من يقبل إعتذار بوش؟..
المشكلة ليست في الهفوات بل في القرارات والمنهج والسياسة ..

 

 

شبكة المنصور

الدكتور محمود عزام / مقاتل ومقاوم عراقي

 

يعتقد بوش أن كل اخطاءه وحماقاته ونهجه الذي جلب العار للولايات المتحدة خلال فترتي رئاسته يتركز فقط في بعض من هفواته الكلامية!..

فبعد ثماني سنوات من حكم أفقد الولايات المتحدة هيبتها ومصداقيتها ومكانتها وإقتصادها  بحيث شعر الأمريكيين أن لا تغيير يمكن أن يحدث في بلدهم إلا بإسناد أوباما بعد سنوات الدم والدمار والكذب والتهريج والمخادعة ..

وبعد أكثر من خمس سنوات على هبوطه على حاملة الطائرات الأمريكية(أبراهام لينكولن) في الأول من مايو/أيار عام 2003 بثياب الطيار المقاتل المغرور ليعلن متبجحا وكاذبا ومخادعا  (حصاد النصر الموهوم ) بهفوته المشهورة ( إن المهمة قد إنتهت وأني أعلن نهاية عملياتنا العسكرية !!)..هذا التصريح الذي قال عنه المتحدث بإسم البيت البيض في مايس الماضي بأنه:(كلّف الولايات المتحدة الكثير!) ..

نقول بعد كل هذه السنوات ذهب بوش مرة أخرى يوم 11 /11/2008 ليقوم بمقابلة مع هايدي كولينز من شبكة CNN على متن حاملة الطائرات الأمريكية USS Intrepid التي أحيلت على التقاعد (معه) ليتطرق إلى مآخذ يأسف لها خلال فترة رئاسته التي امتدت لثماني سنوات!.

 

وعدد بوش بعض من تلك التصريحات قائلاً:

(أنا آسف لبعض الأشياء التي ما كان يجب أن أتفوه بها.. مثل "حياً أو ميتاً" أو "وعليكم بهم".. زوجتي أعادت تذكيري بأني كرئيس للولايات المتحدة يجب أن أكون حذراً فيما أقوله.)!..

ومن هفواته التي أثارت الرأي العام  بعد هجمات 11/9 عام 2001 على الولايات المتحدة  وخلال مطالبته في كلمة رسمية القبض على زعيم تنظيم القاعدة  أسامه بن لادن  قائلاً:

(أريد العدالة... في الغرب هناك ملصق قديم يقول: مطلوب حياً أو ميتاً.)!..

وتعرض بوش لانتقادات شديدة مجدداً عام 2003 إزاء رده على سؤال بشأن المقاومة العراقية المسلحة في العراق.

وجاء فيه:

(هناك من يعتقد بأن ظروف كهذه تسمح لهم مهاجمتنا.. جوابي هو: .. عليكم بهم.)!..

ومن التصريحات التي أبدى إعتذاره عنها خلال حديثه الثلاثاء  تصريح :

(المهمة اكتملت)!... على متن البارجة (أبراهام لينكولن) في الأول من مايو/أيار عام 2003 ليعلن به إنتهاء العمليات القتالية الرئيسية في العراق.

وبرر تصريحه قائلاً: (كانت هناك لافتة عني بها البحارة على السفينة تقول (المهمة اكتملت).. إلا أن البعض نقلها بمعنى أوسع)..

والغريب أن هذا المعتوه قال في نفس المقابلة :

( أنني أفتخر بكوني القائد الأعلى لشعب يعتريني بالفخر عند مشاهدتي له يطعم الجياع في العالم!)..

 

وإختتم حديثه بإبداء أسفه لعدم فوز المرشح الجمهوري  جون ماكين  في الانتخابات..

ومع ذلك فإن المنطق وطبيعة هذه التصريحات والهفوات تبين بوضوح طبيعة المنهج السياسي وطريقة تفكير رئيس لأكبر وأقوى دولة في العالم ..

والنهج السياسي والعسكري والعقائدي الذي إتبعه بوش ببساطة ووفق ما قاله بنفسه هو منطق الغاب ..

وهو منطق القوي على الضعيف..

