بعد حرب الخطب والتهديدات اللفظية ..
بوش يفتح بعثة دبلوماسية اميركية في طهران

 

 

شبكة المنصور

د. عبد الله الغني

 

قال تقرير لمجموعة صحف مكلاجي الاميركية مساء اليوم الخميس ان الرئيس الاميركي جورج دبليو بوش يعتزم فتح بعثة دبلوماسية اميركية في طهران قريبا. ونسبت المجموعة لمسؤولين كبار في ادارة بوش ان بوش سيعلن في منتصف شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل عن فتح شعبة لرعاية المصالح الاميركية لاول مرة منذ عام 1979 1980 عندما قطع الرئيس كارتر العلاقات الدبلوماسية اثر احتجاز اتباع خميني اعضاء السفارة الاميركية رهائن بضعة شهور. واضافت المجموعة الصحفية الاميركية ان الادارة الاميركية ابلغت الجكومة الايرانية بنيتها هذه ، وان الرئيس الايراني قال ان بلاده ستدرس المقترح الاميركي . كما اشارت الى ان الادارة الاميركية تبحث الآن عن دبلوماسي اميركي ليرأس هذه البعثة التي تقل درجة عن السفارة الكاملة .


وتأتي هذه الخطوة بعد حرب من الخطابات والكلمات التي دامت طيلة السنوات الثلاث الاخيرة وهدد فيها كل طرف الطرف الآخر في سياق تنافسهما المحموم على اقتسام كنوز العراق الستراتيجية والاقتصادية بعد ان تشاركا في غزوه واحتلاله. وقد اوهمت هذه الحرب المسرحية الكثير من الناس الذين صدقواالزبد (بفتح الباء) الايراني والاميركي بان ادارة بوش مصممة على ضرب ايران وعلى ضرب ركائزها في العراق التي كانت هي التي ادخلتها ووظفتها في تركيز سلطتها الاستعمارية الاحتلالية المهزوزة.


وكانت العلاقات الدبلوماسية قد قطعت اثر عملية الاحتجاز التي وصفها اول رئيس للجمهورية الايرانية السيد ابو الحسن بني صدر (*) بانها صفقة أتفق عليها خميني في باريس قبل تسلمه الحكم في طهران مع مبعوثين من الحزب الجمهوري الاميركي تقضي باحتجاز اعضاء السفارة الاميركية لاحراج الرئيس الديموقراطي كارتر واظهار عجزه وافشال حزبه الديموقراطي في الانتخابات الرئاسية، مقابل قيام الجمهوريين في حالة فوزهم بالرئاسة بتوفير السلاح ومساعدة جماعة خميني في استرداد اموال الشاه.


ويشير المحللون المراقبون للعلاقات الايرانية الاميركية ان عملية غزو العراق واحتلاله وتدميره كانت المسرح الذي قرب بين الطرفين كثيرا وفتح الابواب على مصراعيها بين البلدين للاشتراك في ادارة عملية الاحتلال والحرب على الشعب العراقي ومقاومته الوطنية ، خصوصا بعد نجاح الطرفين في التعاون في غزو واحتلال افغانستان. وكان السيد محمد ابطحي نائب الرئيس محمد خاتمي للشؤون القانونية قد تكلم بصراحة عن هذا التعاون في ندوة مركز دراسات الخليج في ابوظبي في كانون الثاني/ يناير من عام 2004 بقوله :" لولا ايران لما كانت اميركا الآن في كابول وبغداد" . وقد أيد الرئيس خاتمي قول نائبه في تصريح لاحق بعد بضعة اشهر عندما اشار الى ما اسماه الدور الايجابي لايران في التطورات التي جرت في افغانستان والعراق. وقد تمثل هذا "لدور الايجابي" الايراني في افغانستان في قيام الحرس الثوري الايراني بادخال ألالوف من افراده للقتال الى جانب مقاتلي الهزارا وهي الاقلية الافغانية من اصل ايراني ضد حكم طالبان وذلك للقيام بالعمليات الارضية المنسقة مع الحرب الجوية التي بدأتها الطائرات الاميركية لغزو افغانستان واحتلالها في اواخر عام 2001 .

