في ذكرى استشهاد القائد صدام حسين

 

 

شبكة المنصور

د. عبد الرزاق الدليمي

قبل عامين أقدمت إدارة الشر في أمريكا ومن خلال أياديها القذرة بعمل دوني رخيص حيث اغتالوا الرئيس الشرعي لجمهورية العراق وعبرت هذه الجريمة النكراء عن إساءة كبيره للعرب والمسلمين والعراقيين بشكل خاص وهذا الأمر أدى إلى أن يزداد المأزق الأمريكي في العراق... ورغم كل ما منى أصحاب هذه الجريمة أنفسهم بتحقيقه إلا أن كل ما قاموا به ومتوقع أن يقدموا عليه لاحقاً سيعطي القائد صدام حسين زخماً أكبر وقوة أعظم وحبا لا يضاهيه إلا حب الوطن وقد عمقت هذه الجريمة النكراء علاقة الناس به أكثر وبالذات ما ستعكسه فعاليات المقاومة العراقية المتزايدة كماً ونوعاً حيث أثبتت وقائع المرحلة الماضية (منذ قرابة ست سنوات) أن رد فعل العراقيين ومقاومتهم تزداد وتتطور إزاء أي ممارسة أمريكية شاذة بعكس توقعات الأمريكيين وعملائهم... أن هذا الفعل الجبان البعيد كل البعد عن الجانب الأخلاقي والقانوني والأعراف الدولية سيزيد من تلاحم العراقيين والتفافهم حول المقاومة وستفعل كل ممارساتهم لتحرير بلدهم في وقت لن يكون بعيد إنشاء الله وكل هذا له صلة بالدور المحوري الأساسي الكبير للقائد صدام حسين.


ففي كل مرة يثبت فيها صدام حسين أنه قائد من طراز فريد ورغم أن هذا الموضوع لا يفاجئ أي إنسان عاقل إلا أنه في ذات الوقت يثير الحيرة لدى أعداء الأمة العربية ذلك لأن قياسات الأعداء محكومة بخلفية... هي أبعد ما تكون من قدرةً على هضم هكذا مواقف وهكذا سلوك من رجل ضحى ولا يزال يضحي بكل نعم الحياة؟! وملذاتها ومغرياتها من سلطة وشهرة ومال و..و..الخ...


بل وفقد أولاده وحفيده واختار درب الجهاد والشهادة دفاعاً عن كرامته وكرامة الأمة وشعب العراق... لقد ضحى الرئيس صدام بحياته مثلما ترك السلطة والجاه كما يحلو للمجرمين أن يسموها لكن البطل الشهيد صدام ظل يحتفظ بأغلى ما يملكه الإنسان العربي المسلم الشريف وهي الكرامة والعزة والإرادة الحرة وهذا ما لا يفهمه الأوباش أمثال بوش وبقية هؤلاء العتاة المجرمين.


إن الإرادة والكرامة والشرف ربما لا تعني عند الآخرين سوى مسميات للاستهلاك لاسيما إذا ما تعارض استخدامها مع المصالح وعوامل الربح والخسارة وهذه الأخيرة (الربح والخسارة) هي أثمن بكل المقاييس الإحصائية والرياضية لدى من لا يفهمون ما تعنيه الكرامة والعزة والإرادة الحرة الشريفة وهذا ينطبق على الإدارة الأمريكية وكذا الحال بالنسبة لبقية العملاء الذين جاءوا خلف دبابات الاحتلال... لأن فاقد الشيء لا يعطيه فكيف يكون لكل هؤلاء إرادة وشرف وهم الذين يمارسون الدعارة السياسية في كل لحظة عدا أن الصفات التي تجمع كل هذه الثلة إلى جانب ما أشرنا إليه من فقدانهم المصداقية والشرف بكل ما تعنيه هذه الكلمات من معاني إضافة إلى أنهم أثبتوا جميعهم كونهم الأكثر إرهاباً وإجراماً في عصرنا الراهن.


