فاز أوباما .. وخسِرَ الفاشل بوش !..
نهاية حقبة حكم رئيس كاذب وقاتل ومجرم ..
لعنة العراق تلاحقهم ..
لكي لا ننسى المتآمرين على العراق .. مسرحية كولن باول
يوم الأدلة القاطعة !.. أم يوم الخيبة والعار

 ﴿ الحلقة السادسة عشر

 

 

شبكة المنصور

الدكتور محمود عزام / مقاتل ومقاوم عراقي

 

كانت أنظار العالم كله تتجه يوم 5 شباط 2003  الى مجلس الأمن الدولي حيث يلقي وزير الخارجية الأمريكي كولن باول ما وصفته واشنطن بالأدلة القاطعة التي تؤكد إخفاء العراق لأسلحة الدمار الشامل ومن ثم مطالبة المجلس بقرار جديد يجيز إستخدام القوة العسكرية ضد بغداد. وقال مسؤولون أمريكيون في حينها إن باول سوف يستخدم صورا للأقمار الصناعية وأحاديث تم إلتقاطها بين مسؤولين عراقيين لدعم موقف حكومته في إجتماع مجلس الأمن مساء ذلك اليوم  فيما كانت بغداد مقتنعة تماما أن تفشل امريكا في تحويل مجلس الأمن الى (مجلس حرب).

 

وكان من المتوقع أن تجعل الإدارة الأمريكية هذا اليوم(يوم الأدلة القاطعة التي تدين العراق!)..حيث سيتحدث باول عن صور لما يعتقد إنها معامل متنقلة لأسلحة بيولوجية في كلمته أمام مجلس الأمن الدولي وقد يكشف هذه الصور. وقد تكون هذه الكلمة نقطة تحول في محاولة الولايات المتحدة لإقناع حلفائها ولاسيما فرنسا وروسيا والصين بأن العراق لم يتخل عن برامجه للأسلحة الكيماوية والبيولوجية والنووية وإنه يوجد مبرر الآن لإستخدام القوة العسكرية. كما يهدف العرض الذي سيقدمه باول الى إقناع الرأي العام والمجتمع الدوليين اللذين يغلب عليهما التحفظ ازاء شن حرب على العراق بسرعة بداعي عدم إحترامه واجباته في مجال نزع الأسلحة.

 

وقال مسئول أمريكي آخر في حينه تمهيدا للتنبوء بما سيعرض باول بهذا الإجتماع :  

 

(إن باول قضى جزء من يوم 4 شباط 2003  في دراسة معلومات الإستخبارات التي يعتزم عرضها اليوم حينما يتحدث الى مجلس الأمن في جلسة تنقلها مباشرة شاشات التليفزيون ووكالات الأنباء والفضائيات)! .

 

وعشية إجتماع مجلس الأمن قال جان بيار رافاران رئيس الوزراء الفرنسى إنه يجب أن يتمكن المفتشون الدوليون من (تحليل) الأدلة التى سيقدمها باول اليوم الى مجلس الأمن الدولى حول وجود أسلحة دمار شامل فى العراق. وقال رافاران إن الرئيس الأمريكى يقول لنا أن هناك أدلة وإن باول سيعرضها أمام مجلس الأمن مضيفا إن على المفتشين أن يطلعوا على هذه الأدلة وإن يكون بإمكانهم تحليلها وأن يتم نقاش حولها داخل مجلس الأمن. وأوضح إن ما تريده فرنسا هو أن تتحرك الأسرة الدولية معا بإسم القانون الدولى أي من خلال إجراءات هى اجراءات مجلس الامن كي يتمكن قانون دولي من تسوية العلاقات بين الامم.

 

من جانبها إعتبرت بغداد إن واشنطن لن تنجح في تحويل مجلس الأمن الى (مجلس حرب) وتوقعت (سقوط) وزير الخارجية الامريكي كولن باول في إثباتاته على وجود أسلحة محظورة في العراق.

 

وذكرت في حينها كل وكالات الأنباء أن يقوم مندوب العراق لدى الامم المتحدة بإلقاء كلمة بلاده أمام المجلس يفند فيها الإدعاءات والحجج الأمريكية بعد تقديم باول مايسمى بالأدلة الجديدة على حيازة بغداد لبرامج تسلح كيماوى وبيولوجى.

 

وأعرب المندوب العراقي في وقتها الدكتور محمد الدورى عن ثقته بأن باول لن يستطيع تقديم أى شىء يؤكد الحجج الأمريكية حول حيازة العراق لأسلحة دمار شامل أو علاقة بغداد بتنظيم القاعدة.

 

ومن جهته قال  الشهيد طه ياسين رمضان نائب الرئيس العراقي من العاصمة السورية دمشق يوم 4 شباط 2003  حيث التقى مع كبار المسؤولين:

 

(لا أعتقد..بأن لدى أمريكا شيئاً مخيفاً.. إنه عبارة عن تكرار الأكاذيب السابقة).

واضاف:  

(لا يوجد شيء جديد. الذي عنده شيء جديد ألا يعلنه؟ كان يمكنهم أن يقدموه للمفتشين سرا حتى يعثروا على هذا الشيء الذي لديهم معلومات حوله لكن مجرد أن يعلنوا عن هذا قبل أيام ثم يقولون سنعرض هذا أمام مجلس الأمن فهو تعبير أكيد على كذب ما يدعون)..

 

رحم الله شهيد العراق والأمة والمباديء والحق الرفيق طه ياسين رمضان الذي جعل الطاغي والمحتل والباطل يعتمد نفس كلامه بعد سنوات طويلة ليؤكد ما قاله ويعترف بهزيمته وفشله وكذبه..

 

وتحية للموقف البطولي للدكتور محمد الدوري الذي واجه صَلَف وعنجهية أكبر الدول طغيانا وهي قد أستعدت ورزمت وهيأت نفسها لغزو وتدمير وإحتلال العراق وهي بحوزتها آلة إعلامية ومستندات مزورة ومعلومات وتجاهر بأنها ستدين العراق وقد تحداهم قبل أن يعرضوا مالديهم من أكاذيب..

 

وقصة المؤامرة طويلة وتبدأ منذ زمن بعيد..وسنجتزأ مرحلة منها..

