الشـتاء السـياسي بالعـراق
( دراسة سايكلوجية الفرد العراقي )

 

 

شبكة المنصور

أبو خليل التميمي / بغداد المسورة بكتل الاسمنت

بعد خمس سنوات على الاحتلال نحتاج الى دراسة موضوعية للتغيرات التي حصلت بالمجتمع لمالهذه الدراسة من مساعدة كبيرة على فهم التفكير الحالي للمجتمع العراقي وهذا يساعدنا في وضع الخطط واساليب جديدة للتعامل مع المجتمع العراقي الحالي وخصوصا الوضع السياسي او الحالة السياسية، في العراق استطيع ان أصفها بمنظومة معقدة ومبعثرة،قد يصعب على أي سياسي او مراقب لم اجزائها وتركيبهـا. فهي نوع من العبثية والتخبط جاءت نتيجة ظروف سيئة ومنعطفات غير مدروسة ومحسوبة بدقة ,  فتلوث المناخ السياسي في اجواء قاسية والصراع الإقليمي وسباق التسلح الأيدلوجي والعسكـري وسيطرة الفكر الميثولوجي  وفقدان الحس الوطني وحس المواطنة كلها عوامل مؤثرة ،،وكذلك قلة الوعي والثقافة وظهور عفريت الأمية،وهيمـنة أحزاب الدينية  كل هذه العوامل تربك الساسة ، وتعكـر مزاجهـم،ولا يعرفون كيـف يتعاملون مع هذه ألازمات او مجتمع محطم ومهشم بالكامل،وإعادة تركيب الكيمياء السياسية ،فتصبح برامجهم وقراءتهم للمشهد السياسي والواقع السياسي هي قراءه ضبابية وتفتقر الى الحس الواقعي والنفس المعرفي. وبصورة مقلوبة ومعكوسة تماما،أي خلاف للمنهج الكلاسيكي التقليدي الذي اعتدنا عليه والخروج من الكهوف السياسية والصومعات،والخطابات الافلاطونية وجمالية الالفاظ الرنانة، والنزول الى صميم الواقع والتماشي مع روح العصر وعجلة الحضارة.

 

لقد اكد الفيلسوف الكبير (هربرت سبنسر) على دراسة الطبيعه البشرية (السوسيولوجيا) ، ومعرفة مع من نتعامل ، قبل ضرب المعادلات السياسية واتخاذ القرارات السريعة .. فنحن بأمس الحاجة الى دراسة جديدة لمجتمعنا قبل ان نسيسهم وخصوصا الجوانب المظلمة للمجتمع وطبيعته ومعرفة ميولهم واستقراء الحيثيات بادله علمية وأساليب حضارية متماشية مع روح العصر وجولات ميدانية تخضع الى معايير علمية دقيقة  يقول الفيلسوف (ميكيافلي) صاحب كتاب الأمير : على الأمير أن يعلم ماذا تريد الرعية ومماشاتها ودغدغة عواطفها . وان يفكر بعقولهم وليس بعقله .

 

اذن أي دراسة تقدم ومن أي جانب اذا أردنا أن ندرس المجتمع يجب ان يكون من جانب يمس سياستنا وموضوعنا .. ان كل سياسي إذا نظر الى العراق بعمق فسوف يجد شيء اسمه غربة العراق لان العراق عاش بين المطرقة والسندان ،،مطرقة المشروع القومي ، وسندان الطائفية . أي نحن لسنا قوميين من جهة ولسنا طائفيين من جهة اخرى ، ومن جانب أخر نحن لانخضع الى الحس الطائفي الذي تبنته ايران تحت ولاية الفقيه، او تصدير الثوره وصراع المرجعيات ونقل موطن القيادة الدينـية والمرجعية من النجف الى قم . اذن هل يعلم الشعب والجماهير بهذه العقبات التي تواجه المشروع الوطني .

