الذكرى الثانية لأغتيال القائد التأريخي صدام حسين

 

 

شبكة المنصور

علاء جواد الشمري / ناشط سياسي من العراق

إعرفوا الحق , تعرفوا رجاله! علي بن أبي طالب

 

تمر علينا هذة الايام الذكرى الثانية لاغتيال الرئيس العراقي صدام حسين, ففي صبيحة عيد الاضحى قبل عامين أقدم الاحتلال الامريكي وبتنفيذ من الادوات العميلة لايران, على جريمة إغتيال سياسي بحق الرئيس الشرعي للعراق, بعد ان عجزوا عن إستمالته طيلة فترة الأسر منذ منتصف كانون الاول عام 2003. فلم يبقى امام الاحتلال وادواته سوى جريمة الاغتيال السياسي بدم بارد, برودة صبيحة ذلك اليوم المأثور. تلك الجريمة التي ستنقلب عليهم وتتحول الى شهادة حية وملموسة على بطولة ومبدئية صدام حسين القائد والرئيس! في لحظة الاغتيال يقف صدام حسين رابط الجأش شامخا مثل نخيل العراق الشامخ أزليا, ومن حوله الاقزام يرتجفون رعبا, يردد الشهادة ويعبر بكلمات بسيطة عن المشروع الذي نذر له شبابه وحياته معا هاتفا ب: "عاش العراق, يسقط الامريكان والمجوس, عاشت فلسطين عربية, واللة أكبر والنصر للمقاومة".

 

نعم لقد أراد الاحتلال الامريكي الايراني أن تتحول لحظات الاغتيال الاخيرة الى لحظات ضعف ومشاهد انهيار للرئيس صدام حسين, عسى أن يشفوا به جزء من غليلهم الانتقامي إتجاه العراق وشعبه, فاذا بها تتحول الى لحظات تاريخ مشرق مفعم بالبطولة والرجولة ليس للعراق والعرب فقط, بل لعموم البشرية بوجه الامبريالية الامريكية واعوانها, لحظات تسجل هذة المرة على يد رئيس وقائد عربي أسمه صدام حسين المجيد. إن صمود صدام حسين حتى اللحظة الاخيرة من حياته من على منصة الاغتيال, ماهي في الحقيقة إلا تكليلا لسياسة  التحدي والمجابهة للهيمنة الغربية واذلال العرب, التي إمتازت بها  فترة حكم الرئيس الشهيد, ختمها  بنهاية رمزية للصمود والمقاومة. فقد تحول صدام حسين من الرئيس والامين العام  لحزب البعث الى صدام حسين الرمز الأممي المقاوم للهيمنة الامبريالية على شعوب العالم, مؤسسا لرمزية جديدة :رمزية المجابهة والمقاومة حتى الموت البطولي بوجه المحتل الامبريالي.

 

إننا حينما نستعيد ذكرى ذلك الاغتيال السياسي للقائد صدام حسين , فاننا نستعيد معها ومن خلالها ذكرى شهداء العراق الابرار, وذكرى جرائم ومؤامرات الغرب الامبريالي واعوانه الاقليميين(ايران الفارسية) ضد العراق وشعبه, إبتداء من مؤامرة الجيب العميل في الشمال, الى مؤامرة  تصدير الثورة الاسلامية,  الى مؤامرة أقزام الكويت, الى جريمة الحصار وانتهاء بغزو واحتلال العراق منذ 2003 ولحد اللحظة المعاشة حاليا. نستعيدها كي نستقي العبر والدروس, ولكي نضعها في سياقها المنطقي لما يعيشه ويعايشه العراق وشعبه من قتل وارهاب ونهب منظم لثروات العراق الطبيعية وتدمير منظم لكل البنية التحتية للبلد ابتداء من الجيش والمؤسسات الامنية والعلمية الصناعية الى اغتيال العلماء والاساتذة الى محاولات مسح هوية العراق الحضارية العربية الاسلامية. الان يعود المتأمرين أنفسهم, هذة المرة سوية بعد ان عجزوا على ثني العراق وشعبه فرادى: قوات الاحتلال الامريكي وشركات النفط الغربية وايران وادواتها الطائفية يدا بيد في الخفاء والعلن لتدمير ونهب العراق. لقد شخص الرئيس الشهيد اعداء العراق بدقة  في احدى جلسات محكمة الاحتلال, عندما رد على قاضي المحكمة الذي اراد إضفاء شرعية عراقية على محكمته المسخ قائلا له: "هذا فخر الي ان يحاكمني المحتل الامريكي واعوانه".

 

صدام حسين لم يكن الاوحد او الوحيد في سلطة النظام الوطني للعراق الممتد من عام 1968 الى عام 2003, بل كان الرجل الابعد نظرا في الفهم والتخطيط الاستراتيجي بين رجالات القيادة السياسية العراقية الكبار, وقد أثبت ذلك مبكرا في  فترة السنوات الاولى لثورة 17-30 تموز في كيفية التعامل الحازم  واللامرتد مع اشكاليات السلطة واستقلالية القرار السياسي للعراق, وما براعته في قيادة مفاوضات تأميم النفط مع ممثلي شركات رأسمال النهب الامبريالي, إلا دليلا ساطعا على كونه لولب ومحور القيادة السياسية للعراق ولحزب البعث. في هذة المفاوضات يسجل صدام حسين لشعبه (ولكل من ينصف الاخرين) وبجدارة انه حامل ومؤسس مشروع الاستقلال الاقتصادي السياسي لجمهورية العراق.  فبعد مماطلاتها مع الحكومة العراقية, تفاجئ شركات النفط الامبريالي بقرار التاميم الخالد: "بأسم الشعب قررنا تأميم نفطك ياشعب"! ستظل هذة الجملة العظيمة عالقة في الذاكرة الجمعية للشعب العراقي كعنوانا لحماية الوطن وثرواته! هنا يؤسس العراق من خلال راس القيادة العراقية( صدام حسين) لأول سابقة في تاريخ الدول النامية بانه لايوجد إستقلال حقيقي للدولة إلا بتأميم الثروات الطبيعية(النفط) وتحجيم دور ونفوذ شركات النفط الغربية في دول العالم, مشخصا بذلك طبيعة مشاريع ومهمة عمل هذة الشركات. بقرار التأميم الخالد يكون القائد صدام حسين قد حسم مرة والى الابد فك الارتباط والتبعية الاقتصادية مع الرأسمال الغربي وشركاته. لقد كان العراق والقيادة العراقية(صدام حسين بالتحديد) الاستثناء الذي لم ولن يتكرر ثانية في الدول النامية في مجابهته لكل مخططات الغرب الامبريالي التي إستهدفت العراق كشعب وكثروات طبيعية. فقد كان العراق بعد قرار التأميم الدولة الوحيدة التي لم تستطيع شركات الرأسمال الغربي ممارسة حرية النهب والسيطرة فيه!

