ضاعت على الفقير بين مؤمن وملحد

 

 

شبكة المنصور

د. محمد رحال / السويد

 

نحن في عالمنا العربي¸والاسلامي نعيش ازمة كبرى , وهذه الازمة هي في كونها اننا نؤزم الازمات , ونعقدها, فالصغير قبل الكبير, والجاهل قبل المتعلم يعرف ان هناك مؤامرة على بلداننامن العالم شرقيه وغربيه , والعجيب الغريب ان الامم كلها تتضامن مع بعضها في حالات الخطر الا امتنا التعيسة, ليتحول الاخ والجار الى اعداء مستعينين بالعدو الخارجي والذي يعترف الجميع انه العدو , ولكن ان يدخل العدو الذي يتامر علينا ليكون حكما بين اهل البيت الواحد فلعمري انه من اكبر المصائب , وعذر امتنا المتعددة الرؤوس , وما اكثرها انها تتشبث برايها مع احتقار الراي الاخر , واقول ذلك وانا انظر الى امة الغرب التي اجتمع زعمائها , فقيرهم وغنيهم , يمينهم وشمالهم من اجل ايجاد حل للمعضلة القائمة , ومن يقترب من هذه الاجتماعات يجدها اجتماعات حل ازمة , وليس تصعيدها , فلم نجد يسارا يدافع عن نظرية استعبدت الانسان وحولته الى كلب ينبح ليل نهار يردد شعارات الحب والوفاء لزعيم متسلق شفط الدولة بما فيها باسم المساواة والعدالة والرفاه, وفي الطرف الاخر فقد فرش الطرف الراسمالي اوراقه قائلا انها ازمة لااريد ان اخفيها فلنتساعد في حلها, ويقف الان العالم غربه وشرقه من اجل حلحلة ازمة مستعصية , لن تجد لها حلا في الزمن القريب , لانها تتعلق بركود اقتصادي حاد اشترك فيه الجميع , يرافقه انهماك عالمي اضاع كل مدخرات الامم في سباق عقاري بنى المدن بطفرات فوضوية ليفرغ البنوك وجيوب الناس , ويطيح بمدخرات المدخرين , وهي الازمة الاكبر والتي لاتريد الدول ومؤسسات المال كشفها لعمق الكارثة, والتي ستتناول اول شئ في طريقها المال العربي , والذي سعد بنهضة قصيرة جدا بنى عليها احلاما توجها بابراج عالية ترضي طموحه , وتروي عقدة النقص لديه, والضربات المتلاحقة القادمة ان هذه الدول بنت خططها على اساس ارتفاع اسعار النفط , وهبوط الدولار , وزيادة الاسعار , في الوقت الذي يتهدد اسعار البترول موجة الكساد والتي قد توصل اسعار البترول الى دون مستوى الثلاثين دولارا في حالة وجود الشاري الذي يملك المال كما قال لي احد اعمدة الاقتصاد للاسف , وسيندم اؤلئك الذين اشتروا الاسهم , وتركوا اعمالهم , ولبسوا الاثواب الحريرية البيضاء , وتجمعوا في صالات الاسهم , تاركين ورائهم كل متعلقات الدنيا وعيونهم شاخصة الى معبودهم الجديد , والذي ضحك لهم طويلا , واراهم كل الاضواء وجاء الان دور الاضواء الحمراء والتي يفهمها جيدا اؤلئك البطاريق المكرشين من اصحاب الاسهم المالية , والاضواء الحمراء بالنسبة الى اؤلئك المكرشين هي اشد احمرارا من تلك العيون الحمراء والتي يراها عامة شعبنا الفقير من سلطة حاكمة ظالمة غاشمة ,والذين شياطين جهنم ارحم منهم  وافضل .


