السادة رئيس وأعضاء محكمة العدل الدولية .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الرسالة التي بين أيديكم تختلف عن كل الرسائل وقضية تختلف عن كل القضايا والدعاوى وهي قضية شعب عريق مؤسس للحضارة مشرع للنظم والقوانين وهو أول معلم مسك القلم وكتب على الطين ليُعلم الإنسان ما لم يعلمْ بأمر إلاهي وباختيار رباني .

فهل عرفتموه ذلكم هو شعب حضارة ما بين النهرين كما اعتدتم تسميته أو شعب حضارة وادي الرافدين ذلكم هو شعب العراق .

قد تضعكم هذه الرسالة في عنق الزجاجة أمام العدل وأمام المسؤولية الدولية وأمام الضمير العالمي وأمام رسالتكم وشعوبكم وآخرها ضمائركم أنتم شخصياً وأنتم على هذه الدرجة من المسؤولية . وستضطر البعض منكم إلى نزع ثوب القضاء المميز هذا وتصفيفه الشعر الأفلاطوني الذي يوحي إلى العالم بأنكم أيها السادة (( ظل الله في الأرض ) وأنكم أنصار الله . الحواريون أنصار سيدنا المسيح ( ع ) وقد يكون هذا حقيقة لو اقترن المظهر بالجوهر والقول بالعمل ولكننا مع الأسف لم نلمس ولم نر ذلك .

ياحضرات السادة المحترمون .

لا نريد سبر غور الماضي وجراحه وأوجاعه وتحريك الجمر من تحت الرماد فقد اعتاد شعبنا العربي في وطننا العربي هذا على مآسيكم وويلاتكم منذ الحرب العالمية الأولى واتفاقية سايكس بيكو  وسان ريمو ووعد بالفور إلى يومنا هذا . وأنتم تعرفون ذلك جيدا وكنـّا نتمنى أن يكون بينكم عضواً في محكمتكم من هو عربي مسلم ويجب أن يكون هذا أول شرط من شروط إيجاد هذه المحكمة وهو حق طبيعي من حقوق العرب والمسلمين لتأسيسها أيضا لأننا وبلا غرور أمرنا في كتابنا الكريم وديننا آخر الأديان ونبينا آخر الأنبياء أن نحكم بين الناس بالعدل . قوله تعالى . . ﴿ وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ﴾ .. صدق الله العظيم

لا نريد أن نطيل عليكم لأننا نريد أن نضع قضية شعبنا الذي تغمضون أعينكم وتسدون آذانكم عنه في أولويات جدول أعمالكم لأننا أن لم نكن الشعب المؤسس للحضارة والمدنية وإعمار الأرض ومصدر علومها ومبعث قوانينها وتشريعاتها وهذا الذي أرّختموه أنتم وليس غيركم أي شعوبكم ودولكم أليس كذلك ؟

فعلى الأقل هو العضو المؤسس للهيئات والمنظمات العربية منها والدولية . وهذا ما تقروه أيضا ولندخل في صلب الدعوى أيها السادة المحترمون .

نعتقد إن من ثوابت عمل محكمتكم هو (( المتهم برئ حتى تثبت إدانته )) وهذه مفردة من مفردات لائحة حقوق الإنسان . وإذا جئنا للدعوى من الأخير كما قلنا نحن شعب أمن على أرضه منتج وعامل متحضر ، عنصر دائم للسلام العالمي مدافع عن حقوق الإنسان محترم لها . محب للإنسانية يتطلع نحو الحرية يكره الاستعباد والاضطهاد بكل أشكاله ينعم بخيراته النفطية وغيرها كل إنسان وعلى هذا الكوكب كأنه جزء منه وعلاقاته الشعبية والرسمية كدولة وشعب مع كل الشعوب باستثناء الدولة التي اغتصبت أرض شقيقته فلسطين . وهذا إيجاز دعوتنا .

لقد فتحت علينا دول ما وراء البحار نار جهنم الكبرى واعتدي علينا ودفعنا ضريبة الدم وقتل أطفالنا ونساؤنا وشيوخنا وحوصرنا ومات أهلونا جوعا ومرضا وحرمانا من الغذاء والدواء عشرات السنين وراح الملايين منا إلى المقابر وأنتم تنظرون وتسمعون .

