أتفاقية الاذعان .. وتخبط الصبيان

 

 

شبكة المنصور

طـــلال بركـــات

 

الاتفاقيات معروفة منذ قدم الزمان وهي عبارة عن مواثيق وعهود تطورت مع تطور المجتمعات حتى وصلت الى ما هي علية في عصرنا الحاضر، والاتفاقيات على انواع منها الفنية ومنها السياسية والاتفاقيات الفنية تكون عادةً متخصصة في مواضيع معينة كاتفاقيات التبادل التجاري والتبادل الثقافي وتبادل المعلومات التي غالبا ما يتم التباحث بشأنها وتوقيعها من قبل اصحاب الاختصاص او الوزراء المعنيون، اما الاتفاقيات السياسية والتي تبحث في الامور الستراتيجية التي تخص الامن الوطني والقومي ومن الاهمية تتولاها القيادة السياسية للدولة المعنية. وهذة الاتفاقيات بنوعيها اما ان تكون ثنائية بين دولتين او ان تكون اقليمية بين دول معينة في منطقة اقليمية محددة تجمعهم مصالح مشتركة او دولية تشارك فيها اغلب دول العالم وهناك امثلة وشواهد كثيرة على ذلك. وان القانون الدولي يؤكد على ان اغلب هذة الاتفاقيات يفترض ان تكون بين دول مستقلة كاملة السيادة والارادة، وغالبا ما تلجأ هذة الدول المستقلة ذات الحكومات النزيهة الى اتباع سياقات وآليات مهمة عندما ترغب في عقد مثل هكذا اتفاقيات سياسية كبيرة الحجم ذات الطبيعة الامنية والاسترتيجية التي تتعلق بالسيادة والمصالح العليا للدولة، حيث تقوم تلك الحكومات بعرض بنود ونصوص الاتفاقية على المختصين والرأي العام لمناقشتها من جميع النواحي وفي جميع المنابر السياسية والثقافية والاعلامية ثم عرضها للمناقشة على ممثلين الشعب في مجلس النواب او البرلمان وفي بعض الاحيان تعرض للاستفتاء العام، وبذلك تعتبر هذة السياقات والآليات مفاهيم دولية تعتمدها اغلب دول العالم لرعاية مصالحها واستقلالها الوطني، ومن خلال هذا المنضور لا بد من قياس هذة الامور على موقف الحكومة العراقية من الاتفاقية الامنية المزمع عقدها بين العراق والولايات المتحدة، وقبل الدخول في تفاصيل ذلك يتبادر الى الذهن سؤال مهم هل ان الحكومة العراقية مخيرة ام مجبرة في بحث موضوع هذة الاتفاقية، واذا كانت مخيرة هل يصح عقد اتفاقية مع محتل غازي في مسائل مصيرية تخص سيادة البلد واستقلالة الوطني ومستقبل اجيالة، وما سبب احتياج الحكومة الى القوات الاجنبية والاصرارعلى بقاء تلك القوات للدفاع عنها وهي حكومة مخيرة نجحت بالاغلبية في انتخابات حرة ونزيهة كما تدعي، ثم اين هي (الحكومة) من الآليات والسياقات والاجراءات السيادية المفروض اتباعها لمراعات مصالح الشعب العراقي في عقد مثل هكذا اتفاقية غير متكافئة مع محتل، ويشوب تفاصيلها الكثير من الغموض والابهام امام الرأي العام العراقي وغياب هذة التفاصيل حتى عن النخب والاحزاب المكونة للعملية السياسية في العراق، فضلا عن خلوها من التعابير القانونية الملزمة واحتوائها على الكثير من الصيغ العائمة والمفردات العامة والمتناقضة والمبهمة مثل( تسعى، وترغب، وتشير، وتعمل، وتهدف) بالاضافة الى الاختلافات الوارد في النسخة العربية عن النسخة الانكليزية. والخطورة لا