 

فهنا تأسس العـراق( الجديـد )على أسس طائفيـة، والا ماذا تفسر انتخاب اليزيدية والمسيحية والكلدان والسنه والشيعة وغيرهم لرموزهم الدينية .ولا ارى المسألة فيها أشكال اذا انفردت الاحزاب الدينية المعتدلة غير المتطرفة او أصحاب الخبرة  السياسية مثل القوميين  بالرغم من ان القوميين   لهم باع طويل في علم السياسة وذلك لامتداداته العمري والتسلسل المنطقي والمراحل التي مر بها مقارنه مع فقاعات اليوم واصحاب المراهقة السياسية ... ان كبار ومنظرين القوميين هم من اصحاب الحنكه والنضج  السياسي،والخبرة التي لايستهان بها،ويمتلكون حاسة شم سياسية ومهارات رائعة ، ويعرفون بواطن الامور ،ولم تاتي هذه التجربة والخبرة من فراغ بل جاءت نتيجة ظروف تسمى أحيانا بالمراوغة السياسية التي عاشها نتيجة الصراع الطويل مع الامبريالية العالمية متمثلة بامريكا والصهيونية

 

فاصبح لديهم الوعي السياسي والإلمام في البروتوكولات الدولية والتحرك الدبلوماسي وتراكمت خبرتهم وتجاربهم في الحقل السياسي علما ان اغلبهم من حملة الشهادات العليا مقارنة مع خصومهم ومنافسيهم الذين قضوا نصف عمرهم في الاهواروالمناطق النائية واللجوء الى الدول الشرق أوسطيه والاسوية والتي عادة سياستها تكون منغلقة وغير منفتحة ولا متحررة اصلا وكذلك اصحاب(اضرب واهرب) .

 

دراسه سايكلوجية للفرد العراقي

يقول علماء النفس وعلماء السوسيولوجيا بان طبيعة الإنسان هي طبيعة براغماتية ، أي نفعية وتميل الى المصلحة الشخصية اكثر من ميولها الى المصلحة العامة ،فهو مندفع من الخلف الى الامام .

 

بكل  حركاته وسكناته بدافع الرغبة والإشباع ، وكذلك الانسان هو عبارة عن تفاعل الوراثة مع البيئة،وهذه من حيثية اخرى ولاارى شيء غريب في الامر ، لانها لاتتنافى مع نظرية السوبر مان للفيلسوف الألماني (نيتشه) او الشخص المثالي الذي رسمه أفلاطون في جمهوريته .او المدينة الفاضلة للفارابي .. يقول الفيلسوف(شوبنهور):اذا أردنا ان نخاطب أي إنسان ونريده ان يصغي الينا فيجب علينا ان نثير مصلحته الشخصية ونحرك عواطفه ،لانه أغبى الأغبياء يتحول الى قمة الذكاء عندما تتحول المسالة الى مصلحته الشخصية .

 

ولكن أي براغماتيه نريد ؟

هناك البراغماتيه الأخلاقية التي دعا لها منظري الحركات الثورية والتحررية والتي لاتتنافى مع المصلحة العامة والذوق الرفيع والآداب العامه .واهم شيء ان لاتتنافى مع الروح الوطنية ولا تضعف من حركة التحرر والجهد المقاوم .

اما البرغماتيه النفعية السوداء وهي خلط بين الحابل بالنابل والتلاعب بمشاعر وأحاسيس الآخرين او العيش على دمع اليتامى ، ودم الأرامل وبيع الضمائر ، وشراء الذمم ، وتغليب مصلحة الفرد على حساب المجموعة فهذه غير مقبولة وتعتبر إجرامية بحق المجتمع لما تسببه من تدمير للقيم والعادات والتقاليد وقتل للنفس الوطني

 

ان البحث في الطبيعة البشرية امر في غاية الصعوبة وهناك جوانب مظلمة في الطبيعة البشرية قد حيرت علماء الاجتماع ولكن هذا لايدعو الى ان يتملكنا اليأس . او نجلس عاجزين عن فهم أنفسنا او فهم الاخرين . على اية حال يبدو ان الموضوع مطول وشائك ومعقد وتتباين فيه وجهات النظر فمثل المفكر (توماس هوبز) صاحب النظرية التشاؤمية لايتفق مع (والت تيمان) صاحب النظرية التفاؤلية ولا نريد ان نكون محل صراع  وتباين وجهات النظر بين علماء الاجتماع  ولكن أي نظرية نريد ؟

وهذا لايهمنا بمقدار بسيط وهو كيف ان نستثمر العلوم النفسلوجية لغرض الفائدة السياسية .

