منتدى التعاون العربي التركي .. خطوة إلى الأمام

 

 

شبكة المنصور

محمد العادل

 

الإستعدادات الجارية لإطلاق "منتدى التعاون التركي العربي" في شهر تشرين الأول/أكتوبر المقبل لا شكّ أنها خطوة إلى الأمام ستُساهم لأول مرّة في وضع هياكل تنظم العلاقات العربية التركية وترسم مستقبلها في إطار رؤية عربية جماعية قد تُساعد البلدان العربية على رسم استراتيجية مشتركة تجاه تركيا.

 

يبدو أن أنقرة قد نجحت في اقناع معظم الدول العربيـة بصدقيـة توجهها الجديد نحو محيطها العربي والإسـلامي والأفريقي؛ الأمر الذي سـاهم بشـكل كبير في تنامي العلاقات التجاريـة والاقتصاديـة بين الطرفين، حيث أن قرابـة 20 بالمائـة من حجم التجارة الخارجيـة التركيـة يتم مع البلدان العربيـة، وتطمح إلى رفعـه إلى 30 بالمائـة خلال السـنوات المقبلـة.

 

ومن الواضح أنّ المسـؤولين العرب قد اقتنعوا بأن الاقتصاد التركي يُعتبر من أكبر الاقتصاديات الناهضـة في المنطقـة، حيث حقّق معدّل نموّ قياسـي بلغ 10 بالمائـة، كما بلغ الناتج المحلّي الإجمالي 2,293 مليار دولار، الأمر الذي سـاعد تركيا على اسـتقطاب اسـتثمارات عربيـة ناهزت 40 مليار دولار.

 

التوجّه التركي نحو البلدان العربية تحكمه استراتيجية واضحة، والقيادة التركية حدّدت أهدافها في المنطقة العربية، فقد أعلنت أكثر من مرّة بأنها لا تبحث فقط عن أسواق لمنتجاتها في الساحات العربية والأفريقية بل تطمح لبناء شراكات اقتصادية متينة تُساهم في حركة التنمية وترقى بهذا العلاقات إلى خانة الاستراتيجي.

 

لا شكّ ان استراتيجية أنقرة نحو العرب تسير في خطوط متوازية، فهي في الوقت الذي تسعى فيه بقوة لتطوير تعاونها الاقتصادي مع البلدان العربية، تتجه الدبلوماسية التركية أيضاً إلى تسجيل حضورها في معظم الهياكل العربية والإسلامية  والأفريقية، الأمر الذي يُعزّز دورها الإقليمي الذي أصبح واضحاً للعيان.

 

معظم البلدان العربية رحّبت بالتوجه التركي الجديد وقابلته بتنمية العلاقات الثناية، ولعلّ العلاقات التركية السورية تُعتبر واحداً من أبرز النماذج الناجحة في هذا الإطار، حيث يُناهز اليوم حجم التبادل التجاري بين البلدين المليار ونصف المليار دولار، بل ويتجه هذا التعاون إلى بناء شراكة استراتيجية حقيقية.

 

السؤال الذي يطرح نفسه الآن هل أنّ البلدان العربية وهي تتوجه اليوم نحو تركيا قد وضعت استراتجية لمستقبل هذا التعاون وحدّدت أولوياتها مع تركيا ؟

 

أجزم بأنّ معظم مبادرات التعاون بين تركيا والبلدان العربية حتّى الآن كانت قد بادرت بها أنقرة!

إن لدى البلدان العربية فرصة ذهبية لاستثمار التوجه التركي نحو محيطها العربي والإسلامي والأفريقي أيضاً، فأنقرة تُدرك بأنها ليست قوة عظمى، وقد قال لي أحد كبار المسؤولين الأتراك أن تركيا لو تمكّنت من تفعيل الجامعـة العربيـة ومنظمـة المؤتمر الإسـلامي والاتحاد الأفريقي وتعزّزت الثقـة بين شـعوب هذه المناطق لتحوّلت هذه المجموعـة إلى أكبر كتلـة اقتصاديـة عالميـة وتجمّع سـياسـي فاعل في المجتمع الدولي يُشـارك في صياغـة السـياسـة الدوليـة وليـس مجرّد مسـتهلك لها.

 

فعلى العرب الذين يستعدّون لاطلاق "منتدى التعاون العربي التركي" أن يُحدّدوا أولوياتهم مع تركيا، فبالإضافة الى تعزيز التشاور السياسي بين الجانبين لتقريب وجهات النظر والمواقف حول العديد القضايا الإقليمية والدولية، على العرب أيضاً أن يُقدّموا لأنقرة مبادرات للشراكة الحقيقية في الساحتين العربية والتركية بالإضافة إلى التعاون المشترك في أفريقيا وآسيا الوسطى  والبلقان، وأن تفتح تركيا أسواقها للمنتجات العربية لتحقيق شيء من التوازن في التبادل التجاري..

 

وإذا كانت المبادرة لإطلاق "منتدى التعاون العربي التركي" خطوة إلى الأمام فإن نجاحها يبقى مرهوناً بمدى إشراك قطاعات المجتمع المدني والهيئات العلمية والثقافية العربية والتركية في هذا المنتدى وإلاّ فإنّه سيُضاف إلى قائمة المنتديات السياسية الأخرى التي لم ترَ منها الشعوب أية فائدة..

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاحد  / ٠٤ ذو القعدة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٠٢ / تشرين الثاني / ٢٠٠٨ م