الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

إيـران وسياسةُ التَّطهيرِ العِرقيِّ ضدَّ الأحوازيين

 

 

شبكة المنصور

موقع عربستان - الفقيد محمد شريف نواصري

كاتب ومحلل سياسي أحوازي

 

إنَّ منْ أهمِّ إنجازاتِ البشريَّةِ في القَرنِ العشرين - أي: عصرِ النَّهضةِ والحَداثةِ ومَا تَلاها- هُو زَوالُ الامبراطورياتِ الكُبرى - الَّتي تكوَّنتْ في أوروبا وآسيا على أنقاضِ الشُّعُوبِ المستَعمَرةِ- منْ غيرِ رجْعَة.. وإنَّ تلكَ الامبراطوريات الَّتي استعمرتِ الأرضَ، واستعبدتِ الإنْسانَ بشتَّى أشكالِ الاستعباد، وبأبشعِ صُورِ الاستِغلالِ والرقّ.. تشابهتْ في سياساتِها الاستِعمارية!! إذْ ما أنْ هدأتْ أصواتُ المَدَافِعِ والآليَّاتِ العسكرية الغازية؛ حتَّى أسلمتْ بزمامِ الأُمورِ وقِيادتِها وتسييسِها للسِّياساتِ القوميةِ المنهجيَّةِ المُتمثِّلةِ بعَمليَّاتِ الاستِلابِ الثَّقافي، إلى التَّهجيرِ الجَماعيِّ، والتَّطهيرِ العِرقيِّ ضدَّ السُّكَّانِ الأصلِيِّينَ المغلُوبِ على أمرِهم..

 

وكانَ المحركُ الأَساسيُّ لتلكَ الامبراطوريات هُو المصلحةُ الاقتصاديةُ المغلَّفةُ بالآيدولوجيات السياسيةِ والدينيةِ تارة.. وبِحُقُوقِ الإنسانِ والقَضَايا الأخلاقيةِ تارةً أُخرى.. ولنا في احتلالِ (نابليون بونابرت) لمِصْرَ مثالٌ واضحٌ على ما نقُول..

 

ومنْ مجمُوعِ تلكَ الامبراطوريات: الاتِّحادُ السوفيتي الَّذي انْهارَ في مطْلَعِ التِّسعينياتِ منَ القَرْن الماضي، والَّذي كانَ يُسمَّى بِـ(سِجْن الشُّعُوب)، شأنُهُ في ذلكَ شأْن الامبراطوريات الأُخْرى السَّابقة له!!! وبانْهِيارِهِ تحرَّرتْ الشُّعُوبُ المُكبَّلةُ بالأغلالِ في تلكَ الامبراطورية العُظمَى الَّتي بُنِيتْ بالنَّار والدَّمِ، والمُؤامراتِ الدَّولية، وتفشِّي شريعةِ الغابِ بينَ أرجائها..

 

ومنْ آخِرِ تلكَ الامبراطوريات التَّاريخيةِ الدمويةِ، هي الامبراطوريةُ الإيرانيةُ الفارسيةُ الَّتي تأسَّستْ مُنذُ نشأتِها الأُولى على التَّوسُّعِ الاستعماريِّ، والاستِغلالِ الاقتصاديِّ والماديِّ للشُّعُوبِ المُجاوِرة.. وكانَ لِلعَرَبِ منْ تلكَ الأطماعِ حِصَّةُ الأسد؛ بِسببِ الجِوارِ الجُغرافي.. أَضِفْ إلى ذلكَ ما تراكمَ عليهِ التُّراثُ الفَارِسيُّ منْ غِلٍّ وحِقدٍ على الأُمة العربية!!!

 

إنَّ إمساكَ الفُرسِ - على الدوَّام- بِمفاصِلِ تلكَ الامبراطوريةِ التاريخية، وتغيُّرَ المحرِّكِ الأَساسيِّ والآيديولوجيا لتلكَ الامبراطوريةِ الَّتي خلَّفها الماضي الاستعماريِّ؛ أدَّى ذلكَ كلُّهُ - بالنَّتيجةِ- إلى أنْ تكُونَ العِرقِيَّةُ الفارسيةُ في زمنَ بعضِ السُّلالاتِ الفارِسيَّةِ السَّابقةِ هيَ المُحرِّكَ الأَساسيَّ لتلكَ الامبراطورية!!!

 

أمَّا بالنسبةِ للجُمهوريةِ الإسلامية؛ فإنَّ المُحرِّكَ الأساسيَّ لها هُو الطَّائفيةُ الصَّفوِيةُ، والعِرقيَّةُ الفارسية.. تلكَ الامبراطوريةُ الَّتي لمْ تُولدْ لولا التَّواطُؤ الاستعماري في العشرينياتِ منَ القَرنِ الماضي، ولولا التَّداعيات الجيوستراتيجية للثورةِ البلشَفيةِ في رُوسيا القيصرية آنذاك..

 

فكانتْ أُولى ضَحايا تلكَ الوِلادة الامبراطورية هي إمارةُ (عربستان) العربيةُ في العشرينَ منْ شهرِ نيسان لسنة (1925م).. فكانَ تقويضُ الحُكْمِ العربيِّ التاريخيِّ في هذا الإقليم العربيِّ نتيجةً طبيعيَّةً لِلواقِعِ الجُغرافِيِّ؛ باعتِبارِ أنَّ الأحواز تُعتبرُ البوَّابةَ الشَّرقِيَّة للأُمةِ العربية..

