الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

وعود وحقائق

 

 

شبكة المنصور

الدكتور محمود عزام

 

سَرت في الأيام الأولى للإحتلال الأمريكي للعراق موجة إعلامية وترويج وإشاعة سياسية عارمة للحالة العراقية الوردية المنشودة (لعراق ما بعد التحرير!) ..

 

وكانت الإشاعات التي إنتشرت بسرعة في الأوساط العامة ولدى الشرائح الشعبية البسيطة  تلاقي تفهما من أوساط مثقفة أيضا ..وكان رد هذه الأوساط في حينها إن الولايات المتحدة قادرة على فعل ذلك!..فهي أكبر وأقوى وأغنى دولة في العالم ..وإن العراق بالأساس بلد غني ..ووجود الولايات المتحدة بقوتها العسكرية والإقتصادية والسياسية والإستثمارية ستجعل من العراق جنة النعيم وملتقى الحالمين بالحضارة والتقدم والأمن والأمان ..وقد تناست هذه الشرائح المثقفة الهدف الأساسي من غزو العراق وتوهمت بل واوهمت نفسها بان (بعض الإعتداءات الظالمة والحاقدة والمنتقمة ) يمكن ان تكون (ذات أهداف نبيلة!)..

ومن هذه الإشاعات التي داعبت مخيلة الكثيرين من عامة ومثقفي شعبنا :

 

أنه سيتم توزيع عوائد الثروة النفطية على الشعب بالتساوي!..فقد ذهبت (الأيام) التي كانت هذه الثروات ملكا للبعض من (السلطة الديكتاتورية!)..

 

والترويج الإعلامي لقيام المحتل بتوزيع جواز سفرعالمي لكل البلدان لكل العراقيين بحيث لا يحتاجون الى أي تأشيرة دخول الى أي بلد!..

 

وزيادة مفردات الحصة التموينية الى 100 مادة منها (بطل ويسكي لكل فرد شهريا !) وألف دولار أمريكي!..

والإشاعة بين الناس بان (النظام الجديد) سيقوم بتأمين عمل لكل عاطل ..

وسيقوم بتوزيع بيت لكل مواطن مع قطعة ارض وسيارة آخر موديل !..

 

وسوف لن تتم مسائلة أي عراقي بعد اليوم عن مذهبه أو دينه أو قوميته وعشيرته وقبيلته أصله او معتقده السياسي !..

 

وسيكون للعراقي الحق بأن يعبر عن رأيه بكل ديمقراطية !..

وسيكون من حق العراقي ان يذهب الى أي مكان يشاء داخل وخارج العراق بدون أي موافقة وحتى من مسؤوله في العمل!..

 

وستلغى السجون والمعتقلات وستتحول الى اماكن تأريخية (تحكي جور وظلم الأنظمة السابقة!)  وسيذهب (الزمن) الذي يتم فيه توقيف الناس (بلا تهمة وبدون امر قضائي!)..

وسيتحسر أهل الإمارات وإسرائيل وأمريكا والسويد على العيش في بغداد!..

وستعيش كل أسود وذئاب وحملان العراق في غابة واحدة بعيش عزيز ورفاهية ..

وقد أوكلت الولايات المتحدة (صركالا ) على العراق وهي إيران !..

 

وأصدرت أوامرها لتنفيذ هذا الحلم الكبير الى الطالباني والبرزاني والحكيم والجلبي والمالكي والعنزي والعامري وعلاوي قبل ان يدخل الهاشمي والمشهداني للعبة ..

حلم عراقي وردي ينفذه هؤلاء !..

 

وكأي مواطن قضى (سنوات طويلة من عمره ) وهو يحارب هؤلاء الذين جاءوا بهذه الحزمة الكبيرة من الأماني.. ولانه تربى من صغره على توصيف ثابت ومبدئي لايقبل التحليل لمن هم الأعداء ومن هم الأصدقاء وحيث ان هذا المواطن وجد نفسه فجاة أمام هؤلاء الأعداء وجها لوجه وهم يحملون هذه الشعارات..

ولأن العراقي لا يعطي ولاءه بسرعة..

 

وبغض النظر عن استخدام العقل والمنطق وتحليل (حزمة الأسباب الكاذبة والمزورة التي دعتهم لغزو وتدمير وإحتلال العراق)..

 

وعن مستوى هؤلاء المنفذين وتأريخهم الشخصي والسياسي والمهني والوطني..

وعن كيفية ووجوب التعامل مع مثل هذه الحالات.. فكان للمواطن الحق أن يأخذ وقته ليعرف ما يجري ..

وان يكون له الحق ليرى على أرض الواقع ما سينفذه هؤلاء ..

وكان له المزيد من هذا الوقت ..

 

ووجد هذا الذي قضى السنوات حالما.. بأن العراق اليوم ما هو إلا مثالا للجحيم ..

في السنة السادسة للحلم الكاذب والسراب التائه..ملايين القتلى والمشردين واللاجئين والمهجرين واليتامى والمفقودين والأرامل والمعتقلين والمفجوعين ..والوطن مقسم وتعبث بإرادته وسيادته أيادي ملطخة بدم الشعب الزكي وماله وثروته ..لا منتجات نفطية ليسألوا عن توزيع عوائد النفط..وجواز السفر العراقي منبوذ في كل مطارات العالم ونقاط الحدود رغم إن الأمريكان هم ولاة الأمر (وقادرون على ان يعملوا الكثير!)..

وأختفت كل الحصة التموينية ويتساءل العراقيون اليوم عن أقيام أكثر من ستة ملايين حصة تموينية شهرية مدفوعة لكل هذه السنوات !..وتبخرت (آمال سكارى الحي!) بالشراب وأحلامه مثلما تبخرت مفردات الحصة الأصلية..

 

ولم يتم توظيف جموع العاطلين بل طرد العمال والموظفين من أعمالهم وبقي أمام كل مواطن الخيار في أن يلتحق بتشكيلات السلطة وميليشياتها أو البقاء في الشارع ..فلا بيوت أو سيارات وزعت ولا قطع أراضي ..بل تم تهجيرهم قسرا من مساكنهم ..

 

وأصبح النقد المهني يوجب القتل فكيف بممارسة النقد السياسية والديني!..

وتوسعت قاعات إستيعاب المعتقلين والأسرى وتم بناء سجون جديدة كبيرة في ظل النظام الجديد وقسموا الشوارع والأزقة وجعلوا العراق كله في سجن كبير بلا ماء وبلا كهرباء او خدمات ..

وغزا الملتحون ومدعي الدين الشارع العراقي جنبا الى جنب مع الأمريكان والإيرانيين وضاعت هوية الوطن !..

 

هذا هو حال العراق اليوم كما تبنت وكلفت ببناءه تلك المجموعة ..

وكان في العراق من لم تنطلي عليه حيلة (الذئب الذي لبس ملابس الحمل الوديع) وأنتفض فورا من يومه رافضا مد يده للأغراب ..

لأنه يعرف الغاية من العدوان ومن يقف وراءه وطبيعة التزوير والكذب والتلفيق الذي أستندت عليه القوة الغاشمة المعتدية في الغزو والإحتلال ..

والكثير من الناس من إستغرقت مدة عودته لإتزانه وقتا أطول..

أما من بقي عالقا في قاع الهاوية فهم من كانوا على شاكلة من جاء..

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الثلاثاء  / ٢٣ رمضــان ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٢٣ / أيلول / ٢٠٠٨ م