 

وشارك ممثلو هذه الاقلية الايرانية في مؤتمر روما وفي كل الاتصالات التي قامت بتوليد النظام العميل نظام كرزاي في افغانستان. وكانت ايران اول دولة تعترف بالنظام العميل الذي اقامه الاحتلال الاميركي وتفتتح سفارة لها في كابول للتواصل معه. وامتدادا لهذا الدور "الايجابي" اعلن ناطق باسم وزارة الخارجية الايرانية مؤخرا رفض ايران لدعوة حكومة افغانستان العميلة للتفاوض مع حركة طالبان التي تقود المقاومة ضد الاحتلال الاميركي الاطلسي. وطالبت ايران بدلا من ذلك بتنسيق ايراني باكستاني لحل المشكلة الافغانية وذلك امعانا في تجاهل المقاومة الوطنية الاسلامية الافغانية ، تماما كما فعلت في العراق عندما بدأت مفاوضات مع الاميركيين حول الوضع في العراق وفق منطق استعماري لايرى في العراق سوى بلد خاضع لنفوذ ها ونفوذ اميركا.


وكان التعاون الايراني الاميركي ضد العراق قد سبق الغزو بعدة سنوات .فقد اشارت مصادر اميركية الى ان ايران كانت تلفق التقارير الكاذبة عن اسلحة العراق وتسلمها لعميل المخابرات الاميركية والموساد واللص المعروف احمد الجلبي ليقوم بايصالها للمخابرات الاميركية لكي تسربها للصحافة ولكي تستخدمها ادارة بوش في تعبئة الرأي العام الاميركي والغربي باتجاه الحرب على العراق. وشاركت ايران في كل التمهيدات للغزو والاحتلال مشاركة فعلية عبر ممثليها محمد باقر الحكيم واخيه عبد العزيز الحكيم الضابطان في حرس الثورة الايراني اللذين توليا قيادة مليشيا بدر التي شكلتها ايران للاعمال التخريبية ضد العراق ، وممثلهما في اوربا الايراني طاهر اصفهاني الملقب "حامد البياتي" والذي يشغل الآن منصب سفير حكومة عملاء الاحتلال في الامم المتحدة.


وكان المفكر الكويتي عبد الله النفيسي قد اعلن في حديث لقناة الجزيرة ان ايران ارسلت فيلق بدر التابع للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق والذي انشأته في عام 1981 من العراقيين من اصل ايراني ومن اعضاء المجلس بقيادة وتمويل وتدريب وتسليح ايراني الى داخل العراق مع دخول القوات الغازية الاميركية والبريطانية والحليفة من الكويت الى محافظة البصرة في العشرين من آذار/ مارس 2003 . وقامت وحدات الفيلق بحماية مؤخرة القوات الاميركية والبريطانية ومسك الارض ومحاربة السكان والمقاومة العراقية وتسلمت مهمات السيطرة على المدن الجنوبية والوسطى نيابة عن قوات الاحتلال الاميركية.


اما دور ايران في اسناد الاحتلال الاميركي في العراق فهومعروف للعراقيين والعرب ويكفي للتدليل عليه باختصار الاشارة الى تولي اتباع ايران ادارة السلطة المدنيةوالهيئات العسكرية والامنية التي اقامها ، اضافة الى تولي مليشياتها ذات الملابس والالسنة العراقية و اجهزتها الاستخبارية والعسكرية وهياكلها الدينية مهمة حماية قوات الاحتلال والتصفية الجسدية الممنهجة للقيادات العسكرية والشرعية الوطنية وملاحقة ابطال المقاومة الوطنية والاسلامية ومناضلي حزب البعث وحياكة وافتعال الفتن الطائفية والعنصرية .


وقد نفى المفكر السياسي الستراتيجي اليهودي الاميركي هنري كيسنجر عراب المحافظين وجود اية خلافات بين اميركا ايران حول سياسات ايران في العراق او في الخليج او ازاء العرب والافغان . وقال ا في تصريح يوم 26/5/2007 :" أرى أنه ليس هناك صراع قومي بين الولايات المتحدة وإيران. وليس لدى البيت الأبيض أي شيء ضد إيران قوية ومزدهرة. لكنه يعارض بالفعل أن يقوم بلد ما بمحاولة السيطرة على منطقة الشرق الأوسط ، سواء كانت إيران أو أي دولة أخرى. ما أريد قوله هو اننا لسنا ضد البرنامج النووي الإيراني لأنه يعود لإيران، بل لأنه برنامج نووي" .

 

Bush intends to establish U.S. diplomatic outpost in Iran

By Warren P. Strobel,

McClatchy Newspapers,

 Top of Form

WASHINGTON — The Bush administration will announce in mid-November, after the presidential election, that it intends to establish the first U.S. diplomatic presence in Iran since the 1979-81 hostage crisis, according to senior Bush administration officials. The proposal for an "interests section," which falls short of a full U.S. Embassy , has been conveyed in private diplomatic messages to Tehran , and a search is under way to choose the American diplomat who'd head the post, the officials said. They spoke on condition of anonymity because the step hasn't been announced and discussions of it have been limited to a small circle of government officials. It's not known how Iran has responded. Iranian President Mahmoud Ahmadinejad said last month that he'd consider the idea, which first surfaced over the summer.The U.S. had close ties to Iran's late shah, who was overthrown in 1979.

