الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

انفتاح النظام الرسمي العربي على العراق المحتل .. دلالاته وابعاده

 

 

شبكة المنصور

نبيل ابراهيم

 

كان العراق بنظامه الشرعي قبل الاحتلال يمتلك حسا قوميا عربيا كبيرا وكانت للقيادة العراقية تأثير كبير على الدول العربية من جهة الدفاع عن القضايا العربية وصد الطامعين بثروات الامة ومقدراتها من كونها كانت تمثل خطا دفاعيا متينا للبوابة الشرقية او من جهة الدعم السياسي والاقتصادي والستراتيجي للدول العربية واعتبار فلسطين هي قضية العرب المركزية وساند العراق بكل الاشكال المقاومة الفلسطينية وساعد على ديمومة استمراريتها, فتح الابواب على مصراعيها امام العمالة العربية للعمل في العراق واستقبل الملايين من العمال العرب خصوصا من الاشقاء المصريين دون قيد او شرط , ساهم في الكثير من المشاريع الستراتيجية في باقي الدول العربية وارسل الكثير من العراقيين اصحاب الخبرة للمساهمة في نهضة الدول العربية ولم يكن يتوقع او يريد بالمقابل شيئا لان ايمان قيادة العراق بالعروبة وبالنهضة العربية كان تجسيدا للشعار اللذي حملته قيادة العراق الشرعية المتمثل بامة عربية واحدة ذات رسالة خالدة.


لكن من المؤسف له ان النظام الرسمي العربي بعمومه قد خذل العراق بل وخان العراق بدْا من مؤتمر القاهرة اللذي سمح للقوات الغربية بمهاجمة العراق واعطى اراضيه قاعدة للعدوان عليه عام 1991 ومرورا بالمساهمة الكبيرة والفعالة في الحصار اللذي فرض على العراق وعلى شعبه لمدة 13 عاما والذي بسببه فقد العراق مليون ونصف طفل عراقي فبدلا من ان يقوم النظام الرسمي العربي بكسر الحصار الظالم على العراق نجده كان يساهم وبشكل فعال في استمراره خصوصا الانظمة الرسمية للدول العربية الخليجية التي ليس لها قرار سياسي سيادي في قضية التعامل الامريكي الصهيوني تجاه العراق ولم تكتف باطالة الحصار بل ان انظمة دول الخليج العربي كانت من الدول التي ساهمت بفاعلية في القيام بمعظم العمليات اللوجستية لتسهيل مهمة العدو الامريكي لاحتلال العراق وما تلاه من عمليات لادامة الاحتلال ومحاربة المقاومة العراقية الباسلة التي عملت وما زالت تعمل لتحرير العراق ولا ننسى هنا ايضا الانظمة العربية الرسمية في الاردن ومصر وما قدموه من مساعدات لوجستية لجيش الاحتلال الامريكي الصهيوني اثناء غزوه للعراق.


والان وبعد مرور اكثر من خمس سنوات على الاحتلال الامريكي الصهيوصفوي على العراق وتشريد الملايين من العراقيين داخل وخارج العراق وبعد اتضاح اهداف الاحتلال في السيطرة على النفط العراقي وتقسيم العراق وسلخه عن هويته العروبية لم نجد أي رد فعل عربي رسمي تجاه ما يحصل للعراق فبدلا من ان يقوم النظام الرسمي العربي بتقديم الدعم والاسناد للمقاومة العراقية الباسلة التي اذاقت الاحتلال طعم الهزائم والتي حطمت اسطورة اقوى واعظم جيش بالعالم نجد ان هذا النظام الرسمي العربي بدأ بطعن العراق في الظهر مرة اخرى من خلال شرعنة الاحتلال والاعتراف رسميا بحكومة نصبها الاحتلال مكونة من شرذمة من العملاء وخونة العراق ومن خلال تسمية سفراء لهذه الانظمة العربية الرسمية في المنطقة الخضراء ببغداد .