تكمن فقط في بنود ونصوص الاتفاقية بل في الملاحق التي لم يفصح عنها نتيجة البلاوي التي تعتري تلك الملاحق التي تتعلق في الشؤون الاقتصادية والامنية والعسكرية والثقافية والزراعية والمعادن والمياة والتجارة والصناعة التي تبيح للمحتل نهب العراق والاستحواذ على خيراتة. في الوقت الذي يتبجح الطرف العراقي بالسيادة والاستقلال ولا نعلم اي سيادة واستقلال والاتفاقية تتدخل في ادق تفاصيل الحياة اليومية للمواطن العراقي حتى في المناهج الدراسية وشهادة الطالب ومحاصيل الفلاح واجازات سوق المركبات علاوة على الاستهتار في الامور التي تعتبر من بديهيات معايير الدولة المستقلة ومن صميم سيادتها الوطنية حيث ان الاتفاقية لا تقر بولاية الجانب العراقي بالسيطرة والمراقبة الجوية على الطائرات الامريكية واتصالاتها بالاضافة الى استثناء القوات المسلحة الامريكية والعنصر المدني (المرتزقة) من قيود دخول العراق ومغادرتة، وعدم خضوع المعدات والآليات والتجهيزات والبريد ومواد التكنولوجيا والاتصالات للتفتيش والاجازات والرسوم الكمركية، فضلا عن التهديدات والتحذيرات التي يطلقها جنرالات الاحتلال بين الفين والاخر من العواقب الوخيمة التي ستنتج في حال عدم التوقيع والمصادقة على هذة الاتفاقية، وليس هناك غرابة في تلك التهديدات والتحذيرات لأنها غير موجة للحكومة المنصبة بقدر ما هي موجهة للشعب العراقي وقواة الوطنية التي تعتبر هذة الاتفاقية باطلة لانها اتفاقية اذعان حسب قواعد القانون الدولي لان السلطة الحقيقية في العراق هي سلطة الاحتلال وهناك دلائل ومؤشرات عملية كثيرة تؤكد على ان القرار السياسي بيد المحتل واولها وقوع مراكز قيادات الدولة العراقية كرئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء والبرلمان في المنطقة الخضراء الواقعة تحت حماية سلطة الاحتلال وتنظيم الدخول والخروج من والى تلك المراكز بيد المحتل، ولا نريد ان نسرد وقائع اكثر لان الشعب العراقي يعرف كيف تتعامل تلك السلطة مع اتباعها من القيادات السياسية في العراق ولا بد من عرض بعض النماذج التي تشير الى مدى احتقار المحتل لعملائة المنصبين ومنها ما حصل مع الوزير الجنابي، ولم يقوم الجندي الامريكي بطرحة على الارض الا عندما عرف انة وزير في الحكومة العراقية بعدما اعترض على طريقة تفتيشة التي تمت بشكل غير لائق بمنصبة كوزير كما يعتقد. وهذا محمود عثمان تغيب عن جلسة البرلمان اكثر من ساعتين لان كلب الحراسة المكلف بتفتش حاملين البطاقة الحمراء كان في وقت استراحة، والاكثر من ذلك التوبيخات التي تلقاها ابراهيم الجعفري عندما كان رئيسا للوزراء من السفير الامريكي السابق خليل زادة على اثر تصريحات للجعفري تخطى فيها حدود قدر نفسة وانتقد فيها تدخلات السفير المفرطة في الشأن العراقي، وبعد الكم الهائل من التوبيخات التي اطلقها السفير على الحاضرين في الاجتماع الذي دعا الية لهذا الغرض، التفت الى الجعفري وقال لة بالحرف الواحد اننا قادرون على اعادتك الى حالة اسوء مما كنت فيها قبل دخول قواتنا للعراق.