مع كل هذا التازم , اقرا الصحف باشكالها, واستمع الى الاعلام العربي السافل لارى ان الطبقة المثقفة هي شرار الناس في اوطاننا , فهم اما يمين يمين او يسار يسار, وبيد كل طرف من ادوات النار  والعداء والحقد ماليس بيد احد, وكل ذلك بهدف ان يشعل كل طرف النار في الطرف الاخر , بالرغم من ان كلا الطرفين يسيران في قارب واحد , وكل الامم تسلط كل انواع المكر والعداء ضدنا نحن ركاب هذا المركب الواحد , ولقد عايشت اليمين واليسار في بلدان الغرب , وشاهدت كيف يجري التنافس في الانتخابات وغيرها , فما وجدت احدا ينال من احد , فرجال الاحزاب والسياسة في الغرب يحملون بايديهم برنامجا حزبيا واضح المعالم , ليس فيه للشخصنة مجال , ومن حق الجميع عرض برنامجهم على الشعب , في ظل احترام كبير لصندوق الاقتراع والذي يحدد في النهاية من هو الرابح , وفي النهاية يهنيء الخاسر الرابح ليخرج الوطن وحده رابحا باتفاق الجميع , وتمضي دورة كل طرف ’ فان نجح فهذا للوطن وان اخفق , فعلى صاحبه الذي سيخسر مكانه لمن هو افضل منه , ودن تشبث بكرسي او ادعاء بوطنية , او قيادة ملهمة ’ والقيادة الملهمة هي التي يختارها الشعب الحر , اما القيادة التي تستبد بالسلطة فهي قيادة لصوص , ولتسمي نفسها بعد ذلك بما تريد , والرجل القائد الحقيقي هو الذي يطعم شعبه مزيدا من الديمقراطية , مع المزيد من الرفاه , ويكون عمله خادما للدولة والشعب , لاان ان تكون الدولة نهبا له ولاقاربه ومحاسيبه , وتحت اي شعار كان واكثر همه هو حشد الجماهير المقهورة في مظاهرات مصطنعة , وشعارات اكل عليها الدهر وشرب متلذذا بسوق الشعب بالسياط ليقول ان الشعب يحبه , مدعيا انها مظاهرات عفوية في حب القائد كي يقنع نفسه والبلاد الغربية , مع ان الغرب يعرفه وتتحدث الصحف عن ديكتاتوريته , ولكن زبانيته لاتوسل له الا مايحب  , وطالما ان شعبنا يمزق نفسه وتسيره انانيته فلن تتحرر دولة ولن يستقل اقليم , وما سيذهب اكثر بكثير مما ذهب , وكل ذلك بفضل مجموعات تدعي الثقافة والعلم والوطنية , وهي ليست الا مجموعات متوحشة تهاجم بعضها بعضا الا ماندر , ولقد نظرت في صحافة اعلامنا العربي وما وجدته وتصفحته لأمر عجاب , يمين يكفر الجميع ويسار يسخر من الجميع بل وقد ينال البعض من اهله ويسخر منهم لالذنب ارتكبوه وانما احيانا لمجرد قرابة او هواية  , واسمحوا لي ان اضرب مثلا على هذا الخزي , فقد نشرت بعض الصحف ان شخصا ما يدعي الدين والعلم وابنه يعزف الموسيقا وصحيفة اخرى تكتب بخط عريض  , فلان ابنته راقصة , وصحيفة اخرى وبخطوط اكثر حجما تقول ابنة اخ فلان تكره عمها ,وضحكت  على هذه العقول التي تريد ان تقدم امة , معلاقة شيخ بابنه الذي يعزف الموسيقى , وما علاقة رجل اخر تدعي راقصة انها ابنته , ويقول هو اتحداكم حللوا الحامض النووي , وما علاقة ابنة الاخ بعمها , اذا كان ابيها نفسه قد تخلى عن عمها , والمصيبة ان من يقول  هذه الاقاويل لاعلاقة له مثلا بالفكر الديني ,  ولم افهم اين هي الايدلوجية في ذلك , او الفكر الخلاق , وما هي علاقة اتجاه فكري عام بسلوك شخص , بل واردت هنا ان اسال عن اخلاقية الكاتب , واخلاق الصحيفة التي تكتب له , واخلاقنا العربية تقول ولا تزر وازرة وزر اخرى , لقد بات النقد سهاما توجه الى بعضنا , بدل ان توجه الى الحاكم الظالم الذي سلب اليمين واليسار حريته وكرامته , وللاسف فحكامنا الشرفاء قدموا كلهم من يمين او يسار , فمن الاولى على هذه الرؤوس الكبيرة ان لاتتناطح مع بعضها في الوقت الذي تجلس فيه ذئاب الارض تسخر منكم , وتنتظر ان يستوي منكم اللحم والعظم لان الغرب شعاره دائما : بدهنكم نقليكم , وبدلا من التناطح في صفحات الجرائد عليكم بعدوكم جميعا والذي سلبنا ارضنا في فلسطين والعراق والاحواز غيرها , ان كان لكم بقية من قرون تنطحون بها , وساهموا في نطح النظام العربي الشفاف والذي لايحتمل نطحة واحدة لكثرة شفافيته , ولتثبتوا لاولادكم وزوجاتكم على الاقل انكم ارباب اسر قبل ان تكونوا ارباب ايدلوجيات ودول , واقول ايضا الرجاء بعض الحياء والخجل ايها المتناطحون على كرة من الصوف.

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

السبت  / ١٩ شـوال ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ١٨ / تشرين الاول / ٢٠٠٨ م