حينما صلبوا المسيح !!!

 

 

شبكة المنصور

أبو خليل التميمي  /  بغداد المسورة بكتل الاسمنت

حمل قرانه بين يديه ورفع هامته عاليا وهوة يتقدم على سلم المجد ومن خلفه جنود الرومان بحرابهم واليهود سائرون يدمدمون تعاويذهم  تتابعه الآلاف الأعين  وكأني بروحه تتحدث مع الجسد !

 

ياابن ادم انتصب وارفع الرأس عاليا فما هي إلا لحظات لأغادرك إلى الفردوس امتزجت معك سبعين سنه ولم أرك تتطاطا رأسا ولم أرك ترمش بعين خوفا ولا وجلا فها هي ملايين الأعين تنظر إليك وتشرئب الاعناق لترانا كيف نبلي وأنا وأنت الذين كنا معا يرهبنا الأعداء وتصطك أرجلهم وأسنانهم لمجرد سماع اسمنا معا وانا وأنت تبتسم الشفاه وتنشرح صدور المؤمنين حينما ترانا نسير معا

 

أتذكر كم مررنا بمواقف تشيب لها الولدان ولم نهتز منها لنجعل لحظة فراقنا مثلا يحتذي به لنجعل لحظة فراقنا أسطورية فيجيبها الجسد نعم ياتؤمي لنجعلها أسطورية ولنجعل من المشانق مرجوحة للابطال ..

 

يتقدم الشيخ وروحه وهوة يرفع قامته منتصبا ويسير بخطى ثابتة تهز ارض المشنقة بينما حوله الأقدام ترتجف والقلوب تخفق خوفا كلما جال بنظره حلوله ليرى حاخامات صهيون وهم يرتعبون ومنتظرين أن ترفع الخشبة وعليها المسيح مصلوب ويتقدم الجلاد الروماني وهوة يحاول ان يضع الكيس الأسود حول عيني الشيخ الجليل فيأبى ويقول له أريد أن أرى ما على الوجوه التي أمامي من رعب فانهوا يهون علي

 

ويقف ملك الموت في زاوية من زوايا الغرفة وهوة يضع يده تحت ذقنه يرتقب الموقف يتكلم مع نفسه فيقول ياله من موقف مر زمن طويل قبل أن أرى كلاب تحاول أن تشنق أسدا أسيرا ....لالا هؤلاء ليسوا كلاب لقد رايتهم سابقا مرة عند صلب المسيح أنها نفس الأرواح أنها أرواح الخنازير التي تحيط بالأسد فجاءا تلتقي عيناه بعينا الشيخ الجليل وتلوح ابتسامة من الشيخ فيتعجب ملك الموت انهوا يبتسم لي لالالا لم أرى هذا الموقف قبل هذا أبدا لقد أخطأت انهوا موقف فريد فلم يراني أحدا إلا عبس بوجهي إلا هذا الشيخ انهوا يبتسم لله درك كم روحك قوية !

 

وهنا يقاطع المشهد صوت من الحاضرين ( إلى جهنم ) فيرى روح قرد امامة تقولها فيضحك بقهقهة عالية ويقول له اخطات أيها القرد بل روحك أراها في جهنم ولولا أن اجل أمرك ليوم موعود لنقلتك ألان إليها بسرعة البرق فيجيبه الشيخ الجليل ( هيه هاي المرجلة ) قالها بصوت ثابت وقوي أخرست القرد

 

وعند ذاك تقدم الشيخ إلى المكان ولطول هامته اشرائبت أبصارهم إليه حتى كادوا يقعون إلى الخلف كانوا كلهم أسفل حذائه  نظر لهم نظرة أخيرة كلها ازدراء ورفع نظره إلى السماء وقال :

 

اشهد أن لا الله إلا الله واشهد أن محمدا رسول  الله   كأنما يعطي امرأ إلى الجلاد أن إبداء عملك لكنه في غمرة انهماكه ورعب الموقف  نسى أن ينفذ فأعادها عليه فتنبه الجلاد وفتح الباب مستعجلا قبل أن يتمها مرة أخرى

 

