الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

لماذا يصر الطالباني والبارزاني على ضم كركوك لكردستان

 

 

شبكة المنصور

محسن خليل

 

ردَّ تحالف القائمة الكردستانية برئاسة جلال الطالباني ومسعود البارزاني على اقرار قانون انتخابات مجالس المحافظات في برلمان المنطقة الخضراء ، بالكشف عن الانتهاء من اجراء تعديل في دستور اقليم كردستان العراق الذي يتيح لقادة القائمة توسيع خريطة اقليم كردستان والاستيلاء على مناطق تابعة لاربع محافظات خارج الاقليم هي ديالى وكركوك والموصل وصلاح الدين . والتعديل الجديد يعتبر كركوك ومناطق عديدة من المحافظات الثلاث الاخرى كردية يجب الحاقها بالاقليم .

رد الفعل كان مفاجئاً للمراقبين خارج العراق ، لكنه لم يفاجيء أطراف العملية السياسية الذين تابعوا على مدى سنوات الاحتلال الخمس مساعي جلال ومسعود لضم محافظة كركوك الى اقليم كردستان والاستفادة من نفطها المنتج واحتياطيها الكبير والقابل للتوسع ، وهي خطوة لابد منها من وجهة نظر ( اسرائيلية) لتكريس مشروع تقسيم العراق وتفتيته ، وتامين بنية اقتصادية صلبة للدولة الكردية ، واغتنام غياب الدولة الوطنية في العراق وأرتهان حكومة الاحتلال الرابعة للأملاءآت الامريكية، لتمرير المشروع المذكور .

عندما صوت برلمان المنطقة الخضراء على قانون أنتخابات مجالس المحافظات بأن تعتمد في كركوك صيغة تقاسم السلطة بين مكونات المدينة الثلاث (العرب والاكراد والتركمان ) بنسبة 32% لكل منها و 4% للكلدوآشور ، انسحب أحتجاجا على الصيغة نواب القائمة الكردستانية ، وانسحب معهم جزء من نواب كتلة الائتلاف المتحالفة مع القائمة الكردستانية .. لم ينسحب كل نواب كتلة الائتلاف ، ولا كل نواب المجلس الاعلى برئاسة الحكيم . ولذلك فشل الانسحاب في أجهاض التصويت ونجح المشروع بنسبة 89% من اصوات النواب الحاضرين البالغ عددهم بعد الانسحاب (142) نائبا .اي ان الذين انسحبوا كانوا 85 نائبا منهم 57 نائبا من قائمة جلال ومسعود و28 من نواب المجلس الاعلى والحزب الشيوعي وحزب الدعوة . الملاحظ أن نواب القائمة الكردستانية المعارضة لتقاسم السلطة في كركوك بالتساوي بين مكونات سكانها هم الذين أنسحبوا بالكامل ، أما نواب المجلس الاعلى والدعوة وبقية مكونات قائمة الائتلاف العراقي الموحد برئاسة الحكيم فقد أنسحب بعضهم وشارك في التصويت بعضهم الاخر . وهذا مؤشر ليس على تفكك الائتلاف الموحد ككتلة وانما على حصول تفكك داخل كل حزب من احزاب قائمة الائتلاف . فقد أنسحب من نواب المجلس الاعلى همام حمودي وجلال الدين الصغير ، وبقي هادي العامري والشيخ المولى وحميد معلة ، ومن حزب الدعوة انسحب علي الاديب وحسن السنيد وبقي حيدر العبادي وآخرين ، كما صوتت على القانون جماعة الجعفري المنشقة عن التنظيم الرئيسي لحزب لدعوة .

ورغم أن تمرير قانون انتخابات مجالس المحافظات قد تم وفق قواعد اللعبة الديمقراطية المزعومة بين أحزاب الاحتلال ، الا ان جلال ومسعود رفضا نتيجة التصويت ، واستخدم جلال موقعه في مجلس الرئاسة لنقض القانون وأرجاعه الى مجلس نواب المنطقة الخضراء يؤازره في ذلك ممثل المجلس الاعلى في مجلس الرئاسة عادل عبدالمهدي ، لاعادة مناقشته والاتفاق على صيغة توافقية قبل اقراره بصيغته النهائية . أي ان القائمة الكردستانية تتبنى نتائج التصويت والديمقراطية المزعومة أذا وافقت مخططاتهما ، وتكون ضدها أذا تعارضت مع تلك المخططات وتطالب عندها بالصيغ التوافقية ، اما اذا طالبها الاخرون بالصيغ التوافقية فترد عليهم بأن الديمقراطية والتصويت هي القول الفصل عندما يكون التصويت موافقا لها. .

