الاسهم المالية هي قمار العصر وميسره

 

 

شبكة المنصور

د. محمد رحال / السويد

 

مواطنة خليجية سمعتها وباذني تقول ومنذ ايام قلائل انها دخلت السوق المالية بمليون درهم وخرجت منه باقل من ثمانين الف درهم , وكانت هي من القلة المحظوظين بانهم خرجوا بشيء من سوق المال , ومنذ شهور قليلة راينا كيف كان الافلاس الشديد لعدد هائل من المستثمرين في الاسهم , وذلك من اجل اغراق المواطن الخليجي المسكين بالمزيد من الديون , فقد افتتحت العديد من القنوات التلفزيونية من اجل جذب المواطن الى سوق الاسهم وغمسه في تلك السوق حتى اذنيه , درجة ان تلك الدول سمحت للمواطن في الاستدانة من البنوك الربوية وسهلت له الامر واغرته من اجل شراء الاسهم , وحين ادركت هذه الدول ان غالبية المواطنين قد تورط في تلك الديون , كشفت سوق الاسهم عن الوجه القبيح , واللعبة القذرة , ليكتشف تجار الاسهم من المواطنين الذين اغرتهم وسائل الاعلام التابعة لشخصيات مقربة من اجهزة الدولة الحاكمة في دول الخليج , وليذهب المال المدخر للايام السود , والمال المقترض بالفوائد لصالح شخصيات معروفة تضاعف دخلها وطالت ابراجها واستدارت كروشها , وليغرق شعب الخليج في المديونية بعد فقدانه بيته ومسكنه وعقاره ومدخراته , واصبح يعمل من اجل دفع الفائدة واقساط الدين , والمصيبة ان كل هذا حصل ويحصل امام نظر علماء الدين , وخاصة منهم مايسمون بالدعاة’ ولم يتجرا اي من هؤلاء الدعاة بفتح فمه ولو بكلمة : ايها المسلمون انه ميسر واضح والميسر حرام في الاسلام , وتبين ان هؤلاء الشيوخ الخمس نجوم هم ليسوا من جماعة الحلال والحرام , وانما هم صنف من شيوخ اخر الزمان والذين يسمون شيوخ الرقاق , اي شيوخ السبحات , اي شيوخ ماسحي جوخ الحكام , اي انهم من الصنف الذي قال فيهم نبي الرحمة صنفان من الناس ان صلحا صلح الناس , وان فسدا فسد الناس العلماء والامراء , واثبتوا انهم من الصنف الثاني الاكثر احتراما من البيت الاسود في واشنطن .


الغريب حقا ان اسواق المال تلك والتي افتتحت مباشرة عقب الاحتلال الامريكي على العراق كان بموجب نصيحة امريكية محضة , وذلك بعد اكتشاف ان هناك خطرا كبيرا من تسرب القليل من المال والرجال من هذه الدول للدفاع عن شرف الامة الذي استباحه الغرب مجتمعا بالاتفاق مع حكامنا الافاضل جدا , وبسبب هذه النصيحة فقد انصرف علماء العصر الحريري الى الدعوة المباركة لحكامنا العقلاء, وبنوكنا الاسلامية والتي ثبت انها من اكثر البنوك ربوية في العالم , مع الاكثار من قراءة قل هو الله احد بعد النوم وخاصة بعد مشاهدة برامج الطبخ , ولقد نجحت هذه النصيحة نجاحا باهرا , في اغراق اكثر من 70 بالمائة من اهل الخليج في بحر المديونية , بعد ان شدت عيونهم الى شاشات الاسهم القاتلة , والتي حرمتهم من نعمة النوم ونعمة الاتصال بعمل الخير الذي شب عليه اهل الخليج , وباتت جمعيات الاصلاح خاوية , بعد ان كان المال يتكدس فيها, بل وبدا دعاة الدفاع عن النبي الاعظم مهرجين في اعين متابعي الاسهم , وكثرت الامراض المتعلقة بالاسهم في شعب اعتاد على الراحة وادمن المكيفات وصار يمشي الى اسواق الاسهم كما تمشي اسراب البطريق , بل وتحول اسم المقاومة العراقية في نظر هؤلاء الى مجرمي حرب يجب مطاردتهم لانهم عصوا ولي الامر الامريكي الجديد والذي كما قال بعض فقهائهم انه منهم , وانصرف شيوخ المطوعة الى صغار الامور ليتركوا لعبة القمار العالمية والمتمثلة بالاسهم تحش عقول الرعية كلها , ولم يستفق الناس منها الا وهم على حافة الهلاك , بل ولم يتبق لهم الا دفشة هواء صغيرة لتلقيهم في شر اعمالهم واعمال علمائهم وحكامهم المشاركين في هذا العبث المالي والاشد حرمة في قواعد الشرع الاسلامية , وهي نتيجة طبيعية لمن لاينظر الى الله بقلبه , والذي يترك اخوانه في العراق وفلسطين والصومال واثيوبيا وغيرها جوعى في الوقت الذي تشخص عيناه الى حركة الاسهم الملونة .

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الجمعة  / ١١ شـوال ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ١٠ / تشرين الاول / ٢٠٠٨ م