 

 

 

نقولها وسوف نكررها مرات عديدة الى ان تصبح وعيا جمعيا راسخا للعرب في كل مرة نستذكر القائد صدام حسين: لقد أغتيل صدام حسين:

لانه جسد استقلالية القرار السياسي الاقتصادي للعراق وشعبه,

لانه جسد إمكانية النهضة العلمية الصناعية للعرب من خلال تأسيس مشروع النهضة العلمية الصناعية في العراق,

ولانه أسس مقومات المشروع القومي العربي في الوحدة والتحرر   

 

 

لقد وصف الشاعر الكبير عبد الرزاق عبد الواحد  صدام حسين بهذا الوصف: "انا كنت شاعر العراق, ولكن صدام حسين أحببته, فأنا أسقطت بطولة العراق عليه",  ويضيف بيت الشعر يلد الدهر كوكبا كل ألف     ثم يبقيه في مدار الليال

هذة الإسقاط للبطولة التي وجدها الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد في الرئيس صدام حسين, كيف تعامل معها وفهمها صدام حسين(الواعي للتأريخ): "عندما نتحدث عن الفرد، ولا ننسى أنه ابن المجتمع، فعلينا أن لا ننسى أن البطولة أيضاً هي ابنة المجتمع، في جانب أساسي منها، إذ لو لم يكن المجتمع آنذاك بطلاً في استعداده للتضحية، وفي وعيه وفي عطائه، وفي إرادته، لما أنجب بطلاً، وعلينا، على هذا الأساس، أن نربط ربطاً صحيحاً بين ذلك، وبين دور الفرد ومبادراته، وتضحياته، بهذا الإطار، أي أن لا نتحدث عن دور الشعب في المجتمع، ونسقط دور الفرد ونسحقه، أو نتحدث عن الفرد، ونسحق دور الشعب في المجتمع... لأن الاتجاهين خاطئين والمطلوب هو أن نتحدث عن المجتمع، و عن الفرد، في عملية تفاعل تام".

*حديث الرئيس الشهيد القائد صدام حسين في مناقشة تقرير لجنة التاريخ لإصلاح المناهج في 19/2/1975  

 

لا أجد وصفا أكثر دقة للشهادة في هذة المناسبة  إلا وصف الشاعر والمثقف العراقي الكبير شاكر السماوي: "الشهادة إرتقاء أفضل مافي الانسان-وهو الايمان- الى ذروات أفضل مافي الضرورة, أعني الحرية, بأقصى مافي القناعة من عمق وأرقى ما في الاختيار من صدق", من كتاب حدائق الروح, لوح الشهيد ص 101 .

 

هل كانت شهادة القائد صدام حسين مطابقة لهذا الوصف؟ لن نتبجح بالأجابة, لكن نتركها للتأريخ...

 

إن أعظم الشهداء في التأريخ هم ذوي القناعات العليا, من علي بن أبي طالب وأبي ذر الغفاري والحسين الى جيفارا كانوا جميعا شهداء القناعات العليا, حيث إسلوبهم غايتهم وارتقاء كامل بين الوعي واللاوعي, وإمتازوا جميعا وبلا استثناء بميزة ترابط القناعة بالشجاعة!

 

ان الدرس الأهم الذي يجب ان يكون محور استذكارنا في الذكرى الثانية لاغتيال القائد صدام حسين, وعلى ضوء واقع الاحتلال ومايعانيه شعبنا اليوم هو التمسك بالأرث النضالي والمقاوم الذي تحلى به الرئيس الشهيد, وفي الصلب منه الوعي الكامل للمبدئية السياسية في مجابهة أعداء العراق والعرب من امبريالين غربيين وجيرانا توسعيين. تلك المبدئية التي ختمها بصفحة مشرقة, ولانغالي اذا قلنا بانها تسجل له وحده؛ إلا وهي صفحة الاعداد الاستراتيجي للغزو الامريكي للعراق: إسطورة المقاومة العراقية. لقد كان صدام حسين في قمة الجبل, تركنا الى جنة الخلود, حيث بقى الجبل شامخا تاركا على قمته المقاومة العراقية ومشروعها التحرري! على فصائل وأبطال المقاومة العراقية واجب تسلق قمة الجبل!

 

الرحمة والغفران لشهداء الشعب العراقي الابرار, وفي المقدمة منهم القيادة العراقية

الرحمة والغفران للقائد الرمز صدام حسين المجيد

الرحمة والغفران لشهداء المقاومة العراقية

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الجمعة  / ٢٨ ذو الحجة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٢٦ / كانون الاول / ٢٠٠٨ م