الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

وزارة الخارجية العراقية وتثاقل الخطوات

 

 

شبكة المنصور

أبو شامل العراقي

 

كان للقرار الرسمي الذي اتخذته ( الحكومة العراقية ) باستئصال خمسة وعشرين سفيرا من الأوكار السرطانية المعتمدة خارج العراق قرارا مهما رغم انه لا يخفى عن العالمين بشئون وزارة الخارجية أن معظم هؤلاء السفراء قد انتهت فترة عملهم (الاكسباير) والمقررة بأربعة سنوات, لذا فأن القرار بحد ذاته لم يأتي كعملية فرز للسفراء وتصفية المسيئين منهم كما ظن البعض, أو كعملية تأديبه لإسرافهم في سوء معاملة الجالية العراقية, أو احتضان أبناء الجالية ممن لهم نفس مذهب أو قومية السفير أو بسبب فسادهم الإداري والمالي والسرقات التي تفاقمت من خلال نهب تخصيصات السفارات أو الملايين التي خصصت لإعادة أعمار السفارات وما صاحبها من ألاعيب كما حدث في سفارات النمسا واليونان وايطاليا وغيرها. ولا كذلك لوضع حد للإخلال بالآداب العامة داخل السفارات التي تحولت إلى دور للدعارة والسمسرة كما حدث في سفاراتنا في القاهرة وبيروت ودمشق وأثينا ومدريد وواشنطن ولا أيضا لوقف الصفقات التجارية التي يقوم بها السفراء وعصابتهم كما حصل في معظم السفارات المعتمدة في آسيا ومنها الباكستان وكندا وماليزيا واندونيسيا من خلال استيراد السيارات والكحول و السكاير وبيعها في السوق السوداء, ولا لعلاج مشكلة عشرات الآلاف من الجوازات طبعة ( S ) التي أصدرتها سفاراتنا في ألمانيا واليونان والنمسا وهولندا والسويد وسوريا وغيرها للأكراد من غير العراقيين وبعض الأشقاء العرب والإيرانيين مقابل الرشاوى. ولا أيضا لمعالجة التعيينات التي حصرها السفراء بالأقارب والعشيقات أو مقابل تقاسم الرواتب. ولا أيضا التعيينات الوهمية لموظفين أشباح يعملون في بيوت السفراء كأسماء فقط ولم يراهم أحدا بعيونهم المجردة ولا لعلاج غيرها من عشرات المشاكل التي تنوء بها سفاراتنا.


بلا شك أن السفارات العراقية حاليا حالة فريدة في بابها فهذه السفارات لم تمارس نشاطا مؤسساتيا ينصب في طبيعة مهامها بسبب الظروف التي يعيشها العراق وهي ظروف تختلف عن بقية دول العالم , إضافة إلى ضعف السفراء فباستثناء بعضهم ولا يزيدون عن أصابع اليد فأن بقية السفراء لا يفقهون من الدبلوماسية حرفا وحدا وحتى القدامى فباستثناء ثلاثة سفراء ( طه شكر وصباح عمران وصلاح العزاوي) يعتبر البقية من أفشل السفراء ومنهم قيس اليعقوبي ونصير السامرائي وزيد عز الدين ومحمد العاملي وسمير النعمة وغسان محسن. ومن المؤسف أن عبث هؤلاء السفراء بمكانة العراق الدبلوماسية المرموقة قد أنزلها إلى الحضيض والتي كانت صرحا كبيرا منذ العهد الملكي ولغاية عام الغزو 2003 وتمكنت من تحقيق منجزات تعد مفخرة للعراقيين على صعيد العلاقات الدولية أو العلاقات الثنائية بالرغم من الظروف القاهرة التي عاشها العراق والقيود التي فرضت عليه وعلى حركة الدبلوماسيين.