 

ولهذا السبب حرم الجعفري من تبوء المراكز المتقدمة في الدولة العراقية، فأخذ يرمي الشباك على طهران بعدما يأس من رحمة الامريكان. هذا غيض من فيض للحالات التي تؤكد ان السلطة الحقيقية في العراق بيد المحتل وقيادات الدولة ليس الا صبيان تسيرهم بساطيل الامريكان، وكيف لا والابتزاز الامريكي وصل الى حد التهديد برفع الحماية عن المسؤولين في حال رفضهم المصادقة على الاتفاقية، اي سيادة واي استقلال تتحدث عنهما الحكومة المنصبة وهناك اكثر من مائة ستون الف جندي امريكي على ارض العراق والادارة الامريكية تبتز العالم للاعتراف بحكومة الصبيان لتمرير اتفاقية الاذعان، بينما اتفاقية جنيف وملاحقها الاربعة واضحة في تحديد المركز القانوني للعراق كونة دولة محتلة وليس للحكومة المنصبة اهلية قانونية لعقد مثل هكذا اتفاقيات لكونها مفروضة من قبل محتل وبذلك تعتبر الاتفاقية باطلة شرعا وقانونا.

 

اما مسرحيات المماطلة والشد والجذب واصرار الحكومة على تعديل الاتفاقية وافلام رفض هذة الصيغة وتلك، والتظاهر بانها على خلاف مع المحتل، فعلية لا بد من تسليط الضوء على حقيقة هذا الجدل الدائر على اهم المسائل الواردة في بنود الاتفاقية وتوضيحها على شكل محاور وكما يلي:

 

المحور الاول : مبدأ محاكمة الجنود الامريكان الذين يرتكبون جرائم على ارض العراق

 

الحكومة العراقية تعلم جيدا ان السبب الرئيسي لعدم انظمام الولايات المتحدة لاتفاقية المحكمة الجنائية الدولية هو عدم موافقتها على المسائلة القانونية على الجرائم التي يرتكبها جنودها في مختلف بقاع الارض بالرغم من الجهود التي بذلتها امريكا لانشاء هذة المحكمة لاغراض لم تعد خافية على احد، بينما نرى الحكومة المنصبة تصر على ادراج هذا المبدأ في الاتفاقية الامنية المزعوم عقدها بين العراق والولايات المتحدة، وان هذا الاصرار ليس الا وسيلة لايهام الشعب العراقي بان الحكومة صاحبة قرار وقادرة على الصمود في مواجهة المسائل الجوهرية التي لها مساس في مصالح الشعب ولكن الموضوع لا يعدو ان يكون سوى مكياج لتحسين هيبة الحكومة امام الرأي العام كونها تمكنت من لوي ذراع المفاوض الامريكي وجعلتة يوافق على اعادة النظر في المقترحات العراقية الخاصة بهذا المبدأ بينما تصريحات المسؤولين الامريكان تشير الى عكس ذلك وترفض اي تعديل على الاتفاقية، بالرغم من ان التعديل الحكومي ليس الا خروج هذا المبدأ من الباب ودخولة من الشباك بسبب التمييع الوارد في الفقرة التي تقضي بمقاضاة الجنود والمدنيين الامريكان ( في حال ارتكابهم جنايات جسيمة خارج معسكراتهم بشكل متعمد وعندما يكونوا خارج الواجب ).

 

هذة الفقرة ليست الا تسويف للاستهلاك المحلي لاستحالة تطبيقها على ارض الواقع لان تواجد كل جندي امريكي على ارض العراق جناية يستحق عليها المحاكمة لان تواجدهم غير شرعي وغير قانوني لان معسكراتهم في امريكا وليس في العراق.. فضلا عن ان تواجدهم في اي بقعة من العالم هو ليس في نزهة وانما اكيد في الواجب لذلك لا قيمة قانونية ولا معنى حقيقي لهذا النص الوارد في مسودة الاتفاقية، كما ان العمليات العسكرية التي تقوم بها تلك القوات هي عمليات مشتركة مع القوات الحكومية وهذا يعني اضاعة فرصة الملاحقة على الجرائم التي ترتكب بحق المدنيين بين هذا الطرف وذاك وحتى لو تم اثبات الجريمة على المحتل الامريكي ستكون الحجة من غير عمد، فضلا عن ان واقع الحال يؤكد على عدم قدرة الحكومة العراقية على محاكمة مواطنيها الذين ارتكبو جرائم ابادة بحق الشعب من قبل مليشيات معروفة ومتنفذة لان قادة تلك المليشيات يتمتعون بالحصانة البرلمانية والسياسية فكيف هو الحال في محاكمة جنود دولة محتلة تدين لها النخب الحاكمة بعرفان التحرير وتسليم السلطة.

 

المحور الثاني : الربط ما بين التوقيع على الاتفاقية واخراج العراق من وطئة البند السابع

 

ان الادعاء الذي يؤكد على ضرورة التوقيع على الاتفاقية لاخراج العراق من البند السابع من ميثاق الامم المتحدة ورفع العقوبات المفروضة علية ماهو الا اكذوبة واسطوانة يرددها المسؤولين العراقيين وعلى رأسهم هوشيار زيباري وزير الخارجية، ولا نعلم ما هو الربط بين هذا الموضوع والمصادقة على الاتفاقية، حيث ليس هناك اية علاقة بين الاتفاقية واخراج العراق من وطئة البند السابع الذي سقط حال الغزو الامريكي للعراق وما هي الا حجة واهية لايهام الشعب العراقي لتمرير هذة الاتفاقية، والكل يعلم ان رفع العقوبات التي فرضت على العراق في حينها من قبل مجلس الامن ، يتطلب اصدار قرار من المجلس المذكور لكونة صاحب الصلاحية في الموضوع وليس لأمريكا دخل في ذلك، بالرغم من سقوط تلك العقوبات من تاريخ انتهاء موجبات فرضها اي من اول يوم للأحتلال الامريكي للعراق اي لم تعد هناك التزامات على العراق يتوجب علية أدائها تحت سطوة هذا البند، ولولا الهيمنة الامريكة على الامم المتحدة كان المفروض ان تنتهي تلك العقوبات في التسعينات من القرن الماضي بموجب الفقرة 22 من القرار687 التي تشير الى ( ان تطبيق العراق للقرار المذكور سيؤدي الى انهاء مفعول القيود المفروضة علية.. ) وهل بقي في جعبة العراق من قيود والتزامات لم يؤديها خلال سنين الحصار او بعد الاحتلال..! وهل يعقل ان امريكا التي تحدت العالم واحتلت العراق بدون تفويض دولي غير قادرة على اخراجة من الفصل السابع الا بالمصادقة على هذة الاتفاقية..! لله في حكمة شؤون .. وامريكا في كذبها فنون. هذا ان دل على شيئ فأنما يدل على المعايير المزدوجة التي تتبعها الامم المتحدة كونها اداة طيعة لتنفيذ مآرب الولايات المتحدة، اليس حريا بها ان تتخذ عقوبات ضد الولايات المتحدة على احتلالها للعراق بدون تفويض دولي مثلما اتخذت عقوبات صارمة ضد العراق على احتلالة للكويت، واليس من الاولى بالحكومة العراقية التباحث مع الولايات المتحدة في تحديد المسؤولية الجنائية الدولية لاحتلال العراق وفق اكذوبة اسلحة الدمار الشامل قبل التباحث بشأن الاتفاقية او على الاقل ربط هذا الموضوع في الاتفاقية لتثبيت التزامات قانونية على الولايات المتحدة مثلما تريد تقنين الاحتلال وشرعنتة حيث ان المطالبة بالتعويض اهم من هذة الاتفاقية التي تؤخر ولا تقدم لان ما خلّفة الاحتلال من خراب واهدار لثروات العراق ودمار مؤسساته العلمية وطرق المواصلات ومحطات الكهرباء والممتلكات الاخرى العامة والخاصة والشهداء والمعوقين اولى بالمطالبة بالتعويض من اطلاق دعوات وحجج كاذبة لقبول الاتفاقية المزعومة.

 

المحور الثالث : ظرورة التوقيع والمصادقة على الاتفاقية قبل 31 ديسمبر

 

يمكن اعتبار هذا الموضوع فلم من سلسة افلام هوليود في الخداع والتضليل التي يفركها الاحتلال وعملائة حيث ان الاصرار على اكمال اجراءات التوقيع والمصادقة على الاتفاقية قبل 31 ديسمبر اي قبل انتهاء مدة تفويض الامم المتحدة بتواجد القوات الامريكية على ارض العراق ليس الا اكذوبة يروج لها الزيباري بحجة تلافي ازمة قانونية بعد انتهاء تلك المدة لانة من الصعب جداً على الولايات المتحدة بعد ذلك التاريخ البقاء في العراق بدون غطاء قانوني، باعتبار ان الولايات المتحدة رائدة في مجال الشرف والعهود والمواثيق وحريصة على تطبيق القانون الدولي وكأنها دخلت العراق بتفويض قانوني وغير قادرة على البقاء فية الا باطار قانوني .. وكأن الامم المتحدة هي التي فوضت امريكا بدخول قواتها لأحتلال العراق ولا يمكن البقاء فية الا بتفويض منها، وكأن الامم المتحدة من الاستقلالية والاحترام لو طلبت خروج تلك القوات لما تأخرت الولايات المتحدة عن ذلك..على من تنطلي هذة البدع والتبريرات السمجة التي يروجها الزيباري وغيرة بدفع من الامريكان للتعجيل بالمصادقة على الاتفاقية. والاكثر من ذلك التبرير الاخر الذي يسوقة الزيباري في حال عدم التوصل الى اتفاق سينتج عن ذلك عواقب امنية وسياسية واقتصادية مدمرة علاوة على استفحال نشاط المجموعات المسلحة والمجموعات الإرهابية والخارجين عن القانون، والجميع يعلم ان رأي الزيباري هذا نابع من موقف الحزبين الكردين ولا يمثل العراق وقواة الوطنية بشيئ ..