 

أمَّـا القوى الَّتي ساعدتْ على تلكَ الوِلادةِ القيصرية العسيرةِ للامبراطوريةِ الإيرانيةِ الفارسيةِ الحديثة؛ فَهِيَ نفسُ القوى الَّتي لعِبتْ الدَّورَ الرئيس في تقويضِ الحُكمِ العربيِّ في الأحواز، وهِيَ الامبراطوريةُ البريطانية؛ وكانَ الدافِعُ الرئيسُ والمحرِّكُ الأساسيُّ لِلَعِبِ ذلكَ الدَّورِ هو الأطماعُ الاستعماريةُ في تلكَ الحُقبةِ التَّاريخيةِ المُظلِمةِ منْ حياةِ الأُمةِ العربية..

 

ومنْ أشكالِ ذلكَ الدَّورِ الَّذي أفرزتهُ تلكَ القوى والأطماعُ الاستعماريةُ في المنطقةِ هُو تفعيلُ دورِ المُؤسَّسةِ الطَّائفية الصَّفوية، وإبـرازُ نشاطِ رِجالاتِها ومُباركتُهُ، كالميرزا النَّائيني، وأبي الحسنِ الأصفهاني، الَّذَينِ لعبتْ فَتاواهُمُ الدَّورَ الأساسيَّ في التَّمهيدِ لاحتِلالِ الأحواز.. وكذلكَ السياسيونَ والمفكِّرُونَ الفُرسُ ومجوسُ إيران، والهنود الَّذِينَ كانُوا يعملونَ في حُكُومةِ الهند الشَّرقية، منْ أمثال (اردشير جي)، و(أرباب كيخسرو).. وغيرِهِم منَ المفكِّرين العُنصريين..

 

وليسَ مُصادفةً أنْ تكونَ تلكَ الأطرافُ ذاتُها هي الَّتي لَعِبتِ الدَّورَ الأَساسيَّ في احتِلالِ العِراق سنة (2003م)، وأعني بتلكَ الأطراف: المُؤسسةَ الصَّفويةَ المُتمثِّلةَ بِـ(السِّيستانيِّ والحكيم)، ومُؤسسة قُم المُتمثِّلة برجالاتِ الدِّينِ وساستِها في إيران.. وكذلكَ بريطانيا وحليفها الأبرز الوُلايات المتحدة (الوريث الجديد للماضي الاستعماريِّ البريطاني المتمثِّلِ بالمملكة المُتَّحدة)..

 

ومنْ أهمِّ العَوامِلِ التَّاريخيةِ الَّتي أدَّتْ إلى التَّحالُفِ والتعاوُنِ بينَ الامبراطوريةِ الفارسيةِ والقوى الاستعماريةِ الغربيةِ في الزَّمانِ الحاضِرِ والماضي البَعيدِ والقريب على الرَّغْمِ منَ الاختلاف الآيدولوجيِّ الجوهريِّ فيما بينَها هُو الحِقدُ التَّاريخي الأَصيلُ والدَّفينُ على الأُمَّةِ العربية!!

 

وعلى الرَّغمِ منَ التكنلُوجيا العسكريةِ الَّتي تَمتَّعتْ بها الامبراطوريةُ الفارسية؛ إلاَّ أنَّ حظَّها كانَ على الدَّوامِ عاثِراً في حُرُوبِها معَ العرب!! إذِ انتصرَ العربُ عليهم عام (310م)، وقتلوا مَلِكَهم هُرمُز الثاني.. كَمَا انتصرُوا عليهِم في معركةِ ذي قار فِي أوائِلِ القَرنِ السَّابِعِ الميلادي، حينَ تحالَفَتْ ضدَّ الفُرسِ عدَّةُ قبائِلَ عربيةٍ (من العراق والأحواز) بزَعامةِ بني شيبان.. وكانتْ تلكَ المعركةُ منَ الأهميةِ بحيثُ قالَ عنها الرسُولُ (صلى الله عليه وآله وسلم): (هذا أولُ يوم انتصف فيهِ العربُ منَ العجم، وبِي نُصِروا).. وكذلكَ انتصرُوا عليهم في معركةِ (القادسيةِ) عام (14هـ/635م) بِقيادةِ سعد بن أبي وقَّاص ، وقَضَوا على جُيُوشِهمُ الجرَّارةِ بِقِيادةِ رُستُم.. وانتصرُوا عليهِمْ أيضاً بِقيادةِ النُّعمان بن مقرِّن المزني.. ثُمَّ بقيادة حُذيفةَ بنِ اليَمان في معركةِ (نهاوند) عام (642م)..

 

وفتحُوا بعدَ تلك المعارِكِ الضَّارِيةِ بِلادَهم، وحظرُوا دياناتَهُمُ المَجُوسيةَ ووأدوها، ودَخَلَ الفُرسُ في الإسلام.. ثُمَّ انتصرُوا عليهم في معاركَ عدَّة في عهدِ (الدَّولةِ المشعشعية العربيةِ الأحوازية) في القرنينِ السَّادسِ عشر والسَّابعِ عشر للميلاد.. وكذلكَ انتصرُوا عليهِمْ عندَ تولِّي بنِي كعب مقاليدَ الإمارة فِي الأحواز بقِيادةِ (الأمير الشَّيخ سلمان الكعبي) في القرن الثَّامنِ عشر للميلاد..