لقد تسلم بعض هؤلاء السفراء أوراق اعتمادهم في دول الجوار خشية من الأوضاع الأمنية في العراق ومعظمهم يمتلكون جنسيات أجنبية ولديهم ولاءات مزدوجة أفضلها للدول التي منحتهم جنسياتها, وليس لهم دراية ولو بسيطة بمهنة السفير ونشاطاته أو البروتوكول الذي يفترض أن يحفظه على ظهر قلبه. ويمكن الجزم بأن مساهمتهم في تنفيذ السياسة الخارجية خلال السنوات الأربع الماضية كانت صفرا والبعض الآخر دون الصفر أي كانت النسبة بالناقص حيث تركوا آثارا سيئا ومشاكل ومصائب في مناطق عملهم سيورثونها للسفراء اللاحقين على صعيد علاقاتهم مع وزارة خارجية الدولة التي عملوا فيها أو على صعيد علاقاتهم بالجالية العراقية, وحتى على صعيد السفارة ذاتها حيث وطنوا بعض الخلايا السرطانية فيها.


ومن المؤسف أن وزارة الخارجية لم تقم خلال السنوات الأربع الماضية بتقييم عمل السفراء تقييما سنويا شاملاً ودقيقا أو إعداد كشف بعطائهم الدبلوماسي كما يفترض وبيان مدى التزامهم بتوجيهات الوزارة وتنفيذ سياستها الخارجية. فقد عقد لقاءين مع السفراء احدهم خارج العراق والثاني داخله وكانت اجتماعات فاشلة انتهت بدون مقدمات ولا نتائج ولا توصيات والدليل على صدق حديثنا أن التدهور أستمر في عمل السفارات من السيئ إلى الأسوأ وهذه حقيقة يدركها الزيباري قبل غيره.


إن إحالة هؤلاء السفراء على التقاعد يعتبر تكريما كبيرا لهم ومكافأة لا يستحقونها وليست عقوبة كما يعتقد البعض رغم فشلهم المرير وعبثهم بسياسة العراق الخارجية وتخريبهم للسفارات ونهبهم لها, فمعظمهم لا يمتلك من الخدمة الوظيفية سوى سنوات قلائل لا تؤهلهم للحصول على الرواتب التقاعدية المليونية بأعلى حدودها, ومن المفروض أن تتم إحالة العديد منهم إلى القضاء للنظر في قضايا الفساد الإداري والمالي والأخلاقي قبل أن ينالوا الحقوق التقاعدية وان تكون الرواتب التقاعدية بالحد المنطقي والعادل الذي يتماشى مع سنوات خدمتهم الوظيفية. وسيجد وزير الخارجية أن السفراء الأشاوس سوف لا يعودون إلى العراق بعد انتهاء مهمتهم لينهلوا من الانتعاش الديمقراطي ويرفلوا بالحريات الأساسية ويستنشقوا عبير حقوق الإنسان وإنما سيهيأوا حقائبهم ويولوا أدبارهم إلى الدول التي يحملون جنسياتها وهم في أحسن حال, وبثروات طائلة كانوا يحلمون بها أيام التسكع في الدول التي يحملوا جنسياتها.


ومن الأمور الملفتة للنظر إن أفضل الدبلوماسيين العراقيين من ذوي الخبر والكفاءة تم إقصائهم تحت حجج واهية بنيت على الاشتباه أو التلفيق والعنصرية والطائفية, وأبناء الجالية أدرى من غيرهم بأن الذين أقصوا من وظائفهم كانت الأسباب أما لرفضهم الفساد الإداري أو المالي المتفشي في السفارات أو امتناعهم عن مشاركة السفراء سرقاتهم أو عدم سكوتهم على الفضائح كإصدار الجوازات بالرشاوى لغير العراقيين أو بسبب معارضتهم لفساد السفراء الأخلاقي أو سبب الصراعات العنصرية والطائفية التي يتزعمها السفراء أو بسبب الغيرة من الدبلوماسيين المحترفين لافتقاد السفراء الخبرة والمعرفة الدبلوماسية والبرتوكول مما جعلهم موضع سخرية أمام أقرانهم بقية السفراء الأجانب عند مقارنتهم بالدبلوماسيين المحترفين, وبالطبع كانت تهمة الولاء للبعث حاضرة وتصلح لاتهام الدبلوماسيين ونتائجها فاعلة وسريعة.