 

وتطبيق نظرتها وتحصل عملية مزاوجة بين العلمين ونأتي بشيء جديد  فدراسة علم الاجتماع السياسي وعلم النفس السياسي من الأمور الجوهرية لتنمية قدرات الحزب وتفتح لنا افاق جديدة ورؤيا شامله لمعرفة قيمة وثمينه. والنهوض بواقع الحزب الى أسمى وتبني المشروع النهضوي التحرري الذي دعى اليه.

 

 ان اول من أذهل البشرية والأوساط العلمية هو العالم النمساوي (سيكموند فرويد) باكتشافه للعقل الباطن في الانسان . وإعطانا صورة كامله عنه وعن وظيفته ، باختصار شديد جدا لنظريته الواسعة : ان الانسان يمتلك عقل ثاني يسمى العقل الباطن او العقل اللاواعي فهذا العضو في الانسان هو الذي يحمل سعادة الإنسان وسروره ، وكذلك ماساته وحزنه وهو سبب نجاحنا وفشلنا . وسبب إمراضنا وشفائنا ، وعواطفنا وميولنا .. ومصدر إبداعنا وإخفاقنا انه جزء وعضو مهم في الإنسان وتختزل فيه الذكريات وصور الماضي . والمسوؤل عن أحلامنا وسلوكنا . الذي احيانا لانجد له تفسير فننتمي الى الحزب الفلاني ونميل الى شخص ما دون معرفة السبب فهذا من عمل العقل الباطن ، الذي يتأثر بالعاطفة والحماسة ،اذن اذا أردنا ان نخاطب انسان فيجب علينا اولا مخاطبة عقله الباطن ، ومن الصعب جدا ان نثبت له حقيقة الحزب بالا دله العقلية والبراهين ، لان الانسان تسيره العواطف .اما العقل الظاهر فوظيفته ضرب المعادلات الرياضية وجمع المسائل الحسابية يقول فولتير : لو كان الناس جميعا مسوقين بالعقل لما كان المجتمع في حاجة الى قانون !!

 

يبدو ان هناك امور تسير الإنسان غير العقل ،وذلك كل يوم نرى ونسمع من وسائل الإعلام وخطباء المساجد ورجال دين يصرخون ويعولون ليل نهار لعله ان تتغير اخلاق الناس وبالنتيجة هم في وادي والمجتمع في وادي اخر . فما هو السر المطلسم ياترى ؟ يقول الفيلسوف الكبير (اسبنوزا) كلما زادت الحكومة في مكافحة حرية الكلام زاد الشعب عناد في مقاومتها ، اذن ماذا حدث في سايكلوجية الفرد العراقي في دولة العراق المحتل او عراق ما بعد الاحتلال .

 

لقد أصاب العراق شيء اسمه الخراب السياسي وهي كثرة الأحزاب والتيارات لم يعرفها المجتمع من قبل .وهم المتعودون منذ تاسيس الجمهورية على الانظمة الشمولية

انه تغير جذري لارحمه فية ، انها انعطافة من اقصى اليمين الى أقصى الشمال،انه امر مذهل فالمجتمع ونتيجة للضر وف الأمنية الشديدة التعقيد التي مر بها العراق في الفترات السابقة أنتجت تعامل خجول مع  مفردات مثل الديمقراطية والبرلمان والانتخابات والاحزاب ومنظمات وحركات فكيف سيتعامل معها اللهم الا على مستوى النخبة . وانا حديثي للسواد الأعظم من الناس، فلجأ الانسان العراقي الى رجل الدين فلم يجدوا الجواب عنده،لأنه هو بطبعه لايعرف هذه المصطلحات ولم يجدها في اللمعة الدمشقية او كفاية الأصول !! ولافي كتب الطهارة أو كتب الصوم والحيض والاستحاضه .

 

ان أول صدمة حقيقية للمجتمع هي رجل الدين والطامة الكبرى عندما تولوا مناصب وأصبحوا قياديين ووزراء ومدراء وذو مسؤولية كبيرة في الدولة وبدءوا في الصراعات والتكالب والنهش من الأخر وهذه منافي لما سمعوه الناس منهم في ذم الدنيا .

 

والغريب في الأمر انهم غير مثقفين ثقافة سياسية ولا يمتلكون أي حاسة شم سياسية ولا يعرف بواطن الأمور جل الذي يفهمه المسائل الفقهية التي لأتمت الى الواقع بصلة . لامن قريب ولامن بعيد وكل همه رفع الفاعل ونصب المفعول . لقد خرج رجل الدين من صومعته وكهفه الى المعترك السياسي والدهاليز السياسية والمعتركات والمجادلات وهو لايعرف عن هذه الأمور الا الثقافة الشفوية والخطابات الإنشائية , والهتافات الحماسية !!!

 

ان معظم المجتمع استغربوا واندهشوا عندما لاحظوا رجال الدين يوظفون أولادهم وأقاربهم وأحفادهم بمفاصل الدولة , ويسرقوا اموال الشعب ويكذبون عليهم ويتعاملون مع المحتل ويقدمون له الفسنجون والموطا بالفستق الايراني ؟؟

 

وللأسف المجتمع يجهل حقيقة علمية قيمة ونادرة وهي ان رجل الدين هو بشر وإنسان وأناني مثلنا ويخضع الى معايير بايلوجية ونفسلوجيه ، وله الحق في حب الذات وحب الجاه وحب المال وما الى ذلك من امور . ان نظرة المجتمع الى رجل الدين هي نظرة الانسكلوبيديا .وكان ينظر اليه نظرة قدسية ويطيعه طاعه عمياء وبالخصوص المذهب الجعفري فله معايير قاسية وصعبه وليس من السهل اجتيازها مثل الصلاة خلف الإمام العادل ، وتقليد الاعلم ، فهو في بحث مستمر عن الكمال المطلق؟ واذا في ليله وضحاها يجد رجل الدين يستكدي الأصوات للمناصب السياسية نعم نحن نحتاج رجال الدين في ألمعادله السياسية ولكن ليس بهذه الصيغة والأسلوب.

 

وهناك عدة عوامل ساعدت في فشل رجال الدين منها :

 

  • اولا:العلمانيين وهم الذين لايكلون ولايملون بتتبع زلات وعثرات الإسلاميين وأحيانا يؤولون كل شيء ايجابي الى شيء سلبي وغير مستساغ . وفعلا نجحوا لأنهم وجدوا ارض خصبة تنتظرهم .

 

  • ثانيا:الإعلام المقاوم الذي كشف اغلب ألاعيبهم وحيلهم وأوقعهم في اشر أعمالهم حينما فضح زيفهم وادعاءاتهم الى الناس .مما انتج نوع من الحصانة الفكرية ضد هذه اللأعيب

 

  • ثالثا :الصراع بين رجال الدين السنة من جانب ممثلة بهيئة علماء المسلمين والحركات الدينية مثل الإخوان المسلمين والحزب الإسلامي وكذلك جماعة المطلك وظهور الحركات الشبه عسكرية المدعومة من امريكا مثل الصحوات  وكذلك بعض الشخصيات الدينية التي انضوت تحت الاحتلال . وظهور حركات متطرفة واقصائية دينية ولد نوع من ردة الفعل الغير ايجابي والذي نتج عنه ضعف العمل المقاوم في مناطقهم  .

 

  • رابعا:الصراع الشيعي الشيعي:ان صراع الاسر العلمية القديمة حول المرجعية والقيادة الدينية يبدو صراع ازلي والطامة الكبرى عندما تحول الى الساحة السياسية أي السلاح والفتوة .فبدا باختلاف وجهات النظر ثم التباين الجذري في وجهات النظر ولايوجد أي خطوط التقاء بل كلها خطوط افتراق ثم تحول الى مرحلة العنف الثقافي ، وبعدها انتقل الى مرحلة المهاترة الإعلامية ، وبعده تطور الى مرحلة التصريحات النارية . واخيرا انتقل الى شيء جديد هو الاغتيالات والتصفية الفردية وفي النهاية هب الجميع الى حرب اهلية وحرب شوارع وكلهم رفعوا شعار اقتلو اعداء الله اقتلو الكفرة ولانعرف من هم أعداء الله الحقيقيين والطريف في الامر الكل يدعي بان قتلاهم في الجنة .

 

  • خامسا: زئبقية الحركات والاحزاب الكردية التي غيرت المعادلة الإنسانية لأغلب الشعب الكردي بتغليب القومية على الوطنية ( بينا يجب تغليب الفكر الوطني على الفكر القومي حينما تكون المعادلة والمشروع وطني )  مما انتج نوع من عدم التوازن الفكري وهذا انتج الصراع المحتدم بين الاحزاب الكردية الرئيسة والاحزاب الوطنية الكردية الاكراد والعرب فانت تحتار في تفكير هذه الاحزاب هل هوة قومي ام وطني

 

  • سادسا: وجود العامل الامريكي بالمعادلة والذي انتج الكثير من الحروب الداخلية نتيجة سياساته الخاطئة مثل الفوضى الخلاقة والاحتواء المناسب وكذلك نظرية الاسفنجة وتنشيف المنابع ودعم طرف على حساب طرف وتسليح طرف على حساب الاخر وهذه حقيقة غيرت الكثير من المعادلات السياسية الطبيعية التي كانت قائمة بالعراق .

 

ان المجتمع يرفض هذه السخافات والخزعبلات يقول الفيلسوف (فرانسيس بيكون):ان الشيء الوحيد الذي يجعل الانسان ملحد هو الصراعات والحروب الدينية . ان البقال والحمال والنجار والقصاب والعامل والتاجر عندما يشاهد رجل الدين متعطش للدماء ويحرض على القتال بأبناء جلدته يتهم الدين ويشكك في عدالته انا اروع كلمة سمعتها من احد المثقفين قال : نحن استعنا بالشيطان لكن حينا صار بيننا عرفنا انهوا الشيطان نفسه ان هناك حقيقة ، وللأمانة العلمية لااستطيع ان أخونها او أتلاعب بها ان نسبة كبيرة من العراقيين يفضلون الحكم السابق على الوضع الحالي !!

 

والغريب في الامر انهم ليس من البعثيين او أصحاب مناصب او برجوازيين بل على العكس هم من المحرومين والمعدومين ، لقد اندهشت حقا ؟

انها مفارقة تستحق النظر والتأمل , انه شيء غريب فعلا ؟

 

لقد قمت بجولات ميدانية فوجدت العجب !! وجدت ان المجتمع يتحسس من الاحزاب الدينية  وفقد الأمن والأمان ناهيك عن فرص العمل والفساد الإداري وغيرها . ولا يعرفون كيف يعيشون في العراق الحالي . انها فوضى لارحمة فيها ولكن قبل البدء أحب ان ادعم كلامي واستشهد بعلماء السياسة فمثلا يقول (ميكيافلي) ان الأنظمة الصارمة  افضل بكثير من الفوضى وانهيار المجتمع . وكذلك الفيلسوف (هربرت سبنسر) فضل الأنظمة الصارمة بكثير من المناسبات على الفوضى والديمقراطية المبعثرة التي لافائدة منها وقال ( إعطاء الولاء إلى شخص أفضل من إعطائها الى عدة أشخاص ) وأيضا الدكتور علي الوردي يؤيد الرأي الحازم والقوي على الفوضى التي لافائدة منها .

 

وقال (فولتير) الكاتب الفرنسي :ان من عيوب الديمقراطية هو حصر السلطة في جمع اصوات العامة وقد ينتخب الشعب اكثر الناس بلادة وغباء ويضعهم في اعلى مناصب الدولة لا لشيء الا لمقدرتهم على تملقهم الشعب وخدعهم..... وذلك لان الجماهير تسوقها العواطف والهتافات وتحكمها الاهواء لا العقل والمنطق فتقع الدولة في يد المشعوذين والدجالين والمنافقين .

 

وهذا يؤدي الى اشمئزاز أصحاب المواهب والقدرة والذكاء والابتعاد عن ترشيح انفسهم كونهم اقلية ويتملكهم الياس وتتحول الديمقراطية الى فوضى!! ان معظم الشعب العراقي والمجتمع يتصور الديمقراطية هي عصى سحرية وهو لايعلم بان الشعوب دفعت الضريبة مقدما دماء ووقعت على شهداء حتى وصلت الى الديمقراطية وهذه فاتورتها وثمنها وخير دليل الثورة الفرنسية ، وحكم الكنيسة ، وها اليوم مجتمعنا ينظر نظرة اعجاب الى المجتمعات المتطورة مثل اوروبا وغيرها وقد نسى وتجاهل بانه مقيد بقيود لايستطيع ان ينفك او يتخلص منها مثل البداوة والفكر الديني المتطرف والأعراف والتقاليد اذن ماهي الأسباب التي جعلت المجتمع يفكر هذا التفكير وينحى هذا المنحى .