ونهج جبروت المتسلط الذي يتحين الفرص ويغالي بالقوة ..

نهج بلا قانون..

والقانون هنا هو (أقتل وإجلب الجثة!)..

فكلمة مطلوب حيا او ميتا في ماضي  الغرب الأمريكي تعني (أقتله قبل أن تسمع دفاعه)..

و( طارده من أجل القتل ).. و( قتل المطلوب هو العدالة بعينها )..(وقتل المطلوب او الهدف  لا تحكمه قضية)..

و( لا يهم للقاتل الدافع للقتل) ..

ودائما ما كان المطاردين للمطلوب يقتلون كل شيء أمامهم ويدمرون أي شيء ..

وهذا مافعله بوش ونظامه وإدارته وسياسته في أفغانستان والعراق..

في العراق.. كان (الملصق الأمريكي بأوراق القمار) الذي يحمل صور أعضاء القيادة والقادة الشرعيين يقول : (هؤلاء مطلوبين أحياء أو أموات!) ..

وكان لديهم (ملصق آخر) يقول : (العراق مطلوب حيا أو ميتا) ..

وكانت ولا زالت كل العمليات العسكرية والتحالفات السياسية ومصادرة الإرادة العراقية وتزييف تأريخ العراق وحملتهم ضد البعث والجيش والقوات المسلحة العراقية البطلة والإعلام والمباديء والقيم وتنصيب أراذل القوم ليحكموا شعب البطولة والفداء وتمكين إيران من إحتلال العراق والسيطرة على مقدراته والتدخل في كل شأن من شؤونه ..

كل هذه العمليات والممارسات تهدف لأسر العراق أو قتله..

وفي عرف الغرب الأمريكي القديم فإن الشعار الذي تبناه بوش ( مطلوب حيا أو ميتا) وسارعت كل إدارته وأجهزته وجيوشه والمتحالفين معه والسائرين معه خوفا وطمعا  لتنفيذه في حينه هو (قتل المطلوب فورا أو أسره ليتم قتله !)..

وتحولت جيوش (الديمقراطية) الأمريكية الى زمر مأجورة من قطاع الطرق لتنفيذ هذا الشعار..

 

وأين مهمته التي إكتملت ؟..

وما هي هذه المهمة بالأساس ؟..

ونتحدى أي سياسي او عسكري فيهم ليعرفها..

 

وإذا كان بوش يفخر بأنه رئيس لدولة أشبعت الجياع فهو على العكس كان رئيسا للدولة التي جوّعت الشعوب وأفقرتها وشردتها وقتلتها وصادرت إرادتها ومنها الشعب العراقي..

 

وعن المقاومة الوطنية العراقية ..كانت إدارة بوش الحمقاء والفاشلة تنكر حق الشعب العراقي بها..بل طلب بوش من كل قادته الميدانيين بإستخدام العنف والقوة المفرطة لإخماد شرارة الحق العراقي وكان من نتيجة هذا التصرف الطائش أن إلتف كل الشعب حول المقاومة والحق العراقي وشرف التصدي للمحتل وأذنابه ..

وفي خضم تصاعد حدة الرفض الشعبي ومقاومته المسلحة كان بوش يشدد دوما على شعاره المجرم الخائب:

( عليكم بهم !!) ..

أي عليكم بالعراقيين والمدافعين والمقاومين ..عليكم بالحق الذي حلله الله لنا ..كانت أوامره المعروفة :

(أن لا نسمح لهؤلاء بأن يوقفوا نهجنا بالحصول على النصر في العراق!) ..

كلمات فارغة من أي محتوى ومعنى وتفسير..

كلمات هوجاء وحقد اعمى وطيش وغباء وفشل قاد الحزب الجمهوري والمحافظين وكل إدارة بوش لمستنقع الهزيمة والعار والذل بتأريخ طويل غير مشرّف.

 

أن يندم بوش أو لا يندم..

فلن يفيده الندم ..

يوم لا يفيد الندم ..

اليوم وقد نجاه الله ببدنه ليصبح آية..

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاربعاء  / ١٤ ذو القعدة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ١٢ / تشرين الثاني / ٢٠٠٨ م