مواقف نضالية في زمن الايام الطولية

﴿ الحلقة الثانية

 

 

شبكة المنصور

ابو عمار المخضرم

 

ملاحظة لابد منها
**************
لابد لي من توضيح حقيقة مهمة قبل البدء في سرد بعض المواقف النضالية لحزبنا العظيم وهي أن ما اكتبه هنا عن تلك المواقف لايمثل إلا جزءا يسيرا من مسيرة الحزب النضالية الطويلة التي ضم معظمها كتاب ((نضال البعث)) الذي أصدره المكتب الثقافي للحزب في عدة مجلدات , وإنما هي في حقيقتها مجرد ذكريات شخصية عن مساهمتي في بعض ألأنشطة النضالية التي قادها الحزب في مناسبات ووقائع محددة ...

 


التصدي لمشروع حلف بغداد الاستعماري
**************************************


كانت خمسينيات القرن الماضي في النصف ألأول من عقدها تؤشر على وفق ما كانت عليه الأحداث والمواقف في الساحة السياسية وعلى الصعيد الحزبي وصراعات التيارات الفكرية والسياسية ... ووفق ماذكرته من أحداث كنت شاهد عيان عليها أو مشاركا فيها تفصح عن رؤية واضحة لمستقبل ما حدث في النصف الثاني من الفترة نفسها حيث كانت سنوات الخمسينيات حاسمة في تشكيل تاريخ العراق الحديث إذا لم نقل على الصعيد السياسي فأنها بالتأيد على تحديد مستقبل الأحزاب والاتجاهات السياسية خاصة بين حزب البعث العربي الاشتراكي وبين الحزب الشيوعي الذي بدأ يزرع بذرة الحقد والكراهية ضد البعث من فراغ الوهم للبعثيين يهددون مستقبل الشيوعيين السياسي وجماهيريته متفوقين بذلك الانتماء العربي القومي الذي لايختلف أي عراقي في الانتماء الصميم إليه تأريخا وحاضرا ومستقبلا وبما تبلور في شكل عداء كان أشد ضراوة في الحقد والكراهية ما سيأتي ذكره لاحقا برغم أن البعثيين كانوا يعملون على أن يكون التأسيس متطابقا مع الفكر النابع من انتماء حقيقي للأمة ضمن مشروعية أهداف العدالة الاجتماعية وتخفيق حلم الرسالة الخالدة ... وهو المنطق الصحيح لبذرة نقية وأجواء صحية بعطر المحبّة ونيات بيضاء تسعى لتصافح كل من يعمل على إنقاذ الوطن والأمة من الوقع المرير الذي كانا يعيشانه ... ولذلك صمد البعث بمعنى ازدياد جماهيريته وتخلف الشيوعيين لأنهم من خلال حقدهم أفصحوا عن شعوبية وكراهية للعروبة فتهاوت جماهيريتهم وما عدنا نلتفت الى ما يقولون ويفعلون إلا بالقدر الذي يمكننا من إحباط محاولاتهم التخريبية ولذلك كانت هناك مواقف تحملها الذاكرة وتحتفظ بتفاصيلها وأن كان البعض منها سيرد حيث مورد الحديث عنه في صفحات لاحقة ... يشغلني عنها أن ذلك الذي حدث في عام (1953) ذلك العام الذي كشفت فيه حكومة ذلك العهد المباد عن نشاطات باتجاه إقامة حلف بغداد على اثر زيارة وزير خارجية باكستان الى العراق.. مما دفع بالحزب الى إصدار بيان شديد اللهجة هاجم فيه زيارة الوزير الباكستاني ومساعي الحكومة لإقامة الحلف المذكور ومن بين ما تضمنه البيان دعوة الطلبة لإضراب عن الدراسة ليوم واحد تعبيرا عن استنكارهم ورفضهم لتلك المساعي المعادية لتطلعات جماهير الأمة وتم توزيع البيان بشكل واسع وكبير قبل الدوام المسائي في الكلية وإلصاقه على أبوابها الخارجية ... وتجمهر عدد من البعثيين على باب الكلية لمنع الطلبة من دخولها الأمر الذي وجد استجابة كبيرة وتجاوبا جعل الغالبية من الطلاب خارج صفوف الدراسة عندما دق جرس الدرس الأول ... وكان تجمهر البعثيين أمام باب الكلية وهم يرددون الهتافات الوطنية والقومية في مشهد يثير الحماسة والغيرة الوطنية.. وبينما كل ذلك يحدث كانت مفاجأة من العميد المرحوم (عبد الرحمن البزّاز ) الذي قرأ البيان الملصق على باب الكلية وقام بتمزيقه وتوجه نحونا ... ونحن نطلق في وجهه عبارات الشجب والاستنكار لما قام به من فعل بتمزيق البيان فأسرع الى غرفته التي كانت قريبة من الباب الخارجي فتبعناه وكان احد الرفاق وهو المرحوم (علي صالح السعدي ) يهتف (( يسقط العميد عميل السلطة الخائنة )) .... كان البزّاز قد اقفل الباب عليه وهتافات الطلبة الذين طوّقوا الغرفة من الخارج تندد بالاستعمار والرجعية والخونة ... لتكون المفاجأة الثانية حيث فوجئنا بقوات الشرطة تقتحم الكلية لحماية العميد الذي كان قد اتصل بها هاتفيا لتحميه من غضبة الطلبة وملاحقتهم لقد اثبت نجاح الإضراب أن قدرة البعثيين تتفوق على حجم الرفاق الموجودين في الكلية ولكنها تنسجم مع فعل إرادتهم في صنع الأحداث وقيادتها بما يشكل تميزا هو في المحصلة النهائية يحقق الأهداف المرحلية في نضال البعث ... وكان الإضراب خطوة في طريق نضال الطليعة الطلابية التي شكلت رأس الرمح مع طلائع البعث في التنظيمات الأخرى في التصدي للمشاريع الاستسلامية للسلطة الحاكمة آنذاك وانصياعها لأوامر المستعمر ومخططاته وللتعبير عن آمال وتطلعات الجماهير .

 

( وللحديث صلة انشاء الله )

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاربعاء  / ٣٠ شـوال ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٢٩ / تشرين الاول / ٢٠٠٨ م