في منتصف شهر تشرين أول 2002 وقع الرئيس الأمريكي جورج بوش في البيت الأبيض قرار الكونغرس الأمريكي باستخدام القوة ضد العراق. وهو القرار الذي أصدره الكونغرس بأغلبية ساحقة ويمنح بوش تفويضا بشنّ الحرب ضد العراق عند الضرورة لنزع أسلحة الدمار الشامل. وقبل التوقيع  قال بوش  أمام مجموعة من رجال الكونغرس إن إستخدام القوة سيكون الملجأ الأخير للتعامل مع الرئيس العراقي صدام حسين..

 

وقبل توقيع بوش قرار حرب العراق في واشنطن شنّ محمد الدوري السفير العراقي في مجلس الأمن هجوما على الحكومة الأمريكية  متهما إياها بمحاولة إستخدام مجلس الأمن لتبرير إحتلال العراق  والسيطرة على مصادر البترول وجاء هجوم الدوري في جلسة مجلس الأمن التي بدأت قبل يومين من التوقيع  في نيويورك لبحث إصدار قرار جديد ضد  العراق وطالب الدوري مجلس الأمن باحترام سيادة العراق  مشيرا إلى أن الحصار الذي تفرضه الأمم المتحدة على العراق منذ 11 عاما يشكل سابقة غير معهودة أسفرت عن وفاة ملايين العراقيين نتيجة النقص في الأدوية والطعام والمعدات..

 

كانت الولايات المتحدة وبريطانيا عازمتان على الحرب ..

 

وحتى عندما حدثت كارثة إنفجار مكوك الفضاء كولومبيا ..قال الناطق بإسم البيت الأبيض آري فلايشر:

(إن كارثة إنفجار مكوك الفضاء كولومبيا لن تؤجل أو تبطىء خطط الرئيس بوش بشأن العراق وان وزير الخارجية الاميركي كولن باول سيطرح كما هو مقرر أدلة على مجلس الأمن الدولي تؤكد ضرورة عمل سريع لنزع التسلح العراقي و إن الرئيس بوش لا يرى صلة بين فاجعة كولومبيا وبين أحداث العالم الأخرى وإن إنفجار مكوك الفضاء لن يكون له أثر على تغيير مسئوليات الرئيس الاميركي لضمان سلام وأمن الشعب الاميركي) .  

 

وقال مسئولون آخرون:

(إن الكارثة لن تمنع بوش عن المضي قدما للتعامل مع الخطر الذي يشكله الرئيس العراقي صدام حسين على حد قولهم).

 

وقالوا:

(إن بوش على ثقة من إن الشعب الاميركي سوف يتمكن من التعامل مع مسئولية الحرب وفاجعة إنفجار كولومبيا في آن واحد)!..

 

وفيما إستعد وزير الخارجية الاميركي كولن باول لطرح ما يوصف بأدلة جديدة على وجود أسلحة الدمار الشامل في العراق قال السفير العراقي في الامم المتحدة محمد الدوري:

(إن بلاده خالية من هذه الاسلحة وان حكومته سوف تقدم كل ما لديها من أدلة على خلو العراق من هذه الأسلحة عندما يقوم كبير مفتشي الامم المتحدة هانز بليكس بزيارة جديدة للعراق وإتهمت الحكومة العراقية كولن باول بأنه سيحاول طرح صور فضائية مزيفة لدعم إدعاءاته بان العراق يخفي أسلحة الدمار الشامل).

 

وفي الوقت ذاته قال وزير الدفاع البريطاني جيف هون:

(إن لندن على ثقة من أن مجلس الأمن الدولي سوف يصادق على قرار جديد يخول إستخدام القوة ضد العراق)!..

وقال وزراء خارجية الدول الخمس عشرة الاعضاء في المجلس أنهم جميعا سوف يتواجدون يوم الإجتماع للإستماع الى بيان الوزير باول وكان أحد عشر من الاعضاء قد تشاروا الى أنهم يميلون الى منح مفتشي الامم المتحدة مزيدا من الوقت قبل تخويل إستخدام القوة.

 

وقال رئيس الوزراء البريطاني توني بلير :

(ان الدليل على أن الرئيس العراقي صدام حسين لا يتعاون بالكامل مع مفتشي الامم المتحدة (لا لبس فيه) وان نزع أسلحة العراق دخل (مرحلته الاخيرة))!.

 

وقال بلير أمام مجلس العموم البريطاني:

(ندخل اليوم في المرحلة الاخيرة لإثنتي عشرة سنة من نزع أسلحة العراق. ومنذ ثمانية أسابيع أعطينا لصدام حسين فرصته الأخيرة لنزع أسلحته وقبل 600 إسبوع أعطيناه فرصته الأولى)!.. وقال بلير خلال عرضه نتائج زيارته لواشنطن حيث التقى بالرئيس الاميركي جورج بوش:

 

(إن العراق في حالة إنتهاك واضح لقرار مجلس الأمن رقم 1441 الصادر في الثامن من نوفمبر لعدم تعاونه بالكامل مع المفتشين الدوليين.)!.

 

وقال بلير:

(الرئيس بوش وأنا إتفقنا على أن نعمل بحيث نضمن أقصى تأييد لمثل هذا القرار بشرط أن تكون الجهود المبذولة للحصول على مثل هذا القرار وسيلة لحل هذه المسألة وليس لتأخيرها أو تجنب الخوض فيها)!..

 

وكان الشعب العراقي يتسائل لماذا لا تعقد قمة عربية عاجلة لمواجهة التهديدات الأميركية بشن حرب عليها وللتنديد بالأدلة التي تستعد واشنطن لتقديمها إلى مجلس الأمن بشأن حيازة العراق أسلحة دمار شامل وإستخدامه لأغراض دعائية وإعلامية.

 

وتساءلت صحيفة (بابل):

(لماذا لا تعقد قمة عربية طارئة تبحث هذه التهديدات العدوانية وتخرج بموقف عربي موحد ازائها يدين التهديدات الاميركية؟).

وأكدت الصحيفة ان هذه التصريحات تحتاج الى وقفة لترسيخها وتشجيعها لاسيما وهي تأتي في إطار تحرك تقوم به جامعة الدول العربية في ممارسة وإن كانت محدودة لتطويق التهديدات الأميركية الحمقاء.

