وفاءا للشهداء لا بد من وحدة المقاومة واستمرار النضال

 

 

شبكة المنصور

الأستاذ الهادي المثلوثي - سوسة

ونحن نودع السنة الثانية على استشهاد رمز الرجولة ونموذج الانتماء والإيمان قائد العراق وزعيم الأمة الرفيق المجاهد صدام حسين رحمه الله خالدا في التاريخ وفي جنان الخلد، نستقبل النهاية المخزية لأكبر مجرم حرب في مطلع القرن الجديد ونودع بالأحذية رئيس أكبر قوة على وجه الأرض وهو الغبي الأهوس جورج بوش الأصغر الذي قاده غباؤه ليكون القائد الأوفى للحقد الصليبي الصهيوني الصفوي والمجرم الأرعن الذي تزعم أكبر حملة كره وانتقام من العروبة والإسلام، فكان هولاكو القرن الجديد بكل ما فيه من وحشية ضد الحضارة وكان أوربان الثاني الصليبي بكل ما يحمل من كره ضد الإسلام  وكان كسرى المجوسي بكل ما فيه من غطرسة وحقد فارسي ضد العرب وكان نفسه بوش الثاني الصهيوني بكل ما استجمع من أطماع رأسمالية وهيمنة استعمارية وأحقاد عنصرية ضد الأمة العربية وقوى المقاومة والممانعة فيها وقد كان العراق طليعة هذه القوى المقاومة للهيمنة والاستعمار والقلعة الناهضة والرافضة للخضوع والاستسلام وبالتالي كانت المستهدف الأول بالغزو والتدمير.


الحرب ليست أمرا جديدا في تاريخ الشعوب والأمم، والمطامع الاستعمارية الفارسية والغربية في المنطقة العربية لم تكن أمرا مستحدثا ومستغربا، ومساعي الصهيونية العالمية الى الاستحواذ والهيمنة على مصير العالم ليست خفية منذ تمكن اللوبي الصهيوني من التحكم في مراكز القرار الغربية وخصوصا بعد انفراد المعسكر الرأسمالي بسياسة القطب الواحد، ولكن الجديد في كل ما يحدث هو انقلاب المفاهيم السياسية واختلال القيم الأخلاقية وازدواجية المعايير والقوانين الدولية يضاف الى كل ذلك سياسة الاستخفاف العنصرية التي تمارسها أكبر قوة رأسمالية (هي الولايات المتحدة الأمريكية وأتباعها) والتي تدعي حماية حقوق الإنسان والأمن والديمقراطية في العالم، حيث لا تجد هذه القوة بإدارة بوش الأرعن الأكبر من بين صهاينة البيت الأبيض الرادع الأخلاقي ولا الخجل في تدمير أوطان بأكملها تحت ذريعة التهم والشكوك بل فبركة الأكاذيب والمعلومات المضللة.


فها هو بوش يسقط كاذبا ذليلا بعد أن أمعن في جرائمه وأشبع حقده الصهيوني العنصري وروى تعطشه الى سفك الدماء وحقق انتقامه مما أنجزه العراق الأبي ونظامه الوطني من تقدم وقوة رادعة للغطرسة الصهيونية وحامية لاستقلال العراق وحقوق العرب جميعا. وقد يفهم البعض أن بوش مجرد رئيس أخطأ في تقدير العواقب والحقيقة أن بوش هو أداة من أدوات كثيرة للتعبير عن "الفكر الصهيوني العنصري الاستعماري الرأسمالي" الذي يعتمد "مبدأ الغاية تبرر الوسيلة". فإذا كان مثلا النفط غاية والاستحواذ عليه هدفا فكل الوسائل مباحة للحصول عليه (بالحرب والتدمير والتخريب وإسقاط أنظمة..) وإذا كان أمن الكيان الصهيوني غاية وتوسعه هدفا لقيام "إسرائيل الكبرى" فإن العدوان المستمر وقاية وتجريد العرب من قوتهم واحتلال أراضيهم وإبادة الشعب الفلسطيني وسائل ضرورية لضمان مصالح الاحتلال الصهيوني ومن ورائه حماية مصالح الصهيونية الرأسمالية الغربية عموما.


ودون الدخول في تفاصيل كثيرة فقد أصبح العرب الضحية الأولى والأكبر للهيمنة الغربية والإقليمية ولسياسة ازدواجية المعايير وقد نجد في الملاحظات المختصرة التالية ما يعبر ذلك:   


1-      إيران شنت عدوانا على العراق وخرجت منه مظلومة والبعض يراها تستحق التعويض وأن يكون لها حصة في العراق وفي تفكيك وحدته وتجريده من الكفاءات العلمية واجتثاث مقومات هويته الوطنية والقومية.


2-      جرد العراق من أسلحته لتكون صاحبة الحق في امتلاك الطاقة والأسلحة النووية والدمار الشامل كل القوى المعادية للعرب ولوحدتهم وهذه دولة الاحتلال العبرية الصهيونية ودولة الفرس الصفوية تذهبان بعيدا في امتلاك القوة الهجومية واحتلال الأراضي العربية دون رادع حقيقي إقليمي أو دولي.


3-      أمريكا تتعرض الى تهديد داخلي يكتنفه الشك والغموض حول مرتكبيه والعراق يدفع ثمن ذلك رغم انعدام أية علاقة له بالإرهاب ومدبريه.


4-      العراق يستعيد الكويت كجزء من أراضيه فيكون معتديا ومحتلا لدولة ذات سيادة ويعاقب العراق على استعادة حقوقه ويفرض عليه الحصار والتعويض ظلما وعدوانا.


5-      إيران تستحوذ على عربستان وتقتل العرب فيها والجميع صامت. وإيران تحتل الجزر العربية الثلاث ولا أحد يتحرك. وإيران توسع نفوذها الطائفي عبر تكوين وتمويل منظمات حزبية في دول الجوار وعموم المنطقة ولا أحد يجد في ذلك تدخلا وتهديدا لأمن الجوار والعرب خصوصا.


6-      تمرد الأكراد في تركيا وإيران يقمع بالحديد والنار ويحرمون من حقوقهم السياسية والثقافية وتعد تنظيماتهم إرهابية وأكراد العراق لهم الحق في كيان حر ومستقل وأحزابهم الإقطاعية والعرقية حليفة الاستعمار والصهيونية تعد أحزابا ديمقراطية ووطنية.


7-      منطقة كردستان العراق تعد منطقة كردية خالصة لا حق للعرب فيها ولا سيادة للسلطة المركزية عليها ولكن الأكراد شركاء مع العرب في السلطة وفي بقية العراق. وقومية الكرد حق ثقافي وتاريخي وقومية العرب شوفينية وعنصرية يجب استئصالها. وبحكم أن العرب يشكلون الأكثرية فلا بد من  إضعاف المركز بتقوية الأطراف والأقليات كضمانة للوحدة الوطنية بينما الحقيقة والتجارب تثبت أن الأكثرية هي عماد الوحدة الوطنية وأن ضعفها يمهد الطريق نحو انفصال الأطراف وتمرد الأقليات.


8-      العراق الواحد والقوي لا يتسع الى الجميع فلا بد من تفكيكه لتكوين فيدرالية مبنية على المحاصصة الطائفية والعرقية تحقيقا لديمقراطية غريبة عجيبة مقامة على اجتثاث وتصفية الخصوص وعلى حرمان المواطن وشراء الذمم والرشوة والفساد المالي ورهن الوطن أمنيا واقتصاديا للاستعمار.


9-      الكيان الصهيوني من حقه امتلاك القوة النووية للدفاع عن احتلاله ومستوطنات المهاجرين الصهاينة والشعب المسلوبة أرضه والمهجر من وطنه قسرا وظلما ليس له الحق في العودة والمقاومة الفلسطينية للاحتلال تعد إرهابا وتصرفا مدانا يخول للصهاينة المحتلين استخدامه مبررا للفتك بالشعب الفلسطيني واغتيال قادته وملاحقة أبنائه وهدم بيوتهم وتجريف مزارعهم ثم تجويع ومحاصرة الشعب بأكمله كعقاب جماعي بخلق المعابر وقطع الإمدادات الإنسانية.


10- والغريب المستهجن في كل هذا أن تأخذ غالبية الأنظمة الاستحواذية الاستبدادية في بلاد العرب بمبدأ الشراكة مع أعداء الأمة في تمرير مشاريع التجزئة والاستسلام والتنكيل بالشعب العربي حيثما كان ومحاصرة وملاحقة الثائرين على الظلم والقهر واستئصال كل نفس مقاوم تحت طائلة قانون مكافحة الإرهاب واعتبار مقاومة المحتل فعلا مدانا يجب تطويقه وحتى تجريمه من قبل الأنظمة اللاوطنية واللاعربية، فالمقاومة العراقية الباسلة لا تحضى بالاعتراف ولا المساعدة والمقاومة الفلسطينية محاصرة ومطلوب إسقاطها والمقاومة الصومالية للاحتلال الأثيوبي موسومة بالإرهاب. أما المقاومة في عربستان فمعتم عليها والصمت مطبق على جرائم الاحتلال الصفوي في حق الشعب العربي الأحوازي وكذلك الشعب العراقي.
 في ظل هذه الصورة البشعة للواقع العربي وفي سياق الاحتفاء بالذكرى الثانية لشهيد الأمة وشهيد المقاومة الوطنية والعربية لا بد من إدانة بل محاكمة أنظمة الذل والخذلان الى جانب محاكمة قادة الاحتلال الغربي الصهيوني (بوش وحلفائهم الصفويين في إيران والماسونيين في أثيوبيا) والخونة المتعاونين معهم لأن ما يعانيه الشعب العراقي والفلسطيني والأحوازي والصومالي قد تجاوز كل فظاعة إجرامية وإبادة للإنسان.