لماذا هذا الاصرار من جلال ومسعود على ضم مدينة كركوك الى الاقليم ؟ لماذا لا يعتبرون العراق كله وطنهم خاصة وانهم شركاء مع حكومة المركز في بغداد في أدارته أضافة الى تمتعهم بالحكم الذاتي في كردستان ؟
ليس لأن كركوك كردية مئة بالمئة وهي لم تكن كذلك في أي وقت ،بل لأن مشروع تفتيت العراق وأقامة دولة في شماله يتطلب ذلك ، وهو مشروع أمريكي أسرائيلي أيراني تماما كما كان غزو العراق وأحتلاله مشروع ثلاثي أيضا . ومع أن أحزاب الاحتلال جميعها لا تملك ألا الرضوخ لما تقرره سلطة الاحتلال ،الا أن ثمة حماس شديد لدى كل من جلال الطالباني والبارزاني والمجلس الاعلى على تفتيت العراق من خلال الفدرالية ودستور التقسيم الذي وضع تحت الاحتلال . فالخطوات تسير متلاحقة خطوة بعد أخرى نحو هدف تقسيم العراق .المجلس الاعلى الذي يتلقى تعليماته من طهران يؤيد ضم كركوك الى الاقليم مقابل أن يؤيد جلال ومسعود فدرالية الجنوب ،وأستخدام الرموز الدينية الطائفية في الحملات الانتخابية التي بدونها لا يستطيع المجلس الاعلى أو غيره من الاحزاب الطائفية من الحصول على أصوات بسطاء الناس المؤمنين والمتحمسين دينيا اللازمة لفوزهم في الانتخابات ..

ستدور خلال الايام القادمة معركة بين أحزاب وقوائم الاحتلال داخل برلمان المنطقة الخضراء وعلى تخومه ، وقد تحسم الخلافات بسرعة وقد تطول ، وقد تسفر الاتصالات بينهم عن تاجيل انتخابات مجالس المحافظات الى أن تتم تسوية اوضاع كثيرة داخل أطراف العملية السياسية ، وقد تؤجل الانتخابات في كركوك الى منتصف العام المقبل ويبقى الوضع على ماهو عليه الى ذلك الحين .

والخلاف حول كركوك يجري على صعيدين احدهما داخل برلمان المنطقة الخضراء والثاني على صعيد أهالي كركوك نفسها فهؤلاء لهم كلمة وغالبية أهالي كركوك من العرب والتركمان يرفضون ضم كركوك الى أقليم كردستان ، لأنه ان حصل ذلك فسوف يتم توطين أكراد من محافظات أخرى ومن تركيا وأيران فيها لتغيير تركيبتها السكانية متعددة القوميات والتي أستمرت قرونا تتعايش فيما بينها بأخاء . وتجربتهم مع سنوات الاحتلال الخمس الماضية أظهرت أن قيادة جلال ومسعود سائرتان بخطى حثيثة على تكريد مناطق واسعة من محافظات الموصل وديالى وصلاح الدين اضافة الى كركوك وهي المناطق التي تدعي القائمة الكردستانية انها مناطق متنازع عليها بين الاقليم والمحافظات المذكوروة ، وهو افتراء لا أساس له ، لكنه يكشف العقلية العنصرية التوسعية لجلال ومسعود . ولا غرابة في ذلك فهم تلاميذ مدرسة الموساد الصهيوني منذ وقت مبكر ، وليس صدفة ان التحالف الثلاثي ( امريكا اسرائيل أيران) يعبر عن نفسه بصور مختلفة حسب اللحظة ومقتضى الحال ،فالتحالف بين الاطراف الثلاثة على عهد شاه ايران كان قائما على قدم وساق ، وخلال عهد الخميني لم يتوقف التعاون التسليحي والسياسي بينهم ، وكانت فضيحة الاسلحة الاسرائيلية لأيران التي عرفت بفضيحة أيران كيت التي حصلت في الثمانينات اثناء الحرب العراقية الايرانية أكثرها دويا . ومن صور التحالف أن يشترك جلال ومسعود بطريقة أو أخرى في هذا التحالف الثلاثي ، فلهما مكان لدى الاطراف الثلاثة في كل فترة من فترات العقود الخمسة الماضية . ولعل أشتراك جلال مع أيران مع الموساد في تصفية واغتيال المناضل الكردي الايراني قاسملو رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني الايراني عام 1989 واحد من النماذج على عمق القواسم المشتركة التي تشكل الاساس الايديولوجي والسياسي للتحالف الثلاثي .

