الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

ذكرى الرد -  موقف الولايات المتحدة الأمريكية

﴿ الحلقة الثالثة

 

 

شبكة المنصور

زامـــل عـبــد

 

في أواخر  شهر كانون أول من عام 1978 عقد رؤساء الدول والحكومات الغربية الكبرى مؤتمرا" في  جزيرة  غواد يلوب وهي جزيرة  صغيرة  في البحر الكاريبي ناقشوا فيه مفصلا الأوضاع الإيرانية المضطربة وشارك فيه الرئيس الأمريكي كارتر والفرنسي ديستان ورئيس الوزراء البريطاني كالا هان  والألماني شميدت  وقد لخص وزير الخارجية الامريكيه في حينه  نتائج المؤتمر  بالاتي (  أن على الشاه  أن  يغادر إيران  ) والسفير الأمريكي في طهران  وليم سوليفان أشار بوضوح تام بكتابه تحت عنوان مهمة إلى إيران  الأتي  (   بان  زعماء الغرب توصلوا في مؤتمر غواد يلوب إلى قرار يقضي بالمحافظة على المصالح الوطنية  للغرب في إيران والخليج العربي واتخاذ الإجراءات اللازمة بصدد ذلك بما في ذلك قرار بعدم قدرة الشاه على الاستمرار في حكم بلاده   ) ،  وصحيفة واشنطن بوست كتبت بعددها الصادر يوم 13 كانون ثاني 1980  مقالا جاء فية (  إن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية اتخذت قرارها منذ ربيع عام 1977  بعدم إنقاذ نظام الشاه ، وان الجيش الأمريكي كان قد جمع معلومات شاملة عن  إيران استخلص منها إن الشاه  يجب أن  يتقوض حكمه  في  آذار 1978  )  وهذه إشارات واضحة تدلل على القرار الأمريكي  القاضي  بمعاقبة الشاه لخروجه عن الطاعة وتوقيعه اتفاقية الجزائرعام 1975  والتي بموجبها انهار الجيب العميل في  شمال العراق الذي  كان حصان طروادة  من اجل  إعاقة  أية متغيرات  تخدم  التوجهات القومية للقيادة العراقية  المتعارضة أساسا مع المصالح  الوطنية الغربية  في الوطن العربي لما تمثله من استغلال وتبني للأطماع الصهيونية   ،  وتنفيذ نظرية الاحتواء للخطر الشيوعي والنضج القومي المتمثل  بالواقع  السياسي الجديد  المتحقق على الساحة العراقية  تعبيرا"عن الغاية السامية التي يناضل  حزب البعث العربي الاشتراكي من اجل  تحقيقها  بالمشروع القومي النهضوي  والتي  فشل  تنفيذها  بالعراق على اثر أحداث  خان النصف  فيما  بين  النجف وكربلاء عام 1977 نتيجة الرد السريع الذي مارسته قيادة الحزب والثورة وقبر المؤامرة بمهدها وعندما كان الشاه على فراش الموت في جمهورية مصر العربية – مستشفى المعادي سأله مراسل صحيفة نيوزويك لماذا غادرت  إيران ؟  فكان جواب ه دقيقا تحيط به مرارة التخلي عنه رغم  خدماته  الجليلة  للغرب حيث قال  (  غادرت  إيران  بعد أن تيقنت إن الأمريكان تحالفوا مع  خميني لشن هجوما إستراتيجيا  ضد  الشيوعية في المنطقة  ) وهنا يقصد الشاه   الاتحاد السوفيتي في حينه   ،  كما تضمنت مذكرات الشاه الأتي (   إن السفيرين الأمريكي والبريطاني المعتمدين دأبا في أواخر أيام حكمه وفي خضم الأحداث التي عصفت بإيران على  الاستفسار منه مباشرة عن موعد مغادرته لبلاده وان أي منهما لم يعرض علية مساعدة لإنقاذ   الموقف بل إن الحلفاء  أرسلوا بدلا من ذلك الفريق الأول هويزر القائد العام لقوات حلف شمال  الأطلسي في أوربا  ولم يكن يعلم بطبيعة مهمته  ولم يقابله سوى لمرة واحده وقد تبين له فيما  بعد إن مهمته الاساسيه  كانت  تنصب على  تحيد  الجيش الإيراني  وتهيأت التدابير اللازمة  لإخراجي من إيران  )  وهذا توكيد لما  ذهبنا إليه في الحلقتين السابقتين من أن المتغيرالإيراني الهدف الأساس له محاصرة الأمة العربية وعدم تمكينها من تحقيق برنامجها النهضوي الذي يمثله البرنامج العراقي ومن هنا من أولا الشعارات التي رفعها خميني  ( تصدير الثورة )  كان المستهدف  فيه العراق ونظامه القومي الوطني وان اندلاع الحرب المفروضة على العراق  من إيران الشر والحقد والكراهية لأتخرج عن تهيئة الظروف التي تسمح  لأمريكا التواجد في  المنطقة لتحقيق هدفها  الستراتيجي  بحرمان الاتحاد السوفيتي من التقرب إلى المياه الدافئة  وبما يعزز تامين عمليات التصدي الأمريكي  للاتحاد السوفيتي في المنطقة  ، 