افتقدت الوزارة بسبب قانون اجتثاث البعث خيرة الدبلوماسيين ومنهم على سبيل المثال وليس الحصر محسن رضا وإبراهيم العزاوي وغازي ياسين ووجدي مراد والعشرات غيرهم, كما فقدت دبلوماسيين لا معين بسبب رفضهم المساومة على وطنيتهم ومسئولياتهم الوظيفية ومنهم الدبلوماسيات اللامعات بشرى الراوي وبلقيس المهداوي ونجاح الدوري والدبلوماسيين المستشارين سعد عبد عون وشاكر العزاوي والسكرتير الأول احمد مرزة والعشرات غيرهم.


ولأن الوزارة على أبواب كنس هذه الحثالة من السفراء مما يقتضي أن تأخذ بنظر الاعتبار تهيئة سفراء من خارج المحاصصة الطائفية والعنصرية لا يقل تعليمهم عن الدراسة الجامعية وإجادتهم اللغة الانكليزية ولغات أخرى إضافة إلى معرفة متواضعة بعلم الحاسوب, وان تفتح لهم دورات دبلوماسية لمعرفة الحقل الدبلوماسي وتنمية معارفهم وصقل معلوماتهم العامة وتبصيرهم بالبروتوكول وتزويدهم بمعلومات كافية عن البلدان التي سيعملون فيها, ومدهم بموظفين دبلوماسيين من ذوي الخبرة وليس ممن اختزلوا السنتين الدراسيتين في معهد الخدمة الخارجية ليصبحوا خلال شهر واحد دبلوماسيين بدرجات عليا وينقلوا إلى خارج العراق ليكون مهزلة لأقرانهم الدبلوماسيين العرب والجانب, وان يتم اعتماد المدة الأصغرية للترقية من درجة لأعلى وليس طريقة حرق المسافات كما يجري حاليا.


أمام وزارة الخارجية خطوات حاسمة فيما يتعلق بالسفراء الجدد وبقية الدبلوماسيين فالمرحلة تحتاج إلى جهد دبلوماسي رصين ذو خبرة وكفاءة وقابلية ورغبة على تحمل المسئولية, ولا بد من رفع الغبن الذي وقع من قبل الوزارة والسفراء على الموظفين الشرفاء والعمل على إعادة الدبلوماسيين الأكفاء من القدامى كالدبلوماسي طلال بركات وعدنان الرجب ومحمد عبد العزيز ووجدي مراد وجودت العاني ومحمد سلمان وغيرهم, إضافة إلى رفع الغبن عن الموظفين ممن ذكرنا بعضهم وغيرهم الذين تعرضوا للأذى بسبب رفضهم الانجراف في الوحل الطائفي والعنصري أو عدم التستر على فساد السفراء الأخلاقي أو الوظيفي, أو بسبب رفضهم الخضوع للابتزاز والتهديدات التي مارسها السفراء اتجاههم. أو بسبب رفضهم الانصياع إلى توجيهات السفير الآثمة كإصدار الجوازات لغير العراقيين وخاصة الأكراد أو تلقي الرشاوى عن المعاملات لأبناء الجالية أو بسبب رفضهم الانضمام إلى عصابة السفير أو التستر على نهب تخصيصات التعمير. وحتى لو أغلقت وزارة الخارجية ملف هؤلاء السفراء فأنها ملفاتهم ستبقى مفتوحة من قبل الشعب العراقي وأبنائه المجاهدين وسيكون لكل حادثة حديث.


فهل ستتمكن وزارة الخارجية من تجاوز سلبيات السنوات الماضية وتغير من مسيرتها العرجاء؟ وان تعيد النخبة الممتازة من السفراء والدبلوماسيين الأكفاء والذين يمكن أن يساهموا في إنضاج السياسة الخارجية بالمستوى الدولي المطلوب؟ وأن تتخذ مقاييس متوازنة لأعداد السفراء و الدبلوماسيين الجدد؟ لدينا ولدى الكثيرين شكوك في ذلك؟ ولا أحد يمكن أن يراهن على الخيول العرجاء! ولكن هذا ما سيتبين قريبا بعد الاطلاع على قائمة السفراء الجدد, والاطلاع على سياسة الوزارة الجادة لتأهيل الدبلوماسيين ورفع الغبن عن الكوادر الدبلوماسية والإدارية الكفوءة.

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاحد  / ٢٨ رمضــان ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٢٨ / أيلول / ٢٠٠٨ م