الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

مطلوب مؤسسة قانونية للدفاع عن الأمة ؟

 

 

شبكة المنصور

المحامي محمد الرشدان

 

مقدمة ،


عند ذكر أي محاكمة دولية تتعلق بجرائم الحرب ، لا بد من أن يتم ذكر محاكمات نورمبرغ وهي محاكمة المعتدي المنكسر على يد المعتدى عليه المنتصر ، وإعتبار هذه المحاكمات وصمة عار في جبين الإنسانية وتم إلصاق جرائم الحرب التي قام بها المنتصر بالمنكسر وإحدى هذه المحاكمات ألصقت بالقادة الألمان مقتل (000ر18) بولندي منهم ( 3000) ضابط قامت بها روسيا .

 

إلا اننا في هذا العصر نواجه أخطر من ذلك ، لقد واجهنا محاكمة المعتدي المنتصر على المعتدى عليه المنكسر ، وكان نتيجة ذلك إستشهاد رئيس جمهورية العراق صدام حسين بمحاكمة صورية لا أساس قانوني لها ، وإن عبارة وصمة عار بحيث العدالة أقل كثيراً من وصف المحاكمات في العراق .


إن قوات العدوان في العراق جاءت من أجل أسلحة الدمار الشامل ونشر الديموقراطية ولازالت هذه القوات تعتدي على الشعب العربي في العراق وتعيث في الأرض فساداً .


ويصرح الرئيس الأمريكي بأن روسيا قامت بالعدوان على جورجيا وعليها أن تنسحب وتحترم القانون ، وكان على الرئيس الأمريكي أن يحترم القانون وذلك بإنسحاب القوات الأمريكية من العراق وإزالة آثار العدوان والتعويض للشعب العراقي عن كل ضرر لحق به ، وكذلك الحال بالعدوان على فلسطين وإحتلال الأرض العربية وقيام دولة الكيان الصهيوني  .


ولا بد لنا هنا من الإشارة إلى آخر التطورات وقرارات مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية .


المحكمة الجنائية الدولية :-


خلال المباحثات لإنشاء المحكمة الجنائية الدولية ، ضغطت الولايات المتحدة على الدول الأطراف كثيراً من أجل تعديل النصوص الواردة في النظام الأساسي .


وتم مجاملة الولايات المتحدة والرضوخ لجزء كبير من مطالبها وتم إجراء تعديلات ومن ضمنها المادة ( 13) التي أعطت الحق لمجلس الأمن إحالة شخص أو حالة إلى المحكمة .


وبنفس الوقت وردت المادة (16) لتعطي الحق لمجلس الأمن بوقف التحقيق أو إجراءات المحكمة لمدة سنة يمكن أن تجدد دون تحديد مدة لوقف التحقيق والمقاضاة ، وبعبارة أخرى يستطيع مجلس الأمن شل عمل المحكمة و/أو المدعي العام دون بيان الأسباب ، وغالباً يكون تدخل مجلس الأمن لأسباب سياسية ، وهذا تدخل في سلطة قضائية أي أن القرارات السياسية تفرض مباشرة على المحكمة خلال مجلس الأمن ، وهذا من عيوب النظام الأساسي للمحكمة التي يجب أن لا يون عليها أي سلطان سوى القانون .


وكانت هذه التعديلات من أجل تدخل الولايات المتحدة بأي وقت في المحكمة الجنائية الدولية ، ورغم رضوخ الدول الأطراف لطلبات الولايات المتحدة ، إلا أنها لم توقع على النظام الأساسي وهي ليست طرفاً .


بل الأشنع من ذلك ، لقد عقدت الولايات المتحدة إتفاقيات ثنائية مع معظم الدول الموقعة لعدم تسليم مجرمي الحرب من الأمريكان .


وعلى ضوء ذلك إستعملت الولايات المتحدة صلاحياتها من خلال مجلس الأمن بإحالة قضية دارفور إلى المحكمة الجنائية الدوية .


لماذا مجلس الأمن :-


إن تحريك الدعوى الجنائية لدى المحكمة و/أو المدعي العام يكون من :-


1-    دولة طرف ( موقعة ) ، أو
2-    مجلس الأمن ، أو
3-    المدعي العام من تلقاء نفسه ( المواد 13 ، 15 ) من النظام الأساسي .