من جهتها وصفت صحيفة (الثورة) الناطقة باسم حزب البعث (أدلة) باول بأنها ضجيج اعلامي. وكتبت الصحيفة أن حديث باول:

 

(لن يكون سوى ضجيج إعلامي يتضمن أكاذيب وتلفيقات مخابراتية. وأضافت إن الإدارة الأميركية تريد إعادة خلط الأوراق وإبتزاز باقي أعضاء مجلس الأمن للحصول على تنازلات جديدة لإطلاق يدها للقيام بعدوان على العراق).

على صعيد آخر قال مصدر عسكري اميركي:

(إن الجيش الاميركي بدأ في قاعدة تاشار المجرية (جنوب غرب) تأهيل عراقيين يقيمون في المنفى لإستخدامهم كعناصر إرتباط في حال قيام حرب ضد العراق).

 

وقال الضابط روبرت ستيرن الذي يتولى قيادة المدربين الاميركيين في تاشار القاعدة الجوية الواقعة على بعد حوالى مائتي كيلومتر جنوب غرب بودابست:

(إن تدريبهم بدأ. وأضاف إن هؤلاء المتطوعين سيتم تأهيلهم ليكون من الممكن إستخدامهم في دعم قوات التحالف تمهيدا لحرب في العراق).

 

وكانت المجر قد سمحت للولايات المتحدة في ديسمبر كانون اول  2002 بتدريب حتى ثلاثة الاف عراقي وغيرهم من العرب في قاعدة تاشار (على بعد 200 كلم جنوب غرب بودابست) على مهمات إرتباط بين العسكريين الاميركيين والمدنيين العراقيين والعمل مترجمين ومرشدين تمهيدا لحرب ضد النظام العراقي.

 

وقال الميجور ستيرن:

(إن تأهيل هؤلاء المتطوعين سيتم على مرحلتين،المرحلة الاولى ستخصص للدفاع عن النفس والثانية للمهمات الأكثر دقة لعناصر الإرتباط.وأوضح إن مهمتهم ستتمحور حول تسهيل الإتصال بين قوات التحالف والمنظمات الخاصة للمتطوعين التي يمكن أن تأتي الى العراق).

وصرح ضابط اميركي آخر هو الجنرال ديفيد بارنو:

 

(إن المتطوعين الذين تم تجنيدهم بين العراقيين المقيمين في الخارج والمعارضة العراقية سيتدربون على إستخدام الأسلحة الخفيفة والتعرف على الألغام وإستخدام سترات الوقاية من هجمات نووية أو كيميائية أو بيولوجية)!.

وقال الميجور ستيرن:

(إن مجموعات المتطوعين ستصل تباعا الى تاشار.وقد خصصت وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) أكثر من تسعة ملايين دولار لبرنامج التدريب الذي ترى واشنطن أنه سيساعد في ضمان عملية إنتقال سياسي بدون مشاكل في العراق).

 

وفي أنقرة أعلن رئيس الوزراء التركي عبدالله غول:

(أن الحكومة التركية ستطلب إنعقاد البرلمان هذا الإسبوع لمناقشة مسألة المشاركة التركية في عملية عسكرية محتملة ضد العراق وسنقدم طلبا الى البرلمان هذا الإسبوع).. من دون أن يوضح ما إذا كانت الحكومة ستطلب الضوء الأخضر لنشر قوات أميركية على أراضيها او لإرسال جنود أتراك الى الخارج وبالتحديد الى شمال العراق.

 

جلس كولن باول وزير الخارجية الأمريكي في إجتماع مجلس الأمن وخلفه رجلان حائران ومتجهما الوجه ..جورج تينيت ونغروبونتي ..كانا يعرفان بشكل قاطع أن ما سيعرضه الوزير ما هو إلا وهم وخدعة وزيف إبتكراه وتم صياغته في مكتب الرئيس بوش ونائبه تشيني ليكون طعما سهلا لسمكة (مشهود لها بالحزم والجدية ) ليتبناها بقناعة ويقوم بطرحها نيابة عن المحافظين الجدد وصقور الإدارة الأمريكية المجرمين..

 

 

طرح وزير الخارجية الأميركي كولن باول على مجلس الأمن الدولي مجموعة من الأشرطة الصوتية المسجلة والصور التي التقطتها الأقمار الصناعية ومعلومات إستندت على شهود عيان ومصادر بشرية داخل العراق في محاولة لإقناع المجلس والمجتمع الدولي بأن العراق لا يزال يمتلك أسلحة بيولوجية وكيماوية وأنه يخفي هذه الأسلحة ووصف باول هذه الأدلة بأنها أدلة دامغة.

 

وكانت الولايات المتحدة وبريطانيا وحدهما من بين أعضاء مجلس الأمن الدولي تؤيدان إستخدام القوة لنزع التسلح العراقي وقالت كل من الصين وروسيا وفرنسا:

(إن هناك حاجة لإعطاء مفتشي الأمم المتحدة مزيدا من الوقت وتعهدت فرنسا بتقديم طائرات لمساعدة المفتشين في اكمال عملهم)..

واتهم وزير الخارجية الاميركي كولن باول في حديثه العراق (بإخفاء أسلحة محظورة وإعتماد الخداع مع المفتشين)! .

وجاء حديث باول والذي إفتقر هو ذاته لأدلة خلال الاجتماع التأريخي لمجلس الأمن سردا لمعلومات غير موثقة تحتمل الصدق والكذب.

وإتهم باول النظام العراقي بإقامة علاقات مع منظمات إرهابية (منذ عقود)! بينها تنظيم القاعدة.

وزعم باول أن حوالى 24 من عناصر تنظيم القاعدة يتمركزون في بغداد. وعرض باول تسجيلا لحديث قال إنه بين ضباط عراقيين رفيعي المستوى يتكلمان عن إجلاء معدات. كما عرض على شاشتين ضخمتين صورا إدعى أنها مأخوذة بالأقمار الإصطناعية تظهر أن مواقع أفرغت من محتوياتها قبل دقائق من وصول مفتشي الامم المتحدة واعتبر أن (نظام بغداد إختار عدم التعاون وعليه ان يدفع الثمن)!.

وعرض باول شريطا مسجلا قال إنه بين مسؤولين عراقيين قال أحدهما:  

(لقد أخلينا كل شيء ولم يبق شي)!...