* إن الذي لا يعرفه هؤلاء المتخلفين... أن الرئيس الشهيد صدام حسين الإنسان كان وسيبقى نموذج ريادي في مواصفاته… وأسأل هؤلاء الذين أعمى الحقد بصيرتهم كم من القادة من ضحوا بكل شيء من أجل مبادئهم وكرامة بلدهم؟ ولا أريد منهم إجابة!!


هل يعلم هؤلاء؟! أن المرحوم صدام حسين كان يزور أبناء شعبه باستمرار في مساكنهم في جميع أنحاء العراق في المدن والريف والجبال وفي أبعد نقطة… هل يعلم هؤلاء أن الرئيس كان يقابل يومياً مئات المواطنين في الليل (بعد الساعة الثانية عشر) وحتى الفجر… وهل يعلم هؤلاء أن الرئيس صدام حسين كان يقرأ جميع الصحف والمجلات التي تصدر في العراق والتي تأتي من الخارج فجر كل يوم ويعلق عليها ويناقش الكتاب ويتحاور معهم ويكرم المبدعين منهم باستمرار.. هل يعلم هؤلاء أن الرئيس كان يهتم بالأدباء والفنانين والشعراء وكان هو أديباً وقاصاً وشاعراً وعازفاً جيداً للعود وكان يعرف كل تقاليد العشائر وأهل البادية بل وكان يتفوق عليهم في تفاصيل كثيرة… بل يحث الخطى لإجادة اللغة الكردية الأساسية.


هل يعلم هؤلاء مدى ذكاء صدام حسين وحصافته وسرعة بديهيته وعنفوانه وقوة شخصيته وحضورها الفاعل أمام الآخرين…هل يعلم هؤلاء كم هي درجة شجاعة صدام حسين وفروسيته وبراعته في القتال باستخدام الأسلحة المختلفة وهو الذي قاد كثير من المعارك وآخرها معارك المطار والهجمات البطولية على تجمعات قوات الاحتلال مساء يوم 9/4/2003 في الكاظمية مع أعداد منتخبة من الفدائيين العراقيين والعرب.


هذه بعض خصائص وسجايا صدام حسين ولكن هل يعني ذلك أنه كان بلا خطايا أو أخطاء والجواب كلا... لقد كانت هناك أخطاء وبعض منها كان مهم فهو لم يكن منزلاً من السماء لأنه بشر وهل يوجد قائد أو رئيس بلا أخطاء؟ وإذا حسبنا هذه فربما كان صدام حسين أقلهم أخطاء.


إن المهم في كل ما حدث في العراق لا علاقة له بهذا الخطأ أو ذاك مثلما لا علاقة له بكون صدام حسين ديكتاتوري أم لا... لأن الأسباب الأساسية لاحتلال العراق بعيدة كل البعد عن المبررات التي حاولت ماكنة الدعاية الأمريكية الصهيونية تسويقها على أنها السبب الأساسي لاحتلال العراق وهذا ما اضطر للاعتراف به أخيرا بوش... والعالم اليوم أصبح على بينة (وهذا يضاف كنقطة قوية لصالح الرئيس صدام حسين) إن سبب الاحتلال هو سياسة العراق ومواقفه المعادية لإسرائيل ودعمه اللامحدود للفلسطينيين وحرصه على أن تكون ثرواته النفطية بيد العراقيين... وكذلك ما تحقق من طفرات علمية في العراق وهنا نؤكد لو كان صدام مغرم بالسلطة لقبل بالتعامل مع (إسرائيل) واحتفظ بكل شيء؟! ولكنه لم يقبل..


