( منشة ذباب ) وحذاء وقدر مُنتظر

 

 

شبكة المنصور

عبد الكاظم العبودي

 

نشر في اسبوعية القادسية الجزائرية العدد 48 الصادر في 20/12/2008


مابين صفعة "منشة الذباب" بيد الداي حسين على وجه قنصل فرنسا "المسيو" ديفال، ممثل الملك شارل العاشر ملك فرنسا و"حذاء منتظر" الزيدي الصحفي العراقي الأسير حكاية قاسية مع هؤلاء الاستعماريين تمتد على مدى 181 عاما مضت بالتمام والكمال، وتختصر المسافة بين غرب وعرب. قضى منها شعب الجزائر 132 عاما في المئآسي وحروب الإبادة العنصرية الاستعمارية، ومنها، سنحتسب إلى الله خمسة سنوات وتسعة أشهر، دفع فيها شعب العراق مع طغيان أمريكا، الملايين من الضحايا والشهداء ما يتماثل عند الشعبين، حجما وتعدادا، الملايين من الشهداء والجرحى والمهجرين والمنفيين.


هل علينا أن نعيد النظر بمحتوى دروس الثقافة الاستعمارية، من منظورها التأريخي، كما تم تعليمنا به وتسريبه إلى ذاكرتنا المثقوبة في مفردات منهجنا التعليمي؟. هل نعيد بإختصار غبي حكاية "المروحة" ولا نقولها بمفردتها الحقيقية "منشة الذباب"، وهي تتعامل مع الوجه القبيح للاستعمار، ممثلا بالقنصل ديفال الفرنسي في يوم ربيعي من أفريل 1827، يوم لايحتاج به الداي مروحة، لأن مدينة الجزائر بحرية الهوى والمناخ؟. هل سنقبل بروايتهم التي جاؤوا بها، ونلقنها لأطفالنا. ونكذب على أنفسنا... بأنهم وصلوا وهم مكلفين باسم العناية الإلهية ودعوات الكنيسة المستجابة لتحريرنا من شرور الطغيان والبربرية والدكتاتورية ..نعيد ماقالت به عساكرهم... هم يقولون المشتاقة لملاقاة عسكر ديكتاتورية الداي حسين في القرن التاسع عشر وفيالق صدام حسين في القرن العشرين، وأنهم جاؤوا بالمن والسلوى وبالحرية ولتحريرنا وتعليمنا الحقوق والواجبات والديمقراطية والتمدن.


درس "منشة الذباب" وحذاء منتظر الزيدي، لازال مفتوحا على كل الاحتمالات، والمعركة مفتوحة، ومن دون استراحة وتوقف. يكفي أن بوشا قالها بثواني، قبل أن يصفع بالفردة الأولى لحذاء منتظر، رددها، وهو يتمعن في وجه المملوكي نوري المعبر عن الرضا : " أن الحرب لم تنته بعد" قالها بوش، ولم يكمل شرحها فجاءته الصفعة فأوجزت ماكان منتظرا من الشرح والإطالة.


بوش لم يكذب هنا، كما عُرف عنه، وهو يقول الحقيقة ربما لأول مرة، بعد صحوته من سكرة غرور المنتصر بالتوماهوك والأساطيل. نعم يا أيها السيد المخلوع بحذاء عراقي: أن الحرب لم تنته بعد، ونحن نكررها معك ومع غيرك، وسنعلمها لأطفالنا. وستستمر المعارك حتى لو التوت أذرعنا مرة. ولكن هذه المرة عليهم أن يقلصوا الزمن كثيرا ليريحونا والعالم وأنفسهم. ليحرروا 175 ألف مجند أمريكي يحتلون بهم العراق الآن من سطوة الوهم.


ظنوا أن جزمة المارينز قابلة على الثبات في وحول المستنقع العراقي فأخطأوا فانزلقت خطوات حذاء منتظر تدوس العلم الأمريكي وهو معلقا على الجدار وأمام كل كامرات الدنيا. ألا يكفي؟. اليوم خرج أطفالنا من مدارسهم بمدينة وهران، جذلين وسعداء، اقتطعوا فسحة مدرسية ورقصوا، واكتشفوا ما كان خافيا بطيات الكتب، تعلموا لعبة جديدة، لا لقتل الوقت بل في تعليم الكبار كيف يمسحون أحذيتهم إن اقتضى الأمر. رأيتهم يتجمعون وقد وضعوا صورة بوش على جدارية المدرسة ، ومروا تباعا من أمامه ، بإنضباط، كل واحد منهم جرب رمية فردتي الحذاء على وجه الرئيس المخلوع بالأحذية. بعدها دخل الأطفال وهم حفاة إلى مدارسهم، فأخذوا الدرس المنتظر، قبل درس التأريخ الجديد المعولم.


يا أيها السيد الاسود القادم لبيت أوسخ. أيها الأ- اوباما: ربما أن جدك الحسين اوباما، والذي كان مسلما كما عرفنا، يخبرك انك لو دخلت أحد مساجدنا المستباحة آمنا فأنت آمن، وإن من سماتنا الصفح والعفو عند المقدرة، وأننا لاندخل بيوت الله بأحذيتنا، كما تدخلون أنتم الكنائس بها. فان تعلمتم الدرس، فلا حذاء سينتظركم في مسجد أو مدرسة أو جامعة أو في قاعة حوار أو في مؤتمر صحفي مادمتم تحترمون ثوابتنا الملخصة بكلمة واحدة مترجمة في معان هي الكرامة والنخوة والشرف والاستعداد للاستشهاد.


إن الزمن ينقل حكمته لكم عبرنا، ويقول إذا ظن الغرب انه يستبيح كل شئ فان كرامتنا ستقاتل بأقل الأسلحة إيذاء ولكنها تهز عروشا وجبابرة كجبروت الولايات المتحدة. حذاء المنتظر الزيدي كان عقالا فوق رؤوس من انتظروكم "محررين" لاننتظركم حتى يأتي المنتظر المهدي. وتلك حكاية تعلمناها من حمورابي، المُحتفى به اليوم ببغداد بقصر السلام يعيد لبوش موعظة بابلية :" إذا لم يتدبر ذلك الشخص كلماتي التي كتبتها على مسلتي وتجاهل لعناتي ولم يخش لعنات الالهة....ومحا اسمي وكتب اسمه محل اسمي...فعسى الالهةأن تجندل محاربيه وعسى أن تشرب الأرض دمائهم وعسى أن تجعل جيشه كومة من جثث فوق السهل.

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الخميس  / ٢٠ ذو الحجة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ١٨ / كانون الاول / ٢٠٠٨ م