 

إنَّ الظُّروفَ الأَمنيةَ والسِّياسيةَ الَّتي تمرُّ بها الأُمةُ العربيةُ بشكلٍ عامٍّ، والجنوبُ العراقيُّ على وجهِ الخُصُوصِ هي الظُّروفُ نفسُها الَّتي مرَّتْ بها الأحواز قبلَ الاحتلال في العشرينياتِ منَ القَرنِ الماضي.. فالتَّدخُلُ السَّافرُ للاحتلالِ الإيرانيِّ المُتمثِّلِ بالأجهِزةِ الأَمنيةِ والمُؤسَّسةِ الصَّفويةِ في مُختَلَفِ مَنَاحِي الحَياةِ اليوميةِ بشكلٍ عامٍّ، والسياسيةِ منها عَلَى وجهِ الخُصُوصِ لهُو الَّذي مهَّدَ تدريجياً لاقتِلاع هذَا الجُزءِ المُهِمِّ والحيويِّ منْ جَسَدِ الأُمةِ العربيةِ وامتدادِها الطبيعيِّ؛ وضمِّه إلى الجسدِ الإيراني..

 

لقدْ كانَ هذا القُطرُ العربيُّ الأصيلُ عصياً على الامبراطورياتِ العُثمانيةِ، والفارسيةِ، والبريطانيةِ حتَّى الأربعينياتِ منَ القَرنِ التاسِعِ عشر بعدَ الهُجُومِ العُثمانيِّ الواسِعِ بالتحالفِ معَ إمارة (المنتفج).. والَّذي أدَّى بدورِهِ إلى تقويضِ عُرُوشِ مدينةِ المُحمَّرة (عاصمة الإقليم) زمنَ إمارة الشَّيخ (جابر المرداو).. مِمَّا حَدَا بالأخيرِ إلى أنْ يطلبَ النَّجدةَ منَ الدَّولةِ القاجارية؛ فكانتِ النتيجةُ منْ وراءِ توالي تلكِ الأحداث هي ولادةُ مُعاهدةِ أرضِ روم الثانية عام (1847م).. والَّتي صنَّفتِ الأحوازَ كمنطقةِ نُفُوذٍ للامبراطوريةِ الإيرانية مقابِلَ تنازُلِ إيران عنِ الادِّعاءِ بمناطِقَ نُفُوذٍ أُخرى مثل: لواء سنْجار، والسليمانية..

 

ولعِبَ العامِلُ المذهبيُّ الدورَ الرئيسَ في تلكَ المُعاهَدَةِ الَّتِي تُوِّجتْ بالاحتلالِ العسكريِّ الاستعماريِّ في نيسان عام (1925م).. وتُمارِسُ إيران في ذلك الإقليمِ اليومَ السياسةَ نفسَها، مُستفيدةً منْ دُرُوسِ التاريخ؛ بُغيةَ الانْفِرادِ بالعراق، والانقضاضِ عليه، واستِغلالِ ثَرَواتِهِ ونهبِها.. بعدَ أنْ عاشتْ طيلةَ فترةِ ثمانيةِ عُقُودٍ منْ زمنِ احتلالها للأحوازِ - وما زالت تعيش- على ثَرواتِها الطَّبيعيةِ الهائِلة، معَ حِرمانِ أبنائِها منْ أبسطِ مُقوِّماتِ الحياةِ الحُرَّةِ الكَريمة..

 

السياسات المنهجية ضد الأحوازيين:-

 

إنَّ سِياسَةَ النِّظامِ الإيرانِيِّ تجاهَ الشُّعُوبِ في إيران بِشكلٍ عامّ، والشَّعبِ العربيِّ الأحوازيِّ بشكلٍّ خاصٍّ بعدَ الاحتِلالِ العسكرِيِّ المُباشرِ كانتَ - ومـا زالتْ- منهجيةً على مُختَلَفِ الأصعدة، حيثُ استَهدفَتْ تلكَ السِّياساتُ العُنصريةُ غيرُ الإِنسانيةِ البُنَى السِّياسيةَ، والثَّقافية، والاجتِماعيةَ، والاقتِصادية.. وكانَ الهدَفَ المُتَوَخَّى منْ وراءِ اتِّباعِ تلكَ السِّياساتِ المُختلِفَةِ هُو صَهْرُ هذا الشَّعبِ في بوتَقَةِ النِّظامِ الفارِسيِّ؛ منْ خِلالِ طَمْسِ هويتِهِ العربيةِ المُتمثِّلةِ باللُّغةِ، والثَّقافةِ القومية، وكذلكَ اقتلاعُهُ منْ جُذُورِهِ العربيةِ، وقطْعُ صِلَتِهِ عنِ الأرضِ الَّتِي عاشَ عليها، وتجذَّرَ فيها آلافَ السِّنين..

 

لقدْ كانتْ تلكَ السِّياساتُ المُختلِفةُ على الدَّوامِ مدروسةً دراسةً متأنِّيةً ومُمنهَجةً منْ قِبَلِ صُنـَّاعِ القرارِ السِّياسيِّ في طَهرانَ.. بدأتْ تلكَ السِّياساتُ ممارسةَ نَشاطَاتِها الفاعلةِ معَ بَدءِ الاحتلالِ على يدِ (رِضَا شاه البهلوي)، ووُضِعتِ اللَّبنةُ الأُولى لتلك السِّياسةِ المنهجيةِ منْ خِلالِ إقطاعِ الأَراضي العربيَّةِ للعسكريِّينَ الفُرسِ ورِجالِ الدَّولةِ منَ السِّياسيِّينَ، والإداريِّينَ، والأمنيِّين.. وكذلكَ سحب مِلْكيةِ بقيَّةِ الأراضي مِنَ المُزارِعينَ العَرَبِ، ومنْحها لِـ(مُؤسَّسةِ المنابِعِ الطَّبيعيَّة)؛ بُغيةَ تسهيلِ مُصادَرَةِ تلكَ الأَراضِي فِي خطواتٍ مُستقبليةٍ مدرُوسةٍ، وتهجِير مِئات الآلافِ منَ المُزارعينَ والمُواطنينَ إلَى المَنَاطِقِ المركَزِيةِ في إيران، والعراق، والدُّولِ الخليجية..

