بوش راحل .. رئيس أمريكي جديد قادم ..

 

 

شبكة المنصور

الدكتور محمود عزام / مقاتل ومقاوم عراقي

 

بوش الفاشل ..

إبتعد وإنزوي وحدك.. فلقد تركت عراقا مقسما ومحطما ومدمرا ومسروقا ومسلوبا وعالما على حافة الإنهيار التام ..

ونحن لا يعنينا من رحيلك أو بقاءك شيء..

والرئيس الجديد أيا كان الذي سيأتي من بعدك إذا إلتزم بنفس نهجك فمصيره كمصيرك.. وسينفض من حوله أقرب المقربين له كما فرَّ المحيطين بك..

 

من الواضح إن التعامل مع المشكلة العراقية هو العامل الحاسم في الفوز بالسباق الرئاسي للبيت الأبيض..ولهذا ظهرت وإزدادت نبرة الحديث لدى مرشحي الرئاسة عن فهم الحالة وتشخيصها وكيفية الخروج من هذا المازق مع قدوم موعد الإنتخابات الذي حل علينا..

 

وعلينا نحن في العراق أن نفهم الفرق بين حديث الدعاية الإنتخابية وبين الموقف الحقيقي من المعضلة ..وأن لا نعول أبدا على كل الذي قيل وسيقال من مرشح الحزب الديمقراطي أوباما أو مرشح الحزب الجمهوري ماكين للرئاسة الأمريكية  أو ممن أختيروا كنواب لهم وهم لا زالوا خارج البيت الأبيض .. فحقائق الميدان هي وحدها التي تفسر الظواهر وتستقرأ ما سيحدث بضوء النتائج المتحققة على الأرض ..

 

ولعل من أهم النقاط التي يستوجب الوقوف عندها هو الاجابة على السؤال التالي :

 

هل أن الإدارة الجديدة ديمقراطية كانت أم جمهورية مقتنعة بأن الحرب على العراق كانت خطأ أمريكيا ام لا ؟..

 

والاجابة على هذا السؤال تحتمل النعم واللا لكلا الطرفين..

 

نعم لكلا الطرفين ..لأنه على الرغم من أن ماكين يعتبر ماقامت به الولايات المتحدة في آذار 2003 هو عمل بطولي وإنساني الا أن الخطا فيه أنه أعتمد على تقارير مبالغ فيها وتفتقر الى الصدق وعدم تقدير الموقف والذي أدى الى تفاقم وتنامي ما بني على هذه الأخطاء ..وهو لهذا ينتقد الإسلوب وليس المبدأ ويطرح حلولا لحالة لا يريد أن يناقش شرعيتها وصحة منهجها كونها حدثت وإنها حازت رضا الشعب!

 

وفي المقابل فان أوباما يعتبرالحرب خطأ فادحا سبب خسائر نفسية ومادية وإعتبارية كبيرة للولايات المتحدة!..

 

ولا لكلا الطرفين لأن الديمقراطيين والجمهوريين صوتوا لصالح قرار شن الحرب على العراق بحجج قدمت لهم وتبين لا حقا انها أسباب واهية وكاذبة وملفقة !..والذي قام بالتزوير والكذب والتلفيق وقيادة حملة إعلامية تستند على هذه الأكاذيب هم المحافظين الجدد من صقور الحزب الجمهوري الذين تساقطوا كلهم عدا أربع او خمس رؤؤس ستسقط شر سقطة إذا فاز أوباما!..

 

والطرفان مهما اختلفا في وجهات النظر فهم لحد هذه اللحظة يتفقان على إن تغيير النظام الوطني الشرعي في العراق كان عملا لا بد منه  لحماية أمن إسرائيل ولتحقيق الإستقرار والأمن ولضمان مصالح الولايات المتحدة في هذه المنطقة الأغنى بالنفط في العالم!!..

 

وهم على قناعة كاملة من إن هذا الغزو حصل بعد أحداث الحادي عشر من أيلول وإحتلال أفغانستان وسط الهوس الأمريكي والضجة الإعلامية والتأييد العالمي والمساند والخانع بالحرب على الإرهاب ..فاصبحت عملية إحتلال العراق (تحريرا) وهي جزء من خطة الولايات المتحدة لمحاربة الإرهاب والقضاء عليه خارج الأرض الأمريكية ..ونتذكر شعار محور الشر وكيف ان بوش الصغير وضع معيارا جديدا للسياسة والعلاقات في العالم بقوله ( من ليس معنا فهو ضدنا!)..

 

فالذي يؤمن من الديمقراطيين والجمهوريين بهذه الأهداف ويعترض على أساليب تطبيقها جزئيا او كليا غير الذي لايؤمن بها من الأساس ويعترض عليها وهو بالتالي يرفض كل الأساليب التي توضع لتنفيذها!..