كان قاسملو مناضلا صلبا ضد النظام الايراني خلال عهد الشاه وبعده خلال عهد خميني ، وكان معاديا للصهيونية ، ويرفض التعامل مع كيانها في الارض المحتلة .وكان يقيم في باريس ، وأرادت ايران تصفيته فأستخدمت جلال الطالباني الذي قدم نفسه لقاسملو وسيطا بينه وبين نظام خميني ، ونقل لقاسملو أن الايرانيين مستعدين لبحث منح الحكم الذاتي لأكراد أيران ، طلب قاسملو ان تكون المفاوضات في باريس لكن أيران أقترحت أن تكون في المانيا ثم اتفقا في النهاية على أن تكون في النمسا ، وخلال شهر تموز 1989 في النمسا تمت تصفيته في الشقة التي جرت فيها جولات المفاوضات. كان احمد نجاد ( الرئيس الايراني الحالي ) مسئولا في المخابرات الايرانية في ذلك الوقت ، ودخل هنغاريا ونظم عملية تهريب السلاح الى داخل النمسا . وكان السلاح عبارة عن رشاشات يدوية صغيرة ومسدسات وكلها مع كاتم صوت . وكانت امرأة تدعى ( ريتا ) وهي يهودية قد شاركت في أستدراج صديق قاسملو المفكر الكردي الاسلامي فاضل رسول الى الفخ نفسه . وفاضل رسول كان أيضا بسبب مواقفه الفكرية والسياسية ومشروعه لأنهاء الصراع بين دول المنطقة الاسلامية ، وادانته سياسة التمييز العنصرية ضد القوميات غير الفارسية في أيران ، ومعاداته للصهيونية قد أستحق أن يكون ضحية مع قاسملو في تلك المؤامرة القذرة التي نفذتها أجهزة المخابرات الايرانية والموساد الصهيوني وجلال الطالباني ،فقتلوا عبدالرحمن قاسملو وعبدالله قادري آزر وفاضل رسول .. السلطات النمساوية سهلت سفر منفذي الجريمة ومغادرتهم النمسا الى أيران ،ورفضت فتح تحقيق قانوني في الجريمة ، وهو ما شجع المخابرات الايرانية على تنفيذ جرائم أخرى بحق المعارضين لها .(المعلومات حول اغتيال قاسملوا أخذت من الموقع الالكتروني كردستان بوست من مقالة بقلم علي سيريني ) .

كانت اول زيارة قام بها جلال الطالباني لأسرائيل بأمر من مصطفى البارزاني والد مسعود في عام 1963 وقد تم الاعداد لها بين جلال الطالباني وشيمون بيريز في باريس في السنة نفسها .فكيف استغرب الناس مصافحة جلال لأولمرت بحماس في مؤتمر الاشتراكية الدولية الاخير ؟؟

أن هذه السلسلة من المواقف والتاريخ الملوث لجلال الطالباني ومسعود البارزاني وسجلهما المليء بالعمالة والخيانة للوطن الذي عاشوا فيه واكلوا من خيراته ،لا يجعل أي عراقي يتفاجأ من سلوكهما ازاء قانون انتخابات مجالس المحافظات ، وأصرارهما على أخضاع كركوك لأقليم كردستان .. انهما لا يفعلان ذلك بدوافع الحرص على الشعب الكردي أو الدفاع عن مصالحه وأنما يدافعان عن مصالح أسيادهما الذين جندوهما لخدمة مشاريعهم المعادية للعراق والامة العربية ..

ما لا يتابعه كثير من العراقيين والعرب ،لأسباب مفهومة ، هو ان جلال ومسعود لا يمتلكان شرعية تمثيل الشعب الكردي او التحدث بأسمه ، فمن يتابع المواقع الالكترونية باللغة الكردية وحجم الكتابات والوثائق التي ينشرها الوطنيون الاكراد والتي تدين فساد جلال ومسعود وتثبت أساءتهما لمصالح الشعب الكردي والحاق الضرر بها ، يستطيع ان يقدر أن هذه القيادات شانها شأن جميع القيادات القائمة في سلطة الاحتلال ما هي الا بيادق المحتل ومجندو الموساد والمخابرات الايرانية . كركوك عراقية وستظل عراقية لأبناء العراق دون تمييز بينهم بسبب اللغة اوالقومية أو الدين او المذهب . كانت هكذا وستظل والاستقواء بالمحتل ، لن يوفر لجلال ومسعود والحكيم والمالكي والهاشمي الامان اوالاستقرار ، لأن المحتل لم يوفره لنفسه فكيف يوفره لعملائه ، والمقاومة العراقية البطلة هي من يحمي العراق ويحمي كركوك من جرائم الاحتلال وخيانات العملاء .

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاربعاء /  27  رجــــب  1429 هـ

***

 الموافق   30  /  تمــوز / 2008 م