وأخيراً وليس آخراً عام 2003 هذا المشهد المأساوي المروع وحرب الإبادة البشرية وإعادة العراق إلى العروق في أشد وأقسى وأكثر الحروب العالمية التي شهدها العصر فتكاً وقتلاً وهدماً ودماراً إذ لم تشهد البشرية مثيلاً لها حتى في تكافؤ القوى ليجتمع العالم المتقدم بالسلاح والحرب والتفوق العلمي – التكنولوجي العسكري الاقتصادي وحتى في التأثير الدولي واتخاذ القرار على شعب محاصر لم يمتلك 1 % مما أعده أعداءه لمنازلته .

وقد انتصر عليهم لا بالسلاح ولا بالعدة والعدد بل بالانتماء إلى الأرض التي ولد منها فبقي العراق وشعبه وسقط الغزاة وسقطت الدولة العظمى أمريكا مع أول قذيفة وجهتها على بغداد .

أيها السادة . .

تأتي رسالتنا إليكم قبل إن يذهب المجرم بوش إلى مزابل التاريخ مع هتلر وموسوليني وشامير ودايان وشارون والذين جئتم بهم من صربيا أخيراً نسأل
هل عرضت عليكم قضية شعب العراق ؟
وأنتم تريدون اعتقال الرئيس العربي عمر حسن البشير ؟

هل توجد في ملفات محكمتكم الموقرة ملف لجرائم المجرم بوش وشامير وأولمرت وتقدم عليه ملف البشير ؟

هل عندكم أسماء قراصنة ما وراء البحار قراصنة شركات النفط الإحتكارية بوش الإبن وبلير ودك جيني وآخرين ؟

هل عرفتم أو أحصيتم جرائم بوش الأب والإبن مع بواكير الألفية الثالثة قبل مغادرتكم البيت الأبيض ؟
هل تعرفون ما فعل ويفعل بأطفال ونساء وشيوخ العراق كل يوم؟ . .

هل اطلعتم على أرقام القتلى من الجيش الأمريكي والمرتزقة الآخرين وقوات التحالف من مصادر موثوقة ؟ هل وصلكم أعداد الذين أصيبوا بالهوس والذين ينتحرون من الجنود الرافضين المجيء إلى مستنقع حرب العراق وأفغانستان .

هل عرفتم أعداد الضحايا وشهداء الشعب العراقي ؟
هل تشاهدون الهدم والدمار والقتل اليومي بأحدث الأسلحة والطائرات للمدن والقرى العراقية ومساكن ودور المواطنين  ؟

هل تصلكم قوائم الذين يموتون كل يوم من أبناء شعب العراق بسبب نقص الغذاء والدواء والماء الصالح للشرب وانعدام الكهرباء وتدهور الحالة المعيشية نتيجة سياسة الإرهاب والتهجير القسري على أيدي السلطة والمليشيات وكل إفرازات الاحتلال .

أخيراً هل أنتم محكمة دولية ؟ أم محكمة أمريكية لمحاكمة من لا يدين بالولاء لأمريكا ولبوش وسياسته ؟
ما كتب على الورق غيض من فيض ولا يطابق ما على الأرض منذ تولي بوش الأب والإبن مسؤولية البيت الذي تحول إلى الأسود وانتم تركضون وراء سمكة سوداء صغيرة في حوض أسماك الزينة في السودان المبتلى تريدون محاكمتها وتتركون الكواسج وأسماك القرش تنهش لحوم البشر ؟

فبأي حق وأي عرف وقانون ودستور في أمريكا والعالم يحتل بلد كالعراق ويعتدى عليه بالحروب المتوالية ويؤسر رئيس دولته ويعدم خلافاً لكل نظم الحرب والعالم وتتركون الجلاد وتحاكمون الضحية أي محكمة أنتم ؟ .

أي عدل وشريعة أنتم تمثلون ؟ .

لأي شعب من شعوب الأرض تنتمون ؟
 

ركزوا رجاءً على آخر سطر من هذه الرسالة بالتأكيد أنكم سوف لن تعرفوا قائلها ومتى قيلت وهي مفردة من مفردات تراثنا الخالد في سيادة العدل قيلت قبل 1400 عام وهي مأثرة من مآثر سيدنا عمر بن الخطاب ( رضي ) الخليفة الثاني للمسلمين استفيدوا منها كشعار أممي لمحكمتكم الموقرة . . .

إن حكمتم بين الناس بالعدل  وهذا مستحيل . . .
قول سيــــدنا عمر :
(( متى استعبدتم النـــــاس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ))