العراق الذي كان وهذا الذي أصبح والقادم المشرق ما تصنعه المقاومة

 

 

شبكة المنصور

بقلم الأستاذ الهادي المثلوثي / تونس

 

السؤال طريق إلى الحقيقة والمقارنة خير سبيل الى اليقين والمشهد العراقي يثير الأسئلة والحيرة وكل ما فيه يستحق التأمل وإعادة الحساب. ولا شك أن المقارنة بين العراق الذي كان وهذا الذي نشهد ملامحه تجعلنا نثق بأن العراق الحقيقي والمنتظر انبعاثه هو ذاك الذي تخط المقاومة فصوله وترسي بالبندقية أسسه وترسم آفاقه. والتزاما بمنطلق المقاربة في مستهل قولنا، تتسابق الأسئلة ملحة بحثا عن الحقيقة ونقيضها.


فمن حرر وبنى العراق ومن خانه وخربه؟. من رفع صوت العراق عاليا في المحافل الإقليمية والدولية؟. من حول العراق الى ورشة بناء وإبداع ثقافي وعلمي وواحة أمن واستقرار وشموخ؟. ومن جعل العراق لقمة صائغة للطامعين والأعداء القريب منهم والبعيد؟. من قاد العراق حرا موحدا وسيدا أبيا طيلة عقود المواجهة العسكرية مع الفرس المجوس وجيوب الخيانة والعمالة من الطائفيين الصفويين والملالي الإقطاعيين؟. من صمد في مواجهة العدوان الثلاثيني وأعاد البناء حتى لا يحرم العراقي من سبل الحياة؟. ومن قارع سنين الحصار الجائر في صبر واحتساب ورفض الإذعان والمساومة على سيادة العراق واستقلاله كما رفض التخلي عن تقاسم حبة الدواء والغذاء مع الشعب الفلسطيني رغم قسوة الحصار؟. ومن جوّع الشعب العراقي وحرمه من الخدمات والأمن؟. ومن باع العراق وفرط في موارده وأراضيه ورهن مصيره بيد الاحتلال؟. ومن عمل على تمزيق وحدة العراق الجغرافية وشرعن تفكيك وحدته الاجتماعية الى ملل وطوائف وشلل سياسية متناحرة؟. من جعل العراق ساحة دمار وفساد إداري ومالي ومسرح نهب وقتل وانتقام؟. من عزز قوة العراق بالكفاءات العسكرية والعلمية والثقافية التحررية؟. ومن جرده من قدراته واجتث أحراره وسر قوته وقتل وشرد قادته وعلمائه؟. من صد المد الفارسي الخميني؟. من فتح الأبواب للشيعة الصفوية الشعوبية؟. من سلم العراق للعصابات المعممة وفرق الموت الانتقامية لتعبث بحرمة الإنسان العراقي وتدوس كرامته وتنتهك شرفه وعرضه؟. من حرر العراق من الشعوذة الدينية ومكائد تجار المذهبية المقيتة؟. من أمم نفط العراق وحرره من هيمنة شركات النهب والاحتكار؟. ومن أعاد العراق الى العقائد الجنائزية والمحافل الدموية؟. من قاوم الاحتلال ولم يستسلم حتى استشهاده؟. ومن استقوى بالاحتلال واحتمى بجحور المنطقة الخضراء ويستجدي بقاء الغزاة لحمايته؟.  


من أوفى بعهده للدفاع عن العراق وضحى حتى الاستشهاد تمسكا بالكرامة وإيمانا بالسيادة والحرية؟. ومن وضع أمن العراق ومصيره رهن قوة الشر والاستعمار؟


أسئلة كثيرة تفصل فصلا بينا بين حقيقة عراق حر شيده المخلصون لوطنهم وأمتهم وعراق منكسر تنشئه العصابات المأجورة والمسعورة في كنف الاحتلال.


ومثل الأسئلة، فإن الأجوبة تأتي صارخة أن الاحتلال مهما كانت مبرراته فهو عدوان وجميع من جاءوا معه وعملوا في ظله مهما كانت ذرائعهم هم مجرمون في حق الشعب والوطن وجميع ما فعلوه وما ينجزوه يعمق خراب الوطن ويرهن مستقبله بمصالح المحتل. ومصير الاحتلال وأدواته وحكوماته ومعاهداته الى زوال لأن العراق الحقيقي لم يستسلم، لأن عراق البناء والحرية والوحدة والكرامة الوطنية هو عراق الانبعاث المتجدد، عراق القائد الشهيد صدام حسين ورفاقه الأبرار والوطنيين الشرفاء. والعراق الجديد لن يكون غير عراق المقاومة بجميع فصائلها الجهادية ووحداتها القتالية والتي بعون الله وتضحيات رجالها الميامين قد وضعت الاحتلال الانجلوصهيوني في قفص الاتهام والهزيمة العسكرية ليجد نفسه:


1- في أزمة أخلاقية أساسها الكذب والغدر والخداع والجور وجميع منازع الشر والبلطجة وعقد التفوق الهمجي التي داست بها الولايات المتحدة الاستعمارية وأتباعها الشرعية والقوانين الدولية وتجاوزت فيها على سيادة الدول وكرامة وأمن وحرية الشعوب والديمقراطية وحقوق الإنسان.


2- وفي نكسة مالية خانقة تجر زعيمة العدوان والشر ومن في ركابها من داعمي وممولي الحرب الى انهيار اقتصادي واجتماعي وشيك.


3- وفي ورطة أمنية قوضت السلم الدولي وجعلت من الولايات المتحدة دولة عدوانية وإرهابية بلا منازع وصانعة لأدواته وأسبابه وستكون جانية لنتائجه وانعكاساته الوخيمة على مدى عقود قادمة.


4- وفي نكبة عسكرية كشفت حقيقة القوة العسكرية المبنية على الرعونة ومدى عجزها عن فرض هيمنتها وتفوقها حيث تمكنت إرادة المقاومة والجهاد أن تقوض أهداف الاحتلال وتستنزف قدراته وتلحق به الهزيمة المعوية والخسائر المادية والبشرية بأبسط أنواع الأسلحة. 


من منطلق المشهد الاستعماري الذي رسمته زعيمة الغطرسة الصهيونية وقائدة العولمة الرأسمالية المتوحشة وما آلت إليه الأوضاع العالمية، يمكن الحكم أولا بأن "الرأسمالية" و"اللوبي الصهيوني المالي والصناعي" شر على الإنسانية وعلى أمن ومستقل البشرية ولا بد من تحالف المتضررين لمواجهة هذا الخطر الراهن منه والقادم. وثانيا يمكن اعتبار المقاومة بكل أشكالها السبيل الوحيد لتقويض مصالح الرأسمالية الاستعمارية وأفكارها الصهيونية. وثالثا، يعود الفضل للعراق الصامد والمقاوم في فضح وكشف حقيقة الوضع الإقليمي والدولي وطبيعة وغايات السياسة الغربية الرأسمالية الصهيونية.


ورابعا، لقد بات واضحا ومقنعا سلوك النظام الوطني والقومي في العراق عندما تصدى للمؤامرات الإقليمية الفارسية والرجعية والصهيونية باعتبارها حليفا استراتيجيا للقوى المعادية للعرب ولقد كان النظام العراقي محقا في بناء قدراته والتمسك بالنهج التحرري والممانعة وعدم الاستسلام للهيمنة الأمريكية. ولم يكن ذلك دون تضحيات ولكن متى كانت السيادة محل مساومة ومتى كانت الحرية دون امتلاك الإرادة ومتى كان الدفاع عن وحدة الوطن ومصالح الأمة دون ثمن؟.