 

اضافة الى هذا ان الشعب العراقي لم يحصل على الديمقراطية نتيجة صراع سياسي عقائدي حزبي بين مختلف التوجهات والاحزاب او التيارات الدينية بل هوة حصل على ديمقراطية ( مسلفنه ) ترهم الى غير دول لكنا لاترهم للعراق . لذلك نرى ان الأحزاب التي جاءت بها هذه الديمقراطية لاتهمها من الديمقراطية الا الفائدة الحزبية والطائفية والسياسية الضيقة مع نسبة عالية من الاهتمام بالمصالح الشخصية .

 

لماذا المجتمع لايؤمن بالتحولات والتغيير والانعطافات والديمقراطية يبدو ان المجتمع لايهمه التعبير عن الراي والستلايت والانترنت بمقدار ماتهمه لقمة الزقوم .. وكذلك لايؤمن بالديمقراطية التي اتت على ظهور الدبابات والمدافع وهذه الحقيقة ذكرها علماء السياسة بان الاحتلال والدولة الغازية على امتداد عمرها لاتحمل الديمقراطية للشعوب مهما كانت.انه شعب جائع ويبحث على تحسين وضعه الاقتصادي وطبيعة الإنسان اذا جاع يتحول الى وحش كاسر على راي (توماس هوبز ونيتشه) وقد يستغرب الذي يقرا هذه السطور وهذا حقه الطبيعي لانه يفكر بمنطق الملوك والمترفين وانا اكتب بمنطق البسطاء من الناس وشتان مابين الاثنين... يقول(دايل كارنجي) :الإنسان يميل ويستأنس الى الشخص الذي يمتدحه وينفر ويهرب من الشخص الذي ينتقده لانه الإنسان بطبعة يحب الكمال !!!

 

ولااعرف لماذا جعلت نفسي في هذا الموقف الحرج والصعب لكنها وجه نظر تستحق الدراسة والتأمل،وكذلك يوجد فرق بيني وبين أصحاب الأبراج العاجية فهم ينظرون من الأعلى الى الاسفل أي من نوافذهم ومن خلال المتملقين اليهم وعادة المتملقين يحاولون ارضاء رئيسهم بكل وسيلة،اما انا فصوتي هو من صميم ولب الواقع والشارع فهو صوت الحمال والبقال والدميم والنجار والخباز والمثقف الذي باع رغيف الخبز لكي يشتري الكتاب انه صوت الشعب الحقيقي .

 

ان نظرية تغيير الانسان بالنصائح والمواعظ والإرشاد باتت نظرية فاشلة فالعالم الحديث اليوم يقول غير الإنسان تتغير سلوكه وتصرفاته لقد كانوا القدماء يظنون الإنسان يعشق المثالية والحقيقة ويتغنى لها ، ولقد نسوا وتجاهلوا ان الإنسان سام وتملكه الملل من هذه النصائح التي لاتغني من الجوع وتؤمن من خوف لقد جزع المجتمع من هذه الاصطوانه العتيقة وحفظنا كل النصائح،واذا تريدون ان نزودكم بها . المجتمع يبحث عن خلاص لازمته الحقيقية يبحث عن تغير لكي يتغير وضعه الاقتصادي .

 

لقد ذكر (جان جاك روسو) في العقد الاجتماعي هو كيف ان يغير المواطن رايه في الأشخاص الذين ابرموا العقد معه ولم ينفذوه !!!!    ومن العوامل المهمة التي مازال معظم المجتمع يجهلها هي ضرب البنية التحتية للعراق ، ان اكبر أخطاء أمريكا بالعراق هي ضرب البنية التحتية وحل الجيش وتدمير المؤسسات العراقية من اجل اعاده بنائها وفق مفهومهم القاصر الذي لايتفق مع أمنيات وآمال الشعب .

