الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

سواء فاز ماكين أو أوباما .. سيرحل بوش ..
أقل من شهرين فقط على نهاية حقبة حكم رئيس كاذب
..
حكاية النصر الأمريكي المزعوم

﴿ الحلقة الاولى

 

 

شبكة المنصور

الدكتور محمود عزام

 

بوش الراحل الذي سوف لن يذكره حتى حلفائه وأصدقائه بخير..

 

في المناظرة التي جمعت بين مرشحي الحزبين الجمهوري ماكين والديمقراطي أوباما يوم الجمعة 26 أيلول 2008 جرى الحديث بتركيز على أكذوبة مصطلح (النصر الأمريكي في العراق!)..هذا النصر الكاذب الذي أختلقه بوش ومجموعته التي أحاطت به طوال ثماني سنوات من الغش والكذب والتضليل ..ليس بحقنا (والذي يعتبرونه حقا مطلقا لهم !) ..ولكن بحق الشعب الأمريكي بأكمله..

 

وركّز ماكين من إن خطة بوش بإرسال تعزيزات إضافية عسكرية الى العراق ساهمت ووفقا لخطة (الجنرال العبقري!) ويقصد بيتريوس بتعزيز الوضع الأمني مما سيحقق النصر الأمريكي في العراق!..

وهذا ليس حديثنا ولا حديث سياسي جديد ..إنه كلام مرشح قوي ومحتمل للرئاسة الأمريكية وحليف بوش..والذي يمثل قلب وعقل الإدارة الأمريكية الحاكمة اليوم بشقيها العسكري والمدني !..

 

ترى ماهو الهدف ؟..

ومن هو العدو؟..

وإذا كانوا لحد الآن لم يحققوا النصر على هذا العدو تحقيقا لهدفهم فكيف سيحققون هذا النصر عليه؟..

والهدف الذي حددته الإدارة الأمريكية قبل تسع سنوات من بداية حكم بوش الصغير في المواجهة مع العراق كان يتركز على :

 

نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية  والتي تشكل تهديدا للأمن القومي الأمريكي وأمن إسرائيل ثم دخل أمن الكويت والخليج والمنطقة عارضا ومؤيدا لنظريتهم..وتبنى بوش الصغير هذا الهدف ..

 

وبضوء ذلك تحركت العجلة الإعلامية الأمريكية تساندها قطعان الخونة والأدلاء من (المعارضة ) وبسلاح المال والترهيب والتخويف والترغيب تم إستصدار سلسلة من القرارات من مجلس الأمن الدولي والتي أعطت صلاحيات مطلقة للجان التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل للبحث والتقصي والدخول لكل مكان في العراق ..وخلال هذه الفترة كان العراق يرزح تحت حصار ظالم طال كل شيء بما في ذلك حليب الأطفال وأقلام الرصاص لطلاب المدارس مارست فيه الولايات المتحدة الأمريكية بشكل بشع ومفضوح لسياسة إزدواجية مغالية بالكراهية والحقد والظلم على شعب العراق وغالبا ما كانت تفتعل مواقف معينة تقوم بعدها بقصف مكثف ومركز وهمجي لمدن العراق وجسوره ومصانعه ومؤسساته ومجمعات سكانه ومستودعات الأغذية والطرق بالصواريخ والطائرات ولعدة مرات..ورسمت فوق خارطة العراق حدودا وهمية للطول والعرض وأصدرت قرارا من مجلس الأمن يمنع الطيران العراقي من دخولها لتستخدمها في دورياتها ومراقبتها وإستهداف المواقع العراقية التي تختارها في الزمان والمكان الذي تقرره!!

 

وانتهت هذه الحقبة بغزو وإحتلال العراق من قبل جيوش الولايات المتحدة وكان الأمر الذي صدر من بوش في يوم بدء العدوان في آذار 2003 لتحقيق الهدف التالي وهو:

 

( أن تتحرك القوات الأمريكية لنزع أسلحة الدمار الشامل لصدام حسين بالقوة )!!..

وعندما أنهت القوات الأمريكية تدميرها وإحتلالها للعراق أعلن بوش من على أحدى حاملات الطائرات الأمريكية في الأول من مايس 2003 (ان المهمة أنجزت)!!..

 

وهذا هو الإعلان الأول عن النصر الأمريكي المزعوم !!..

 

وبعد ان نَصّبَت الإدارة الأمريكية الأدلاء والخونة من (المعارضة) على السلطة في العراق وبعد فترة وجيزة أعترفت الولايات المتحدة بأن (العراق لم يكن يملك أسلحة دمار شامل )و(أن المعلومات الإستخبارية التي أعتمدت عليها الإدارة الأمريكية في تقدير الخطر العراقي كانت خاطئة ومظللة ومبالغا فيها!)..

 

وفروا..تخلت الإدارة الأمريكية عن هذا الهدف وتحولت الى هدف آخر ..

وتم إستبدال الهدف الأساسي بالهدف الجديد الثاني وهو :

(التخلص من نظام كان على علاقة مع القاعدة!)..

