أوباما – ماكين .. ونهاية أمريكا

 

 

شبكة المنصور

حسين راشد

 

أنت قوي مادام ضعفك مستتر .. وأنت ضعيف ما دامت قواك معروفة

 

هي حكمة أضيفها للمتعارف عليه من قبل .. والحديث عن القوى وخاصة القوى العظمى الوحيدة بعد تفتيت الاتحاد السوفيتي وعدم مقدرة أي من شعوب العالم فرض قوتها على الساحة العالمية لأسباب عديدة , أهما أن تلك الشعوب لا تؤمن بقوتها الحقيقية , فالقوة لا تعني فقط امتلاك أسلحة متطورة ولا اقتصاد مادي قوي كما هو المعروف , بل القوى الحقيقية هي إيمان الشعوب أنها قادرة على المواجهة الفعلية لأي قوى خارجية , و الدفاع عن نفسها في حالة الاحتلال وكيفية رص الصف واللخمة بين الشعوب والقادة , وهذا لا يتأتى إلا في حالات الحرب المعلنة المباشرة , وهنا يظهر المعدن الحقيقي لهذا الشعب أو ذاك ..

 

ولعل الحرب على العراق في 2003 من قبل القوى العالمية مدعومة من شتى بقاع الأرض لإسناد خاصية الشرعية و إشراك أغلب الدول في شرك الحرب حتى لا تجد الإدارة الصهيونية من يعارضها بعد ذلك .. بالطبع كانت هذه القوى التي حشدت هي قوى نظامية وليست قوى شعبية .. فشعوب العالم خرجت في مظاهرات تنديد بالحرب رافضة رفضاً تاماً هذه الحرب الغير شرعية والغير مبررة حتى في ظل الادعاءات الأمريكية بوجود أسلحة دمار شامل بالعراق والتي لم تؤكد مصداقيتها كل فرق التفتيش , وبرغم ذلك قامت القوى العالمية الغاشمة بالغطرسة بالهجوم على العراق تحت شعار العالم أفضل بدون صدام حسين لتتحول القضية من قضية عامة إلى قضية شخصية من زاوية الرؤية الضيقة للإدارة الأمريكية المتعنتة و المتغطرسة , ظانين بأن بمجرد الهجوم على بغداد واحتلالها ستضعف القوى الشعبية التي كان من المنتظر كما كان مروج أنها ستقابل الاحتلال بالورود .

 

فتفاجأ الجميع بقوة حقيقية على أرض الواقع , فانهارت القوى المصطنعة وظهرت القوى الحقيقية على أرض الواقع , ولأن المقاومة عمل شرعي في كل دين ومذهب إنساني و فكري فقد أصبغوا المقاومة بصبغة الإرهاب حتى يتمكنوا من جذب الشعوب المغيبة لجوارهم .. ولكن لم تفلح هذه الخطة هي الأخرى .. فسقطت هيبة القوى المصطنعة , وباتت في خبر كان .. ولأن إنهيار القوى العظمى مسألة محرجة بل لا نبالغ حين نصفها بأنها كارثية .. لأنها تبشر بحرب عالمية جديدة لتفرز بعدها أو من خلالها قوى أخرى تستطيع إخضاع العالم لقوتها إما أن تكون هذه الحرب حرب عسكرية أو حرب فكرية أو .. وجميع السبل مفتوحة .. ولكن في ظل هذه النتائج المخيبة للآمال فإن الحرب العسكرية باتت مستبعدة الآن .. لأن جميع القوى التي من المفترض أنها كانت مهابة أصبحت كالخرق البالية أمام بلد عربي معزول ومحاصر وبلا إمكانيات تكنولوجية تذكر أمام الهجمة العسكرية التكنولوجية والكاملة العتاد مثل أمريكا .. ودول التحالف التي تعدى عددها خمسين دولة .. فأصبحت الحرب الآن يجب أن تكون حرب ثقافات وحرب فكرية من الدرجة الأولى .. فيها يفتح العالم على بعضه البعض ولتتغلب ثقافة شعب على ثقافة الأخر .. ومن هنا تبدأ الولاءات الجديدة بين الأرض والفكر .. وتبدأ عمليات الترانسفير الذهني (الترحيل) من .. إلى ..

 

وهنا وعلى أرض الواقع تبدأ الانتخابات الأمريكية لاختيار الرئيس القادم .. وهذا الرئيس الذي سيحمل لواء مشوه .. وسمعة ملطخة بالوحل .. واقتصاد مدمر .. ولأن التغيير في الولايات المتحدة الأمريكية كان في الماضي تغيير أشكال لا تغيير مفاهيم أو سياسات ففي هذا التغيير الجديد أصبح تغيير على غير العادة .. فأصبح الرجل الأسود ( أوباما) الذي يحمل من العناصر المضادة الكثير فهو من أصل أفريقي مسلم .. لكنه اعتنق المسيحية .. ويعمل تحت إشراف يهودي .. فهو من الشخصيات التي تحمل جميع الاتجاهات في جسد واحد ويحمل من الولاءات المتغيرة وعدم الثبات على توجه ما يؤهله لحمل المصيبة القادمة ..