امريكا وجيشها يمران بازمة خانقة وهم يغوصون في المستنقع العراقي وتتعرض امريكا الى ضغوطات شديدة جراء تكبدها الخسائر في البشر والمعدات وانفاقها للمليارات في العراق وهي تحاول ان تتخلص من هذا المازق فما كان لها سوى الطلب من النظام العربي الرسمي الخانع لها من ان يمد يد العون فكان اول ما طلبت استقدام الجيوش العربية والاسلامية تحت مسمى قوات حفظ الامن في العراق عام 2005 وفي حقيقة الامر ان طلبها باستقدام هذه الجيوش العربية والاسلامية انما كان لاجل محاربة المقاومة العراقية ولاجل تقليل خسائرها في الارواح والمعدات وجعل هذه الجيوش كخط دفاع للقوات المحتلة الامريكية لكنها فشلت بذلك بعد عملية سفير النظام الرسمي المصري وباءت محاولة امريكا بالفشل خصوصا بعد البيانات التي قدمتها فصائل المقاومة العراقية الباسلة وحذرت الانظمة الرسمية العربية من مغبة ارتكابها هكذا حماقة.


والان وبعد ان ازدادت ازمة المحتل الامريكي واصبح فراره من العراق قاب قوسين او ادنى نجده يامر تابعيه من الانظمة الرسمية العربية بارسال سفرائهم الى المنطقة الخضراء .


وهنا يتبادر سؤال مهم علينا طرحه ماذا ستقدم امريكا للنظام الرسمي العربي لقاء انفتاحه على حكومة العراق المحتل القابعة بالمنطقة الخضراء ؟ هل هي وعود ومغريات اقتصادية؟خصوصوا اذا ما نظرنا الى ان الامارات وقعت عقودا مع زمرة الانفصاليين في شمال عراقنا الحبيب من خلال شركة ابار الاماراتية للتنقيب عن النفط , او من وعود امريكية للامارات بالاستثمار في ميناء البصرة؟, وهل ستكون لمصر حصة اضافية من المنح والمساعدات السنوية الامريكية؟ وهل سيكون للاردن حصة من النفط العراقي؟ فلا غرابة ان راينا الامارات والبحرين يقررون تلبية الطلب الامريكي بفتح سفارات لهما في المنطقة الخضراء ولم نتفاجأ بزيارة عاهل الاردن الى المنطقة الخضراء لسويعات قليلة فأن حسبنا ان زيارة احمدي نجاد كان احد اهدافها الاستحواذ على جنوب العراق بتقسيمه وخلق اقليم شيعستان من خلال العصابات البدرية والصدرية فهل ان زيارة عاهل الاردن هذه جاءت للتمهيد لحلم طالما راود العائلة الحاكمة في الاردن بالرجوع لحكم العراق خصوصا وان احدى الدويلات التي ستنتج بعد تقسيم العراق( لا سمح الله ) هي دويلة سنستان غرب العراق ؟ ام ان هذه الزيارة لها اهداف اقتصادية بحتة لاقتناص جزء من كعكة العراق خصوصا وان الاردن الان يعاني من ازمة خانقة بسبب ارتفاع اسعار المحروقات ونقص في كميتها فلطالما كان الاردن يعتمد كليا على نفط العراق بدءا من تاسيس الملكية الاردنية من قبل البريطانيين وما تضمن من وعود من البريطانيين للهاشميين بتزويدهم بالنفط من العراق حسب ما جاء بمعاهدة عام 1952بتزويد المملكة بنفط باباكركر وقتها؟ياترى لم تم السكوت عن ملاحقة احمد الجلبي بعد ان صدر حكم قضائي من الاردن بسجنه لمدد تزيد عن العشرين سنه لاختلاسه اموال بنك البتراء؟ وهنا اذكر الملك الارني بالتحذير اللذي نوه عنه قبل فترة وحذر فيه من تنامي المثلث الشيعي, فهل تم نسيانه؟ ام ان هذا المثلث لم يعد يشكل خطرا ؟.


ان تطبيع العلاقات الدبلوماسية العربية مع العراق في ظل الاحتلال وفي ظل حكومة طائفية تاتمر بامر الاحتلال ماهو الا دعم للمحتل الامريكي ولادارة بوش المهزومة باظهارها بمظهر المنتصر خصوصا وان بوش يريد نوعا من الشرعية العربية لوجود قواته في العراق ويريد ان يتعايش النظام الرسمي العربي مع حقيقة اهدافه في وجود مخطط لتقسيم العراق وهذا ما سوف يحدث فيما لو نجحت المساعي الامريكية واستجاب لها النظام العربي الرسمي ولهذا نجد ان الادارة الامريكية مارست وتمارس ضغوطا عليه.


