فوز أوباما ... عبر بوابة العراق

 

 

شبكة المنصور

صلاح أحمد

 

تحقق الفوز لباراك أوباما في الأنتخابات الأمريكية ،وهو فوز لم تتطلع اليه جماهير الحزب الديمقراطي الأمريكي وحسب ،وأنما توافقت معها شعوب وحتى دول ، والأسباب في ذلك ربما لاتعود في جلها الى القناعة بشخص الرئيس الجديد ومايحمله من مواصفات وأمنيات ، ولكنها بالأضافة الى ذلك تتجلى في رغبة الخلاص من كابوس بوش الذي جثم على صدر الولايات المتحدة والعالم في آن معا وعلى مدى ولايتين رئاسيتين،وهو الكابوس الذي عبر عن نفسه في هيئة أخفاقات وهزائم توجت مستوى عالي من حالة عدم التوازن والأنضباط ،والأستسلام الأعمى لأهواء ورغبات منحرفة أستترت خلف شعارات أفتراضية بمحاربة مايسمى بالأرهاب .

 

أن الأنطباعات التي خرج بها العالم العاقل برمته عن تجربة بوش في الحكم كانت سلبية للغاية  ، ولكن كان لهذه التجربة قوام أساسي طبع شكلها ومضمونها الضال وحدد ملامح هوسها على نحو تفصيلي وواضح ،ذلك القوام يتصل بجريمة غزو العراق وأحتلاله والشروع في تنفيذ مخطط تدمير وحدته وبنيته وهويته ،وهو الأمر الذي لم يدرك بوش أو منظومته المغالية في أحلامها،القاصرة في تصوراتها، ماسيترتب عليه من تداعيات خطيرة وستراتيجية ستساهم في أعادة صياغة المشهد الدولي وأعادة ترتيب الأدوار على مسرحه بغير حضور حاسم وفاعل للهوى الأمريكي، وربما كانت روسيا واحدة من قلائل أدركوا هذه الحقيقة ودفعوا بأتجاهها من خلال موقف غض الطرف عن المغامرة الأنكلو صهيو أمريكية في غزو العراق ،لأن روسيا كانت تعلم بأن الأمر في العراق لن يستقيم لأمريكا وحلفاؤها ،وأنها أي أمريكا ستتدحرج من قمة هرم تفردها بالهيمنة الدولية صوب هاوية فشلها وضعفها وأستهلاك قدراتها وأنحطاط هيبتها ومصداقيتها داخل حدودها فضلا عن خارجها. 

 

أن الفشل الذريع الذي مني به حزب بوش الجمهوري هو واحد من نتاجات تجربة الهوس والخيال المريض التي خاضها هذا الحزب بدافع من أعتقاده القاصر بأمكانية مصادرة حقوق الآخرين وأرغامهم على قبول وصايتهم القسرية ،وهذا ماجعل الطريق سالكا أمام الحزب الديمقراطي في خوض معركة أنتخابية  سهلة يخطف في نهاية مشوارها اليسير كرسي الرئاسة ليرتقيه في سابقة غير مشهودة رئيس أمريكي أسود فضلا عن هيمنة واضحة على مجلسي الشيوخ والنواب .

 

أن باراك أوباما قد فاز، وهذه بداية مطمئنة لعالم تجتاحه رغبة وحاجة للتصحيح ،فضلا عن أن هذا الفوز جاء ليشفي صدوركل الذين تضرروا من سياسة التخبط الأهوج التي أنتهجها بوش ومنظومته المنطلقة من عقائد عدوانية ،ولكن مايجب أن لايغيب عن وعي وأدراك الرئيس أوباما، هو أن الفوز يجب أن يتوج بما هو أهم وأخطر ،ذلك هو النجاح في المهمة،والنجاح هنا يشترط عدم وجود أية مشتركات مع ماأشتملت عليه مهمة سلفه ،بل ويجب أن يجري تصحيح لما أرتكبه بوش من أخطاء ،ويقع في مقدمتها الخطأ الجسيم في غزو وأحتلال العراق .

 

وعلى الرئيس أوباما أن يدرك أيضاحقيقة جوهرية،تلك المتصلة ،بأن  أهم عامل دولي بسط له الطريق ويسره للظفر وتحقيق فوز أستثنائي بكل معايير الأنتخابات الأمريكية ،هو فشل مشروع بوش على يد المقاومة العراقية الوطنية البطلة ،وعليه فأن قضية العراق هي من فتحت له الباب واسعا لينظر الى العالم من قمة الهرم الأمريكي ،ولذلك ، فأن هو طلب النظر الى العالم بغير باب العراق فسيهوي الى حيث لايتمنى .ففي العراق تكمن المشكلة ويكمن الحل  .

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاربعاء  / ٠٧ ذو القعدة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٠٥ / تشرين الثاني / ٢٠٠٨ م