهينة تتجاوز هذا التحديد المعتمد على جغرافية العراق. فالصهينة تستهدف ابتلاع العراق وكل الامة وتطبيع كل سماتها وحيثيات حياتها لتكون متناسقة مع النمط الصهيوني وخاضع له خضوعا مطلقا مستفيدة من كل نقاط هزال الامة وما تخلقه الصهيونية ذاتها من خروقات ميدانية في جذر الامة واضلاعها ومستفيدة من الدعم اللوجستي الامبريالي الذي انتقل في عملية احتلال العراق من الصيغ التقليدية في الاسناد المعروف سياسيا واقتصاديا واعلاميا وعلميا الى صيغة الامركة المباشرة. بمعنى ان صيغة الامركة هي اعلى مراحل دعم الصهيونية وصولا الى عملية التصهين وعليه فان وأد الامركة في رد فعلنا المقاوم المجاهد هو بمثابة اجهاض للصهينة ليس في جغرافية العراق لوحده بل وعلى عموم الساحة العراقية. وفي كلتا العمليتين كانت دولة العراق ذات تاثيرات ثقيلة العيار دفع وقعها الى اصدار قرار الغزو لانهاءها بعد ان جربت مئات السبل الاخرى واخفقت وكانت دولة العراق الوطنية المقاومة المجاهدة بعد الغزو هي سيف الحق العروبي المسلم الذي قصم ظهر الامركة واجهض محاولات صهينة العراق كطريق حاسم لصهينة الامة كلها.

 

ان من بين النتائج العرضية للغزو والاحتلال هي انهما اثبتا للقاصي والداني, من كان على نصف يقين او من كان مشككا, ان رؤى البعث وقيادته عن ترابط جدلي بين الامبريالية وبين الصهيونية لم تكن على الاطلاق خيالا خصبا يخوض في عالم التنظير لعقد المؤامرة والتآمر كما يحلو لبعض ابواق الامركة والصهينة ان تسميها على العراق شعبا ومقدرات وتطلعات، بل هي واقع الحال بعينه مثلما برهنت بشكل قاطع على ان قضية التصادم والصراع الايديولوجي بين الامة فكرا وسلوكا وتطلعات مع الامبريالية والصهيونية, هي التي تحرك مكائن العمل السياسي الامريكي الامبريالي والصهيوني وتوجه بوصلة عدواناته الغاشمة. وعليه فان من ساهم في احتلال العراق وغزوه من حملة الجنسية العراقية او من العرب المستعربة فانه شريك فعلي في الامركة والصهينة على السواء، وهم اؤلئك المتخاذلون الذين كبرت احقادهم على العراق وقيادته منذ مؤتمر بغداد الذي عزل نظام السادات الخائن واوقف تدحرج الامة المريع نحو هاوية سحيقة بعد زيارة السادات الى الارض المحتلة. ومن يقومون اليوم بزيارات للكيان الصهيوني من بساطيل الاحتلالات المزدوجة إن هم الاّ النتاج الطبيعي لرد الفعل الامبريالي الصهيوني على عروبة العراق ومبدئية اهله وقيادته من عملية الاستسلام وتطبيع العلاقات مع الكيان المسخ لا اكثر ولا اقل.

 

المؤكد ان هؤلاء الصعاليك من عقارب الخيانة والعمالة ورخيصي البيع والشراء في سوق تجارة الرجال بلا رجوله الذين يحاولون ان ينفذوا برنامج الاحتلال في صهينة العراق يدركون الآن وهم يعيشون اخفاقات الامركة على ساحة العراق رغم كل ما وظف لها من جيوش ومعدات آلية من اعظم ما انتجته آلة الحرب الامريكية المجرمة واموال واعلام ومخابرات فان محاولاتهم البائسة إن هي الاّ لهاث وراء خسة تزيد من رصيد احتقارهم من شعبنا العظيم وسقوطهم في وحل الخبث الفارسي لأحزاب الدعوة وبدر والمجلس وغيرها التي ورطتهم للظهور بمظهر الشريف في رد فعلهم على الصعلوك مثال الذي فضحهم اكثر واكثر لانه اظهر للدنيا كلها ان رد فعلهم ليس بسبب حركة هذا المتصهين الرخيص بل لانه وضع صهينته مقابل فارسيتهم ! ..

 

لكن هيهات للعهر ان يطهر فلقد وأد شعبنا الامركة واجهض محاولات ولادة بائسة للصهينة لان عراق البعث وصدام حسين والمقاومة الباسلة عراق الرسالات والصدق المحمدي المبارك من رب العزة واهل البيت والصحابة لن يكون ابدا الاّ عراق الامة المجيدة والعروبة الانسانية المسلمة.

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الخميس  / ١٨ رمضــان ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ١٨ / أيلول / ٢٠٠٨ م