إذن وبالفرض الساقط أن هناك موجبات لتحريك الدعوى الجزائية المتعلقة بدارفور، فإن هناك عدة طرق ، إما أن تحال الدعوى من دولة طرف ( موقعة ) أو المدعي العام يحركها من تلقاء نفسه .


ولكن كما هو معلوم بأن مجلس الأمن يستعمل صلاحياته المنصوص عليها في الفصل السابع ، وذلك بالوسائل التالية :-


1-    الحصار الدبلوماسي والإقتصادي .
2-    تحريك القوات البرية والجوية والبحرية للدول الأعضاء ( المواد 41 ، 42 ) من ميثاق الأمم المتحدة .


       وذلك لتنفيذ أغراضه من أجل المحافظة على الأمن والسلم العالمي .


إذن هناك تلويح بأن مجلس الأمن قد يستعمل إحدى الوسيلتين أما الحصار أو القوة رغم أن هذا الرأي يخالف ميثاق الأمم المتحدة ، حيث أن إستعمال مجلس الأمن لصلاحياته هذه بحالة دارفور لن يكون من أجل الحفاظ على الأمن والسلم العالمي.

بل لتنفيذ قرارات سياسية تدخلت في صميم العمل القضائي ، ومن غير الجائز إستعمال مجلس الأمن لأي من صلاحياته لتنفيذ قرارات المحكمة  .


إن صلاحيات مجلس الأمن صلاحياته مقيدة رغم ما ورد بالمادة ( 29) من ميثاق الأمم المتحدة التي نصت على :-


( لمجلس الأمن أن ينشئ من الفروع الثانوية ما يرى له ضرورة لأداء وظائفه )


وإنني أرى ورغم ورود هذا النص بأن مجلس الأمن غير مختص في إنشاء المحاكم الجنائية الدولية ، مثل محكمة رواندا والحريري وغيرها ، لأن إختصاصه يتعلق بالحفاظ على الأمن والسلم العالمي ، وليس إنشاء المحاكم أو معالجة الأمور بعد تنفيذ الإعتداء على الأمن والسلم لأن صلاحياته وقائية وليست لمعالجة الأخطاء بعد وقوعها  .


وإن ملاحقة مجرم حرب بفرض وجوده ، لا تتعلق بالأمن والسلم العالمي حتى يستعمل مجلس الأمن صلاحياته ، لأن وجود الحرب هو نتيجة لعجز مجلس الأمن في إتخاذ الإجراءات الوقائية .


إذن لماذا تم إستعمال مجلس الأمن ولم تحرك الدعوى المتعلقة بالسودان من دولة طرف أو يحركها المدعي العام من تلقاء نفسه ؟! ( بالفرض الساقط أن هناك ما يستوجب الملاحقة).


إذن هي إشارة إلى أن هناك مطالب سياسية وإقتصادية من السودان ! وتم إستعمال مجلس الأمن من أجل تأجيل التحقيق في الدعوى لمدة سنة ؟ إذا إستجاب السودان؟
وهكذا تؤجل الدعوى لحين تحقيق هذه المطالب السياسية والإقتصادية ؟.


ولكن النتيجة الآن أن مدعي عام المحكمة الجنائية طلب الإذن من الدائرة التمهيدية من أجل إصدار مذكرة بحق سيادة رئيس السودان .


وسواءً أن المذكرة ستصدر أم لا ، ستبقى حالة الضغط على السودان .


الدفوع المتعلقة بالسودان بمواجهة إجراءات المدعي العام :-

أولا : الدفع بأن السودان غير موقع على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي فإن السودان غير خاضع لقرارات المحكمة وغير ملزم في تنفيذها.


ومع الإحترام الشديد لهذا الرأي فإن إختصاص المحكمة وعملاً بأحكام المادة ( 25) والتي تنص على :-


( يكون للمحكمة إختصاص على الأشخاص الطبيعيين ... ) .
 

والمطلق يجري على إطلاقه ، وبالتالي فإن صلاحيات المحكمة تمتد إلى الأشخاص والدول غير الموقعة ، وفي حالة صدور مذكرة ( لا سمح الله ) ستبقى هذه المذكرة ورقة ضغط سياسية وإقتصادية بمواجهة السودان ، وإن الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية ملزمة بتنفيذ مضمون المذكرة، ما لم توقع السودان إتفاقيات ثنائية مع الدول الأعضاء كما فعلت الولايات المتحدة الأمريكية وهذا أمر صعب ، وبنفس الوقت حتى الدول غير الأعضاء قد تلتزم بما قد يرد بالمذكرة .