 

(*) ننشر في ادناه نص مقابلة السيد ابو الحسن بني صدر اول رئيس لجمهورية ايران بعد اسقاط الشاه والتي يوضح فيها الكثير من الحقائق عن خفايا علاقات جمهورية ايران الاسلامية بتوجيه من  خميني   مع كل من  اميركا و واسرائيل ، و التي حاولت اجهزة ايران الدعائية والاستخبارية  واتباعها من الصفويين العرب التغطية عليها لتضليل وخداع الجمهور العربي والاسلامي:

 

أبو الحسن بني صدر يكشف أسرار الخميني

 

السلام على من أتبع الهدى

لقد قامت قناة الجزيرة بعمل لقاء مع د. أبو الحسن بني صدر الرئيس الأيراني الأسبق ونضعه بين أيديكم أيه الأخوة وليقرأه من كان الأمام الخميني إمامه لكي يعرف الخميني على حقيقته ويعرف من هم الأئمة الذي يقدمون لهم الولاء الأعمى بدون تفكر ولا تدبر عجباً؟؟!!! :-

سأل المراسل كيف وجدت شخصية الخميني فأجاب بني صدر: وجدت نفسي أمام شخص غريب لا يعطي رأيه ، يؤمىء بالإيجاب أو النفي فقط.

 

تأخر الخميني عن الثورة وليس هو صانعها

 

تقول: في إحدى مقابلاتك أن الإمام الخميني جاء إلى الثورة متأخرا بل أنه لم يكن مشجعا لها إلا بعد أن حصلت أحداث قم ، فهل فعلا جاء الخميني متأخرا؟

بني صدر: لقد كانت ايران يومها في غليان ، وهو لم يصدق ذلك ، لقد أرسلتُ له عدة رسائل، واتصلت به حتى هاتفيا وقد كان مترددا دائما وينتظر، ولما تأكد أن الشعب الإيراني قد هب للثورة تحرك عندها ، إذ لم يأت قرار الثورة من خميني بل أتى من الشعب وهو لم يكن طوال حياته صاحب مبادرة ولكنه رجل ردود فعل ، بعدها استوعبت ما حدث معنا في النجف وفهمت معنى صمته.

 

سؤال : حين تقول هو تأخر عن الثورة وليس هو صانعها ، إذا لماذا تمسكتم به؟ ، هل لأنه يمثل طبقة أو شريحة اجتماعية كبيرة في إيران أو أنه يمثل الرغبة الدينية في إيران؟.

بني صدر: كنا بحاجة إلى الخميني لسببين بسيطين ، لأنه رجل دين له تأثيره الكبير في إيران ، ثانيا لأن حركة الشعب الإيراني يومها كانت بدون عنف ، كانت كالزهرة في مواجهة البندقية ، إذاً فالخميني كان يمثل القيادة الروحية لإيصال الشعب الإيراني إلى الانتصار.

 

سؤال : إذاً أنتم في البداية حاولتم استخدام الخميني ثم عاد الخميني واستخدمكم كمثقفين إيرانيين.

ج : لا لا، نحن لم نستخدم الخميني ولا هو استخدمنا، كنا بصدد بلورة وجهة نظر جديدة للإسلام ، هذا هو المهم.معه؟- نعم معه، وهنا تكمن أهمية عملنا ، إن المسلمين في كافة أنحاء العالم الإسلامي لا يثقون بالمثقفين ويعتقدون أنهم يبتدعون أي شئ ، كانت ثقتهم عمياء في رجال الدين ، هذا هو الذي قلب الأوضاع في إيران، إن كل هذه الدكتاتوريات الحاصلة اليوم إلى زوال والباقي هوالاسلام، والإسلام يحث المسلمين على التغيير.اليوم في إيران لا أحد يخاف من التغيير ، إذاً لم نستغل الخميني وهو لم يقم باستغلالنا وكل ما في الأمر في إيران ، أن الخميني كان تواقا للسلطة وسعى للوصول إليها مع كل أولئك العاملين لأجلها.

