الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

بوش و خطاب الوداع

 

 

شبكة المنصور

د فيصل الفهد

 

في رسالته إلى أصدقاء بوش في العراق المحتل يؤكد احد اكبر داعمي سياسة بوش الكارثيه الكاتب (توماس فريدمان) عن مسألة في غاية الأهمية. من الصعب على أن أعبر لكم عن عمق الأزمة الاقتصادية التي تمر بها أميركا اليوم. فنحن نناقش هنا إنقاذ نظامنا البنكي المضطرب بنحو تريليون دولار. فهذه الأزمة هي 9/11 أخرى. الأميركيون يخسرون منازلهم ويغرقون في الديون، ولم يعد أحد منهم يفهم سبب إنفاقنا مليار دولار يوميا لجعل العراقيين يشعرون بأمان أكثر في بيوتهم..!! فكثير من الأميركيين وأنا مرتاحون للطريقة التي تراجعتم بها أنتم والشعب العراقي والجيش عن حافة تدمير أنفسكم ذاتيا. أصلاً أنا روجت لهذه الحرب بحثا عن أسلحة دمار شامل. لقد أخطأت. لكن سرعان ما بات واضحا أن القاعدة وحلفاءها في العراق كانوا مصممين على جعل أميركا تفشل في أي محاولة لبناء عراق محترم وتوجيه الشرق الأوسط نحو مسار أكثر ديمقراطية، بغض النظر عن عدد العراقيين الذين ينبغي أن يُقتلوا خلال العملية. لم تكن هذه هي الحرب التي جئنا من أجلها، لكنها الحرب التي وجدناها.


ويضيف فريدمان عن لسان حال رئيسه بوش لقد أبلغني سفيرنا، رايان كروكر، بمشكلتكم: وهي أن الشيعة العراقيين ما زالوا خائفين من الماضي، والسنة العراقيين ما زالوا يخشون المستقبل، والأكراد العراقيين ما زالوا يخشون كليهما...حسنا، تريدون أن تروا الخوف. انظروا في أعين الأميركيين الذين يرون مدخراتهم وهي تفنى، وشركاتهم تختفي وبيوتهم محبوسة بالرهن. لقد أصبحنا بلدا آخر اليوم. وبعد عقد على خشية العالم من هيمنة أميركية مفرطة، ستقل الهيمنة الأميركية كثيرا على العالم، بسبب انكفائنا على أنفسنا لتنظيم بيتنا من الداخل.

 

ويختم فريدمان رسالته وختاما ما زلت أعتقد أن نتيجة مقبولة في العراق، إذا حققناها، سيكون لها تبعات دائمة وإيجابية لكم وللعالم العربي أجمع، رغم أن الثمن كان فادحا. وسأنتظر أن يخلصني التاريخ من خطيئتي، لكن الشعب الأميركي لن يفعل...فهم يريدون بناء أمة في أميركا الآن. ولن يرحلوا عن العراق بين عشية وضحاها، لكنهم لن يظلوا هناك طوال الوقت. وأكرر: لا تسيئوا تفسير هذه اللحظة.

 