لقد سولت أنفس هؤلاء الأعداء المريضة أن يسوقوا الاتهامات لرمز الأمة وعنوان كبريائها وشجاعتها الأسد الغيور صدام حسين فتارة يصفوه بالدكتاتوري ومرة أخرى ينعتوه بالمجرم ولكنهم يخسئون فهذا الرجل المقدام استطاع مع رفاقه وأبناء شعبه من الشرفاء أن يبني واحدة من أعظم التجارب الإنسانية وعمل جاهداً لإعادة العراق ومن خلاله الأمة العربية والإسلامية إلى سابق عهدها وأمجادها الحضارية ولولا عظمة هذا البناء لما تكالبت عليه كل قوى الشر ولولا أن تجربة العراق من القوة والمتانة لما جيشت أكبر إمبراطوريات العالم جيوشها وحشدت عملائها لإسقاطها بالقوة... فأي تجربة كبيرة هذه التي لا يمكن تنحيتها إلا بتحشيد كل قوى الشر والظلام في العالم وبزعامة مركز الإرهاب في العالم الولايات المتحدة الأمريكية وظلها الخبيث بريطانيا.


إن ما واجهته تجربة العراق بقيادة الشهيد صدام حسين رحمه الله .. تدلل بما لا يقبل الشك صحة المنهج الذي سارت عليه منذ قيامها في 17-30 تموز 1968 وحتى احتلال بغداد في 9/4/2003 لقد كانت بغداد قبل احتلالها منارة العرب والمسلمين وقبلة لكل دعاة الإنسانية وكانت ملاذاً لكل الشرفاء والمناضلين وكان العراق السد المنيع المدافع عن الحق العربي والمساند لكل أبناء الأمة العربية حتى وإن كانت أغلب الأنظمة العربية تتآمر عليه لأن قيادة العراق كانت تدرك أنها حينما تقدم ما يجب أن تقدمه للأشقاء لا تقدمه منة للحكام بل واجب مقدس وحق مكتسب لأبناء جلدتها من العرب والمسلمين ولربما كان جانب مهم من هذا النهج سبباً لإثارة حفيظة الأعداء لاسيما الإدارات الأمريكية المتعاقبة والكيان الصهيوني ونخص بالذكر هنا الدعم الذي كان العراق يقدمه لشعبنا العربي الفلسطيني وكان هذا الموقف المتميز من قضية العرب الأولى (فلسطين) سبباً لأن يحمل أصحاب النفوس المريضة من الحكام العرب الضغينة والحقد على قيادة العراق المجاهدة وكان العراق يقابل الإساءة بالإحسان والمؤامرة بالموعظة الحسنة والتسامح والفضيلة ومع كل ذلك استمر هؤلاء الحكام على ذات المنهج بل وزاد بعضهم عليه حينما شارك تخطيطاً وفعلاً في العدوان على العراق وتقديم المساعدة لاحتلاله واغتصاب سلطته الوطنية والمساهمة في قتل أهله وتدمير مؤسساته وسرقت ثرواته الحضارية والمادية ولازالوا على هذا المنهج مستمرين.


إن نظرة موضوعية ثاقبة وتقويم عادل للتجربة التي قادها الرئيس صدام حسين (35 سنة) تظهر لنا حجم الإنجازات الكبيرة التي تحققت على كافة الصعد حيث شهدت كافة القطاعات ثورات وانفجارات حضارية قل مثيلها في عصرنا الحاضر فخلال هذه الفترة أصبح في العراق /54/ جامعة ومؤسسة علمية عليا انتشرت في كل العراق وسجلت أعداد المدارس ورياض الأطفال أرقاماً قياسية نسبة إلى عدد السكان والمساحات الجغرافية إضافة إلى حصول العراق على المرتبة الأولى في العالم في مكافحة الأمية (وفق مقاييس اليونسكو) وأصبحت الخدمات الصحية المتطورة في العراق مضرباً للأمثال واختفت منه كل الأمراض والأوبئة المعروفة وشهدت مدن العراق آفاقاً رحبة في النمو والتقدم وتم ربط كل مدن العراق بعضها مع البعض الآخر بشبكة من الطرق السريعة وكذلك مع دول الجوار هي الأفضل في كل المنطقة وأصبح للعراق قوات مسلحة هي الأقوى وساهمت بشكل متميز في كل المعارك القومية وهي الوحيدة التي دكت صروح العدوان الصهيوني في فلسطين المغتصبة وهي الآن تمارس دورها الرائع في تدمير المحتلين في العراق كونها تشكل العمود الفقري للمقاومة العراقية الباسلة.