واستمرَّتْ تلكَ السِّياسةُ على يدِ (محمَّد رضا بهلوي الابن)، وأصبحتْ أكثرَ شَراسةً؛ بِسببِ التَّوجُّهِ الفارِسيِّ العُنصري، وحِقدِهِ الدَّفينِ على العربِ والعُرُوبةِ، منْ خِلالِ سياسةِ الإصلاحِ الزِّراعيِّ في السِّتِّينيَّاتِ منَ القَرنِ الماضي.. وتحديداً سنةَ (1963م) تحتَ عُنوانِ: (الإصلاحِ الزراعيِّ)، أوِ: (الثَّورةِ البَيضاء).. حيثُ تمَّتْ مصادرةُ مِئاتِ الآلافِ منَ هكتاراتِ الأراضِي الزِّراعيةِ، ومِنْ ثمَّ تَمليكُها للمُستوطِنينَ الفُرس، وكانتْ أُولى مشاريعِ قَصَبِ السُّكَّر قدْ دُشِّنتْ في تلكَ الفترةِ عَلى أنقاضِ عَشَراتِ القُرى العربيةِ في الأحواز!!

 

وتُوِّجتْ تلكَ السِّياساتُ الإِجراميةُ بوُصُولِ (رِجالِ الدِّينِ) إلى سُدَّةِ الحُكْمِ في إيران، وتَحدِيداً بَعْدَ انتِهاءِ الحَربِ العِراقيةِ- الإيرانية.. وكانَ لِطبيعةِ التَّكوِينِ الآيدولوجيِّ لتلكَ الحُكُومةِ الدَّورُ البارِزُ في شَراسةِ واتِّساعِ دائِرَةِ تلكَ السِّياسة؛ حيْثُ يجتَمِعُ إليها التَّطرُّفُ الطائِفِيُّ، والحِقْدُ التَّاريخِيُّ، وكذلِكَ العُنصريَّةُ الفارسية، والعداءُ لكُلِّ مَا هُو عربيّ!!

 

وتمَّ تدوينُ الاستراتيجيةِ العامَّةِ لِتلكَ السِّياسةِ تحتَ مُسمَّى: التَّوزيعِ الديمُغرافِي، أوْ (آمايش سرزمين)،وذلكَ بمُوجِبِ التَّعميمِ ذي العَدَد (971/2ب- 3416)، في (14/4/1371هـ. ش)، والصَّادِرِ من المجلِسِ الأعلى للأَمنِ القوميِّ برِئاسةِ (هاشِمي رفسنجاني)..وكذلكَ التَّعميم ذِي العَدَد (27686/12) في (1/5/1377هـ. ش)،والصَّادِر منْ مكتب (محمَّد خاتمي)؛بصفتِهِ الأمين العام للمجلِسِ الأعلى للأَمنِ القومي..

 

نتائج بعض تلك السياسات العنصرية:-

 

1- مصادرةُ أكثرَ منْ (70) ألف هكتار زِراعيٍّ في منطقةِ (الشعيبة)، و(الميناو)، و(الشوش)، ومناطِقِ شِمالِ الأحواز لِصالِحِ شَرِكاتٍ، مِنْ أهمِّها: شركةُ (كشت وصنعت إيران- أمريكا)، وشركةُ (كشت وصنعت إيران- كاليفورنيا)، وشركة (دزكار)، وشركة (شل)، و(شركة كلاسنو).. وغيرُها مِنَ الشَّرِكاتِ الأمريكية والإسرائيلية في عهدِ حُكُومةِ الشَّاه..

 

2- وبعدَ نجاحِ الثَّورةِ الإيرانيةِ تمَّتْ مُصادَرَةُ أكثرَ منْ (135) ألف هكتار منْ أراضِي المُزارِعِينَ الأحوازيين جَنُوبَ مدينةِ الأحواز، وشِمالَ مدينةِ (المُحَمَّرة)، و(عبَّادان) وعَلَى ضِفَّتي نَهرِ (كارون).. وَهِيَ منْ أخْصبِ الأراضِي الزِّراعيةِ؛ تَحْتَ ذرِيعةِ إقَامةِ مشرُوعِ قَصَبِ السُّكَّر!! حيْثُ أنَّ الشركاتِ القائمةَ على هذَا المشرُوعِ تَعُودُ مِلْكيَّتُها إلى رجالاتِ الدَّولةِ الإيرانيةِ، والمُؤسَّسةِ المذهبيَّةِ الصَّفويَّةِ الحاكِمَةِ في إيران..

 

3- مُصادَرةُ أراضِي تُقدَّرُ بِمَساحةِ (47) ألف هكتار؛ لِغَرضِ إقامَةِ مشرُوع (مُعاقِي الحربِ العِراقيةِ- الإيرانيةِ) في منطِقَةِ (الجفير) المُحاذِيةِ للحُدودِ العِراقيةِ- الإيرانية..

 

4- مُصادَرَةُ أكثرَ منْ (25) ألف هكتار؛ لِغَرضِ إقامةِ مشرُوعِ (مزارعِ الأَسماكِ) جنوب مدينةِ الأَحواز، وتمليكُها للمُستوطِنينَ الفُرسِ منَ الوافِدِينَ الجُدُدِ إلى الإقليم..