 

سؤال : سيادة الرئيس دائما تستخدم عبارة كان خائفا ، هل فعلا كان الخميني يخاف ؟ وهل لديك دلائل فعلا أنه كان يخاف؟

ج : يوميا تقريبا كان يأتي إلىَ أحمد يسألني: بتقديراتكم هل يرحل الشاه ؟ وهل أنتم واثقون من ذلك؟

 

سؤال : كان يتردد في الذهاب إلى إيران وتلقف الثورة.

ج : كان خائفا من ذلك ، افتراضا لو توقف الشعب الايراني ماذا سيكون مصيره، لا شئ ، نتيجة لتردده هذا قمت بتحضير لائحة من الأسئلة والأجوبة ، قلت له فيها أن هذه اللائحة سوف تساعدك في حال بقيت في المنفى أو عدت منتصرا إلى إيران ، طلبت منه أن يقرأها جيدا ويجيب عليها لنستطيع فهم مقصده.

 

سؤال : ما هي أبرز هذه الاسئلة؟

ج : بعض الأسئلة كانت تتعلق بالإسلام والسلطة ، الإسلام والعنصرية والإسلام والعنف، الأجوبة كانت أن لا تدخل لرجال الدين في أعمال السلطة، وأن التعددية السياسية ضرورية، وأن الدولة الإسلامية المنشودة ستكون ديمقراطية يحكمها الشعب، أي ولاية الجمهور وهي تختلف عن المفهوم السياسي في الغرب ، والسيادة هنا تعني الحاكمية أي السلطة، فالولاية تعني الصداقة ، صداقة الشخص مع الآخر واستشارته له.

 

سؤال : بعد ذلك ذهبتم الى ايران وترشحت للرئاسة وطلبت من الإمام الخميني ان لا يدعمك، وأن يبقى محايدا في المعركة الرئاسية، ثم تحدثت عن الانقلاب من طرف الخميني عليك وعلى الافكار التي نادى بها في باريس ، ما هي أسباب هذا الانقلاب ولماذا طلبت منه أن يبقى محايداً.

ج : لقد طلبت منه أن يكون حياديا بيني وبين الآخرين، ولكنه بعد تسلمه للسلطة مباشرة بدأ بخرق الدستور ، أخذ إقرارا بتعيين رئيس ومدعٍ عام لمحكمة التمييز العليا وللمجلس الاعلى للقضاء كان هذا هوأول خرق للدستور، وبعدها وفي خطب الجمعة شجع رجال الدين على تزوير الانتخابات للوصول إلى البرلمان، وذهبت اليه وقلت له: إن هذا الأمر مرفوض ، أجابني أن لا كلمة للشعب ، الكلمة لرجال الدين ، هذا للاشياء الظاهرية ، لماذا إذاً الاقتراع في موضوع الرهائن وفي موضوع الحريات.

 

سؤال : لكنه لم يمنعك أن تصبح رئيسا؟

ج : بالنسبة للشعب لم يستطع ذلك ولم يستطع الادعاء أني ضد الثورة لأنه يتناقض مع كلامه بأنني كنت مفكر الثورة ، لم يستطع تكذيب نفسه أمام الرأي العام وكان مستحيلا عليه، ولم يكن بإمكان الخميني التبرير أو التوضيح.

 

سؤال : ولذا قلت سيادة الرئيس أنه كان يستخدمك؟

ج : لا، لا ، كان يعلم أني لا أحب الخضوع.

 

سؤال : إذاً كان يريدك رئيسا صوريا.

ج- نعم كان ذلك في نيته لكنني لم أكن الرئيس الذي يريد .

 

سؤال : سيادة الرئيس في مراحل معينة نلاحظ أنك كنت تتجابه مع الخميني بالرغم من أنه قد منع اللقاء بك ورفض اللقاء.

 

 بدايات العلاقة مع الشيطان الأكبر

 

ج- آخر مرة التقيت به قبل ثلاثة أيام من الانقلاب ضدي في بيته، كان لائقا بالاستقبال يومها، وقد تحدثنا في مواضيع الساعة، ودخل عنده أحمد فجأة وقال: عندي سيئات ، قلت: كل إنسان عنده سيئات فماذا تقصد، قال : إنكم تلحون كثيرا ولا تتراجعون ، تتكلمون كثيرا عن تعامل بعض المسؤولين الإسلاميين مع الأمريكيين وانهم يعدون تسوية سرية معهم وتكررونها دائماً، إن المسألة قد انتهت الآن وعاد الرهائن إلى بلادهم فعليكم أن تتعاونوا مع هؤلاء المسؤولين، إن الإمام يطلب منكم ذلك، عندها وجهت حديثي إلى الخميني وقلت له أذاك صحيح ألستم القائلين أن أمريكا هي الشيطان الأكبر وأن الاستقلال هو الأساس، فكيف تطلبون مني التعامل مع هؤلاء الناس الذين تآمروا وعملوا مع الشيطان الأكبر ، عندها خرجت من بيته ودون ان أسمع كلمة واحدة، ولا كلمة، كان ينظر ولا يتكلم، تحدثت في وجهه وقلت في نفسي هذا هو أمامي لا مجال أبداً للشك.