كما شهد العراق ثورة صناعية هي الأكبر والأهم بين دول العالم الثالث وكذا بالنسبة للثروة الزراعية والحيوانية والأهم من كل هذا وذاك أن العراق كاد أن يعبر العتبة ليكون واحد من ستة عشر دولة متقدمة في العالم باعتراف الأمريكيين أنفسهم لولا المؤامرات المستمرة التي كانت تستهدفه على الدوام وفرضت عليه مواجهات كان يتمنى لو أنها لم تحدث وعمل ما في وسعه لتفاديها إلا أن إرادة الشر والعدوان كانت أكبر.


لقد أصبح في العراق ظاهرة تميز بها عن سواه وكانت سبباً لخشية الأعداء منه وبالذات (أمريكا وإسرائيل) وكانت في ذات الوقت مصدر حب واعتزاز الشعب العربي والإسلامي به وهي ظاهرة توسع أعداد العلماء حيث أصبح في العراق قاعدة من الاختصاصات العلمية والكفاءات ما نحسد عليه.


واستطاع هؤلاء العلماء أن ينجزوا حلقات وابتكارات واختراعات هي الأخطر والأهم وأصبح العراقيون وبفضل كفاءة أبنائهم يرفعون شعار "تباً للمستحيل" حيث تم إعادة وتطوير كل ما استهدفه العدوان الأمريكي البريطاني المتكرر رغم كل ما خلفه الحصار الجائر على العراق حيث لم يثني العقل العراقي ولم يلوي إرادة العراقيين كل تلك المؤامرات والعدوان من دوران عجلة البناء والتقدم وربما كان هذا من بين أهم أسباب استهداف العراق واحتلاله.


وصحيح جداً أن يوم التاسع من نيسان 2003 صدمة كبيرة لم يفق منها بعض الناس لحد الآن ولكن القائد صدام حسين وكعهد كل الشرفاء به وبقيادته كان قد أعد للمحتلين نار جهنم تكوي أجسادهم وكانت البشرى في ذات اليوم بانطلاقة المقاومة الوطنية العراقية المسلحة مباشرةً.. لقد أراد الأعداء أن يكسروا ويهشموا إرادة الأمة وكبريائها في احتلالهم للعراق ولكن الله وعباده المؤمنين المخلصين الشجعان كان لهم القول الفصل فانطلقت صولة الحق والحرية وكان يوم التاسع من نيسان بداية لمرحلة تاريخية من السفر الخالد لنضال وتضحيات الشعب العراقي ولكن هذه المرة لن يكون صداها داخل العراق بل على مستوى الوطن العربي وأبعد من ذلك ستصل أثارها إلى كل العالم وفي المقدمة منها دول العدوان وكذلك من ساهم معهم.


إن مشيئة الله سبحانه وتعالى وحكمته كانت وستبقى أقوى من كل قوى الشر والضلالة وهي التي اختارت شعب العراق ليكون عامل الحسم لتغير وجه التاريخ وليعيد لأمة العرب والإسلام نورها وإشراقتها على العالم من جديد… وسيبقى كل الشرفاء محتفظين للرجل الذي ضحى بكل شيء من أجل ولادة اليوم العظيم ولادة الفجر الجديد... لعالم جديد بلا سطوة للامبريالية أو الصهيونية... نعم سيعترف العالم الشريف بما قدمه الرئيس صدام حسين وضحى من أجله والتاريخ لا يسطر حروفه الكبيرة إلا الشجعان المنتصرين.

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الثلاثاء  / ٢٥ ذو الحجة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٢٣ / كانون الاول / ٢٠٠٨ م