 

5- مُصادَرَةُ أكثرَ منْ (100) ألف هكتار شرق مدينةِ (الحويزة)، تمتدُّ حتَّى شِمال مدينةِ (المحمرة)؛ تحتَ ذَرِيعةِ (منطقةِ المُناوراتِ العسكريةِ لفرقة [92] المُدرَّعة).. وَمِنَ المعلومِ أنَّ كلَّ تلكَ المنطقةِ عِبارةٌ عنْ أراضٍ زراعيةٍ، وفِيها عدَّةُ قُرىً عربيةٍ، ويقطُنُها الآلافُ منَ العَرَب، وقدْ تمَّ تهجيرُهُم منْ أراضِيهم!!

 

6- مُصادَرَةُ آلافِ الهِكتارَاتِ منَ الأراضِي الزِّراعيةِ في مُدُنِ: (الخَفَاجية)، و(الحويزة)، و(البسيتين)؛ بحُجَّةِ تطويرِ حُقُولِ (ازادكان النفطيةِ) الَّتي تتَّصلُ بِحُقُولِ (مجنُون النفطية) في جَنُوبِ العِراق، وتُشرِفُ على ذلكَ المشرُوعِ شرِكاتٌ يابانية..

 

7- مُصادَرَةُ أكثرَ منْ (6) آلاف هكتار منَ الأراضي الزِّراعيةِ في مَدِينةِ (الشوش)، وتمليكُها للعسكريِّينَ الفُرسِ منَ الحَرَسِ الثَّوريِّ، وقُوَّاتِ القُدسِ، ضِمْنَ حملةٍ أُطلِقَ عليها اسمُ: (مشروع استيطانِ رِجالِ الدِّينِ في الشمال، والشمالِ الشَّرقيِّ لإقليم الأحواز).. وقدْ تمَّ تسريبُ وثيقةِ ذلكَ المشرُوعِ المُسمَّاة بوثيقةِ (سردار رشيد)، وهُو منْ كِبارِ قادةِ الحَرَسِ الثَّوريِّ وقُوَّاتِ القُدس..

 

8- بِالإضَافةِ إلى تَهديمِ أحياءَ عربيةٍ بأكملِها، وتهجيرِ الآلافِ منَ الأحوازيين؛ كسياسةٍ منهجيةٍ لِغرضِ قَلْبِ التَّركيبةِ السُّكَّانية.. مثلُ تهديمِ حيِّ (سبيدار في مدينةِ الأحواز سنةَ 1998م)، وتهجيرِ أهالي ذلكَ الحيِّ، ومعظمُهُمْ منَ الطَّبَقَةِ المسحُوقةِ اقتِصَادياً!!!

 

وإلى جانِبِ سِياسةِ مُصادَرةِ الأراضي تلكَ، أُوجِدتْ هُنالكَ سياسةٌ لا تَقِلُّ شراسةً وعُنصريةً عنْ سابِقَتِها.. تجرِي على قَدَمٍ وساق، وهِيَ تَحريفُ مَجَارِي الأنهارِ الرَّئيسيَّةِ في الأحوازِ، مثل نهرِ (كارون)، و(الكرخة)، و(الجراحي) وأنهار أُخرى عديدة، وسرقةُ مياهِهَا وضخُّها إلى المناطِقِ المركزيَّةِ الفارِسيَّة، مثل: (أصفهان)، و(يزد)، و(كرمان)؛ لِغرضِ الرَّي.. في حينِ يتِمُّ حِرمانُ المُزارِعينَ العَربِ منْ تلكَ المِياهِ، ومُحاربتُهُمْ عليها في قُوتِهِمُ اليوميِّ، وفي لُقمةِ عيشِهِم..

 

وكذلكَ افتِعالُ السُّيُولِ - منْ خِلالِ السُّدُودِ الَّتي تمَّ إنشاؤُها لِهذَا الغَرَضِ - بِشكلٍ دَورِيّ؛ بُغيةَ تهديمِ البِنيةِ التَّحتيةِ للقُرى الأحوازية؛ لِغَرضِ تسهيلِ عمليةِ مُصادَرَةِ الأراضي الزِّراعيةِ، وتهديمِ القُرى والأريافِ العربيةِ فِي الأحواز؛ ذلكَ كُلُّهُ وغيرُهُ كثيرٌ منْ أجلِ أنْ يبقى العربيُّ على الدَّوَّامِ رازِحاً تحتَ وطأةِ الاضطهادِ والعوزِ والذُّلّ!!!

لقد أدَّتْ تلكَ السِّياساتُ القَمعيَّةُ التَّعسُّفيةُ إلى هِجرةِ المُزارِعينَ منْ قُراهُم، وإلى التَّدمِيرِ المَنهَجِيِّ لاقتِصادِهمُ القُرَويِّ، وإلحاقِهِمْ بِالضَّواحِي المُهمَّشةِ المُسمَّاة بـ(حِزامِ الفَقْرِ العربي).. ومِنْ ثمَّ مُحاصرةُ المُدُنِ  العربيةِ بالمُستَوطَنَاتِ الفارسية، وبِالمُدُنِ الَّتي أُنشِئَتْ لِهَذا الغَرَض، وهِيَ تُعدُّ بِالعَشَرات، مثل: (مُستوطَنَاتِ شِيرين شهر) جنُوب مدينةِ الأحواز، والَّتي تمَّ تشييدُها وسط القُرى الَّتي تمَّ تهدِيمُها لِغَرَضِ إنْجازِ (مشرُوعِ قَصَبِ السُّكَّر)، و(مَزَارِعِ الأسماك).. والَّتي تتَّسِعُ لأكثرِ منْ (90000) تسعين ألف نسمة كخُطوةٍ أُولى قابلةٍ للاتِّساع!!! وكذلِكَ مدينة (رامين) العِملاقة شِمال مدينةِ الأحواز، والَّتي تتَّسعُ لأكثرِ منْ (1000000) مليون مُستوطِنٍ فارسيٍّ منَ الوافِدِينَ الجُدُد إلى الإقليم..