 

إضافة إلى  تامين إمدادات النفط العربي إلى أمريكا  والغرب ومن هنا بدأت التصريحات الامريكيه تظهر بالمباشر  فأعلن كالسبر واينبرغر أمام لجنة الدفاع والشؤون الخارجية التابعة للكونكرس في  آذار 1981  بان الحاجة باتت ملحة لاحتفاظ الولايات المتحدة الأمريكية بتواجد دائم لقواتها  في مناطق النفط وحول طريق  مواصلاتها  وأصدرت رئاسة  الأركان  الامريكيه  في عام 1982 بيان خاص تضمن الإعلان عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان حصول الولايات المتحدة  الأمريكية وحلفائها دون انقطاع على البترول من دول الخليج ان الولايات المتحدة الامريكية تسعى جاهدة نحو اضعاف شعوب المنطقة وقدراتها على حساب تعزيز قدرة الكيان الصهيوني الاستيطاني في فلسطين الذي رسم ويرسم له الأمريكان دورا  إستراتيجيا  في المنطقة ومن أولى ما ذهب إليه النظام الإيراني هو تأجيج الطائفية واعتمادها للصراع مع الإرادة القومية التي يمثلها النظام الثوري في العراق وهذا ينصب كليا في خدمة المصالح الامبريالية الصهيونية في المنطقة ،  وان ما حصل  في العراق على اثر الغزو والاحتلال لم يكن بعيدا عن الآليات التي تم العمل على إذكائها في الحرب المفروضة على العراق فما يسمى بالعملية السياسية قامت على المحاصصة الطائفية والتعصبية ومن هنا فان أقوى قوة عربية بحسابات الجهد القتالي والاقتصادي تم نخرها أولا وصولا للتقسيم والتشرذم  وهذه هي القاعدة الأساسية في نظرية الشرق الأوسط الجديد التي بشرت بها أمريكا حال احتلالها العراق وهنا اجابة على سؤال احتمالي ماهو الدليل على هذا الترابط  ؟

 

أقول ان النظام القومي الوطني  العراقي في ضوء الحسابات الأمريكية هو نظام راديكالي قاد عملية التصدي العربي  لاتفاقية  كامب ديفد  وهو  بالتالي  يشكل  الخطر على  المخططات الأمريكية الصهيونية بحكم توجهاته القومية وموقفه الثابت من الصراع  العربي الصهيوني ووقوفه بصلابة أمام كافة أشكال التغلغل الأجنبي في المحيط العربي وسعيه الدؤب إلى  إيجاد التوازن الإقليمي الذي يحفظ للأمة العربية حقوقها ومصالحها وامتلاك القدرة على منازلة أعدائها  ،  كما ساهمت الإدارة  الأمريكية على إيجاد  نوع من التخلخل في الصف العربي من خلال اصطفاف بعض الحكومات العربية مع المعتدي الإيراني أو اتخاذ  موقف المتفرج  لدى البعض الأخر  كي يتم التأسيس لاحقا لفعل يراد منه تدمير  النضج القومي  وتدمير كامل لقاعدته  العراق  .

 

يتبع في الحلقة الرابعة

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاحد  / ٢١ رمضــان ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٢١ / أيلول / ٢٠٠٨ م