ان مايمكن استخلاصه من هذه الرساله التي لم يجرؤ بوش ان يكتبها بنفسه مباشرة لسببين انه لايمتلك الشجاعه والجرأه الكافيتان للاعتراف بما سببه من كوارث لامريكا وللعالم منذ توليه رئاسة امريكا قبل ثمان سنوات والسبب الثاني انه يعلم ان هذه الرساله لن تسمن من جوع ولن تروي من عطش فهي نص خارج المسرح فلن يسمعها احد وان سمعوها او قراؤها فلن تحرك فيهم شعره ...فالاشخاص الذين كانوا اصدقائه بالامس لم يعودوا كذلك لانهم من الان يمسحون اكتاف المرشحيين الى البيت الابيض ويتوددون لهما ويعدونهما بوضع ماتبقى في جعبتهم من عماله وخيانه لخدمة الرئيس الامريكي القادم اما بوش فهو في حكم (البح وكش ملك) ناهيك عن قضيه في غاية الاهميه وهي ان من توجهت الرسالة اليهم (جلال الطالباني ورئيس وزرائه نوري المالكي ورئيس البرلمان محمود المشهداني) كلهم لاحول لهم ولاقوه فكل منهم له همومه التي اغرقته فأين بوش والاصدقاء ينهبون ويسلبون ويكبرون ارصدتهم في الخارج استعدادا للحظة لامفر منها وهي الهرب الى خارج العراق عدا سلسلة من المطبات التي لايشك احد بما فيهم هم انهم سيفشلون في اجتيازها فالعراق مقبل على اعادة تفجر ما اعتقده بوش وعملائه انه اصبح في حكم الماضي فالوضع الامني خلال المرحله القادمه سيكون اسوء من السابق والايرانيين لن يفوتوا فرصة مثل هذه لاضعاف الموقف الامريكي حول ملفهم النووي والعراق هو ورقة الجوكر المثاليه وسيكون للمقاومه الوطنيه العراقيه في المرحله القريبه القادمه صولاتها وجولاتها الاكثر تنظيما وعدة وعددا والتنافس بين الهالكي (حزب الدعوه) وبين جماعة عبدالعزيز الحكيم في الجنوب سيكون على اشده بعد ان تخلص الطرفين من المنافس الثالث المزعج لهما مقتدى الصدر وجيشه...

 

ان جنود الشطرنج الذين خصتهم رسالة فريدمان يدركون جيدا ان أمريكا بعد حكم بوش لم تعد أمريكا أيام زمان والمشاكل التي خلفها السيد بوش تحتاج الى معجزات كي يتم ترقيع بعضها..وايا كان من سيتولى قيادة البيت الأسود ان كان اسود ام ابيض جمهوري ام ديمقراطي لن يجد أمامه كثير من الخيارات للتعامل مع الكم الهائل من المعضلات لاسيما الداخلية ألملحه منها..

 

فاحتلال العراق وأفغانستان لم يعودا العنوانين الرئيسيين اللذين يجمعان حولهما اهتمام الأمريكيين باعتبارهما احد اهم منافذ تضييع مايدفعونه من ضرائب وقد وصلت هذه الخسائر كما تشير مصادر امريكيه موثوقه الى اكثر من ثلاثة تريولونات من الدولارات في وقت عصفت بالامريكيين الاعاصير والكوارث الطبيعيه التي لم تفلح ادارة بوش في مواجهتها او معالجة نتائجها الوخيمه..ناهيك عن ام الكوارث وهي ازمة البنوك والرهن العقاري والانحباس الحراري وووو..والقائمه تطول ولا تقصر.

 

فالعراق وبعد قرابة ست سنوات من احتلاله اصبح بؤرة لكل الكوارث واصبح مصدر بامتياز لها فالكوليرا التي تخلص العراق منها ومن كل الامراض والاوبئه منذ السبعينيات عادت اليوم ضيفه لااحد يتضايق من وجودها وهي تقتل من العراقيين بالمئات وبذلك اصبحت الكوليرا حليف مهم لفرق الموت وللمليشيات الطائفيه ولقوات الاحتلال ولقوات حكومة الهالكي ولكل من جعل العراقيين هدفا له والفساد بكل اشكاله واطواره وابداعاته احد ابرز السمات التي يعشقها ويتمسك بها من سلطوا حكاما على العراقيين...

 

وتشير التقارير الصحفيه ان الادارة الأمريكية تحقق في المعلومات التي تحدثت عن اختفاء ثلاثة عشر مليار دولار من اموال اعادة اعمار العراق . وقال جون سوليفان المتحدث الرسمي باسم ادارة الشرق الادني وشمال افريقيا بوزارة الخارجية الامريكية في تصريحات لراديو سوا الامريكي قبل ايام ان الفساد هو احد اهم التحديات التي تواجه الحكومة العراقية اليوم. وذكر هذا الخبير في تصريحه ان مسؤولين كباراً متورطين في عمليات فساد لايزالون يحتلون مناصب مالية مهمة برغم امتلاك السلطات معلومات دقيقة عن تورطهم في عمليات احتيال وفساد.