لقد قام النظام العراقي بما يجب أن يقوم به جميع الشرفاء والأحرار من العرب وفي العالم وتقدم جميع الأنظمة العربية في الدفاع عن عروبة الأمة ورسالتها الخالدة من التطاول الفارسي الخميني، فحمى الخليج العربي من المد الصفوي وحرر الكويت من الجيب العميل الانفصالي وأقض مضجع الكيان الصهيوني بقصف عمقه الأمني ووضع ما بيده بيد الشعب الفلسطيني في أشد سنوات الحصار ولم يقصر في الاستجابة للمجتمع الدولي المخدوع فانسحب من الكويت وأفرج عن الرهائن المحتجزين دفاعا عن النفس واستقبل المفتشين عن أسلحة الدمار الشامل ليدحض الإدعاءات والأكاذيب الأمريكية الصهيونية ويحمل الأمم المحتدة والمنظمات الإقليمية والدولية مسؤولية التصدي للعدوان الإنجلوأمريكي الصهيوني. ولكن زعماء الغرب الإنجلوأمريكي الصهيوني قد وجدوا في العجز الدولي والتخاذل العربي وزمر العمالة والخيانة ما يدعم عدوانهم الاستعماري لتدمير العراق واحتلاله والفتك بشعبه والانتقام من قادته واجتثاث نظامه. وكان في اعتقاد الخونة والمعتدين أن ما في العراق مجرد نظام تستتب الأمور بإسقاطه واستبشر الناقمون والمعادون والمناوئون والمتخاذلون بالغزو ومهماته "التحريرية". وما لم في الحسبان أمور كثير فاجأت المحتلين والمتعاطفين مع العراق والحاقدين عليه ومنها:


1- أن النظام الحاكم لم يكن مجرد سلطة بل مؤسسة ثورية أعددت العدة واستعدت مبكرا للمقاومة.
2- أن القيادة ليست مجموعة من الموظفين وأصحاب المصالح بل جماعة من المجاهدين والمؤمنين.
3- أن العراق مرجل المتناقضات ولا يحكمه إلا رجاله الأقوياء.
4- أن البعث هو الفكر الجامع والمعبر عن مصالح المجتمع المتنوع والحامي لوحدة وعروبة العراق.
5- أن سهوله الاستيلاء على العراق سرعان ما تحولت الى ورطة أوقعت الاحتلال في مستنقع الهزيمة.
6- أن قوة التدمير والتخريب والتنكيل بالشعب وجميع جرائم ومخططات الاحتلال وأعوانه لم تفلح في إخضاع الشعب العراقي وثنيه عن احتضان المقاومة ودعمها.

 

إن ما ارتكبه الاحتلال وما ينفذه أعوانه يقنع من ليس له بصيرة ومن له بالبعث ضغينة أن عراق صدام الشهيد هو الصورة المشرقة في تاريخ العراق المعاصر والتي يأمل كل وطني وعربي شريف أن يستعيدها العراق المقاوم. واليقين الذي ليس دونه يقين أن المقاومة العراقية البطلة وبفعلها الثوري التحرري المسلح قد أثبتت أن العراق الأبي الموحد ينبعث حرا منتصرا، ولذلك:


1- نحيي ذكرى استشهاد باني العراق ورفاق دربه فهم رمز الشموخ والوفاء للوطن ولمبادئ البعث  وقيم العروبة والرسالة الخالدة.


2- نحيي رجال المقاومة والتحرير الذين تمسكوا بخط النضال سبيلا وحيدا لدحر المحتل والدفاع عن كرامة الشعب العراقي والأمة.


3- ندعو لهم باستكمال النصر المبين على الخونة والمحتلين حتى يستعيد العراق سيادته ووحدة شعبه وأمنه ويحقق انبعاثه الجديد ولا بديل عن ذلك بعون الله.


4- نجدد بيعتنا المطلقة لقائد الجهاد والتحرير ابن العراق وابن البعث وابن الأمة البار رمز الجهاد والوحدة الوطنية والقومية الرفيق عزة إبراهيم الدوري.


5- نعتبر وحدة الفصائل المقاومة ضمانة للنصر المحقق ولوحدة العراق المحرر والقوي.


6- ندعو الخونة والعملاء -أخزاهم الله- الى التعجيل بكف شرهم والتوبة أو الانسحاب قبل ساعة الحساب لأن أسيادهم لم يبق لديهم غير الهروب في أي لحظة.


7- ندعو الى محاكمة مجرمي الحرب الاستعمارية في الإدارة البريطانية والأمريكية وتعويض شعب العراق عما لحقه من أضرار مادية وبشرية.


8-  ونطالب بالقصاص من الخونة والعملاء وشركاء الاحتلال في الحكومة القائمة بالمنطقة الخضراء والممعنة في التنكيل بالشعب وهدر قدرات وثروات العراق ورهن مصيره بقوى البغي والعدوان. 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاثنين  / ٠٣ ذو الحجة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٠١ / كانون الاول / ٢٠٠٨ م