ثانيا : إن إنشاء محكمة وطنية بالسودان لمتابعة ما حدث في دارفور يمنع إختصاص المحكمة إذا :-


1-    كانت المحكمة وطنية سابقة للتحقيق وإتخاذ الإجراءات من المحكمة الجنائية الدولية .
2-    إذا كانت الإجراءات حقيقية في الملاحقة والتحقيق ... إلخ ، وهنا لا بد من رقابة المحكمة الجنائية على الإجراءات الوطنيـة ( المادة 17 من النظام ) .
 

إذن الحلول ضمن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية فيه التعقيد ، وقد يكون مرفوضاً .



ما هي الحلول :-


لقد ورد بمقدمة ميثاق الأمم المتحدة :-


( ... نؤكد من جديد .... بكرامة الفرد وقدره ، وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية وأن نبين الأحوال التي يمكن في ظلها تحقيق العدالة وإحترام الإلتزامات الناشئة عن المعاهدات) .


ولقد ورد نص المادة الثانية :-


       ( تقوم الهيئة على مبدأ المساواة في السيادة بين جميع أعضائها ) .


إذن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ملزم بتطبيق مبدأ المساواة بين الدول كبيرها وصغيرها والمساواة بين الأشخاص دون تمييز للون أو العرق أو الدين .. إلخ .


ويجب أن لا ينحاز لدولة أو شخص ضد دولة أخرى وشخص آخر ، وعملاً بإختصاص المحكمة بالمادة ( 25) فإنه ملزم بملاحقة أي جريمة من الجرائم المنصوص عليها في النظام الأساسي أينما وقعت إذا حصلت الجريمة بعد المصادقة على نظام المحكمة ، ومن غير الجائز أن يعتبر دولة غير موقعة على النظام تدخل ضمن إختصاصه ودولة أخرى لا تدخل ضمن إختصاصه لأنها غير موقعة .


إن النص واضح وصريح فإن إختصاصه على جميع الأشخاص بغض النظر إذا كانت الدولة طرف أو غير طرف في النظام الأساسي للمحكمة .


النتيجـــة :-


وهنا لا بد أن يتدخل في مجموع الجرائم التي تم إرتكابها في وطننا العربي وعلى وجه الخصوص الجرائم المرتكبة من الكيان الصهيوني ضد شعبنا العربي في فلسطين ، وكذلك الجرائم المرتكبة من القوات الأمريكية وحلفائها في العراق ، وإن لدينا البينات الطافحة التي توجب سوق الرئيس الأمريكي ومساعديه موقوفين إلى المحكمة الجنائية الدولية ، وكذلك كافة مجرمي الحرب الصهاينة .


ولكن في حالة عدم إتخاذه الإجراء :-


إن عدم إتخاذ الإجراءات بحق مجرمي الحرب من الصهاينة والأمريكيين يكون قد خالف ميثاق الأمم المتحدة والعهد الدولي والإتفاقيات والمواثيق الدولية والنظام الأساسي للمحكمة ويصبح غير مؤهل لإشغال منصب مدعي عام المحكمة لجنائية الدولية لهذا التمييز لعدم جديته في تحقيق العدالة سواءً كان القرار منه أو من إحدى هيئات المحكمة الجنائية الدولية .


وبالتالي فإن جميع الإجراءات التي يتخذها أو تتخذها المحكمة باطلة وتستوجب ردهم وملاحقتهم أيضاً جزائياً ومدنية ، وهذا يستوجب التعاون العراقي الفلسطيني العربي من أجل تشكيل لجان قانونية لمتابعة ذلك ضمن مؤسسة قانونية قادرة على تقديم الشكاوى والطلب من مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في جرائم الحرب التي تم إرتكابها في وطننا العربي وملاحقة مرتكبيها أينما كانوا بغض النظر عما يشغلون من مناصب ومتابعة ذلك بالطرق القانونية وإستعمال الإعلام لبيان الموقف من المحكمة ومطالبة الدول الأعضاء بسحب توقيعها أو تنصلها من الإتفاقية بعدم المساواة بين الدول والتمييز بين الأفراد على أساس اللون أو العرق أو الدين ... إلخ .


وهذه الفكرة تستحق المتابعة والتنفيذ .

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاربعاء / ١٨ شعبان ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٢٠ أب / ٢٠٠٨ م