قيم واقعية جديدة في الصراع الأمريكي العراقي
الاستعمار الأمريكي - حركات التحرر العراقية

 

 

شبكة المنصور

اللواء الركن: مهند العزاوي: رئيس مركز صقر للدراسات

 

((إذا ما فتحوا رادارا تهم فسوف ندمر ما عندهم من صواريخ سام, بلادهم لنا, وفضائهم الجوي لنا, نحن الذين نقرر كيف يجب أن يعيشوا وأن يعبروا عن أنفسهم وهذا أمر جيد خصوصا أن هناك كميات من النفط الذي نحتاجه)) "الجنرال "وليام لوني" من وزارة الدفاع الأمريكية في 30اب1999"واشنطن بوست".

 

ذكرت جريدة اندبندنت – Independent البريطانية بتاريخ 5/6/2008 مقالا بقلم المحرر "باتريك كوك برن" تحت عنوان ( خطة سرية لوضع العراق تحت السيطرة الأمريكية"secret plan to keep Iraq under US control" ) ورد فيها بان بوش يريد (50)قاعدة عسكرية وسيطرة على الأجواء العراقية ومنح حصانة لجميع الجنود الأمريكان والمتعاقدين(مختلف الجنسيات بما فيهم أبناء البلد الأصل ).

 

ساذج من يعتقد أن الولايات المتحدة، وبالأخص الاتجاهات اليمينية المتطرفة في المؤسسة الحاكمة والمجمع الصناعي العسكري، ستتخلى بسهولة عن الأهداف التي رسمتها للحرب ضد العراق ومنطقة الشرق الأوسط، في إطار استراتيجيتها للأمن القومي على الصعيد العالمي!, وتمكنت الولايات المتحدة الأمريكية في 27/11/2008 من أنجاز احد المراحل الأساسية لاستعمار العراق عبر صفقة ومناقصة تجارية عسكرية سياسية استراتيجية مررتها البني التحتية السياسية والتشريعية التي أسسها الاحتلال (ورشها السياسية والبرلمانية العميلة في العراق), ومهما كان عظم الإنجاز بالنسبة لحاخامات الولايات المتحدة وسدنة الاحتلال في العراق, فلا بد أن نستعرض الحقائق القانونية والشرعية والأبعاد الأخرى والقيم الواقعية الجديدة في الصراع الأمريكي العراقي التي تجعل من هذه الوثيقة غير ملزمة للشعب العراقي ولا تغير من الواقع الحالي شيء سوى عقد لتمديد الصفقات القذرة في الأروقة المظلمة لبيع الشعب العراقي كبشر والعراق كأرض وثروات مقابل دولارات قذرة ممزوجة بدماء العراقيين فان إرادة الشعوب بركان ليمكن إيقافه والسيطرة عليه ويقذف بحممه قبيل الانفجار والقادم سيثبت ذلك.

 

(علم ودستور ومجلس امة كل عن المعنى الصحيح محرف).

 

عدم شرعيته غزو واحتلال العراق

ذهبت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وحلفائهم وبدفع صهيوني متشدد إلى الحرب ضد العراق وفق مبررات مزيفة وكاذبة, روجها وجاهر بها اكبر ساسة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وسوقتها بتشدد وسائل إعلامهم وفق استراتيجيتهم الإعلامية ( استراتيجية الخيار الحكومي)-وكانت المبررات المزيفة هي:- أسلحة الدمار الشامل-العلاقة بالقاعدة-شراء اليورانيوم من النيجر-أمكانية استخدام العراق أسلحة دمار شامل خلال45 دقيقة, العراق يمثل خطر عالمي, مما حجب عن الرأي العام الأمريكي الكثير من التساؤلات عن أسباب وجدوى الحرب ضد بلد لم ينتهك القوانين الدولية, ولم يصدر منه سلوك عسكري عدواني تجاه الدول المشتركة بالغزو, بل لا توجد حدود مشتركة متنازع عليها, وهذا انتهاك فاضح للشرعية الدولية, وخصخصة القانون الدولي "شريعة الغاب" من يمتلك القوة يفعل ما يشاء ويخطط ما يشاء ويفرض قواعد اللعبة كما يشاء, ليتحول العالم من نظام منهجي ومؤسسي يسوده السلام, ودول ترعى مصالح شعوبها وفق إرادتها الحرة إلى منظمات إرهابية وأحزاب مخابراتية تنشر الفوضى في كل مكان, وصراعات طائفية وعرقية تمتد اذرعها في بقاع الأرض تمولها المافيا وشركات السلاح والنفط والمرتزقة لتفتح لها الأسواق في الدول المستهدفة استراتيجيا, وانطلقت هذه الأيديولوجية من فكر التيار اليمين المتشدد ليبشروا العالم بتصدير الدمار والخراب في كل مكان والشواهد الحية خير دليل على منهجيتهم العقائدية( الفوضى), وأشير إلى ما ذهب إليه "لاروش" حيث تبرهن أجندة "لجنة الخطر الداهم" وما أشار إليه " ليندون لاروش" المرشح الديمقراطي السابق للرئاسة الذي يرأس "لجنة لاروش" للعمل السياسي, ففي مذكرة إستراتيجية كتبها، يقول لاروش"إن هدفهم هو ليس إخضاع مناطق معينة سياسيا كمستعمرات بل إزالة جميع المعوقات التي تقف في طريق النهب الحر للكوكب (الأرض) ككل". إن نيتهم هي ليست فتح أراضي جديدة بل تحقيق إزالة كل بقايا السيادة القومية وتقليص عدد سكان العالم من البشر إلى أقل من مليار نسمة… فهدفهم في أفغانستان والعراق على سبيل المثال هو ليس السيطرة على هذين البلدين وثرواته فحسب، بل إزالة أمم قومية وأباده شعوبها الإسلامية عن طريق إطلاق قوى الفوضى والدمار. وأشير أيضا إلى ما نشرته مجلة "إكزكتف إنتلجنس ريفيو" تقريراً حول اجتماع عقد في واشنطن لمناقشة "الحرب العالمية الرابعة" حضره وتحدث فيه أبرز منظري المحافظين الجدد وأكثرهم نفوذاً داخل الإدارة الأمريكية وفي مراكز صنع السياسة في واشنطن’  و شارك ثلاثة من كبار مسئولي إدارة بوش - وهم نائب وزير الدفاع السابق رامسفيلد "بول وولفويتز" واثنان من دعاة الحرب من المحافظين الجدد في مجلس سياسات الدفاع (Defense Policy Board) "جيمس وولزي", و"إليوت كوهين"، شاركوا جميعاً في الاجتماع الذي عقد برعاية إحدى أكثر الجماعات الصليبية المحافظة الجديدة تطرفاً، وهي "لجنة الخطر الداهم" (Committee on Present Danger) وهذه هي نفس المنظمة التي كانت ناشطة أثناء الحرب الباردة والتي طالبت بقصف كوريا الشمالية بالقنابل الذرية في عام 1949، ومؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (Foundation for the Defense of Democracies). وكلا المنظمتان أعلنتا من قبل أن "الإسلام" هو العدو العالمي الجديد الذي يجب أن تتم هزيمته من خلال ما يسمونه الحرب "العالمية الرابعة"  والمسألة التي تم عرضها خلال هذا الاجتماع هي أن يتم القضاء على جميع "الدول الراعية للإرهاب وفق مفهوم المحافظين وتفسير الإرهاب وفق المنظور السياسي الأمريكي" إما عن طريق الحروب أو الانقلابات أو الأشكال الأخرى من تغيير الأنظمة، فإن الولايات المتحدة ستكون في حرب أبدية، وأهم عامل في هذه المرحلة "الإرادة لخوض القتال". وفي خطابات عديدة سابقة وصف كل من (جيمس وولزي) الذي شغل منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية لفترة قصيرة و(أليوت كوهين) وصفا هذه الحرب بوصف "حرب المائة عام" لذا اعتقد هذه الدوافع الاستراتيجية لغزو العراق هي:

 

1.    حرب الموارد

نظرية المحافظين الجدد في التعامل مع العالم من حولهم"نظرية "الفوضى ", فكرة تحويل مناطق واسعة من العالم إلى مناطق غير مأهولة، ويجب سفك الدماء من أجل الوصول إلى نظام جديد في المناطق الغنية بالثروات-استراتيجية الوصول إلى مصادر الطاقة- والحفاظ على التواجد العسكري وراء البحار( ما تشير إليه الاستراتيجية العسكرية الأمريكية ضرورة الحفاظ على إمدادات الطاقة بشكل آمن-جوهر الأمن الاستراتيجي الأمريكي) وكما قال "جورج بوش" حجر زاوية في إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي واحد أهم عناصر السياسة العسكرية الأمريكية، وهذه السياسة تتطابق بشكل ملفت مع مفهوم الإمبريالية القائم على فكرة ضرورة توسع النظم الرأسمالية وربطها بالمركز وأطلق عليها الدول الديموقراطية – بعيدا عما تحمله تلك الكلمات مثل(حرية، سلام، استقرار, دفاع, ديموقراطية رفاهية الفرد, السوق الحرة.مصطلحات الخطاب المزدوج..) وتشير المرتكزات الاستراتيجية العسكرية الأمريكية أن "القواعد العسكرية أداة أساسية للهيمنة الإمبريالية الأمريكية"، فهي تمثل نقطة انطلاق للتدخلات العسكرية من جانب وأساس للسيطرة على شعوب البلدان التي تتواجد فيها هذه القواعد وللهيمنة على الشعوب الأخرى المحيطة(هدف استراتيجي جوهري), وسعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى تحقيق "السيطرة العملياتية المطلقة على مسرح العمليات" عبر الاتفاقية الأمنية التي تم توقيعها من قبل الحكومة الحالية بتشكيلاتها السياسية المعروفة.

 

2.    المنحى العقائدي الديني( التيار المسيحي الصهيوني)

اشرنا أعلاه للفكر المنحرف والمتشدد الذي تمثله جماعات الضغط في الولايات المتحدة والذي مكن اللوبي الصهيوني هناك من تسخير كافة قدرات الولايات المتحدة السياسية والعسكرية والاقتصادية والإعلامية لدعم العصابات الصهيونية التي تسمى الآن إسرائيل, واستثمرت ذلك بوحشية وحقد كبير منطلقة من أساطير الحلم ألتلمودي والسبي البابلي وحلم دولة إسرائيل من الفرات إلى النيل, لتجعل من الولايات المتحدة قوة مسخرة لتحقق المخططات الصهيونية وأن الولايات المتحدة الأمريكية خاضت حربا بالوكالة كلفتها اقتصادها وماكينتها العسكرية ومصداقيتها المفقودة وخسائر بشرية لمصلحة إسرائيل وقوة إقليمية طامحة بمنحنى عقائدي متشدد(إيران) ويقول "ريتشارد بيرل" إن السياسة الوحيدة الممكنة للغرب وللولايات المتحدة، في كل حال، هي سياسة المواجهة طويلة الأمد ومتعددة الأشكال مع العالمين العربي والإسلامي.

 

3.    إخلال توازن دول العالم- الدول العربية والإسلامية

يطلق علي محاور الاهتمام السياسية والعسكرية الاستراتيجية "الشرق الأوسط الشامل" وانتهجت هذه المحاور تعزيز قدرات إسرائيل العسكرية والسياسية في الصراع العربي الصهيوني وتوجيه بوصلة العالم نحو ما يسمى المركز الديمقراطي( الولايات المتحدة الأمريكية) واستخدام سياسة القضم باتجاه الدول الاشتراكية وإسقاطها لأحكام السيطرة على إمدادات الطاقة وقيادة العالم الديموقراطي وفق مفهوم قرصنة شركات النفط والسلاح والمرتزقة كما خططوا لها, وتم تأسيس راس جسر عسكري لوجستي بغطاء سياسي في العراق بعد تدميره وتقسيمه إلى ثلاث دويلات تابعة شمال إسرائيلي وبإشعاع يتجه إلى بغداد جنوبا, وجنوب أيراني وبإشعاع يتجه إلى بغداد شمالا ملوحا للجنوب بفوضى قادمة, وسط ضعيف ممزق وبإشعاع عام يخضع لأمريكا المركز بتحالف الثلاث وتنتشر فيه قواعد عسكرية أمريكية(الحصون) مع حواجز كونكريتية تفترش الأرض(*), وذكر مركز "جلوبال ريسيرش "الكندي لأبحاث العولمة في تقرير استخباري النوايا وحجم الإنفاق للقواعد المطلوب تأمينها استراتيجيا لأغراض الصراع ليحقق ثلاث رقع استراتيجية في الصراع المقبل منطلقا من العراق(*).

 

شرعية الاتفاقية من شرعية الحرب( ما بني على باطل هو باطل)

ادعت لإدارة الأمريكية أنها خاضت حربا ضد الإرهاب في العراق وروجت دوائر التضليل في منظومات الدعاية الأمريكية المرتبطة (أن معظم خاطفي الطائرات في11 أيلول هم عراقيون) وأصبحت لدى عدد كبير من الأمريكيين قناعة بذلك وصلت44% وحرصت الدعاية الأمريكية على الربط بين العراق والإرهاب الدولي( لم يتم لحد الآن تعريف الإرهاب وعناصره وتشخيصه وتوصيفه وتشريع قانون دولي به أو قيم مطلقة متفق عليها توصفه ) وفي أوائل أب2002أعلن وزير الدفاع المقال "دونالد رامسفيلد" أن العراق يرتبط بعلاقة مع تنظيم القاعدة ونقلته صحيفة" لوس انجلوس تايمز" ومن جهتها أشارت صحيفة "التايمز البريطانية" إلى تقرير سري لوزارة الخارجية البريطانية يتحدث عن احتمال نقل أسلحة بيولوجية عراقية إلى منظمات كما يسمونها إرهابية فلسطينية وأكد الموساد الإسرائيلي هذا الاحتمال, وفي5/2/2003تحدث وزير الخارجية" كولن باول" أمام مجلس الأمن عن علاقة وطيدة بين بغداد وعدد من كبار مسئولي القاعدة, وفي خطاب الرئيس بوش إلى الأمة في8/2/2003ذكر أن (( العراق أرسل خبراء متفجرات وتزوير مستندات للعمل مع مسئولين كبار في القاعدة كما انه وفر لعشرات العناصر التابعة لها مراكز للتدريب على استعمال الأسلحة البيولوجية والكيمائية وقد زار عميل للقاعدة العراق أكثر من مرة أواخر العام1990لمساعدة بغداد للحصول على أسلحة سامة وغازية)) هذا تضليل وخداع وكذب في أعلى المستويات قام به الرئيس الأمريكي ويعتبر في قانونهم( مكافحة الإرهاب) التحريض على الإرهاب يعرضه للمسألة القانونية(*), ونشر مؤخرا تقرير للبنتاغون ينفي جميع تلك المعلومات الكاذبة بعد أن قدم "فريق الصقور الخاص" الذي شكل الرئيس بوش للتنقيب وفريق وزارة الدفاع الذي شكل في ايار2003(مجموعة المسح الخاص بالعراق) وفشلوا جميعهم لإثبات المعلومات المزيفة المضللة التي حشدت الرأي العام الأمريكي والعالم لشن الحرب ضد العراق و وكان "التقرير الذي وضعته لجنة مؤلفة من عشرة أعضاء بالتساوي من الحزبيين الجمهوريين والديمقراطيين ويقع من600 صفحة يدحض بما لا يقبل الشك وجود أية علاقة بين النظام العراقي والقاعدة" كاشفا الأكاذيب الكبرى في الحرب على العراق.

 

أكد رئيس مجموعة المفتشين الأمريكيين والبريطانيين في العراق(ديفيد كي) وقال أمام الكونغرس "انه لم يتم العثور على أي برنامج لإنتاج أسلحة دمار شامل في العراق إن العراق لم يكن يملك أسلحة دمار شامل قيل الهجوم علية"

اعترف الرئيس بوش علنا وأمام شعبه والعالم بأنه أستخدم"معلومات كاذبة ومضللة لتبرير الحرب", مما أضطر البيت الأبيض في8/7/2003الى التنصل علناً عن القضية برمتها والى والاعتذار عن إشارته إلى هذا الزعم في خطاب الرئيس بوش عن حالة الإتحاد قائلا" انه أستند إلى وثائق مزورة" ؟؟؟  كما قال ممثل بريطانيا السابق في الأمم المتحدة السير"جير مي غرينستوك"" لقد أخطأنا باعتقادنا أن صدام حسين كان يملك أسلحة دمار شامل"؟؟؟؟ إذن وفقاً للقاعدة القانونية ( ما بنيّ على باطل هو باطل ) أذن بكل بساطة تعتبر الحرب ونتائجها في العراق انتهاك فاضح للشرعية الدولية والقانونية وجميع ما تمخض عنها غير شرعي وفقا للقيم أعلاه وهكذا هو التفسير القانوني ناهيك عن الضحايا المليونية البشرية في العراق وأفغانستان وبدا تتطاير الشرار يصل الهند وباكستان ويتجه إلى مصر والكويت والخليج العربي بقوة لأغراض استراتيجية وعسكرية تتطلب دراسة لوحدها(استراتيجية الصراع الأمريكي المقبل).

 

مارست دوائر الاحتلال الأمريكي في العراق ضغط تكتيكيا على الشعب العراقي والشعوب العربية لخلق المرتكزات الأساسية لتطبيق سياسة الخوف والتخويف التي تمارسها الإدارات الأمريكية على الشعوب ومنها الشعب الأمريكي لتمرير القرارات الذاهبة للحرب, وكما اسماها المفكر الأمريكي والإعلامي المعارض"نعومي تشومسكي" ( نظرية القطيع التائه) ويتم ذلك بتنفيذ العمليات الإرهابية المشوهة الملامح وسط حشود المواطنين لزرع الهلع والخوف في نفوس شرائح وطبقات الشعب, واتجهت إقليميا لإبراز وتطوير عمليات القرصنة ومحاولة الترقيق باحتلال المتوسط والأحمر اقتصاديا وعسكريا وبعثرة الصراع الطائفي الفئوي في الكويت واليمن ومصر ولبنان مع التلويح بهيمنتها المطلقة لإذكائه في العراق, وتوظيف الإعلام حول التهديد الإيراني للعراق والمجاميع الخاصة مع العلم أن إيران ماسكة بعصب السلطة التنفيذية والتشريعية وحتى القضائية عبر ورشها في العراق وتتجه إلى شراكة علنية وحقيقة مع الولايات المتحدة وتقاسم الثروات عبر نفوذ اكبر قادم, واعتقد يتجه المخطط الاستراتيجي إلى لبننة الكويت بعد نفاذ ثرواتها ليتركها بلد ممزق تسوده الصراعات والنزاعات بعد إن حقق الغاية العسكرية منها أيضا, وأن مشروع بايدن لتقسيم العراق قادم كما اعتقد لأنه استحقاق استراتيجي خطط له منذ سياسة الخنق ضد العراق بعد خروجه من الكويت وكانت خطوط حظر الطيران أحد مراحله لتبين الحدود السياسية والطبوغرافية لتقسيم العراق, وهيأت البيئة والمناخ اللازم لتنفيذه بعد مصادقة الكونغرس عليه وأصبح أمرا قابل للتطبيق متى أمكن ذلك, وان بايدن حظر وعين نائب الرئيس المقبل, والقادم مذهل؟ كما وتمكنت دوائر الاحتلال الأمريكي أن تلعب بحنكة وذكاء وتخرج الاتفاق من المبدأ إلى التفاصيل واستطاعت أن تدغم عقبة مبدأ عقد اتفاقية مع المحتل قانونيا وشرعيا ,الضحية والجلاد, وتم تعرية جميع الورش السياسية المرتبطة بها وبإيران أمام الرأي العام العراقي وإسقاط جدلية وطنيتهم ومشاريعهم الوطنية المزعومة وبيان من يتخذ القرار في العراق, بعد أن رمت الكرة في ملعب النواب ؟ الذي شكلوا السلطات الثلاث( الهيكل السياسي العام) وأنتجت فلما هوليوديا بامتياز, مكتمل السيناريو. يشير تقرير ( إعادة بناء السياسة الدفاعية الأمريكية, الإستراتيجيات والقوات والمصادر للقرن الجديد ), نشر عام2000 أوصى التقرير بتأسيس قواعد عسكرية أمريكية دائمة في الشرق الأوسط وفي مناطق أخرى من العالم ويجب إن يكون جنودنا هناك بحيث يمكننا السيطرة على نفطهم؟؟؟(*)

 

لماذا الاستعمار الأمريكي

 يعتقد الباحث من الضروري البحث في القيم الواقعية للصراع العراقي الأمريكي الذي دام أكثر من عقدين وانتهى باحتلال العراق وشرعنة استعماره عبر الاتفاقيات الأربع التي وقعها بوش والمالكي ومنها الأمنية التي وقعتها الحكومة الحالية طوعيا وبصم عليها البرلمان بغالبية كتله السياسية باستثناء عدد من النواب على عد الأصابع والكتلة الصدرية( العطاء بما لا يملك) لذا وجب التحول من استراتيجية الصراع مع الاحتلال وفقا للقيم الواقعية التي فرضها مسرح الصراع السياسي في العراق إلى استراتيجية الصراع ضد الاستعمار لوجود عدد من القيم والمعطيات على الأرض يؤكد انه استعمار وليس احتلال وللأسباب التالية:

 

1.     هيمنة الولايات المتحدة على البني التحتية الماسكة بالقرار الدولي.

2.     هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على القرار العربي والإسلامي.

 

3.     تشريع الولايات المتحدة احتلال العراق والسيطرة على ثرواته ومصادرة حق العراقيين في تقرير المصير منذ عام 1990 وانتهاء بقرارات-1483-1511-1537-1646 وهذا يجنب الولايات المتحدة الأمريكية المسائلة القانونية والتعويضات حول انتهاك الشرعية الدولية-شن الحرب وفق مبررات كاذبة-التحريض على الإرهاب-المجازر وجرائم الابادة للجنس البشري-جرائم الحرب في العراق-حقوق ملايين الضحايا المدنيين بين-شهيد-مفقود-معوق-مصاب-أرامل-أيتام-أمهات ثكلى-ممتلكات حكومية –ممتلكات شخصية-تهجير-تعذيب-اغتصاب.. الخ القائمة كبيرة يندى جبين الإنسانية من ذكرها.

 

4.     تحقيق السيطرة العسكرية المطلقة على ميدان العمليات(برا, جوا, بحرا, فضاء, منشآت) من خلال قوات عسكرية نظامية وأخرى شبه نظامية ومرتزقة وأخرى ملحقة بوشاح حكومي نظمت باتفاق جرى توقيعه وصادق عليه البرلمان في27/11/2008.

 

5.     اتفاق المبادئ بين الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الحالي كانت أول ثماره توقيع الاتفاقية الأمنية ويليها اتفاقيات أخرى اقتصادية؟ وسياسية وثقافية لتجعل من العراق تحت الوصاية والانتداب الأمريكي بدلا من الوصاية الدولية, كي تتمكن الولايات المتحدة الأمريكية تمويل قطعاتها في العراق والمنطقة من أموال العراق إضافة تقليص الإنفاق العسكري على العراق وممارسة النهب الحر لأموال العراق, ونشر الصراعات الطائفية والحزبية هنا وهناك لتستنزف الهيكل الاجتماعي العراقي لشعب الذي أنهكته الاستراتيجيات والتكتيكات الأمريكية والإسرائيلية والإيرانية وجعلت منه وقود لنار مستعرة وحقل تجارب لأسلحتها وصمام تنفيس لأحقاد شخوص بشرية شاذة لا يعرف قلبها الرحمة أو الإنسانية أو الرأفة بهذا الشعب العريق لتبرز بذلك طبقة تجار الحرب والانتهازيين والعملاء.

 

6.     احتلت أمريكا العراق منذ عام2003 بعد أن استخدمت سياسة الخنق والحصار الاقتصادي منذ عام1991 وتعتبر هذه الحقبة الزمنية من الصراع والاستهداف المباشر وغير المباشر لاتتوائم مع تسمية احتلال بل استعمار لان ما خطط ونفذ ضد العراق يعتبر تخطيطا استراتيجيا محكما مع سبق الإصرار والترصد.

 

7.     هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على قدرات العراق السياسية والاقتصادية والإعلامية والثقافية ومن جميع الجوانب وبهياكل عراقية مأجورة.

 

8.     استطاعت المؤسسات والمعاهد الأمريكية ومكاتب العلاقات العامة من تأسيس بنى تحتية ماسكة للقرار السياسي في العراق لضمان بقائها ووجودها وتحقق بذلك "السيطرة الثابتة المستقرة" أو ما يسمى بالمصطلح الاستراتيجي العسكري "الإنجاز النهائي" حتى لو كان منقوصا, ونشر عام2000 واضعي مشروع القرن الأمريكي الجديد الذي يشكل اعظائه الدماغ المركزي للسياسة الخارجية الأمريكية في إدارة بوش, ((بالقول إن الولايات المتحدة في الوقت الحاضر هي القوة العظمى الوحيدة التي لم تواجه أي خصم عالمي أو منافس واستراتيجية أمريكا الكبرى يجب إن تهدف للإبقاء على هذا الموقع المميز وترسيخه أكثر في المستقبل قدر الإمكان)) ولتحقيق ذلك الهدف أوصى التقرير( بتأسيس قواعد عسكرية أمريكية دائمة في الشرق الأوسط وفي مناطق أخرى من العالم ونشر نظام الدفاع المضاد للصواريخ "Ballistic Missile Defense" (BMD).

 

9.     تمكنت دوائر الاحتلال السياسية من ترسيخ منظومة قوانين وتشريعات تؤمن الهيمنة المطلقة للولايات المتحدة الأمريكية على العراق من خلال –قانون إدارة الدولة-الدستور-قانون الانتخابات في ظل الاحتلال-قانون مكافحة الإرهاب-الاتفاقيات والمعاهدات-شرعنة تقسيم العراق بقرار مصادق من الكونغرس(مشروع بايدن).

 

10.  حددت الولايات المتحدة الأمريكية حدود تعاملها السياسي والعسكري والأمني والاقتصادي عبر الورش التي تم تصنيعها في أروقة المخابرات الأمريكية قبيل الغزو(حصان طروادة) بما يسمى( قانون تحرير العراق-غزو العراق) والذي صادق عليه الكونغرس وكان قرار غير ملزم أيضا وتم التعاقد مع تلك الورش المتواجدة في الدول الأوربية والعربية وإيران إضافة إلى أمريكا, وأصبحت الآن هي البني التحتية الماسكة بالقرار السياسي في العراق لتمرير أجندات أجنبية وإقليمية بعيدا عن المصالح العليا للعراق وشعبه..

 

11. المقاومة العراقية الضمير الحي للشعب العراقي وتدافع عن قضية جوهرية وقانونية وتمتلك شرعية ومشروعية كاملة تستمدها من قواعدها الجماهيرية, وقد تجاوزت الولايات المتحدة الخطوط الحمراء وأعلنت استمرار الحرب ضدهم تشريعا وفق الاتفاقية الأمنية التي تم توقيعها من قبل ممثلي الشعب كما يصفون.

 

هناك الكثير من العناصر والمرتكزات التي تؤكد ما ذهبنا إليه واعتقد جازما نحن نمر بمرحلة الاستعمار منذ أكثر من عام, ويمكن بيان صحة التوصيف بعد تشريع اتفاق المبادئ طويل الأمد بمرحلته الأولى -الأمنية من قبل الحكومة والبرلمان, وما تتناقله وسائل الأعلام العراقية الملحقة بالمشروع الأمريكي من مسميات مزيفة اتفاقية سحب القوات-الاستفتاء-الإصلاح السياسي إلا مصطلح إعلامي مضلل لغرض اللف والدوران ويعد من مصطلحات الخطاب المزدوج ومن قاموس الحروب الاستباقية التي تجعل من الدفاع هجوما ومن الديمقراطية غزو ومن الحرية استعباد وتعذيب واعتقال واغتصاب, ومن التحرير تصريح بالقتل الشامل المجاني. ؟؟؟

 

حركات التحرر العراقية

بالتأكيد لغرض توصيف كل حالة وتقدير موقف حقيقي يعتمد على القيم والمعطيات الحقيقة والواقعية للصراع الأمريكي العراقي ولغرض أنصاف فرسان المقاومة العراقية الذين ضحوا بدمائهم ويبذلون الغالي والنفيس لنصرة العراق وشعبه وتحريره من دنس الاحتلال,يعد من الضروري الانتقال من استراتيجية المقاومة إلى استراتيجية التحرر بعد أن تمكن الاحتلال من ترسيخ عناصره على الأرض ولو بنسبة نجاح25بالمائة, لذا يتطلب الانتقال إلى استراتيجية حركات التحرر, واعتقد بات من الضروري أن نطلق على فصائل المقاومة العراقية المختلفة بتسميتها حركات التحرر العراقية للأسباب التالية:

 

1.     تتواءم مع التوصيف القانوني لفعل المقاومة الساعي لتحرير الأرض بعد رفض الاحتلال مغادرة أرضه والانسحاب منها وبضمانة دول كبرى.

 

2.     نضوج سياسي وعسكري لفصائل المقاومة يصل من ناحية الأداء والإدارك السياسي والعسكري والإعلامي إلى مصاف حركات التحرر في العالم ويتطابق مع مثيلاتها في التاريخ.

 

3.     صحة المخاوف والرؤيا السياسية والاستراتيجية للقوى والشخصيات المناهضة للاحتلال والمقاومة بعد أن حققت ورش الاحتلال "الهيكل السياسي المصنع" متطلبات بقاء الاحتلال ونظرا لتطابق الرؤى السياسية للمقاومة العراقية والقوى السياسية المناهضة للاحتلال يمكن توصيف تقاربهم بحركات التحرر والمناخ يشير إلى ذلك.

 

4.     ما قدمته المقاومة العراقية من تضحيات وصمود وثبات استراتيجي ونجاح تكتيكي تدل بوصلتها على أنها تتجه إلى مصاف حركات التحرر العالمية ولها هدف سامي يستحق التضحية من اجله وهو تحرير العراق ومن الضروري اعتراف العالم بشرعيتها.

 

5.     ساهمت المقاومة العراقية في تحقيق الثقة والآمان في المناطق المؤتية مما عزز من تلاحم الشعب العراقي معها والتأييد لبرنامجها والبرامج الوطنية المناهضة للاحتلال مما يتطلب دمج العمل المقاوم والمناهض ليكتمل التوصيف والشرعية لحركات التحرر العراقية أسوة بحركات التحرر العالمية والعربية وفق لتجارب الأمم والشعوب.

6.     النطاق الزمني للاحتلال تحول إلى استعمار وتواجد طويل الأمد, وبالتأكيد يقابله حركات تحرر وطنية مقاومة تنتهج السبل لتحقيق السيادة والاستقلال والتحرر الشامل للعراق.

 

يطلق القادة العسكريون الأمريكيون مصطلح "تشكيل البيئة الأمنية" هي لغة مؤدبة تعني عمليا السيطرة على الغير بقوة السلاح, و"المناطق الحرجة" سلوك للإشارة إلى البلدان التي ينبغي السيطرة عليها بالقوة, "الأسلحة النووية الأمريكية" يجري تسميتها أسلحة الدمار الشامل إذا امتلكها طرف أخر غير الولايات المتحدة وإسرائيل وتصف امتلاكه ( الرادع النووي الأمريكي), بينما وصفت الصواريخ العابرة للقارات بأنها(( خندق الدفاع عن الوطن الأمريكي)) "وشبكة انتشار الدرع الصاروخي عبر العالم(نظام الدفاع المضاد للصواريخ "Ballistic Missile Defense" (BMD

بعبارات مماثلة جرى تزويق الاتفاقية على البسطاء من العراقيين, وما خفي كان أعظم وبالتأكيد النسخة الأجنبية التي تحفظ الرئيس الأمريكي على بثها ونشرها تختلف في مفاصل حساسة عن النسخة العربية, وتبرز هنا براعة وحنكة مجلس النواب في الإستراتيجية والسياسية حيث وقع على النسختين دون قراءة واستلام النسخة الأمريكية (الشيطان يكمن في التفاصيل), إن الولايات المتحدة الأمريكية تحقق مصالحها الاستراتيجية في العراق لآن الوطن الأمريكي يمتد خارج حدود الولايات المتحدة الأمريكية بمسافة وحدود جغرافية شاسعة لا حدود لها وفقا لهذا التوصيف الإستراتيجي" فهم يدافعون عن أمريكا عن طريق توفير قاعدة آمنه لبسط القوة الأمريكية حول العالم, هذه مصطلحات الخطاب المزدوج الأمريكي والتي ضللت الرأي العام الأمريكي والعالم لغزو العراق, ويتجه العالم إلى دموية وفوضوية أكثر نظرا لإنهاك القوات المسلحة الأمريكية في العراق وأفغانستان وترهلها الجيوعسكري وانهيارها الاقتصادي, بعد أن اتخذت الإدارة الحالية مصطلح( الحرب على الإرهاب مصطلح فضفاض ووصفة قابلة للتطبيق على أي فعل أو رد فعل ) ذريعة ومرتكزا استراتيجيا عسكريا وسياسيا ومحورا حر لاستهداف جميع خصومها وجعلت من الإسلام والعرب هدف لهذه الاستراتيجية وأدوات الصراع(أوطانهم ودولهم وشعوبهم وخيراتهم وبناهم التحتية), لذا فان المقاومة العراقية بكافة أطيافها وتوجهاتها اعتمدت المبدأ الاستراتيجي للحركات التحرر في العالم واختزلت الكثير من المراحل في البداية متقدمة بنجاح عسكري باهر, وأميل إلى وصفها بحركات التحرر نظرا للبيئة والمناخ المحليين ونضوجها السياسي والعسكري.

 

 
(*) مهند العزاوي, دراسة "اتفاقية الإذعان" هل سيكون خيار الرئيس الأمريكي المقبل استراتيجي عقلاني أم تكتيكي متهور؟ نشرت مؤخرا
 (*)تقرير مركز "جلوبال ريسيرش "الكندي لأبحاث العولمة يشير إلى حجم الإنفاق وعدد القواعد العسكرية الأمريكية التي تسعى واشنطن أقامتها.
 (*) مهند العزاوي دراسة."استخدام الدعاية والتظليل في حرب بوش على العراق" ملحق تصريحات الرئيس الأمريكي"بوش" وعناصر أدارته حول مبررات الحرب الكاذبة والمضللة
(*) شيلدون رامبتون وجون ستوبر, أسلحة الخداع الشامل, الدار العربية للعلوم, بيروت, 2004

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاثنين  / ٠٣ ذو الحجة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٠١ / كانون الاول / ٢٠٠٨ م