صاح صوت الحديد عاليا كانما هي صيحة الرفض للفعل المجرم الذي أمر أن ينفذه وساد صمت عظيم وارتجت الأرض وخرجت القلوب إلى الحناجر ياله من مشهد عظيم صاح ملك الموت ثم تقدم نحوا الجسد وسحب الروح منه برفق ووقفا صامتين في احد زوايا الغرفة يترقبان المشهد وفجأة  صاح احد الحضور بلكنة إيرانية

اللهم سلي على مهمد وال مهمد وعجل فرجهم والعن عدوهم وانصر ولدهم مقتدة

 

فقهقه ملك الموت ونظرت إليه الروح مبتسمة فالتفت إليها وقال لها هيا لنذهب انتهت مهمتنا هنا فطلبت الروح من ملك الموت طلبا صغيرا قالت أريد منك خدمة أخيرة فقال نعم أريد أن أرى بغداد قبل أن نعرج إلى السماء فقال لها نعم ممكن هذا

فطارا معا حول بغداد حول زورائها ومنصورها وشعلتها وخضرائها وعدلها وفلسطينها وعرجوا على شعبها وثورتها وصليخها واعظميتها ثم عرجوا على محافظات العراق واحدة واحدة كل هذا بطرفه عين لنا لكنه ستين ألف سنه مما تعدون فقالت الروح اصعد بنا ليتني ما طلبت هذا الطلب هذه ليست بغداد التي اعرفها لقد كانت محاطه باسوار من الرجال وانا اراها الان محاطة باسوار من الاسمنت  ومن ثم عرجوا إلى السماء

 

وعلى بوابه السماء وجدوا هناك ملايين من الدعوات تنتظرهم لتعرج معهم إلى السماء وحينما اقتربوا منها دارت حولهم كدورة القلادة على جيد الفتاة  وتميزوا الأصوات فإذا بها هي دعوات ملايين المسلمين قادمة من جبل عرفات تدعوا إلى هذه الروح بالسكينة والشفاعة وهي تدعوا ربها بالرحمة والعفو لهذه الروح الطاهرة

 

فدخلوا معا إلى السماء تحيطهم هذه الدعوات بملء أصواتها حتى كان صوتها كأنما هوة  أصوات الحجاج يطوفون حول الكعبة وهنا التفت الكثير من الأرواح التي تسكن السموات لتسال ملك الموت عن هذه الروح التي تحاط بهذه الملايين من الدعوات التي تدعوا لها بالرحمة فأجاب أنها روح فارس من فرسان أمه محمد وأنا أتقدم به ليخذ مكانه بين فرسانها فتعجبوا وهم يقولون لله در هذي ألامه كم أنجبت من الأبطال

 

عند هذا اقتربت الروح من ملك الموت وسألته لقد سمعتك تضحك بصوت مرتفع حينما ذكروا اسم مقتدة فالتفت إلى الروح باستغراب وقال لها نعم لقد ضحكت على ابن ادم كيف يكون كذابا إن من قال هذا الكلام  هوة من قتل أبو هذا المقتدى وقد كنت حاضرا ساعته قبض روحة ورأيتهم وهم يقتلوه  ثم جاءا هنا ليتبروا من دمه لهذا ضحكت عاليا لأنني اعرف عدل الله وسوف اضحك مرة أخرى حينما اقبض أرواحهم

 

وهنا جاءت مجموعة كبيرة من الأرواح تتقدم باتجاه الموكب فتسالت الروح من هؤلاء فقال ملك الموت أنهم رفقائك بالسماء إلى قيام الساعة أنها أرواح فرسان أمه محمد هذه روح صلاح الدين وتلك روح القعقاع وتلك روح سعد وتلك روح الحسين وذاك هوة عمر المختار وتلك روح احمد ياسين وذاك روح حمزة والمثنى وذلك خالد وتلك روح زيد الشهيد وتلك أرواح شهداء القادسية الأولى وتلك أرواح شهداء القادسية الثانية لقد حباكم الله بمكان خاص لكم بالسماء يخلدكم بها إلى يوم القيامة

 

فسلام عليك يوم ولدت ويوم مت ويم تبعث حيا

إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [آل عمران : 140]

 

عاشت الأمة العربية موحدة

عاش العراق محررا مستقلا

المجد للمقاومة العراقية الباسلة وعمادها الجيش العراقي

الرحمة لشهداء العراق وعلى رأسهم شهداء المقاومة

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الثلاثاء  / ٢٥ ذو الحجة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٢٣ / كانون الاول / ٢٠٠٨ م