 

كفى هذا التخبط والضحك على الذقون ليس بهذة الطريقة استغفال الناس عن مضمون الاتفاقية وملاحقها التي ترهن العراق وثرواتة بيد المحتل وتفرض حياة الذل على الاجيال القادمة، هل يعقل ان مثل هكذا اتفاقية تخص مستقبل العراق ومستقبل شعبة وامنة الوطني ومستقبل ثرواتة الاقتصادية ولا يسمح بمناقشتها في مجلس النواب ويقتصر دورة على التصويت للموافقة عليها من عدمة لانها غير قابلة للتعديل لكونها منزلة من البيت الابيض الامريكي والكل يعلم ان اغلب النواب الاشاوس حجاج بيت اللة الحرام قبضوا الثمن مقدما، الا يعني بعد كل هذة البدع والمسرحيات ان الحكومة مشتركة مع المحتل الامريكي لتمرير هذة الاتفاقية لأنها في حقيقة الامر ليست اتفاقية بين دولتين بل هي عقد شراكة بين سلطة الاحتلال وحكومة منصبة لذبح الشعب العراقي اي بموجبها يتعهد المحتل للمكونات السياسية التابعة للمرجعيات الشيعية الموالية لايران البقاء في السلطة مقابل رهن العراق بخيراتة وثرواتة وموقعة الاستراتيجي للولايات المتحدة لان تلك المرجعيات تنكرت لاحكام الشريعة الاسلامية وايدت الاحتلال منذ بدايتة واصدرت الفتاوي على تحريم مقاومتة بحجة ان الشيعة حرموا من حلاوة السلطة سنين طويلة وان قوات الاحتلال اسدت لهم معروف لا ينسى بتسليم الحكم في العراق لأتباع تلك المرجعيات لذلك لا ضير من ارجاع الفضل لأصحاب الفضل مادام ان الشلة الحاكمة بأستطاعتها ان تغرف ما لذ وطاب من ما يخلفة الاغراب. وهذا ما أكدتة مصادر دبلوماسية في صوفيا بان هناك صفقة تمت في دوكان وواشنطن وصوفيا بين الامريكان وعمار الحكم وممثلين عن الحزبين الكردين وليست ببعيدة عن انظار الايرانيين لضمان استمرار الائتلاف الشيعي والتحالف الكردستاني في الحكم مقابل تمرير الاتفاقية، وان معارضة ايران للاتفاقية ما هي الا مناورة لاجراء بعض التعديلات عليها لتحقيق مزيد من المكاسب ومنها ضمان استمرار حلفائها بالحكم في العراق.

 

وما الغضب الامريكي على الاصرار الحكومي حول تعديل الاتفاقية ليس الا امتعاض من الحكومة المنصبة لمجاراتها للمناورات الايرانية لان امريكا تعلم أن مغزى هذا الاصرار مطلب ايراني وليس مطلب عراقي ولكن يبدو ان امريكا لا تعلم مدى تقدم الولاء المذهبي لايران من قبل الائتلاف الحاكم على الولاء السياسي لامريكا بقدر ما تعلم ان الولاء لمذهب دينكم دنانيركم يتقدم على الكل. لذلك في النهاية الجميع سيبصم... وغدا لناضره قريب.