 

بوش في خطاب الوداع الذي القاه امام الجمعيه العموميه للامم المتحده كان في قمة الاحباط ولم يستطع ان يأتي بأي شئ جديد وكان هذا الشئ الوحيد الذي صدق فيه لانه لايوجد جديد لديه فكل ماقاله هو ترديد واستجماع وتذكير بما تعود ان يقوله طيلة السنوات السبع الماضيه فمحاربة الارهاب والديمقراطيه التي انزلها بوش بالمظله على العراقيين والافغان هو كل مايملكه مع ان العالم كله يعلم ويقر ويبصم بالعشره ان بوش فشل فيهما بامتياز والشئ الوحيد الذي اعتبره بوش انجازا فريدا لحكمه هو تخلي ليبيا عن برنامجها النووي؟!

 

كان بوش يتحدث لرؤساء وقادة وملوك العالم وهو يعيش الفشل في داخله فالنار وهشيمها بدأ يصل الى جوار بلده فروسيا التي استفاقت من غفوتها الطويله تستعد لاجراء مناورات حربيه متقدمه مع حليفتها فنزويلا قرب المياه الاقليميه الامريكيه التي لم يجرأ ان يفعلها احد سابقا ودول كثيره لم تعد تكترث او تحسب حسابات كانت في الماضي تحسبها لامريكا ان غضبت او لم تغضب وكل هذا يعد انجاز اخر للرئيس بوش فبفضله اصبحت امريكا بالحضيض وهذا مالا يجب على الامريكيين ان يغفروه له او يتسامحوا به.

 

لقد ذهب الزمن إلى غير رجعة الذي كان يتبختر فيها جورج بوش على دول العالم، ودون أن يقف في وجهه أحد، في الشهر الماضي وقف بوش يراقب من بعيد كلا من فنلندا وفرنسا وهما تعملان على تأمين وقف لإطلاق النار بين جورجيا وروسيا وهذا…..العمل الروسي يعد الأول من نوعه منذ نهاية الحرب الباردة وقد لا يكون الأخير مما يثير الرعب في قلوب جيران روسيا....و مؤخرا أطيح بأحد أوثق حلفاء أميركا وأكثرهم إخلاصا لها في «الحرب على الإرهاب» وهو الرئيس الباكستاني برفيز مشرف، ولم ينفعه قربه من واشنطن في شيء فتوجب عليه حزم أمتعته والرحيل من السلطة وربما سيتعرض للمقاضاة والحساب....وفي هذه الأثناء تستمر إيران في العمل على تطوير قدراتها النووية وتقترب أكثر فأكثر من صنع سلاح نووي....أما ما يسمى بقضية الشرق الأوسط والسلام بين الفلسطينيين والصهاينه، فإن الانخراط الأميركي في هذا الشأن أصبح رمزياً فيما يشجع دولا أخرى على التدخل من أجل التوسط في حل هذا النزاع مما يعني دفع الدور الأميركي نحو الخلف...هذا هو حال امريكا.

 

ان على الرئيس الأمريكي القادم ان يعيد قراءة أولوياته بشكل صحيح وان احد أهم مفاتيح حلوله لما تعصف بأمريكا من مشاكل هي قضية احتلال العراق وسوء التعامل معها ولذلك فان إعادة تقويم الوضع في العراق بعيدا عن ما سوف يخلفه بوش من رؤية ضبابيه مستخدما فيها مريديه من العسكر( بتريوس ومن خلفه في العراق) الذين ابقاهم بوش كي يستمروا على ذات المنهج وهو البقاء في العراق الى يوم يبعثون ولذلك فالحل الامريكي يبدأ من العراق؟!

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الجمعة  / ٢٦ رمضــان ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٢٦ / أيلول / ٢٠٠٨ م