 

سؤال : إذن تقول في كتاباتك السابقة أن الخميني انتظر ما يقارب التسعة أشهر قبل أن يأخذ موقفا حاسما من الأمريكيين ، هل كان يعلق أهمية على العلاقة المقبلة معهم أم كان هناك اتصالات شبه سرية بين الولايات المتحدة والخميني؟

ج- لم تكن هناك علاقات مشينة بل كان هناك اتفاقات!!!

 

سؤال : كيف ؟

ج- جاء موفدون من البيت الأبيض إلى "توغل لوشاتو" في فرنسا واستقبلهم آنذاك ابراهيم يزدي الذي كان وزيرا للخارجية لحكومة بازركان في طهران عقد اجتماع ضم مهدي بازركان الذي أصبح رئيسا للوزراء وموسوي أردبيلي أحد الملالي الذي أصبح بدوره رئيسا لمجلس القضاء الأعلى ، خرج المجتمعون باتفاق يقضي أن يتحالف رجال الدين والجيش على إقامة نظام سياسي مستقر في طهران.

ثم يعرض فلما عن اول مؤتمر صحفي عقد بعد انتخابه للرئاسة وقد منع عرضه في طهران ويعرض البرنامج صورة مستشار سياسي شاب،وكان يعرف كثيرا عن علاقات الآيات والملالي بالمخابرات الامريكية ثم اغتيل هذا الشاب. علاقات الملالي والأمريكيين السرية؟ نعم .. نعم كان هناك لقاءات كثيرة أشهرها لقاء اكتوبر الذي جرى في ضواحي باريس ووقعت فيه اتفاقات بين جماعة ريغان وبوش وجماعة الخميني.

 

سؤال : هل لديك وثائق حول هذا الموضوع؟

ج- إذن لماذا أنا هنا؟ أنا هنا لأنني رفضت هذه الاتفاقات ، الخميني حاول إقناعي بجدوى التعاون مع الأمريكيين ولكني رفضت ذلك ، لماذا ؟ لأننا شاركنا بالثورة طلبا للاستقلال وليس للتبعية كما كان الحال في زمن الشاه ، لقد شاركنا بالثورة من أجل حريتنا واستقلالنا وازدهار بلادنا.


مخطط أمريكا في مسرحية الرهائن

 

سؤال : السيد الرئيس في موضوع الرهائن الأمريكيين في السفارة الأمريكية في إيران تقول إن الخميني لم يأخذ الأمر بأخذ الرهائن وأنت قمت بضد كل هذه العملية من أخذ أمر اعتقال الرهائن ومتى تدخل الخميني بالضبط لهذه العملية.

ج- إن الدراسات الأمريكية تؤكد أن موضوع خطف الرهائن مسرحية أمريكية نفذت في إيران ولم يكتشف بعد الشخص الذي نفذت من خلاله العملية.

 

سؤال : إذاً تعتقد أن خطف الرهائن في السفارة الأمريكية كان مشروعا أمريكيا ؟.

ج- نعم ، نعم كان مشروعا أمريكيا ، حتى أن الحرب كانت مخططاً أمريكياً، قلت يومها أن أمريكا شجعت صدام على ضرب إيران . وكشفت يومها عن زيارة السفير السعودي في الأمم المتحدة للسفير الأمريكي في بغداد لتشجيعه على ضربنا.

 

سؤال : تقول أن قضية الرهائن كانت مخططاً أمريكيا هل لديك بعض المعلومات التي لم تنشر وماذا حصل بينك وبين الخميني من الأحاديث.