وقال باول:

(إن العراق عدل تركيبة خزانات الوقود لمقاتلات عراقية من نوع ميراج لنشر غازات سامة أو أسلحة جرثومية كما إتهمه بوضع أسلحة بيولوجية في 18 شاحنة وبأنه هدد علماء بالقتل وبأنه يملك طاقة على إنتاج فيروس الجدري وإستخدامه كسلاح بيولوجي)!.

وتابع باول:

(إن صدام حسين سمح أخيرا لقادته الميدانيين بإستخدام أسلحة كيميائية.. متسائلا: لماذا يفعل ذلك طالما أنه لا يملك هذا النوع من الاسلحة؟)!...

وقال باول:

(إن العراق على أعلى المستويات ينتهج سياسة الخداع والتهرب وانه (لم يبذل أي جهد لنزع سلاحه) ووضع نفسه (في وضع يعرضه لأوخم العواقب))!..

وإتهم الرئيس العراقي بأنه مصمم على إمتلاك قنبلة نووية. وقال باول:

(إن العراق يخفي عناصر أساسية في برنامجه المحظور لإنتاج أسلحة كيميائية في مبان تابعة لصناعته البتروكيميائية)!..

وإعتبر باول إن الرئيس العراقي (صدام حسين لن يتراجع أمام شيء الى أن يوقفه أحد ما)!.. وإنه (لم يغتنم فرصته الأخيرة) وأن الولايات المتحدة لن تسمح للعراق بالإستمرار في حيازة أسلحة دمار شامل لبضعة أشهر إضافية. وإتهم باول العراق بأنه:

(يستخدم سجناء محكوما عليهم بالاعدام في إجراء تجارب لأسلحة كيميائية او بيولوجية عليهم)!.

وأضاف:

(إن العراق قادر على إنتاج فيروس الجدري وإستخدامه كسلاح بيولوجي)!..

وقال:

(إن صدام حسين اجرى ابحاثا على عشرات من العناصر الممرضة مثل الغنغرينة والطاعون والتيفوئيد والكوليرا ولديه وسائل لتطوير الجدري)!..

واضاف:

(إن النظام العراقي طور كذلك وسائل مختلفة لنشر عناصر بيولوجية قاتلة .. في المياه والهواء)!..

وأعلن أن العراق (أخفى عناصر أساسية في برنامجه المحظور لإنتاج أسلحة كيميائية في مبان تابعة لصناعته البتروكيميائية)!..

وقال:

(نعلم إن العراق أخفى عناصر أساسية من بنيته التحتية الكيميائية المحظورة في صناعته المدنية المشروعة)!..

وتابع:

(إن هذه البنية التحتية تشبه ظاهريا منشآت مدنية عادية حتى بالنسبة لخبراء. وأوضح باول أنه من الممكن إنتاج مواد مشروعة ومحظورة في آن  واحد وهذه البنية التحتية المزدوجة الإستخدام يمكنها في لمح البصر أن تنتقل من إنتاج سري الى إنتاج تجاري والعكس بالعكس)!..

وقال:

(إن العراق لا يغتنم الفرصة الأخيرة المتاحة له في قرارات الأمم المتحدة التي  تطالبه بإزالة أسلحة الدمار الشامل).

وقال باول في ختام مداخلته:

(إن العراق لا يغتنم حاليا الفرصة الاخيرة التي تقدمها الامم المتحدة.. علينا ان نواجه مسؤولياتنا)!.

وقال:

(إن العراق يقترب من اليوم الذي يتعين عليه فيه أن يواجه عقبات وخيمة).. في إشارة الى العبارة الواردة في قرار مجلس الأمن رقم 1441 في ما إعتبر إشارة الى  إحتمال توجيه ضربة عسكرية له.

وحضر الامين العام للامم المتحدة كوفي أنان الاجتماع إضافة الى  مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي ورئيس لجنة المراقبة والتحقق والتفتيش (انموفيك) هانس بليكس. وإستمرت كلمة باول أكثر من ساعة.

ووحدت كلمة باول النواب الأميركيين من جمهوريين وديمقراطيين رغم إعتراض البعض من الديمقراطيين لتأييد موقف البيت الأبيض المتشدد من العراق وقال معظمهم إن الصور الفوتوغرافية وأشرطة التسجيل والأدلة الأخرى التي عرضها باول أمام أعضاء مجلس الأمن لا تدع مجالا للشك على إمتلاك بغداد لأسلحة محظورة وإنه يتعين على الأمم المتحدة التحرك لنزع أسلحة العراق بالقوة!..

 

ووضعت شاشتان ضخمتان على جدار قاعة مجلس الأمن.

وكانت بحق هذه الجلسة هي ( مسرحية كولن باول)..

ومثل العراق غير العضو في مجلس الأمن في حينه سفيره الدائم محمد الدوري.. حيث الاتهامات الأميركية. وألقى الدوري كلمة وصف فيها ما ورد في كلمة باول بأنها إدعاءات باطلة وغير صحيحة. ونفى أي علاقة للعراق بتنظيم القاعدة كما نفى إمتلاكه أسلحة محظورة. وشدد على أن الهدف من تقرير الوزير الأميركي هو تبرير فكرة الحرب والعدوان على العراق. في حين أكد مستشار الرئاسة العراقي عامر السعدي أن العراق سيرسل في نفس اليوم  إلى الأمم المتحدة ردا مفصلا وشاملا (على كل الأكاذيب التي تلفظ بها وزير الخارجية الأميركي) كولن باول في مداخلته أمام مجلس الأمن الدولي. ووصف هذه المداخلة بأنها (إستعراض على الطريقة الأميركية مصاحب بمؤثرات خاصة)..

 

 

ووصف السعدي تسجيلات الحوار التليفوني بين قائدين عسكريين عراقيين بأنه ( مختلق ولا يتناسب مع قوى عظمى)..

وقال : ( أنه بدون وجود أدلة تصبح تلك الاتهامات خيالية)...وأعرب السعدي عن اعتقاده ( بأن خطاب باول كان موجها في المقام الأول لرجل الشارع الأمريكي لنيل تأييده للحرب).

 من جهته أعلن وزير الخارجية البريطاني جاك سترو في مداخلته أمام مجلس الأمن بعد حديث بوش:

(إن 14 فبراير /شباط هو الموعد المحدد لتقديم المفتشين الدوليين عن الأسلحة تقريرهم المقبل وسيكون موعدا حاسما للعراق)!.