 

ومِنْ ثمَّ تمَّ تَهمِيشُ ما أسمَوهُ بـ(حِزَامِ الفَقْرِ العَربِيِّ) بشَكْلٍ مدرُوسٍ ومُدبَّرٍ ومُخطَّطٍ لهُ بِتأنٍّ وَرَوِيَّةٍ، حيثُ تفشَّى الفقْرُ، وإدْمانُ المُخدِّراتِ، والجريمةِ، وكلُّ ما منْ شأْنِهِ الإخْلالُ والتَّصدُّعُ في البُنَى الاجتِماعِيَّةِ، والاقتِصاديةِ، والثَّقافِيَّةِ، والعيشُ على هامِشِ المُجتَمعِ كإفْرازٍ طبِيعِيٍّ لتلكَ السِّياسَاتِ اللاإنسانية.. فكَانَ منْ أهمِّ مُضاعَفَاتِها: تلُّوثُ البِيئةِ والمِياهِ، وانتِشارُ الكَوارِثِ البِيئيَّةِ، الَّتي ساعَدَتْ - بِدورِها- على تَفَشِّي الأَمراضِ المُعدِيةِ..إضافةً إلى زِيادةِ نِسبةِ المُلُوحةِ في الأَراضِي..وقدْ وَرَدَ ذِكْرُ تلكَ المُضاعَفَاتِ جميعاً في التَّقريرِ الَّذي رَفَعَهُ(ميلان كوتاري- مبعوثُ الأُممِ المُتَّحدةِ إلى الإقليم) قبلَ أقلَّ منْ سنتين، حيْثُ وَصَفَ تلكَ السِّياساتِ بِـ(الكارِثيةِ) بِالنِّسبةِ للسُّكَّانِ الأَصلِيِّينَ منْ عَرَبِ الأحواز!!

 

تصاعد سياسة المصادرة والاستيطان:-

 

أخَذَتْ تلكَ السِّياساتُ الإجْراميةُ بالتَّصاعُدِ والتَّسارُعِ، وأَخذتْ وتِيرتُها بالازْدِيادِ الملْحُوظِ خِلالَ الخَمسةَ عَشَرَ عَاماً الماضِيةِ، وَبالأَخصِّ بعدَ تَسلُّمِ (طاقم التكنُوقراط- صاحب المُيُولِ والتَّوجُّهاتِ الفارسيَّةِ) ملفَّ التَّنمِيةِ في إيران أثناءَ رِئاسةِ هاشمي رفسنجانيّ، ومحمَّد خاتَمِيّ.. وحينَها تمَّتْ مُصَادرةُ عَشَراتِ الآلافِ منَ هكتارات الأَراضي الزِّراعيةِ الخَصبةِ في مُختَلَفِ مُدُنِ الأحواز، وذلكَ ضِمنَ الخُطَّةِ المعرُوفةِ بـ(التَّوزيعِ الدِّيمُغرافي الاستيطاني)!!وبَلَغتْ تلكَ السِّياساتُ الإِجراميةُ ذُروَتَها بعدَ تسلُّمِ (أحمدي نجاد وطاقَمِهِ) مَهَامَّ السُّلطةِ في إيران وتربُّعِهِمْ على عرشِها..وبالأَخصِّ بعدَ اندِلاعِ انتفاضةِ (15/ نيسان/ 2005م)؛إذْ جاءتْ تلكَ السِّياساتُ التَّعسُّفيَّةُ كَعِقابٍ جماعِيٍّ للأحوازيينَ عَلَى شقِّهِمْ عَصَا الطَّاعةِ، وَوُقُوفِهِمْ بِوَجهِ الاحتِلالِ العسكَرِيِّ الإيرانِيّ..

 

وقدْ افتَتَحتْ تلكَ السِّياساتُ مُمارسةَ نَشاطَاتِها بِمُصادَرةِ (30) ألف هكتار منَ الأَراضِي الزِّراعيةِ في مُدُنِ (الأَحواز)،و(الخفاجية)،و(الهنديان،التميمية)!!!وقدْ وَرَدَ ذِكْرُ تلكَ الخُطَّةِ فِي التقْييمِ الصَّادِرِ عنْ دائِرةِ الثَّروةِ السَّمَكيَّةِ في الإقلِيمِ خلالَ فترةِ الثَّماني سَنواتٍ الأَخيرة..والَّتي تَنُصُّ على البَدْءِ والشُّرُوعِ بالمَرحلةِ الثَّانيةِ منَ المشرُوعِ تَحتَ عُنوان:(ازادكان أحواز)،حيثُ تمَّ بِمُوجِبِهِ مُصادَرةُ (25) ألف هكتار كَمَرحلَةٍ أَولية!!

 

البدء في مشروع يَشمَلُ (10) آلاف هكتار في مدينة الخفاجية:-

 

1- مشرُوعُ تربيةِ الربيان يَشمَلُ (8) آلاف هكتار،شَرقَ وغَربَ نهرِ (زهرة) في مدينةِ (الهنديان، التميمية)..

 

2- إضافةً إلى إنشاءِ موانِئ في(بحركان الهنديان)،و(نهرِ القصير) في عبَّادان..وغيْرِها منَ المَوانِئ!!