هناك من يبرر للنظام الرسمي العربي انفتاحه على العراق بحجج واهية منها عدم ترك العراق وحيدا ليكون فريسة سهلة لايران الصفوية وانه يجب ان يكون هناك دعما عربيا واضحا وانه لا يمكن للعراق ان يعيش بعيدا عن محيطه العربي ...اقول لهؤلاء اين كان العرب عندما كان العراقيون يموتون جراء الحصار؟ لماذا تسابقت هذه الانظمة بدعم قوات الاحتلال لوجستيا كان او ماديا؟ لماذا قامت هذه الانظمة العربية بمحاربة النظام الشرعي في العراق قبل الاحتلال وقطعت علاقاتها معه؟ لماذا لم تمنع هذه الانظمة اساطيل وجيوش وطائرات المحتل من استخدام اراضيها واجوائها اثناء غزو العراق؟ وليكن بمعلوم القارئ الكريم ان الملايين من الاموال العراقية المسروقة من قبل لصوص المنطقة الخضراء يتم استثمارها في الامارات وباقي الدول العربية الاخرى.

 

أن المقصود بتعيين سفرء عرب لدى حكومة المرتزقة المعينة من قبل الاحتلال هو بمثابة ضربة في الظهر للمقاومة العراقية وان هذا الانفتاح الرسمي العربي على العراق المحتل هو في حقيقة الامر عبارة عن مصالح تخدم امريكا بالدرجة الاساس مقابل وعود ومغريات لهذه الدولة العربية او تلك من قبل امريكا وعليه اقول لكل من يؤيد ويبارك هذا الانفتاح الرسمي العربي من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او فليصمت فلم تقدم الانظمة الرسمية العربية اي شيء لخدمة قضية تحرير العراق لارتباطها الوثيق بمن يقتل شعبنا في العراق والان تقدم على توثيق العلاقات مع هؤلاء القتلة بارسال سفراءها الى قتلة الشعب العراقي وسراق ثروته.


نقطة اخيرة يجب التنويه بها وهي ان علينا ان نفرق بين النظام الرسمي العربي من جهة وبين الشعب العربي والضمير العربي من جهة ثانية فنحن نعلم بأن الضمير العربي حي ويعيش بداخل كل مواطن عربي ويشعر بمعاناة العراقيين ويكفي التذكير بان الشعب السوري على سبيل المثال بدا يعاني ازمة اقتصادية بسبب الغلاء المعيشي الناجم من لجوء اكثر من مليون عراقي الى سوريا وكذلك الحال في باقي الاقطار العربية مثل اليمن والاردن ومصر , كما انه يجب ان نعرف بان ما كان يقدمه المواطن العراقي من واجبات تجاه امته العربية كان سهل التحقيق لوجود نظام شرعي يحكم العراق مؤمن بواجباته تجاه القضايا العربية وكان يشجع ويحث المواطن العراقي تجاه واجباته القومية اما المواطن العربي في باقي الاقطار العربية فانه محكوم من قبل انظمة محكومة من قبل امريكا والغرب لا تابه بالقضايا العربية بل تمنع و تقمع كل نشاط من شانه ان ينصر القضايا العربية خصوصا النشاطات الداعية الى انهاء الاحتلال الامريكي للعراق او الداعمة للمقاومة العراقية الباسلة, لكن هذا لايبرر سكوت الشعب العربي تجاه ما يحدث للعراق ,اين هي منظمات المجتمع المدني العربي ؟

 

اين هو دور النقابات والمؤسسات المدنية العربية؟ لماذا هذا السكوت الغير مبرر من هذه الجهات تجاه ما يحدث في العراق؟ رأينا الملايين من شعوب العالم تتظاهر احتجاجا على غزو العراق لكن بالمقابل لم نرى من العرب شيئا من ذلك, هنا ياتي دور الجيوش العربية في التحرك فاين هي تلك الجيوش التي كانت في زمن مضى هي من يقوم بالثورات الشعبية وهي من تخلص الشعب العربي من الانظمة التي نصبها الاحتلال البريطاني , اين هو الجيش المصري الذي قام بثورة يوليو المجيدة واطاح بالنظام الملكي في مصر؟ هل تحولت هذه الجيوش العربية الى اداة لقمع الشعب العربي ولحماية الانطمة العربية العميلة والموالية لامريكا وللغرب؟ اليست هذه الجيوش هي من صلب الشعب العربي ومن ابناء هذا الشعب؟.


هي صرخة من كل مواطن عراقي مجروح ونداء استغاثة لهذه الجيوش بالتحرك والقيام بشئ ما ليعيد لهذه الامة كرامتها المسلوبة.

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الخميس / ١٢ شعبان ١٤٢۹ هـ

***

 الموافق ١٤ أب / ٢٠٠٨ م