 

وفور الإعلان عن هذا الهدف وحيث ان الغزو والإحتلال قد حقق تدميره للدولة وإغتيال وأسر قادتها فكان ذلك هو:

الإعلان الثاني للنصر الأمريكي الكاذب!..

 

ولكن..بمرور زمن قصير صرحت أجهزة المخابرات الأمريكية بعدم وجود أي علاقة للنظام العراقي بالقاعدة وإن ما جرى من تمرير لهذه المعلومة كان تزويرا للحقيقة بغية إيجاد مبرر للغزو!!..

 

وهذه المرة تحولت الإدارة الأمريكية الى تبديل الهدف للمرة الثالثة ليكون:

(إشاعة الديمقراطية وتخليص الشعب من الديكتاتورية والبطش والقمع)..

 

وبخطى متسارعة أجبرت القوات الأمريكية الخونة والأدلاء من المنتفعين بالسلطة على إجراء إنتخابات مبكرة وتشكيل مجلس نواب وحكومة أرادوا أن يعطوها صبغة الوطنية والتوافقية وشمولها على مكونات الشعب وأطيافه ..وفورا عقدوا الندوات واللقاءات والتصريحات التي جعلت من العراق واحة للديمقراطية الفريدة من نوعها..

 

وكان هذا الإعلان هو الإعلان الثالث لتحقيق النصر الأمريكي الموهوم !..

 

وبتفكك عرى التحالفات السياسية وتدخل إيران السافر وتزايد ضربات المقاومة العراقية الباسلة وتزايد حالة العنف وفقدان الأمن والأمان بشكل ملفت للنظر وغير مسبوق وتزايد حالات الفساد والسرقة ونهب المال العام والتصفيات والإغتيالات على الهوية والطائفة والقومية تلاشت ظواهر أدنى أشكال الديمقراطية ليحل محلها أشكال متعددة من الفوضى العارمة..

 

وفورا إتجهت الإدارة الأمريكية لرفع شعار هدف جديد ..

 

وتم تبديل الهدف للمرة الرابعة ليكون الهدف الجديد هو:

( القضاء على الإرهاب في المعركة معه في العراق) !!..

وجاء بيتريوس للواجهة العسكرية ورايان كروكر للواجهة السياسية..

 

وإختلقوا نمطا جديدا من التمويه بني على السعي  (لتحقيق مكاسب على القاعدة ميدانيا وإعادة الأمن للمناطق الساخنة)..وعرضوا مقترحا بزيادة عديد القوات الأمريكية..تزامنا مع تشكيل تجمعات الصحوة في الأنبار..

وبالنتائج التي حققتها مجاميع الصحوة على القاعدة في ظل محاربة السلطة وأجهزتها وأحزابها لها وعند تراجع عمليات القاعدة عدديا في الأنبار زار بوش محافظة النبار وإلتقى مع قادة الصحوة وأعلن من هناك الإعلان الرابع لتحقيق النصر الأمريكي المزعوم!!..

 

وعندما وضعت الإدارة الأمريكية العسكرية والمدنية كل البيض في سلة مثقوبة وخلقت لها هدفا أقل ما يمكن وصفه بانه وسيلة للهزيمة المنكرة من مستنقع العراق وشدة ضربات الشعب ومقاومته الوطنية الباسلة..وبسبب تردي الوضع الأمني مرة اخرى تراجعت الإدارة الأمريكية لتجد لنفسها هدفا خامسا جديدا وهذه المرة إعتمدت الخطة الأمريكية الجديدة على السعي لإيجاد مرتكزات مادية واضحة لتحقيق هذا الهدف وهو :

 

(تحقيق تقدم ملموس في الوضع الأمني )..

 

وخاصة في المناطق الساخنة ليتم ربط هذا التقدم بالإعلان الخامس للنصر الأمريكي الكاذب المتغير  ووضع لهذا التقدم وسيلة ( لا علاقة لها بهذا الهدف بل من أجل ربط أي تقدم بهذه الخطوة) وهي زيادة طفيفة بعدد القوات الأمريكية في العراق والذي لا يتجاوز 7% من العدد الموجود بالأصل من القوات الأمريكية..

 

وتم وضع الملامح التالية لهذا التقدم الذي لا يمكن أن يتحقق مطلقا وهي:

 

-         االتقدم في موضوع القضاء على نشاط القاعدة..

-          التقدم بالوضع الأمني العام وخاصة بغداد  ..

-         القضاء على الميليشيات وخاصة جيش المهدي ..

-         تحقيق تقدم في المجال الديمقراطي كقانون إنتخابات المحافظات وموضوع المصالحة الوطنية ..

-         تطوير وتدريب وتأهيل وتسليح الجيش اللاوطني وأجهزة الأمن والشرطة..

-         تثبيت الوجود الدائم للقوات الأمريكية وذلك من خلال السعي لإبرام إتفاقية أمنية طويلة الأمد مع الحكومة..

-         إيجاد آلية لضمان إحكام السيطرة على الثروة النفطية..    