إن مواجهة الاحتلال الأجنبي لا تنسينا مواجهة الاستبداد الداخلي الحليف العملي للاستعمار والذي يشارك ويساهم في تكريس العجز العربي بتخريب وحدة الأمة ومصادرة إرادتها وإحباط آمالها بقمع واجتثاث قوى المقاومة فيها.


إن سياسة الإحباط التي تتبعها الأنظمة الرسمية عبر التخاذل والاستسلام والتطبيع مع الاحتلال أخطر من الاحتلال العسكري المباشر والدليل أن الشعوب الواقعة تحت الاحتلال أصلا هي الأكثر حيوية في المقاومة والأكثر تعبيرا عن إرادتها في التحرر أما الشعوب الواقعة ضحية الاستبداد الداخلي فهي الأكثر إحباطا وقلقا على مستقبلها والأكثر ترددا في تقرير مصيرها. إذن يجب أن ندرك أن التحرر من الاستبداد الداخلي هو التحرر الحقيقي لقوى الأمة والمصدر الحقيقي لاستعاد الأمل واستعادة القدرة على تحقيق النهضة والوحدة والتخلص النهائي من الاستعمار ومخلفاته.


إن دعمنا للمقاومة العربية في كل مكان واجب وطني وقومي ولكن هذا الدعم يفقد معناه وأهدافه إن لم ننخرط نحن في بناء جبهتنا الوطنية التحررية لمقاومة الاستبداد الجاثم على أنفاسنا والمكبل لإرادتنا والقامع لحقوقنا وحرياتنا في التحرك والتعبير عن طموحاتنا وتقرير مصير أجيالنا.


إن دعمنا للمقاومة قد يخفف عنا هم الواجب القومي والإنساني ولا بد أن تنتصر المقاومة وتتحرر من الاحتلال مهما كانت قسوته ومدته ولكن وأيا كانت النتيجة فقد نبقى نحن نرزح تحت وطأة الاستبداد والاستعمار المقنع بأنظمة محلية قطرية فاسدة ومفسدة لكل شيء في حياتنا، أنظمة زائفة ومزيفة لطموحاتنا وأحلامنا، أنظمة مالكة لقدراتنا وللوطن برمته.


من هنا أعود لأقول أنه مثلما أن المقاومة في حاجة الى دعمنا فنحن أيضا في حاجة أكيدة الى تجاوز مكامن الخلل فينا ونبذ تشتت الجهود والخلافات الجانبية والنزعات الذاتية لنرتقي الى مستوى الفعل الموحد والعمل الجبهوي الوطني والقومي والإسلامي التحرري لمقاومة أعداء الحرية والوحدة والعدالة الاجتماعية والعابثين بقيم وقدرات الأمة وبهويتها العربية الإسلامية الإنسانية.   


وختاما أجدد الدعوة الملحة وأؤكد ضرورة العمل على اعتبار هذه المناسبة انطلاقا للتفكير مليا في بناء جبهة وطنية وقومية تحررية تتسع الى جميع الأحرار والشرفاء وجميع القوى الرافضة للاحتلال والاستبداد والفساد والقهر والظلم على الصعيد الوطني والعربي والدولي.


وأخيرا المجد والرحمة لشهداء الأمة.
والخلود لشهيد الحج الأكبر الرفيق صدام حسين.
والنصر المؤزر للمقاومة العربية الإسلامية في العراق وفلسطين والصومال وعربستان ولكل الثائرين ضد الظلم والاستبداد.
والخزي والاندحار لقوى الهيمنة والاحتلال والخونة والمتخاذلين.
عاشت الأمة العربية وتحية لكل القوى الحية فيها.

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

السبت  / ٢٩ ذو الحجة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٢٧ / كانون الاول / ٢٠٠٨ م