الازمة المالية العالمية وحكاية القط واللحمة

 

 

شبكة المنصور

د. محمد رحال / السويد

 

يحكى ان رجلا كان يشك في شرف زوجته , فاشترى لها في احد الايام خمس كيلو غرامات من اللحم وارسلها الى البيت , وعندما رجع الى البيت وسال زوجته عن اللحمة والتي لم يقدم له منها شيئا , فاجابته زوجته لقد اكل القط اللحمة , وهنا وامام ثورة الغضب الشديدة منه , فانه حمل القط بيده ليزنه بالميزان فوجد ان الوزن الاجمالي للقط كان خمس كيلو غرامات , وهنا صرخ الرجل في زوجته قائلا : هذه هي اللحمة فاين هو القط , وهذه الحكاية اليوم عن الاسواق المالية العالمية , فاذا كانت مديونية العالم كما تقدرها الاوساط المالية اليوم تتجاوز كل الراسمال العالمي الموجود حاليا , وهذا مالم يفصح عنه اساطين المال وتجار السياسة , ولقد كشفت الاخبار الواردة من اسياد المال في عاصمة المال في امريكا ان صندوق المتقاعدين والذي يقدر بالفي مليار دولار قد تبخر , وهذا لايمثل الا خمسة بالمائة من اجمالي المشكلة في الولايات المتحدة الامريكية , بل وان اكثر من الفي مليار دولار انفقت خلال اسبوع واحد , ولم تقدم اي حلول لوقف وفرملة الانهيار الحاصل , درجة دفعت الكثير من خبراء المال الى الدعوة الفورية الى اغلاق اسواق المال كي لاتعاني الكثير من الدول من الافلاس التام , واذا كان مثالنا عن القط والذي كان خمس كيلوات مضحكا فان الواقع يبدوا اشد ضحكا بل واكثر ماساوية , لان نسبة الموجودات المالية هي اقل بكثير من نسبة وزن القط , والكارثة تعود الان فقط على المستثمر الذي رهن ماله الحقيقي بل وهناك من استدان , وجلس في بيته فرحا بما اعطاه الله من عقل لاستثماره في شراء الحافظات المالية والاسهم وسخر جهده ووقته وعرقه في خدمة السوق المالية , وهو لايعرف اين سيذهب ريع هذه الاسهم , لشقة في برج على جبل في عطارد , ام لماخور في كوكب زحل , ام لمعمل لتعليب الويسكي الفاخر , ام لمدينة سياحية في احدى دول المغرب , لياتي اليها المصطافون والعهرة من كل اصقاع الارض فيفحشوا في اموال الشرق المسلم واعراضه , وهذا يجري وبمباركة كاملة من كل تجار الدين الذين اكثروا من فتاوى التكفير من اجل هزة اصبع , او تقصير ثوب , اونقصان سبحة , او انتماء لعرق او مذهب , تاركين المال المسلم وبمباركة منهم تنهبه شياطين الارض من اممها المختلفة ودون علم بقوانين الاقتصاد ’ فرحين بما اتاهم الله من لفات اكبر من اطباق الكنافة النابلسية ,مع هدايا وجوائز مالية ممهورة بخاتم حكامنا الشرفاء الاتقياء الانقياء العدول دام ظلهم وظل اللي خلفوهم الشريف , وليشترك في فرم شعبنا السعيد في ممالكنا الفرعونية السعيدة كلا من فراعنة العرب مع شيوخ الخمس نجوم اطال الله مسابحهم , ولتترك الاراضي العربية المقدسة تنتهكها كل الزبالات في الامم وتعتدي علينا ضغاث الطير , وكل هذه المهانة وممالكنا السعيدة مازالت تتحدث عن عزة وكرامة , وما تسليم العراق والوقوف منه موقف المتفرج او المتعاون بل وتزويد طائرات الاحتلال والتي قصفت كل مليمتر من ارض العراق بالوقود ذو السعر التفضيلي الا برهان ساطع على مدى ايمان هذه الانظمة بالنهج التقدمي الحديث والبراق الذي جلبه امير المؤمنين في البيت الاسود الامريكي , وساحرته حبيبتنا السمراء وحبيبة الفراعنة العرب, والانكى من ذلك ان احدهم يعتز بازدياد دخل بلده التي ورثها عن جده الكبيرالفرعون اقرع طاخون من الاسرة الخامسة , حيث تضاعف دخل القناة الشهيرة نتيجة السماح بدخول ادواة نشر الديمقراطية في بلاد الرافدين , وباعتبارها ممرا دوليا , واصبحت هذه القناة ممرا ممنوعا من مرور الاسلحة حينما يتعلق الامر باسلحة الى دولة شقيقة.

 

لقد سقطت اسواق المال العالمية لارتباطها بالاسواق والعمولات الربوية ولقد اعلن قادة تلك الدول عن ان الكارثة كبيرة جدا , وذلك لان الضحية اولا واخرا هم المدخرين الذين خسروا مدخراتهم , وان اصحاب المدخرات من المفروض ان ينالهم التعويض , اما في شرقنا السعيد فقد اعلن ملوك ممالنا السعيدة ان السوق المالي لم يتاثر , وذلك لان الخاسر الاكبر فيها هو المواطن الذي خدع وسيق الى اسواق الاسهم وبمباركة من الشيوخ الخمس نجوم , ليحرموا ولينزعوا كل ذرات الايمان الباقية في نفوس شعبنا وحتى المال الذي خسرته الانظمة فهم يدركون انه وديعة امريكية لديهم يسلب او ينهب او يمنح في الوقت الذي يريد الشيطان الامريكي , وها قد ذهب المال وذهب العراق وقبله الافلسطين والاحواز وبقي لنا والحمد لله فراعنتنا بارك الله لنا فيهم وبذيلهم الشريف دام ظله الطريف .

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

السبت  / ١٢ شـوال ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ١١ / تشرين الاول / ٢٠٠٨ م