 

وهوة خطا مقصود وذلك لعرقلة بناء عراق جديد وكل من يحاول بناء العراق  فسوف يتملكه اليأس ويعجز عن تأسيس دوله متماسكة وإرجاعها الى حياتها الطبيعية .وهذا مما يدعو الى نفور الشعب وجوعهم للحالة فتحدث الفوضى. انه الإفلاس المعنوي والإفلاس المادي وكثير مانجد شبيه هذا التفكير  في الأحزاب الحالية وانا اعتقد السبب الوحيد هو الحاشية والمقربين او العيون التي يشاهد من خلالها فهم الذين يصفقون له بمناسبة وبدون مناسبة .

 

ويظهرون له الجانب الايجابي وإخفاء الجانب السلبي فكثير نلاحظهم يجعلونه فلته من فلتات الزمان !!! كما جعلوا من بوش الفاتح العظيم ويعتبرون كلامه إنجيل السياسيين وتوراة المفكرين ويصورون له الشعب يذوب عندما يسمع كلامه وخطاباته الفارغة يصبح عمله هو ابداع في ابداع .وقيل قديما(نكتة الغني مضحكة دائما) ومثل هذه النماذج يدركون اصول اللعبة في المستقبل وبمرور الزمن يكتشف ان الحاشية وصولية وانتهازية وكانوا يخدعونه ، لانه لم يجد أي تطور في حزبه وسياسيته وعمله .وكذلك هو جزء من المعادلة ويتحمل مسؤولية كبرى  وما يحصل عندنا الان هوة تشابه كبير بين ما أسلف وبين سياسة الأحزاب الحالية فالتملق والمحاباة والانتهازية من هذه الأحزاب وما تحاول ان تقدمه على انهوا الصورة الواقعية للعراق ألان هوة اكبر دليل على فشل هذه الأحزاب وعدم قدرتها على مجارات الواقع السياسي والنفسي والسيسلوجي للفرد العراقي وهنا يأتي دور الوطنيين العراقيين في كسب الشارع العراقي باتجاه التخلص من هذه الأحزاب التملقيه التي ابتعدت بشكل كبير عن الشارع العراقي ويجب علينا ان نملأ الفراغ الحالي الموجود في العراق من خلال العمل على مايلي :

 

  • الضغط بشكل كبير وغير مسبوق على الشارع من اجل فضح الاحتلال وما ترتب على الاحتلال من تدمير كبير للنفسية العراقية

 

  • ان الأحزاب الدينية لايمكن ان تكون عملية في إدارة الأمور الفنية والتخصصية في دولة بالعالم فكيف الحال بالعراق الذي عانى بعد الاحتلال من صعود للفكر الطائفي المقيت

 

  • على الأحزاب الوطنية ان تكون ايجابية في ملء الفراغ السياسي وان تعد برامجها السياسية وفقا لما تقدم اخذه بنظر الاعتبار التطورات السيسيولوجية التي مر بها العراق بعد الاحتلال وكذلك تغير نمطية واسلوب التعامل مع المواطن

 

  • علينا ان نخاطب العقل الباطن للفرد العراقي وبث روح الوطنية والتحرر والتركيز على القيم العليا التي يحملها المجتمع وكذلك رفع المستوى المعنوي للمواطن من ناحية الاعمال التي قام بها أجدادنا وإمكانية ان نقوم بها كجيل حالي فاحد أجدادنا خاطب الانكليزي بعد ان غرس فيه الفالة (رد فالتنا احتاجيناها                مشكول الذمة علي الفالة) وفعلى العراقي الشجاع منتظر الزيدي مثال على إمكانية استنهاض الشجاعة الفردية .

 

  • اما من ناحية استنهاض العمل الجمعي فعلينا اولا ان نفهم نوعية العمل الجمعي الذي نريد استهاضة فنحن لانحتاج الى عمل جمعي من النوع الذي يجعلنا نقدم على فعل لاننا نرى الآخرون يقومون بنفس الفعل بدون معرفة او فهم منا لدوافعهم ( كما يقوم الشيعة بالتطبير مثلا ) او كما نشتري من بائع حاجة لانحتاجها الا لمجرد ان هناك اناس تشتري نفس الحاجة بكميات كبيرة  .  نحن نطلب العمل الجماعي الذي ييبنى على اساس فهم ووحدة الاهداف في القيام بهذا العمل كالتركيز على حاجة كل المجتمع العراقي للتخلص من الاحتلال لانهوا المسبب الأساسي لمشاكلنا