وقال إنه (إذا إستمر العراق في عدم التعاون سيتحتم على المجلس تحمل  مسؤولياته)!..

وأكد:

(أن صدام حسين يتحدانا جميعا ويتحدى كل من الامم التي نمثلها  وأن عدم التحرك حيال بغداد لا يمكن إلا أن يشجع الطغاة ويؤدي الى شرور أخطر)!..

أما وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف فقد دعا المجلس إلى (مواصلة عمليات التفتيش عن الاسلحة في العراق).

وهو ما دعا إليه وزير الخارجية الصيني تانغ جياكسوان.

كما دعا وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دو فيلبان المجلس إلى (تعزيز نظام التفتيش الدولي في العراق )..

وقال:

(إن القيام بعمل عسكري ضد بغداد يجب أن يكون الملاذ الأخير فحسب وإذا كان الخيار بين التدخل العسكري ونظام تفتيش غير كاف بسبب عدم التعاون من جانب العراق فلابد أن نختار التعزيز الحاسم لسبل التفتيش).

وأضاف بعد خطاب باول (هذا ما تقترحه فرنسا اليوم).

وتابع:

(فلنضاعف عدد المفتشين أو نجعله ثلاثة أمثال ما هو عليه الآن)..

 

(ولنفتح مزيدا من المكاتب الأقليمية. دعونا نذهب الى مدى أبعد في ذلك.: ألا يمكن على سبيل المثال أن نقيم هيئة متخصصة تفرض رقابة على المواقع والمناطق التي سبق تفتيشها؟)..

أما وزير الخارجية السوري فاروق الشرع فقد إتهم الولايات المتحدة بإستعمال معايير مزدوجة في تعاملها مع قرارات الأمم المتحدة عبر سماحها لإسرائيل "بتحدي الأمم المتحدة" ودعا الشرع إلى تجنيب المنطقة حربا تنذر بفوضى كبيرة على جميع المستويات قائلا (إن العالم أمام لحظة تاريخية).

من جهة أخرى أكد وزير الخاجية السعودي الامير سعود الفيصل على ضرورة  منح الدول العربية فرصة زمنية أخيرة للوساطة والتدخل في حال قرر مجلس الأمن إجازة شن حرب على العراق!.

 

هذا وقد إستدعت وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) يوم 4 شباط 2003 17 الف عنصر إضافي في الحرس الوطني والإحتياط للخدمة الفعلية في إطار حرب ممكنة ضد العراق.

وبذلك إرتفع العدد الاجمالي لهؤلاء الاحتياطيين الى 116 الفا  منهم أكثر من ثمانين الفا في سلاح البر.

 

وخرج كولن باول خائبا وفاشلا ..

 

وقالت مستشارة الرئيس الأميركي للأمن القومي كوندوليزا رايس في أعقاب كلمة وزير الخارجية الأميركي كولن باول أمام مجلس الأمن الدولي أمس الأربعاء:

 

( إن إدارة الرئيس بوش لم تحدد موعدا نهائيا لشن حرب على العراق  لكن الرئيس العراقي صدام حسين لم يتبق له سوى وقت قصير قبل أن يتم نزع سلاحه بالقوة)!..

 

وفي أول رد فعل تخصصي على إستعراض كولن باول إعتبر المفتش الدولي السابق لنزع الأسلحة في العراق سكوت ريتر يوم 7 شباط 2003  إن تقرير وزير الخارجية الاميركي كولن باول في مجلس الأمن الدولي حول التسلح العراقي :

(لا "يمت الى الواقع بصلة" ويهدف الى تدمير عملية التفتيش)!..

وقال سكوت ريتر في محاضرة القيت في أبو ظبي إن التقرير الذي عرضه باول يوم 5 شباط 2003 على مجلس الأمن الدولي:

( يشكل وثيقة "مقنعة وحجة قوية" لمن ليس مطلعا على الوضع)!..

لكن التقرير بالنسبة لمن هم في صلب عملية نزع الاسلحة العراقية:

(لا يمت الى الواقع بصلة وهو خاطىء كليا)..

كما اضاف:

(لقد وجه باول إتهامات قاسية ضد العراق مدعومة بصور وتسجيلات صوتية وأكد إن بغداد برفضها التخلي عن أسلحة الدمار الشامل تقترب من الحرب. ولقد قدم باول لائحة طويلة بالاسلحة المحظورة التي يملكها العراق كما قال وبالجهود التي يقوم بها هذا البلد "ليخدع" خبراء الامم المتحدة وبعلاقاته مع تنظيم القاعدة الارهابي.. وهدفه هو تدمير عملية التفتيش)..

وقال ريتر ايضا :

(أنه ليس من مصلحة الولايات المتحدة أن يكون لها فرق من الخبراء في العراق والذين لا يجدون شيئا معرضا للشبهة بينما تشكل الإطاحة بنظام الرئيس العراقي صدام حسين "أولوية" أميركية)!.

ووصف الحديث عن الجمرة الخبيثة في تقرير باول بانه (غير صحيح). وكان التقرير أشار الى أن خبراء الأمم المتحدة قدروا إنتاج العراق من هذه المادة ب25 الف ليتر. وأكد ريتر أنه لو كانت هذه المخزونات موجودة لفقدت صلاحيتها بحلول هذا الوقت.

وقال ريتر:

(باول لم يقدم ادلة جوهرية  على البرامج المحتملة للعراق في مجال الأسلحة الكيميائية المحظورة مقللا أيضا من اهمية التسجيلات الصوتية التي عرضها وزير الخارجية الاميركي)!.

ومن المعروف ان سكوت ريتر الضابط الاميركي السابق في جهاز الإستخبارات في البحرية الأميركية كان قد إستقال في اب/اغسطس 1998 من اللجنة الخاصة التابعة للأمم المتحدة المكلفة نزع الأسلحة (انسكوم) ووقف منذ ذلك الوقت ضد السياسة الأميركية حيال العراق وأصبح أحد أعنف المنتقدين لإدارة بوش.

 

وإستمرت الولايات المتحدة بتحشيد قواها على كل الأصعدة إستعدادا لغزو العراق خارج الشرعية الدولية وبدون إجازة او موافقة مجلس الأمن..

