مواقف نضالية 
في زمن الايام الطويلة

﴿ الحلقة الاولى ﴾

 

 

شبكة المنصور

ابو عمار المخضرم

 

لقد شق حزبنا المجاهد حزب البعث العربي الاشتراكي طريق الصعود والانتشار على ساحة الوطن العربي كله منذ بدايات التأسيس في أواخر الأربعينات من القرن الماضي بسبب التطابق المطلق بين مبادئه التي تمثل خلاصة ولب عقيدة وطموحات الشعب العربي وتطلعاته نحو مجتمع الوحدة والحرية وألأشتراكية وبين أدواته التنفيذية واعني بها أعضاؤه وقياديوه المؤسسون (السابقون السابقون ) الذين مثلوّا بصدق تلك المبادئ وعبروا عنها في سيرتهم على الصعيد المجتمعي والسياسي وعلى الصعيد الشخصي أيضا . فكانوا بحق هم مبادئ الحزب وقيمه (( تمشي على الأرض )) ...


في هذه الظروف الصعبة التي يتعرض فيها الحزب وكل القوى المعادية للأمبريالية والصهيونية والشعوبية لأبشع حملات الاضطهاد والتزييف والتغييب ألأعلامي لتأريخها النضالي ووقفاتها المشرّفة البطولية التي أدّت الى انبثاق الثورات الشعبية المجيدة في شتى أرجاء الوطن العربي , رأيت من الواجب أن اذكّر ببعض المواقف البطولية التي وقفها مناضلو الحزب في أيام النضال السري منذ خمسينات القرن الماضي متوخيا بذلك اطلاع شعبنا المجيد وخاصة الشباب الصاعد وهم ابناء أو حتى أحفاد أولئك (السابقون السابقون) هؤلاء الشباب الذين يعقد عليهم شعبهم وأمتهم أمل التحرر من الاستعمار الأمريكي الجديد وعملائه الخونة لكي يعرفوا عن كثب بعض مواقف سلفهم الجهادية عندما كانوا أقلية في العدد وكثيرون في القيمة والفعل .


أول سفرة طلابية جامعية لشباب البعث
**********************************


عام 1953 كانت تنظيمات الحزب تدخل الكليات العراقية في بغداد ( حيث لم تؤسس الجامعة بعد ) وتنتشر فيها انتشار النار في الهشيم الى جانب تنظيمات أحزاب أخرى أهمها وأوسعها حينذاك تنظيم الحزب الشيوعي العراقي الذي كانت محاربته للبعثيين اشد وأقسى من محاربة الأجهزة الأمنية القمعية حينذاك رغم أن حزبنا والحزب الشيوعي كانا عضوين في جبهة الاتحاد الوطني . بالرغم من الظروف الصعبة فقد قرر التنظيم الطلابي في ربيع عام 1953 القيام بسفرة طلابية تضم كافة البعثيين وأصدقائهم من طلبة الكليات باتجاه بساتين بعقوبة . وتم تحديد يوم عطلة (جمعة) لتحقيق ذلك . وتم تجمع المشاركين في مبنى كلية الآداب في باب المعظم حيث انطلقنا من هناك بعدد من سيارات الباص الخشبية المعروفة آنذاك وكان خط سيرنا عبر شارع الشيخ عمر الى بغداد الجديدة فخان بني سعد ثم بعقوبة (لأن ذلك هو الطريق الوحيد حينذاك المؤدي الى هدفنا ) في بعقوبة .

 

لقد اعد التنظيم كافة مستلزمات السفرة من طعام وغيره إضافة الى علم الحزب وعدد من اللافتات الوطنية والقومية التي (زينت) تلك الباصات وكانت كلفة ذلك من التبرعات المتواضعة التي جمعت من الطلبة . ومنذ انطلاق موكبنا انطلقت الحناجر بالشعارات والأناشيد الحزبية والوطنية ومنها على ما اذكر نشيد للشاعر سليمان العيسى ومن كلماته التي اذكرها (( تقدمي تقدمي على اللهيب والدم × يا أمتي تقدمي × وانشئي وهدّمي × يا أمتي تقدمي .))


عند وصولنا الى مشارف بعقوبة وفي مفرق بعقوبة - الخالص فوجئنا بسيارة مسلحة مع مفرزة من الشرطة تسد طريقنا وبعد مواجهة كلامية معهم اصرّوا على منعنا من دخول بعقوبة وقالوا بأن لديهم أمرا بذلك , فحولنا وجهة سيرنا الى قرية (الحديد) ومنها الى بستان في قرية (الخويلص) جنوب الخالص حيث أنزلنا أمتعتنا وكان أول عمل قمنا به هو رفع راية الحزب على سارية طويلة ثم بدأ الاحتفال بإلقاء القصائد والخطب الحماسية والأهازيج الشعبية ولقد شاركنا في هذا الاحتفال المواطنون في تلك المنطقة التي أصبحت فيما بعد معقلا من معاقل الحزب التنظيمية والجهادية . لقد كانت تلك الفعالية مناسبة لإذكاء الروح الرفاقية والتعارف بين المشاركين فيها من مختلف الكليات وقد ساهم فيها بعض الرفاق القياديين اذكر منهم المرحوم علي صالح السعدي والمناضل كريم شنتاف ورفاق آخرون من الكادر المتقدم منهم (ع.عباس) . و(ح . معلّه ) و(ن.حسوة ) و(ر. الجميلي ) و(س. الخطيب ) و (ف. البرزنجي ) ... إضافة الى عدد من الطلاب العرب من الجزائر والأردن وسوريا وأقطار أخرى اذكر منهم الشهيد المرحوم (يوسف النجار من الجزائر) واعرض هنا صورتين فوتوغرافيتين لمشهد من هذه التظاهرة النضالية التي مهّدت لقيام الاتحاد الوطني لطلبة العراق عام 1956 يوم أعلن عن قيامه في الكلية الطبية ببغداد في احتفال حاشد شكل بداية صاعدة لمسيرة جهادية طلابية مظفرة . (وللحديث صلة في موقف نضالي أخر إنشاء الله ) .

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الثلاثاء  / ٢٩ شـوال ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٢٨ / تشرين الاول / ٢٠٠٨ م