ج- بيني وبين الخميني كان يحصل أشياء كثيرة، بعد خطف الرهائن مباشرة ذهبت إلى لقاء الخميني وانتقدته على هذا التصرف السئ، وقلت له: كيف باستطاعتكم القول بأن خطف بعض الأمريكيين كرهائن هو عمل أكبر من ثورة الشعب ، وقلت له أيضاً: ليس من الشجاعة أخذ سفارة في بلدكم وأخذ الأمريكيين كرهائن، الحجة كانت يومها احتجازهم بضعة أيام وعندما تسلمون شاه إيران نسلمكم الرهائن، كان هذا الاتفاق مع الأمريكيين ، وقبلت ذلك يومها والتقيت بوزير الخارجية يومها لذلك السبب ، كانت هذه الحجة وكان هناك الكثير من ردود الفعل، وبعدما أصبحت رئيسا جاءني أحدهم لزيارتي وأعطاني شريطا مسجلا ، كان السيد بهشتي يتكلم مع المقربين له في الفلم والقصة أن عملية الرهائن كانت موجهة ضد الرئيس بني صدر وضد الرئيس كارتر، ذهبت لاطلاع الخميني على ذلك وأخبرته عن قصة رئيس مجلس القضاء الأعلى الذي عينه وقد كان على حق بأن تصفية الرهائن كانت لتقوية سلطة رجال الدين أكثر فأكثر لهذا السبب استخدموا الرهائن.

 

سؤال : من جهة تقول أن الأمريكيين هم رواد القضية ومن جهة تقول من أجل أن تعزز وضع الملالي في إيران.

ج- نعم حصل ذلك لأجل خدمة مصالح الفريقين لخدمة الملالي في إيران، وأيضا لخدمة الجمهوريين في أمريكا الذين كانوا يريدون تغيير نفسية الأمريكيين الذين استكانوا للسلام بعد حرب فيتنام، حتى أنهم عادوا إلى عزلتهم المعروفة، لهذا كان يجب إيقاظ الروح العدائية عندهم باستغلال موضوع الرهائن، والنتيجة كانت وصول الجمهوريين إلى السلطة، وقيل كثيرًا أن الخطة كانت من إعداد هنري كسنجر والسيد روكفيلر ولم تكن بالتأكيد من إعداد الطلبة الثوار ، لم نجد طالبا واحداً يحدثنا عن مخطط العملية حتى الآن لا نعرف في إيران حتى اليوم من الذي خطط لعملية الرهائن.

 

سؤال : تحليلك الشخصي؟

ج- تحليلي أن الخطة لم تكن خطة إيرانية بل كانت خطة خارجية أمريكية.

 

س- حين تقول ذلك سيادة الرئيس هل لديك معطيات ثابتة.

ج- بالتأكيد ، مثلا الأول: كان رضا بسنديدة ابن أخ الخميني جاء إلى مدريد ثم عاد إلى إيران، وطلب مقابلتي وقال إنه كان في مدريد، وطلب الأمريكان لقاءه، أعطوه اقتراحات جماعة ريغن وبوش، وقال لي: إذا قبلتها سوف يلبي ريغان جميع طلبات إيران عندما يصل إلى السلطة، وهددني إذا رفضتها بالتعامل مع خصومي السياسيين .

هل تتصورون أن ابن أخ الخميني يخرج من إيران دون إذن عمه، لم يقل إنه خرج من إيران للقائهم ، قلت ربما كان في زيارة لأوربا وبعدها قرأنا في الكتاب أنه كان مدعواً لذلك.

ثانيا:كان لدي أحد المعاونين في ألمانيا اتصل به جماعة من حلف ريغان وبوش وعرضت عليه نفس الاقتراحات ، ثالثا: العراق كان قد بدأ حربه معنا، وكنا بحاجة إلى ماذا ، كنا بحاجة إلى قطع الغيار وإلى الذخيرة والسلاح ، السيد رفسنجاني جاءني –رئيس البرلمان- يومها والسيد رجائي عقدا اجتماعا وأكدا أننا لسنا بحاجة إلى الأسلحة الأمريكية، كنا حينها بحاجة إلى كل شئ، إلا أن الرهائن بقوا في حينها في ضيافتنا حتى موعد الانتخابات الأمريكية، كتبت حينها رسالة إلى الخميني لإطلاعه على هذه المعلومات، وبعد هذه التصريحات عقد اجتماع بين جماعة ريغان بوش وجماعة الخميني ، كان ذلك في باريس وكان هناك اتفاق ، وفي مذكراتي اليومية أدون ذلك ليكون الشعب على اطلاع ، بعدها كتبت للخميني لإطلاعه على هذه المعلومات، ولم أكن أصدق أنه على علم بذلك، كنت أظن أنه خارج اللعبة ، إذاً كيف تفسرون إطلاقه الرهائن عشية أداء الرئيس ريغان لليمين الدستوري؟!