 

بعد سنة ويوم واحد بالضبط من ذلك اليوم وتحديدا في 6 شباط 2004 قال كولن باول وكان لازال وزيرا للخارجية الأمريكية إنه:

 

( ليس هناك حاجة لتقديم اعتذار بشأن نوعية معلومات المخابرات التي أستُخدمت في محاولة إقناع مجلس الأمن الدولي قبل عام بضرورة غزو العراق.)!.

وقال باول الذي سُئل أمام مجلس الأمن الدولي عمَّا إذا كانت واشنطن مدينة باعتذار لمجلس الأمن بشأن تفسيراته أو ما إذا كان مسئولو المخابرات الأمريكيون مدينين له بإعتذار على المادة التي قدموها له فقال:

(لا أعتقد بضرورة تقديم أي اعتذارات)!.

وقال باول:

(إن كلمته أمام مجلس الأمن الدولي وكلمة ألقاها الرئيس جورج بوش بشأن العراق أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول سبتمبر عام 2002  وقرار الرئيس بدخول الحرب قامت على "أساس قوي من المشورة وأساس قوي من المعلومات". )!..

وأضاف أيضا:

( قاعدة معلومات المخابرات التي إستند عليها قرارنا كانت قاعدة قوية)!..".

وكانت اول بوادر الخيبة والعار الذي سيلحق بهؤلاء كانت قد ظهرت عندما شكل بوش في هذا اليوم  (6/2/2004) لجنة مستقلة للتحقيق في إخفاقات تقارير المخابرات التي أستخدمت لتبرير الحرب على العراق وأمهل اللجنة إلى ما بعد انتخابات الرئاسة في تشرين ثاني نوفمبر 2004 لتقديم تقريرها.

وعين بوش رئيسين للجنة هما حاكم (فرجينيا) السابق السناتور تشارلز روب وهو ديمقراطي والقاضي بمحكمة الاستئناف لورانس سيلبرمان وهو جمهوري.

وفي لقاء نظم على عجل بقاعة المؤتمرات الصحفية بالبيت الأبيض قالبوش:

(إن اللجنة سوف تبحث في قدرات المخابرات الأمريكية خاصةً معلوماتنا الإستخبارية المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل")!..

وأشار بوش إلى أن ديفيد كاي رئيس لجنة التفتيش السابق على الأسلحة في العراق لم يكن بإستطاعته تأكيد معلومات المخابرات قبل الحرب بأن العراق يمتلك مخزونات من أسلحة الدمار الشامل!..

وقال بوش:

(نحن مصممون على أن نفهم لماذا.. نحن أيضًا مصممون على أن نتأكد من أن المخابرات الأمريكية تلتزم بالدقة إلى أقصى قدر ممكن أمام كل تحدٍ تواجهه في المستقبل)!..
ومنح بوش اللجنةَ حتى 31 مارس 2005 لتقدم تقريرها مما يعني أن نتائج التحقيق لن تعرف قبل إجراء الانتخابات في تشرين ثاني 2004 !.

 

أمَّا جورج تينت مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي أى أيه ) فقد نفى بشكل قاطع إستنتاج التحليلات الإستخباراتية من أن نظام الرئيس العراقي"صدام حسين كان يمثل تهديدًا وشيكًا.

وفي واحدة من مداخلاته النادرة دافع تينيت عن مؤسسته مؤكدًا منذ بداية كلمته أنها لم تؤكد يومًا أن أسلحة الدمار الشامل العراقية تشكل "خطرًا وشيكًا".

 

وخرج كولن باول مستقيلا من وزارة الخارجية الأمريكية في بداية للغيث رغبة بغسل العار..

وفي 26 شباط 2005 وبعد عامان وواحد وعشرين يوما على ظهوره في الإجتماع التأريخي لمجلس الأمن لإتهام العراق ..

بعد كل هذه المذابح والقتل والتدمير والعدوان والطغيان اقر وزير الخارجية الاميركي السابق كولن باول يوم (بان خطابه في 5 شباط  2003 أمام مجلس الأمن والأمم المتحدة والعالم  حول اسلحة الدمار الشامل العراقية كان (وصمة) على سمعته)!!...


وفي مقابلة مع شبكة التلفزيون الاميركية (سي ان ان) قال باول :

(كان وصمة لاني كنت ذاك الذي قدم هذا العرض بإسم الولايات المتحدة أمام العالم وسيكون بإستمرار جزءا من نتائج عملي)!..

وقال باول:

(إن ذكرى هذا العرض هي بالنسبة له مؤلمة)!..


وأعرب باول عن (
ذهوله) لكون بعض المسؤولين في اجهزة الاستخبارات الاميركية والذين لم يذكر اسماءهم كانوا (يعلمون إن بعض المصادر التي تم اللجوء اليها لم تكن موثوقة)!.

وقال باول ايضا انه :

(لم ير) أي رابط بين إعتداءات 11 ايلول 2001 في الولايات المتحدة وبين نظام بغداد)!..

وقال:

(لم أر أبدا أي دليل حول وجود رابط ما)!..

وفي حديثه لصحيفة ديلي تلغراف اللندنية  في أول مقابلة له بعد إستقالته من وزارة الخارجية الاميركية وردا على سؤال حول المعلومات الاستخبارية الكاذبة التي تلقاها حول أسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة، قال باول :

(كان هناك إعتماد كبير على الفرضيات وعلى السيناريوهات التي تتحدث عن أسوأ ما يمكن أن يحدث.. وبالنسبة للمعلومات الاستخباراتية فأحيانا تتحدث الى أشخاص يبيعونك كذبا)!..

 وقال باول انه:

 (يتألم للشرح الذي قدمه في مجلس الأمن الدولي والذي تبين أنه كان مبنيا على إستخبارات كاذبة)!.

وأضاف :

(سأظل معروفا الى الأبد بأنني الشخص الذي قدم ذلك الشرح)!..