 

وقد أوكل هذا الأمر الى مجالس الصحوة في الأنبار وحكومة المالكي العاجزة وأحزاب السلطة الطائفية وشخصياتها العميلة والخائنة والذليلة والمزدوجة الولاء والكاذبة والمزورة والسارقة وتم تقديم الدعم المالي والإعلامي والمعنوي والسياسي للحكومة وفي سابقة لم يرى المراقبون مثيلا لها في كل التأريخ في دعم أعمى ورعاية غاية في الغباء والحمق ..ومن جهة أخرى قدمت القوات الأمريكية الدعم المادي الكبير لمجالس الصحوة والتي توهمت أنها حققت ما عجزت عنه كل الآلة العسكرية الأمريكية وأجهزة السلطة الذليلة..وأعتبر الإنجاز العشائري لهذه المجالس في هذا المجال نجاحا لستراتيجة بوش وبيترايوس وكروكر الجديدة وبإغفال متعمد الى أن حقيقة ما جرى ماهو إلا ( تعاون بعض الشيوخ )  وقادة الصحوات مع القوات الأمريكية سعيا وراء المال والجاه والسلطة من جهة وتنفيذا لثارات شخصية وعشائرية ومناطقية مع هذا التنظيم الذي تجاوز حدوده في التعرض للناس وتفجير المفخخات في الأماكن العامة وإغتيال من لا يلتحق بركبهم ومنهجهم والتي إستغلتها السلطة للنيل من سمعة المقاومة الوطنية وأهدافها عندما قامت بإتهام المقاومة بوقوفها خلف هذه العمليات الإنتحارية البشعة.. حتى تحولت المدن والقصبات في هذه المحافظة الى بركان من النار ليتم إيهام الناس بان المنقذ هو مجالس الصحوة وليس المقاومة الوطنية والثورة الشعبية العارمة..وقد حاولت القوات الأمريكية وسلطة المالكي إجبار مجالس الصحوة على إتباع نهج متابعة وملاحقة المقاومة الوطنية وفصائلها وفشل الجميع بذلك لسبب بسيط وهو إن هذه الفصائل الوطنية مزروعة في كل عوائل المحافظة ومحاربتها يعني محو محافظة الأنبار.. وبإنحسار نشاط القاعدة الذي تم تطويقه في هذه المناطق توهم المحتل بان عمليات المقاومة ستنتهي وهذا ما جعلهم يصرحون بان الوضع الأمني في تحسن وإن العمليات العسكرية في تراجع وهم على حق إذا أعتبروا تراجع أعداد  التفجيرات الإنتحارية والمفخخات ولكنهم مخطئون تماما في تطور أعمال القاعدة نوعيا من جهة ..وتطور عمليات المقاومة الوطنية من جهة أخرى..

 

ومع ذلك ..لازال (الإعلان الخامس!) للنصر المزعوم الكاذب بعيدا جدا!..مع إن لهم القدرة على التغيير لهدف جديد سادس وسابع !..

 

وهذا هو الجنرال بيتريوس يقول حرفيا وبعد أكثر من خمس سنوات من إستخدام كل وسائل القوة المفرطة والمعدات والقتل والتشريد والملاحقة والتدمير وشراء الذمم : ( إني أغادر منصبي كقائد أعلى للقوات الأمريكية في العراق دون إعلان تحقيق النصر!!!)..

 

وقوله : (  أن المكاسب الأمنية التي تحققت مؤخرا ليست مضمونة إلى الأبد )!!..

 

وقوله أخيرا:

 

( إن الولايات المتحدة إمامها "كفاح طويل" معتبرا إن هناك في الأفق "سحب وعواصف" قد تسبب مشكلات حقيقية )!!..

 

ومن المعروف أن هذا التصريح يعتبر من الناحية العسكرية إعلان صريح للهزيمة النكراء للقوة الأمريكية الغاشمة وللسياسة الأمريكية الحمقاء..

 

وسيرحل بوش بإدارته الكاذبة والمزورة بدون تحقيق النصر !..

 

وسيسلم إدارة البيت الأبيض لمن سيخلفه بدون تفسير واضح ومقنع للأسباب التي دعته للكذب مرارا وتكرارا ..

وسيترك الرئيس الجديد بدون إستراتيجية واضحة لتعريف "الهدف" الذي لم ولن تنجزه القوات الأمريكية رغم عشرات الألوف من القتلى والجرحى والمعوقين من خيرة مقاتلي الجيش الأمريكي وخسائر تريليونات الدولارات التي أنهكت وحطمت الإقتصاد الأمريكي ..

وسيرحل بوش وبطانته السيئة ولا يهمنا من سيأتي بعده ..

 

سيرحل بدون تحديد دقيق لمصطلح "النصر الأمريكي" الذي يبدو أن الهروب السريع من جحيم العراق هو السبيل الوحيد لتحقيقه !..

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاحد  / ٠٦ شـوال ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٠٥ / تشرين الاول / ٢٠٠٨ م