 

سؤال : تحدثنا عن موضوع الحرب الإيرانية العراقية ومررت إلى إسرائيل ، هل كنت على علم بوجود علاقات معينة مع إسرائيل لأجل الحصول على السلاح؟

ج- في المجلس العسكري أعلمنا وزير الدفاع أننا بصدد شراء سلاح من اسرائيل ، عجبنا كيف يفعل ذلك ، قلت: من سمح لك بذلك ، قال: الإمام الخميني ، قلت هذا مستحيل !

قال : أنا لا أجرؤ على عمل ذلك لوحدي. سارعت للقاء الخميني وسألته: هل سمحت بذلك ؟ قال : نعم إن الإسلام يسمح بذلك ، وإن الحرب هي الحرب ، صعقت لذلك ، صحيح أن الحرب هي الحرب، ولكنني أعتقد أن حربنا نظيفة، والجهاد هو أن نقنع الآخرين بوقف الحرب والتوق إلى السلام، نعم هذا الذي يجب عمله وليس الذهاب إلى اسرئيل وشراء السلاح منها لحرب العرب ، لا لن أرضى بذلك أبداً ، حينها قال لي : إنك ضد الحرب، وكان عليك أن تقودها لأنك في موقع الرئاسة.


التعامل مع إسرائيل في الحرب ضد العراق

 

س- السيد الرئيس السؤال فعلا محرج ، كيف أن الخميني الذي قاد كل هذه الثورة الإسلامية، ووضع القدس واستعادتها وحماية فلسطين في أولوياته كيف يمكن أن يشتري السلاح من اسرائيل؟! حين نسمع منك هذا الكلام لا نستطيع أن نصدق شيئا مماثلاً.

ج- حتى اليوم وقبل ستة أشهر كان الإسرائيليون ألقوا القبض على بعض المواطنين المتورطين في بيع الاسلحة لإيران ، لقد حاولت منع ذلك-شراء الأسلحة من إسرائيل- خلال وجودي في السلطة وبعدها كانت إيران-غيت ، ما معنى إيران-غيت كان إنها فضيحة شراء الأسلحة الأمريكية عبر إسرائيل.

 

س- قلت إن الخميني قال لك: إذا لم ترد أسلحة عبر اسرائيل فتش عن دول أخرى ، من هي الدول التي أعطتكم السلاح في بداية الحرب؟

ج- بالنسبة للخميني كان شراء الأسلحة مسموحا به من كل مكان حتى من اسرائيل ، شكلت آنذاك لجان ذهبت إلى أوربا وإلى مصر لأن هناك عقودا بينهم وبين الشاه.

 

س- اشتريتم السلاح من مصر ضد العراق؟

ج- نعم نعم من مصر ضد العراق.

 

س- السيد الرئيس تتحدث قليلا عن بداية الحرب العراقية الإيرانية ، تقول في كتاباتك أنك قلت لياسر عرفات ليقول لصدام حسين لا تصنع الحرب ضد الثورة ، أولا : هل تجربة الاتصالات بينكم وبين صدام حسين عبر ياسر عرفات وعبر آخرين، وكيف كانت تجربة الاتصالات وما هو الدور الذي قمت به من أجل منع نشوب هذه الحرب فعلاً.

ج- طلبت من السيد ياسر عرفات الذهاب إلى بغداد وإفهام صدام حسين أن كل دولة تشن حربا ضد أي ثورة فمصيرها الفشل وليستفيد من التاريخ، حتى الدول العظمى لم تستطع القضاء على المجموعات الصغيرة الثائرة، ولن يستطيع اليوم الانتصار على شعب إيران الثائر وكان الفشل للأسف بعد مكوث ياسر عرفات عدة أيام عاد ليخبرنا أن صدام طاووس مصمم على مواصلة الحرب، وأنه قادر على حسمها في ثلاثة أو أربعة أيام.

 

س- هل حصلت اتصالات أخرى مع صدام حسين؟

ج- بعد فشل مفاوضات ياسر عرفات وصدام حسين كانت هناك محاولات أخرى لوقف الحرب منها ما قام به حفيد أحد رجال الدين المجاهدين[2] في العراق وهو أبو الحسن الأصفهاني أرسله صدام حسين للمفاوضات من أجل السلام يومها لكن الخميني رفض.

 

س- كيف؟

ج- قال لنا يومها مبعوث صدام: ها قد انتصرت الثورة الإسلامية وتخلصتم من الشاه دعونا نشيد السلام بين بلدينا ، قلت للخميني: لنقبل اقتراحاته ، أجاب: لا إن نظام صدام حسين محكوم عليه بالسقوط، وسيسقط خلال ستة أشهر على الأكثر ، ولكي نعفو عنه أرسل مبعوثه هذا !!! إذن رفض ذلك.