 

وفي كتاب المستشار الألماني غيرهارد شرويدر(تجربتي مع السياسة) الذي نشر في 27/10/2007 يقول:

 

(أن التقارير التي توصلت إليها لجنة مفتشي الأمم المتحدة والتي قدمتها لمجلس الأمن الدولي في نهاية كانون ثاني يناير وبداية شباط فبراير 2003 أوضحت أنه كان هناك تعاون كبير من جانب الحكومة العراقية، فهانز بيلكس رئيس لجنة المفتشين ومحمد البرادعي رئيس الهيئة الدولية للطاقة الذرية تأكدوا تماما من أنه لا يوجد أثر لأسلحة الدمار الشامل وكذلك لا يوجد هناك برامج لتطوير أسلحة نووية.... وهذا كان عكس البيانات والمعلومات التي ذكرها " كولن باول" أمام مجلس الأمن الدولي في 5 فبراير 2003.

 

وكنت أنا وشيراك وبوتن مع الأغلبية في مجلس الأمن المعارضة للحرب، والذي كان يعني أنه لا يزال هناك فرصة لتجنب الحرب : فزيادة وتكثيف عمليات التفتيش مرة أخرى كان يعني إعطاء فرصة لكسب الوقت ، مما يدعم من عمل المفتشين الدوليين وعلى الجانب الآخر توسيع الفجوة التي ستظهر في التحالف المؤيد للحرب... فتوني بلير وخوسيه ماريا أزنار كانوا تحت ضغط كبير من الجماهير، حيث تعرض بلير لمقاومة وحملة انتقادات حادة من داخل حزبه " حزب العمال" ، كما أن السكان المدنيين في أوروبا خرجوا في مظاهرات جماهيرية كبيرة.


وفي  15 فبراير 2003 خرجت ملايين من الجماهير في مختلف أنحاء العالم ضد التهديدات بالحرب على العراق، وما تزال هذه الصورة عالقة في ذهني حتى الآن، فـ500 ألف متظاهر ألماني تجمعوا في شارع " 17 يونيو" في برلين، ولا أحد يستطيع أن يصف ما مدى شعوري عندما كنت أرى أمام عيني هذا الكم الهائل من الحشد الجماهيري يؤيد وجهة نظري في قرارات سياسية قد اتخذتها، فقد شعر الناس في أنحاء العالم أن هذه الحرب غير عادلة والتي سوف تسبب آلام كثيرة لهذه الدولة وربما للعالم كله.

وفي مجلس الأمن الدولي كان كل شيء قد تم في هذه القضية لتجنب الحرب، وقد عبر عن ذلك بوضوح الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان من خلال قرار الأمم المتحدة رقم 1441 الذي أكد انتهاء مهمة مفتشي الأمم المتحدة في العراق وعدم العثور على أسلحة دمار شامل ، وبالتالي عدم شرعية الحرب طبقا للقانون الدولي ، وكانت الولايات المتحدة ومعها كل من بريطانيا وإسبانيا كانوا يبحثون عن طرق أخرى لإيجاد مبررات ممكنة لشن الحرب من خلال تجاهل التفتيش عن الأسلحة.

وقد وافقت مع كل من بوتن وشيراك على إعلان مشترك لتأكيد موقفنا وتعقيد العمل على إيجاد شرعية أخرى لقرار الحرب ، فكل من الدول الثلاثة لعبت دور مهم جدا ، فكان الفيتو في مجلس الأمن لكل من روسيا وفرنسا كأعضاء دائمين في مجلس الأمن، وألمانيا من خلال رئاستها لدورة لجنة مجلس الأمن في تلك الفترة .. وأحيانا أتعجب وأتساءل هل كان القدر معنا عندما كانت ألمانيا رئيسة هذه اللجنة في الأول من فبراير حيث أن هذه الرئاسة تتغير كل فترة؟

 

ويتابع شرويدر: وأتذكر أنه في مؤتمر صحفي عقدته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن في 9 فبراير 2003 في برلين، حيث لم نترك أي مجال للشك في موقفنا الرافض للتدخل العسكري في العراق، وبعد ذلك سافر بوتن إلى باريس والذي عرض هناك البيان الذي اتخذناه معا على الجماهير الفرنسية ، والذي أكدنا فيه  أن نزع سلاح العراق يجب أن يكون هدف المجتمع الدولي ويجب أن ينتهي سريعا، ولكن كل حل يكمن في إطار مباديء الميثاق للأمم المتحدة، فنحن وافقنا على استمرار عمليات التفتيش وزيادة طاقتها وفاعليتها، وقد أضفنا أيضا "لا يزال هناك بديل للحرب ، فاستخدام العنف لابد أن يكون الخيار الأخير، فكل من روسيا وفرنسا وألمانيا مصممون على ضرورة إعطاء فرصة للحل السلمي في نزع اسلحة العراق".


فوثيقة الثمانية التي أعلنت من خلالها ثمان دول أوروبية تأييدها الحرب بجانب الولايات المتحدة عملت على إظهار الانشقاق الأوروبي بصورة ملفتة للنظر ،وكانت هذه خطوة مهمة بالنسبة لي لإيجاد توافق في الاتحاد الأوروبي، وفي قمة بروكسيل بتاريخ 17 فبراير 2003 تمكنا من تحديد بيان مشترك والذي شددنا فيه على أن المسئولية الهامة لنزع أسلحة العراق تقع داخل مجلس الأمن الدولي وأن العمل المستقبلي للجنة التفتيش الدولية لابد أن يحظى بالدعم الكامل من الاتحاد الأوروبي، وهذين الموقفين قد ذكرتهما في المقدمة، لأنه كان من المهم بالنسبة لي أن أوضح أنه لا يوجد حلول خارج مبنى الأمم المتحدة، وعلى الجانب الآخر فإن المؤيدين للحرب أوضحوا أن القوة العسكرية لا يمكن استبعادها كآخر الوسائل أو الحلول.

 

وبعدم تقدير لهذه الدورة الأوروبية المشتركة  استمرت بريطانيا وإسبانيا مع الولايات المتحدة في البحث عن حلول شرعية لقرار الحرب" شرعنة القرار" ، والذي تم تقديمه  في 24 فبراير أمام مجلس الأمن الدولي، حيث طالب هذا القرار من لجنة مجلس الأمن الدولي  بأن تقرر أن العراق لم يستغل الفرصة الأخيرة التي أتيحت له لنزع أسلحته ، فالمشروع ذكر أن العراق قد أخلت بالتزامها نزع السلاح " بشكل كبير جدا"، وأنها فقدت الفرصة الوحيدة مع تحويل هذا القرار، فقد أصبحت العراق خطر على السلام العالمي والأمن الدولي..... وكان هذا القرار بمثابة "تذكرة مجانية" للحرب على العراق.