 

فماكين الذي أجبر على ما أعتقد لدخول السباق الرئاسي وهو متأكد من سقوطه لأنه أتى بعد جورج دبليو بوش الذي أهان أمريكا وأسقطها سقوطاً مدوياً .. فمسألة نجاحه تكاد تكون مستحيلة في ظل هذه المواقف والحالات التي وضعه بها بوش .. ولأن التغيير أصبح مطلب الشعب الأمريكي فكان أمامهم التغيير الجذري .. ولأن التغيير الآن أصبح تغيير اللون للرئيس الأمريكي .. حتى تستعيد أمريكا ما فقدته بعد الحرب على العراق .. فهو تغيير مرحلي . لا أكثر ولا أقل .

 

فإذا أثبت القادم الجديد على البيت الأبيض أن أمريكا لا زالت قادرة على استعادة ريادتها للعالم فستعود الكرة مرة أخرى لرجل أخر بعد أن يتخلصوا من الرئيس ( الأسود) وقد لاحت تلك الخطة في الآونة الأخيرة وعلى شاشات الإعلام الأمريكية والعالمية من استهداف أوباما من متطرفين نازيين جدد .. وهذا الفيلم المعد لمثل هذه الحالة . فيكون التشدد هو من قضى عليه .

 

أما في الحالة الأخرى وهي حالة ما إن لم ينجح أوباما في الحفاظ على صدارة أمريكا للعالم .. فأنه حتماً سيلقى عليه اللوم و سيكون هو من وضع أمريكا في الحضيض . ويجب التخلص منه ..ففي الحالتين سيكون أوباما هو كبش الفداء الذي تقدمه الإدارة الصهيونية على المذبح ..

 

وهناك زاوية رؤية أخرى .. تحسب لأوباما في الفكر الصهيوني و تجعله الطعم الذي سيكون من خلاله قوة إفريقية متحالفة مع النظام الأمريكي .. فهو من أصل أفريقي و الأفارقة دائماً ما يحنون للونهم و ينتظرون أن يكون لهم السبق في التقدم على الجنس الأبيض الذي استعمرهم و استعبدهم لقرون .. وأوباما بالنسبة لهم هذا الرجل الذي يعد بالنسبة لهم (سبارتاكوس) الذي سيحررهم و يأخذ بأيديهم لصدارة العالم ورئاسته فيمكنه من خلال هذه الخاصية تقوية أمريكا من جانب أخر ولكنها المعادلة الصعبة التي ستواجه أمريكا ذاتها بعد أن قضت كلياً على مصادر القوى في أوروبا وباتت شعوب أوروبا تنتظر نهاية هذا الحكم العالمي المتغطرس .. فكان يجب على الإدارة الصهيونية نقل إدارتها في أرض بكر جديدة .. وربما تشير لنا الأحداث التي تُفتعل في جنوب القارة السمراء إلى هذا بشكل يقترب من الحقيقة .

 

فهل يستطيع أوباما استمالة جنسه وعنصره لعمل قوى عالمية جديدة تحت الراية الأمريكية أم سيكون هناك تعارض مصالح بين هذا وذاك .. أم سيتحمل الإخفاق الذي وصلت إليه الإدارة الصهيونية فيكون أخر رئيس للولايات المتحدة متحدة ويكون بداية جديدة لتقسيم أمريكا إلى ولايات مستقلة؟ تمهيداً لقوى عظمى جديدة ؟ قد تكون سوداء اللون؟!!

 

وتبدأ قوى جديدة باستغلال هذه الفجوة في الإعلان عن وجوده على أرض الواقع ؟!!

 

هذا ما ستنتجه السنوات القادمة لتأكد أو تنفي .. وتبقى الحقيقة الوحيدة اللائحة للجميع أنه لا توجد أسطورة قوى حقيقية الآن على وجه الأرض .. سوى هذه الشعوب المؤمنة بوطنيها وقوميتها .. وبهذه الخاصية تستطيع أقل الدول إمكانيات عسكرية أن تصنع لنفسها هامة عالية تناطح بها الآلات العسكرية وتتغلب عليها.

 

والحديث لا ينتهي .. فللحديث دائماً بقية

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاربعاء  / ٣٠ شـوال ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٢٩ / تشرين الاول / ٢٠٠٨ م