 

المحور الرابع : الاتفاقية جزء غير معلن من خطة انقاذ الازمة المالية والتوسم برفع أسهم المرشح الجمهوري في الانتخابات الامريكية القادمة 

 

لماذا تصر الادرارة الامريكية على توقيع الاتفاقية في مثل هذا التوقيت بالذات وأجبار الحكومة المنصبة بالمصادقة عليها..! هل بسبب قرب انتهاء ولاية الرئيس بوش ويرغب في تتويج نهاية ولايتة بتوثيق انتصارات مزعومة في العراق ام يريد احراج الديمقراطيين في سجال ليس لهم يد فية قبل وبعد وصولهم الى سدة الحكم، في حقيقة الامر لا هذا ولا ذاك لانة ليس هناك فجوة عميقة بين الجمهوريين والديمقراطيين في المسائل الاستراتيجة التي تخص المصالح العليا للولايات المتحدة، لان مواجهة الازمة المالية التي تعصف بمستقبل النظام الرأسمالي العالمي مسؤولية قومية من قبل الحزبين المذكورين وان احد اسباب تلك الازمة الاستنزاف المالي الذي تكبدتة الولايات المتحدة لتغطية نفقات الحرب وتبعياتها في افغانستان والعراق وليس في الافق المنظور مايشير الى بصيح امل يضوي نهاية النفق المظلم لانهاء هذا الاستنزاف بل اخذت فجوة الانفاق بالاتساع يوما بعد يوم واوشكت على افراغ جيوب الكابوي الامريكي حيث اشار تقرير لجنة الموازنة التابعة للكونغرس الامريكي الى ان كلفة تمويل حربي افغانستان والعراق ما بين 2001 و 2006 بلغت تريليوني دولار أي الفي مليار دولار واوضح التقرير الى ان تكلفة حرب افغانستان فقط للعام الحالي 2008 بلغت 200 مليار دولار، بينما الكونغرس الامريكي خصص لحرب العراق لنفس العام اكثر من 845 مليار دولار..!

 

هذة السياسة الهوجاء التي اوصلت الولايات المتحدة الى جني ثمن مغامراتها الجنونية بالاضافة الى الاسباب الاقتصادية الاخرى المعروفة التي ادت الى انحسار سيولة النقد وتفاقم ازمة الائتمان التي جعلت الزيادة في حجم الدين العام الامريكي من 6 ترليون دولار لعام 2001 الى 10 تريليون دولار حاليا.  فعلية    لابد من حصول حدث كبير يطمئن الاسواق المالية العالمية الآخذة بالانهيار بأن الخير قادم ولا حاجة للخوف على ثروة الولايات المتحدة راعية النظام الرأسمالي وانها ستكون في ازدياد نتيجة نجاح السطو الامريكي المسلح على احد أهم كنوز العالم وهو العراق وفية من الخيرات التي لا تنضب، ورهن العراق  بهذة الاتفاقية سيتم تتويج هذا السطو وبموجبها سيتم تعويض ما كان وما حصل وما جرى، لكون هذة الاتفاقية بمثالبة جزء غير معلن من خطة الانقاذ للازمة المالية التي تعصف بالنظام الرأسمالي، علاوة على ان ادارة الرئيس بوش تتوسم في اقرارها بهذا التوقيت لرفع اسهم المرشح الجمهوري في الانتخابات الامريكية القادمة.

 

بهذا الوهم تريد امريكا ان تطمئن العالم الرأسمالي بأن شيخوخة هذا النظام لا تعني احتظارة ولا زال في جعبتها من الفياكرا والمقويات التي تمكنها من استرداد عافية ذلك النظام باستخدام خيارات القوة والردع والابتزاز واستعراض العضلات لسرقة ثروات الغلابة من الشعوب المبتلية بحكام عملاء ينفذون ما مطلوب لهذة الدولة المتجبرة لانقاذها من المحن التي تعصف بها، واللة يضع سرة في اضعف خلقة والشواهد كثيرة على زوال امبراطوريات بصمود شعوب ضعيفة في قدراتها وقوية في ايمانها.

 

واخيرا لا بد من وقفة جريئة يسجلها التاريخ للشعب العراقي والامة العربية في مواجة المخططات الامريكية وفضح العملاء الدخلاء لاسقاط اتفاقية الاذعان التي يتخبط في صنعها الصبيان لانها باطلة شرعا وقانونا وما بني على باطل فهو باطل .

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الجمعة  / ٠٢ ذو القعدة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٣١ / تشرين الاول / ٢٠٠٨ م