 

س- هل كنت ضد الحرب وأشرفت عليها لكونك رئيسا للجمهورية؟

ج- لأن صدام فرض علينا هذه الحرب ولقد أصبت بمرض على جبهة القتال لأنني لم أتحمل هذه الحرب الغبية ، حاولت كثيرا إيقافها، والشاهد على ذلك أنه بعد مؤتمر عدم الانحياز كانت الحرب ستتوقف لأنني وافقت على مشروع لأربعة وزراء خارجية جاؤوا إلى إيران بعد موافقة صدام حسين على ذلك ولكن رجال الدين في إيران كانوا يريدون استمرار الحرب.

 

س- هل الإمام الخميني كان يحدثك عن العلاقة مع الجوار العربي، مع دول الخليج، هل كانت لديه أطماع في التقدم عسكريا باتجاه الدول من أجل تصدير الثورة مثلاً؟

ج- لم يحدثني بهذا الموضوع ولكن كان هناك مشروع آخر ، كان يريد إقامة حزام شيعي للسيطرة على ضفتي العالم الإسلامي، كان هذا الحزام يتألف من إيران والعراق وسوريا ولبنان وعندما يصبح سيدا لهذا الحزام يستخدم النفط وموقع الخليج الفارسي للسيطرة على بقية العلم الإسلامي، كان الخميني مقتنعا بأن الأمريكيين سيسمحون له بتنفيذ ذلك، قلت له بأن الأمريكيين يخدعونك، ورغم نصائحي ونصائح ياسر عرفات الذي جاء ليحذره من نوايا الأمريكيين فإنه لم يكن يريد الاقتناع.

 

س- الرجال الذين كان لهم تأثير على الخميني، قلت إن رفسنجاني كان يضحكه، كان له تأثير عليه ، من الذي كان يدفعه أكثر باتجاه الحرب، وهل كنتم فعلا تخشون الخسارة في الحرب مع العراق؟

ج- الخسارة في أول الحرب كانت ممكنة ، لكن بعد احتدامها استطعنا إيقاف تقدم القوات العراقية، وكنا نعرف أن الوقت كان إلى جانبنا، ولكن ليس لأمد طويل، بعد الانقلاب ضدي وبعد وصولي إلى باريس قلت له أنه إذا استمر الملالي في الحرب فإنهم سوف يخسرونها حتما وهذا ما حصل.

 

رفسنجاني كان له أثر كبير في البلاد وكان يدير شؤون الحرب بالتعاون الوثيق مع أحمد الخميني ، ولأنه كان يدير شؤون هذه الحرب فقد كان يخيفني رفسنجاني لأنه أراد مواصلة الحرب واحتلال البصرة ، وباحتلالها يسقط صدام حسين ، كان هذا مشروعه وكل قيادة الجيش كانوا يعارضون ذلك وقالوا إن احتلال البصرة سيطيل أمد الحرب .

 

س- التفكير في تأسيس حزب الله اللبناني ، طبعا أنت كنت تركت السلطة ولكن كنت في ذلك الوقت تحدثت مع الإمام الخميني أو مع محيطيه في تأسيس حزب شيعي في لبنان لأجل مقاتلة اسرائيل أو لأهداف أخرى.

ج-بالنسبة لموضوع لبنان كنت مع دعم الشعب اللبناني وليس دعم منظمة على حساب الشعب ، عندما كنت في السلطة لم يكن هناك وجود لحزب الله في لبنان ، بعد تنفيذ الانقلاب ضدي وجد السفير الإيراني في سوريا الفرصة سانحة لتأسيس هذا الحزب.

 

س- هل حاول العراق الاتصال بك.بعد الانقلاب الذي حصل ضدك

ج-بالطبع ، آخرها كان بعد عاصفة الصحراء حتى دعوني إلى زيارة العراق.

 

س- كيف حصل اللقاء؟

ج- جاء شخصان لزيارتي أحدهما لبناني وآخر فرنسي.

 

س- هل يمكن أن نعرف الاسماء؟

ج-لا يريدون كشف الاسماء، عرضوا علي هذه الدعوة لكنني رفضتها ، عرضوا علي استقبال نواب عراقيين من قبل صدام، أجبتهم بوضوح: يريد صدام استخدام اسمي لتخليصه من الورطة التي وقع فيها مع الأمريكيين وأقترح إلغاء الدكتاتورية في بلاده وتنفيذ الديمقراطية ، كي أقوم بمساندتكم .

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الجمعة  / ٢٥ شـوال ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٢٤ / تشرين الاول / ٢٠٠٨ م