 

جدِيـرٌ بالذِّكر أنَّ تِلكَ المَوانِئَ لا تَخضعُ إلى سُلطةِ دائِرةِ المَوانِئ ورقابتِها؛ لِذَا يتمُّ استغلالُها والإفادةُ منهَا لِغَرضِ التَّهريبِ والالتِفافِ على القَراراتِ الدَّوليةِ ضدَّ إيران في مَجَالِ حَظْرِ استيرادِ السِّلاحِ وغيرِهِ منْ قِبَلِ الحَرَسِ الثَّورِيِّ، إذْ تَكتَسِبُ تلكَ المَوانِئُ أهميَّتَها؛ لِوُقوعِها بِالقُربِ منَ العِراقِ والدُّولِ العربيةِ الخليجيةِ الأُخرى..

 

أهداف تلك السياسات:-

 

ثَمَّةَ أهدافٍ اقتصاديةٌ، وأمنيةٌ، وتاريخيةٌ، وسياسيَّةٌ تكمُنُ وراءَ تلكَ السِّياساتِ المَنهَجيةِ والبنْيويةِ ضدَّ الشَّعبِ العَرَبيِّ الأحوازي.. ومنْ خِلالِ النَّظرةِ الدَّقيقةِ المُتفَّحِصةِ للخَارِطةِ السِّياسيةِ لإيران ودُولِ الجِوارِ العَربي؛ نُلاحِظُ بأنَّ الأراضي الَّتي تَمَّتْ مُصَادرتُها في الشِّمَالِ الغَربِيِّ، والغَربِ، والجَنُوبِ تقعُ جَميعُها بِمُحاذَاةِ الحُدُودِ العِراقيةِ ودُولِ الخليجِ العربي!!

 

فَالغَرَضُ - إذَنْ- والهَدَفُ الكامِنُ منْ وراءِ تَكثِيفِ الجُهُودِ والنَّشاطاتِ على تلكَ المَناطِقِ بالذَّاتِ هُوَ تسهيلُ عمليةِ التَّدخُّلِ فِي الشُّؤُونِ الداخِليَّةِ لتِلكَ الدُّوَلِ بَعِيداً عنْ عُيُونِ الأحوازيينَ منْ جِهة، وخَلْقُ بيئةٍ ومنطِقَةٍ عَسكَريةٍ لوجستية تُؤمِّنُ الحِمايَةَ، وتُؤمِّنُ الإمدادَ الكافي للتَّدخُّلِ الإيراني المُستمرِّ في شُؤُونِ تلكَ الدُّولِ منْ جهةٍ ثانية.. وكذلكَ إفْراغُ تلكَ المناطِقِ - الَّتي يَقَعُ فِيها أكبرُ إنتاجٍ للنفطِ والغاز، فَضْلاً عن احتياطيِّ تلكَ الثروة- من الأحوازيينَ كخطوةٍ أُولَى، ومِنْ ثمَّ تمليكُها للمُستوطِنِينَ الفُرسِ، والوافِدِينَ الجُدُدِ كخطوة مُستقبلية؛ مِنْ أجلِ قلبِ التَّركيبةِ السُّكَّانيةِ للإقليم لِصالِحِ الفُرسِ والحُكُومةِ المركزيةِ منْ جِهةٍ ثالثة!!! حيثُ دأَبتْ كلُّ الحُكُوماتِ الإيرانيةِ المُتعاقِبَةِ وتَواطأَتْ على اتِّباعِ تلكَ السِّياسةِ مُنْذُ تَكوينِ الدَّولة - أوْ بالأحرى: الامبراطورية- الإيرانيةِ الحديثةِ على يَدِ رضا خان..

 

وكانَ منْ ضِمْنِ تلكَ الأَهدافِ أيضاً تقطيعُ أوصالِ الشَّعبِ العربيِّ الأَحوازي، وعزلُهُ في تجمُّعاتٍ سكَّانيةٍ مُحاصَرَةٍ في مُدُنِهِ وقُراهُ ومناطِقِهِ المُختلِفة.. وكذلكَ حِرْمانُهُ منْ عُمقِهِ الستراتيجيِّ المُتمثِّلِ بِالوطن العربي، كَالعراقِ والخَلِيجِ العربي.. وذلِكَ كلُّهُ - وغيرُهُ كثيرٌ- منْ شأْنِهِ أنْ يُبقِيَ العربيَّ على الدَّوَّامِ يَرزَحُ تحتَ وطأة الفُرقةِ والاضطِهادِ والعوزِ والذُّلّ!!!.. وهذا ما يُفسِّرُ لنا اتِّساعَ دائرةِ سياسةِ مُصَادرَة الأراضي، والتهجيرِ الجماعيّ.. والَّتي نَصَّتْ عليها الوثيقةُ الَّتي تمَّ تسريبُها منْ مكتبِ خاتَمي، والَّتي سبَّبتْ - مع تراكُمِ التَّناقُضات والظُّروفِ الموضوعية- انتفاضَةَ (15/ نيسان/ 2005م)، حيثُ سَقطَ على إثرها مئاتُ الشُّهداءِ والجَرحى، وتمَّ اعتقالُ الآلافِ، كما تمَّ تنفيذُ حُكمِ الإعدام بحقِّ اثنَي عَشَرَ منهُم لِحدِّ الآنَ!!! والقائمةُ قابلةٌ للازدِيَاد..

 

كَمَا شَمِلتْ تلكَ الخُطَّةُ مناطِقَ شِمالِ الإقليم، وَوَسَطِهِ، وشَرقِهِ، وَجَنُوبِهِ.. وَهِيَ الأَخطرُ على الإِطْلاق!! وتمَّ الكشفُ عنها بالوَثِيقة والتَّعميمِ الصَّادِرِ بعُنوان: (مشرُوع اروندان الصِّناعي والتِّجاري في مُدُنِ المُحمَّرةِ وعبَّادان)، والَّذي سيتِمُّ بمُوجِبِهِ تهجيرُ مِئاتِ الآلافِ منَ الأحوازيينَ العَرَبِ منْ مُدُنِهِمْ وقُراهُمُ الَّتِي تَقَعُ ضِمْنَ نِطاقِ هذا المشرُوعِ الاستيطانيِّ الكبير، كَمَا سيتِمُّ بِمُوجِبِهِ تَهديمُ عَشَراتِ القُرى الأَحوازية!!!