 

وبالرغم من كل الشر والقدرة والقوة والهيمنة الأمريكية وشراسة الهجمة المضادة ومع قناعتنا التامة بان الذي يغير حال العراق ويتحكم بحاضره ومستقبله هو فصائل القوى الوطنية المقاومة والمقاتلة المخلصة والمؤمنة بضرورة النضال من اجل تحريره  وغير المرتبطة بالمحتل وأذنابه بأي شكل من الأشكال ..الا أننا نتطلع الى التيارات الأمريكية الجديدة الجمهورية أو الديمقراطية والتي ترى الحق حقا وتقر به وترى الباطل باطلا وتعترف به..

 

والذي يهمنا من تصريحات المرشحين ونوابهما ولتلك المتعلقة بالعراق اليوم وغدا ..والذي يعنينا أكثر هو قول الصدق مع النفس ومع الشعب الأمريكي ومع العالم أجمع ..فالذي سمعناه ونعتقد إن ما سنسمعه كذلك هو إفتقار الرؤية والفهم والتصريحات للمجاهرة بالحقيقة الكاملة وحتى على مستوى مصلحة الأمن القومي والأقتصاد الأمريكي وسمعة الولايات المتحدة في السياسة الخارجية ومصداقيتها ..

 

ولو فرضنا أن المرشح للرئاسة الأمريكية سينجح لو أنه أتبع منهج الضمير الحي والصدق والنزاهة فعليه أن يعترف بأن غزو العراق واحتلاله وتدميره وإعتقال قيادته الشرعية ومحاربة كل مسؤولي النظام الوطني الحزبيين منهم والمهنيين عسكريين ومدنيين هو عمل باطل وغير شرعي وغير قانوني وتتحمل الولايات المتحدة كل النتائج القانونية والاقتصادية والسياسية والتأريخية الناجمة عن هذا العمل وبضمنها التعهد بتعويض العراقيين عن كل الذي فقدوه وتقديم من كان سببا لهذه الهجمة الطائشة التي أطاحت بهيبة الولايات المتحدة ومكانتها ومصداقيتها في الارض الى القضاء لينالوا جزاءهم العادل ..

 

فهل يستطيع أي من مرشحي الرئاسة الأمريكية القيام بذلك؟..

 

ليعترف بعدها بضرورة إعادة الحق الى أصحابه وبأن كل الذي نتج عن العدوان الباطل فهو باطل منذ آذار 2003 ولحد اليوم ؟!..

 

ومن سيسمح لهذا المرشح او ذاك بمجرد التفكير بذلك؟..

 

وعلى الرغم من إن ما صنعوه في العراق بعد الإحتلال  أضر بالولايات المتحدة من كل الوجوه ماديا وعسكريا وبشريا وسمعة ومكانة بعد أن سلّم هذا الإحتلال  نصف العراق الجنوبي ومعه بغداد الى إيران وأعطى لتركيا مبرر لمزيد من القتل والتدمير والاهمال لشعبها الكردي ردا على عنجهية المنصبين في شمال العراق وجعل إيران أقوى من قبل وأشد صلفا وتحديا وتهديدا (أن صح ما ينشر وما يذاع!) ..فنحن لا نراهن على أن أي من المرشحين سيعترف بذلك..

 

وكل العالم اليوم أصبح أكثر أضطرابا بعد الغزو الأمريكي والذي وقف مع أمريكا في العدوان على العراق أو سكت عنه مرغما أو طمعا بدأ يتململ الآن ..وما يجري اليوم في روسيا والصين والباكستان وما حدث في إسبانيا وإيطاليا وما سيحدث يمثل الكثير من ظواهر التمرد والإنفصال عن المحور الأمريكي الذي بني على المخادعة والتضليل ورسم الأهداف ابتداءا ثم صياغة المبررات!..وماحصل من تردي وإنهيار مالي عالمي ما هو إلا نتيجة أخرى لسوء إدارة أمريكا لمكانتها السابقة وقدرتها العسكرية والإقتصادية في مغامرة فاشلة عندما إجتاحت العراق!..

 

ولو كنت مرشحا للرئاسة الأمريكية لوضعت تلك الأهداف التي تحدثنا عنها وطلبت من المستشارين أن يعزلوا الحق فيها من الباطل والمزور والكاذب ..

 

ولدرست في مواقع الباطل بدقة وتروي لأبحث عن الأسباب الحقيقية لاختلاقها وحتى لو كانت فيها مصلحة الشعب الأمريكي لأن ما يجنيه الشعب الأمريكي على حساب حق الشعوب الأخرى وبتزوير للحقائق سيجلب لأمريكا العار والدمار سوية....

 

بوش إذهب ..بعيدا ..

لقد تركت عالما أسوء من ذالك العالم الذي جئت فيه رئيسا..

ومن يخلفك جمهوريا كان أم ديمقراطيا ..عليه أن يعي الدرس ..وأن يتعلم ..وعليه ان يكون صادقا ونزيها وليس كما كنت ..كاذبا ومزورا ومجرما ..

 

فالمعارك النزيهة وحدها التي تجلب لنا المجد والزهو..  

أما النصر الذي تشكل دعائمه الخيانة والزور والكذب والموت فهي الهزيمة بإمتياز..

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاثنين  / ٠٥ ذو القعدة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٠٣ / تشرين الثاني / ٢٠٠٨ م