الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

الآسير .... المشاكس .... المناضل

 

 

شبكة المنصور

نمير النمر

 

جميع الذين عرفوك يعرفون مشاكستك.


زملاؤك على مقاعد الدراسة يتذكرونك كعنصر صدام دائم مع اساتذتك .


طبعا المشاكسة الظريفة والصدام المحبب .


رغم هذه الشخصية المركبة الفريدة كان لك منزلة خاصة عند الجميع بين زملاء الدراسة وبين الاصدقاء والاهل.
الجميع في النهاية ينتظرون مساهمتك في النقاش الدائر . ينتظرون وجهة نظرك .. المميزة .. عكس التيار دائما .. أن مثابرتك الجدية في العمل النضالي العام هي نفسها في الجانب الخاص من حياتك فأنت الحبيب العاشق كما المناضل العنيد . علاقتك المتميزة بحبيبتك دائما كانت موضع همسات الاصدقاء لجهة الافراط بالتعبير .


ولكن الجميع يعرف ميزة الافراط عندك . طبعا أليس ذلك مصدره صدق الالتزام والمسؤولية ؟ أنك مثل جميع أبناء الفقراء المكافحين بعناد وشقاء ليكونوا أنفسهم كما يقال ،شغلتك هموم الحياة بضراوة .. كم كنت سعيدا بوظيفتك المتواضعة وكم من حذاء اتلفت وانت تنتقل من دائرة رسمية الى اخرى ، بهدف الحصول على قرض من وزارتك لشراء شقة زواجك ، وهموم الاثاث ، غرفة النوم ، غرفة الجلوس، الثلاجة ، الغسالة ، أدوات المطبخ ، واعداد لا تحصى من الاوراق التي تتلفها كل يوم لاجراء حسابات الكلفة ودائما على عجز .


كنت تعمل اثنتي عشر ساعة يوميا لايفاء الحد الادنى من المستلزمات المطلوبة وبعملين منفصلين متناقضين ، صباحا ترتدي بدلة أنيقة ومخنوقا بربطة العنق المزركشة ، وبعد الظهر تلبس ثياب عامل وتعمل في مطبخ لمطعم شعبي مشهور في المنطقة.


هذا الجانب من حياتك يعرفه الجميع ، ولكن ما يدهشني هو الجانب الاخر من عطائك الخفي الذي لا يعرفه حتى أقرب الناس اليك هو انك لم تخل أو تتباطأ في تنفيذ ومتابعة التزامك الوطني وخاصة بعد الاحتلال الامريكي البغيض لعراقنا الذي اضفى على شخصيتك لمحة من الحزن والتأثر مرفقة ببركان يتهيج في صدرك .


بعد يومين موعد زفافك ... في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل يطرق الباب بقوة ويصرخ احدهم (( أفتح ... الجيش الامريكي )) .


تفتح أمك الباب بوجه شاحب وأعصاب شبه منهارة:


سبعة جنود امريكان صهاينة مدججين بالسلاح ينتشرون بسرعة في أرجاء منزلكم الصغير دون مراعاة لاي أعتبار ، موقظين أخوتك وأبوك المريض عاملين على تجميعهم في أحدى الغرف وأمك واقفة كالخيال ، وكأنها لا ترى ما يجري عاجزة عن الكلام ، أخوتك يرتعدون من الخوف ، وأخوك الصغير يبكي .... أنتم معذورون .... أن أشكالهم كالحيوانات المسعورة .. أنهم قذارة الارض .


أقتادوا أبوك المتلعثم وأخوك الصامت معهم الى شقة زواجك حيث كنت تقيم في الايام الاخيرة في أطار انهماكك في تجهيز المنزل .


أدخلوا أبوك لايقاظك ...مهلة خمس دقائق لارتداء ملابسك ... وأقتادوك معهم الى سجن المطار سئ السيط ، بعد أن عصبوا عينيك وقيدوا يديك لتبدأ معهم مرحلة من مراحل التماس المباشر مع العدو .


لم يكن أحد الاصدقاء يدري أن لمشاكستك وعنادك هذين ضرورة وأهمية كما كانا أثناء جلسات التحقيق معك ، حيث أفقدت المحقق أعصابه أكثر من مرة وحولت جلسات التحقيق الى جلسات من الصراخ والعراك والتوتر .
أنهالو عليك بالضرب عندما رفضت الركوع أمام المحقق فلم يزدك الضرب والتعذيب الا عنادا وصلابة . لم يخف عداءك لهم ولا التزامك الوطني ولا نضالك من اجل اخراجهم من جنوبنا الحبيب ومن شمالنا الغالي ومن عراقنا الشامخ ، أنهم يرون نهايتهم بعنادك وثباتك ،


عندما علمت خطيبتك بأنك نقلت الى معتقل المنسين معتقل " بوكا " كان بقربها أحد الاصدقاء الذي حاول التخفيف عنها . نظرت اليه بحدة وقالت : أن هذا الخبر هو موضع اعتزاز وفخر لي .
أجل أنه موضع اعتزاز وفخر لك ولنا وللوطن .


عـــاش العـــراق
عــاشــــت جبهــــة المقاومـــة الوطنيـــة الابيــــة
تحية اجـــلال وأكبار للصامدين الثابتين خلف القضبان
والحريــــــة لمعتقلينا ومعتقلاتنا في سجون الاحتلال الامريكي البغيض

 

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الجمعة / ٠٥ رمضــان ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٠٥ / أيلول / ٢٠٠٨ م