 

يُضافُ إلى ذلكَ تهجيرُ أكثرَ منْ (300000) ثلاثمائةِ ألفَ مُواطِنٍ أحوازيٍّ منْ مُدُن وأريافِ المُحمَّرةِ وعبَّادانَ أثنَاءَ الحربِ العراقيةِ- الإيرانية، ولمْ يعُودُوا بعدَها إلى قُراهُم الَّتي هُجِّروا منها؛ بِسببِ تَهديم البنيةِ التَّحتِية، وغِيابِ الخدماتِ، وكذلكَ انتِشار حُقُولِ الألْغامِ الَّتي خلَّفتْها الحَرب!! ولمْ تعملِ الحُكُومةُ الإيرانيةُ على تطهيرِها؛ بُغيةَ ألاَّ يعودَ العربُ إليها منْ منفَاهُم بِالمناطِقِ الشِّماليةِ والمَركزيةِ في إيران..

 

وفي الخِتَام.. لا بدَّ لي منَ التَّأكيدِ على أنَّ كلَّ تلكَ السِّياساتِ الإجْراميةِ - وهِيَ بالطبعِ منْ مَصَادِيقِ التَّهجِيرِ الجَمَاعِيِّ، والتَّطْهيرِ العِرقِيِّ، والجَرَائِمِ الكُبرى الَّتي يُعاقِبُ عليها القانونُ الدَّولِي- يتمُّ تنفيذُها أمامَ مرأى ومسمَعِ الدُّولِ العربِيةِ، والمُجتَمعِ الدَّولِي!! فِي حينِ تَتجاهَلُ تلكَ الأَطرافُ حجمَ المأْساةِ الَّتي يُعانِي منْها ويَرزَحُ تحتَ وطأتِها العَربُ الأحوازيون؛ بِدَعوى عَدَمِ التَّدخُّل في الشُّؤُونِ الدَّاخليةِ للبِلاد، وتحتَ ذريعةِ عَدَمِ المَساسِ بمفهُومِ سيادةِ الدُّوَل..

 

لكنَّ المُتتبِّعَ الحَصِيفَ لمُجرَيَاتِ الأُمورِ يُلاحِظُ أنَّ الأَحوازَ لمْ تكُنْ يوماً ما إيرانيةً، بلْ هِيَ أرضٌ عربيةٌ مُحتلَّةٌ بالقوةِ الغَاشِمة مُنذُ سنة (1925م) ولحدِّ الآنَ!! والدَّليلُ الأَبرزُ على ذلكَ هُوَ الانتفاضاتُ المُتَتاليةُ لأبنائِهِ العَرَبِ ضدَّ الحُكُوماتِ المُتَعاقِبةِ على سُدَّةِ الحُكمِ في إيران.. وهِيَ عِبارةٌ عنْ منطِقَةٍ مُتَنازَعٍ عليها بينَ سُلطَةِ الاحتلالِ الإيرانيِّ، وبينَ الشَّعبِ العَرَبِيِّ ومُقَاوَمَتِهِ الوطَنية.. وهَذَا ما أجْمَعتْ عليهِ فصائِلُهُ الوطنيةُ بمُختَلَفِ تَوجُّهاتِها وَمَشَارِبِها الفِكْرية..

 

وهَا أنا ذا أتوجَّهُ - منْ مَقَامِي هذَا- بالنِّداءِ والدَّعوةِ الجادَّةِ والصَّادِقةِ إلى ضرُورَةِ التَّدخُّلِ العرَبيِّ والدَّولِي بِهَذَا الشَّأن؛ لِكَي يتمُّ وقفُ هذا المدِّ، وإلجامُ هذَا الغَولِ الفَارِسيِّ المُتغطرِس، وإنْقاذُ الشَّعبِ العربيِّ الأحوازيِّ منْ سِياسةِ التَّطهيرِ العِرقِيِّ الَّتي تُمارسُ ضِدَّهُ ويرزحُ تحتَ وطأتِها مُنذُ عُقُودٍ منَ الزَّمن، وقدْ أثختْهُ الآهَاتُ والجِراح!!

 

فَلا بُدَّ منَ التَّدخُّلِ العربيِّ الفورِيِّ للحدِّ منَ التَّدخُّلِ الفارسيِّ في الشُّؤونِ الدَّاخِليةِ للدُّولِ العربيةِ كيفَ، ومَتَى شاءَ؛ بحُجَّةِ الحِفَاظِ عَلَى المَصَالِحِ الحَيويَّةِ، والأَمنِ القوميِّ الفارِسيّ.. والهَدَفُ الرَّئيسُ والأَوحدُ منْ وَرَاءِ ذلِكَ كلِّهِ هُوَ الهَيمنةُ الَّتي تُمثِّل جُزءاً لا يتجزَّأُ منْ طبيعةِ الفُرسِ وعقلِيتِهمْ وتركيبتِهِمُ السايكُولوجيةِ.. رِجالَ دينٍ كانُوا، أمْ عِلْمانيِّين!!!

 

الأربعاء - 28/ فبراير/2007م

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الجمعة / ١٤ شعبان ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ١٦ أب / ٢٠٠٨ م