 

  • ان تبرير العملاء بان خروج الاحتلال سيودي الى فوضى هذا هوة جزء من الأجندة الأمريكية والتي لاتخدم سوى مصالحها ومصالح عملائها اما العراقيين فقد تعايشوا بعقد اجتماعي لفترة طويلة من الزمن ويمكنهم بناء هذا العقد الاجتماعي بعد زوال اسباب فسخه وهي هنا الاحتلال وأحزابه العميلة

 

  • ان الديموقراطية هي من اروع طرق الحكم بالعالم ولكن عن أي ديموقراطية نتكلم الديموقراطية الحقيقة هي من جائت بها الشعوب بعد صراع اضطرادي بين الاحزاب ومارثون للعمل الحزبي الذي ينتج المشاركة بالعمل السياسي ونضوج العمل السياسي وليست الديموقراطية الموجودة بالعراق مشابهه لهذا التعريف لانها جائت بطريقة طارئة وسريعة لم تسمح للشعب بالفصل بين الحقيقي والمشوه فلذلك نلاحظ انها استغلت ممن خدع الشعب ليوصل البلداء والاغبياء الى ادارة الامور في البلاد مما انتج ما انتجه من تفكك بالعقد الاجتماعي .

 

  • لااقصد بملء الفراغ السياسي هوة المشاركة بحكومات الاحتلال هذه الحكومات زائلة بزوال الاحتلال لكن اقصد ان تعد نفسها للعمل فيما بعد الاحتلال

يتبع .....

 

ملاحظة :

 

تعاريف بعض المصطلحات التي وردت بالمقالة

 

سوسيولوجيا الأفكار :- هم أحيانا يتبعون خطى ماركس وأحيانا يناقضون أفكاره ، وفي عام1904 قدم فيبر " الأخلاق البروتستانتية " ووضع نسق القيم الدينية في سياق اجتماعي ، كما أنه وضع مقدمة نظرية عن نتائجها الاقتصادية ، وتعتبر نظريته في البيروقراطية أيضا من الإسهامات الكلاسيكية في سوسيولوجيا المعرفة . وفي أواخر العشرينيات تأسس فرع علم اجتماع المعرفة ويرجع الفضل فيه إلى إسهامات ماكس شيلر ، وكارل مانهايم ، وقد ذهبا إلى أن الأفكار موجهة اجتماعيا وتتشكل برؤى العالم أو أساليب التفكير السائدة بين الأجيال أو الطبقات الاجتماعية .

 

والمشكلة الأساسية في علم اجتماع المعرفة ، أنه لم ينمو ويتطور مثل باقي فروع علم الاجتماع ، ولكنه مر بعد التأسيس مباشرة بمرحلة ركود كبيرة في الفترة مـن أواخر الثلاثينيات وحتى منتصف الستينيات ، ولا يذكر في هذه الفترة أي إسهام حقيقي في ميدان سوسيولوجيا المعرفة إلا إسهام زنانيكي الذي قدم " الدور الاجتماعي لإنسان المعرفة " عام 1940.

:- احدى مدارس الفلسفة نشأت في الولايات المتحدة في أواخر سنة 1800. تتميز البراغماتية بالإصرار على النتائج والمنفعة والعملية (من عمليّ) كمكونات أساسية للحقيقة.

 

تعارض البراغماتية الرأي القائل بأن المبادئ الانسانية والفكر وحدهما يمثلان الحقيقة بدقة، معارضة مدرستي الشكلية والعقلانية من مدارس الفلسفة. ووفقا للبراغماتية فان النظريات والمعلومات لا يصبح لها أهمية الا من خلال الصراع ما بين الكائنات الذكية مع البيئة المحيطة بها، في المقابل ليس كل ما هو مفيد ممكن القبول به

 

عاشت الأمة العربية موحدة

عاش العراق محررا مستقلا

المجد للمقاومة العراقية الباسلة وعمادها الجيش العراقي

الرحمة لشهداء العراق وعلى رأسهم شهداء المقاومة

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الجمعة  / ٢٨ ذو الحجة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٢٦ / كانون الاول / ٢٠٠٨ م