 

ومرة أخرى  قدمنا " ألمانيا – فرنسا – روسيا" مذكرة مشتركة لنزع أسلحة العراق بطريقة سلمية، والتي كانت مدعمة هذه المرة من الصين ، ومع مشروع القرار الذي أتخذته الولايات المتحدة ، فإن إسبانيا وبريطانيا قد تسببوا في الانشقاق النهائي لمجلس الأمن الدولي، فمن بين 15 عضوا في لجنة مجلس الأمن ، فإن الولايات المتحدة كانت فقط تضمن أصوات كل من "بلغاريا – أنجولا – الكاميرون – غينيا " والذي كان بحاجة لوسائل متعددة من جانب الولايات المتحدة ، ولكن هذه الدول لم تكن مستعدة بعد للانضمام لمشروع القرار ، فحتى سوريا قد التزمت بكلمة "لا" قبل طرح مشروع القرار كما فعلت تشيلي أيضا، ورفضت المكسيك الموافقة، وبالتالي فإن أنصار الحرب قد تم عزلهم، وهذه العزلة لم تكن كافية لإثناء الولايات المتحدة عن الحرب بعد عدة أسابيع.


ويقول شرويدر: لقد توصلنا بالفعل لمنع مشروع قرار الحرب في مجلس الأمن الدولي، ورغم ذلك فلم يكن عندي أي إحساس بالنصر لأني كنت على يقين بالفعل بأن الولايات المتحدة سوف تخوض الحرب، حتى من غير قرار من مجلس الأمن.......... وكنت على حق ففي 20 مارس 2003 بدأت الحرب على العراق، وقد انتابني القلق والخوف من أن ما أنجزته السياسة الخارجية الألمانية من استقلالية وحرية يمكن التخلى عنه فيما بعد، وأن نرتمي في أحضان السياسة الخارجية الأمريكية مرة أخرى ، وعندما يريد الحزب الإشتراكي الديمقراطي أن يلعب دور مهم في السياسة الخارجية  "والتي هي ضرورية من وجهه نظري" فإنه يجب على الحزب أن يفعل كل شيء من أجل الدفاع عن الاستقلالية النسبية، والنسبية تعني أنه لا أحد لديه شك في رغبتنا وقدرتنا على التحالف، فقد وجدت ألمانيا طريقها الغربي الطويل بنجاح ، فنحن ننتمي إلى ديمقراطية الأمم المستنيرة في العالم، والآن نحن نواجهه تساؤل وهو هل سياستنا الخارجية خضعت للسياسة الخارجية الأمريكية أم أكثر من ذلك؟ وأنا عندي الإجابة الواضحة على هذا التساؤل ففي التفاخر بالإنتماء الألماني إلى الأمة الأوروبية ، فإنه يكفي فقط في إطار هذا التوجه والإنتماء أن نتمكن من تحقيق إستقلالية جذرية في سياستنا الخارجية والأمنية.

 


ويتابع شرويدر الحديث عن حرب العراق فيقول: وبعجاله سريعة  فإن إعلان انتهاء الحرب على العراق لم يتوقع ما يحدث من تطورات خطيرة حاليا، فإستراتيجية الخروج للولايات المتحدة أصبحت سيناريو مرتبط ببقاء العراق كأمة.

"المهمة أنجزت" هذه كانت كلمات جورج دبليو بوش، ولكنها لم يتم إنجازها على الإطلاق، ولم تكن متكاملة حتى اليوم ، فموت أكثر من 2500 جندي(لحين كتابة الكتاب!) هو مؤشر مرعب ومخيف ، فمقاتلين الجماعات الأصولية المتشددة وجدوا ميادين المعركة المناسبة والتي تعتبر أرض خصبة لهم، وبالنسبة للولايات المتحدة فإن أصوات المنشقين العراقيين تقود إلى كارثة مروعة، حيث ضللت جهاز المخابرات الأمريكي بأكمله وأخرجته من دائرة التركيز.

ويؤكد شرويدر : لا يوجد في الأفق بعد " إستراتيجية الخروج" وأن ثورة الجنرالات المتقاعدين ضد وزير الدفاع الأمريكي رامسيفيلد تعتبر دليل جعل أمريكا تبدأ في تحليل مدى الافتقار في العقلانية عند الحكومة وممثليها.

ومن الواضح أنه حتى مع التلميحات الأمريكية الوطنية ، فإنه من الصعب تحقيق ولاء ودعم شعبي لهذه الحرب على الإطلاق، ومازلت أعتمد على قدرة الأمريكان من تحرير أنفسهم من الأخطاء وأن يبدأو نهج جديد يساعدهم في إحياء مجتمع القيم والأخلاق.

ومن الممكن الآن القول أنه قد حان الوقت لتشجيع الولايات المتحدة الأمريكية لتغادر مسرح الحرب في العراق، لكن ذلك سيحتاج الكثير من الاستعدادات الاستراتيجية والتي ستساعد المشاركون في الحرب من حفظ ماء الوجه، وكذلك ستضمن أيضا عودة السلامة للجنود المشاركة، فهذه الحرب كلفت البلايين والبلايين من الدولارات ، وفوق التكلفة المادية للحرب فإن هناك الدمار اليومي الذي يحدث في العراق ، والأمثلة على ذلك كثيرة فهناك على سبيل المثال لا الحصر ، الدمار البيئي ، تدمير الأماكن الثقافية والحضارية ، سرقة وتدمير حضارة عريقة ، تكلفة المعاشات والعلاج النفسي للآلاف من الجنود الذين عادوا من هذه الحرب محملين بالجراح النفسية.)

 

كانت نية حاقدة وإنتقامية مبيتة قصمت ظهر كل من شارك فيها وأرغم مَن ساهم في هذه الجريمة إما على الهلاب او الإستقالة او الإعلان عن تفاصيل هذه المؤامرة ..

وقد نشرت منظمتان أمريكيتان مستقلتان يوم في منتصف شهر كانون ثاني 2008  دراسة بعنوان (حجج واهية) تعدد التصريحات الخاطئة التي أدلى بها الرئيس الأمريكي جورج بوش ومعاونوه بين 2001 و2003 حول الخطر الذي يمثله العراق. وقال واضعو الدراسة الأعضاء في (المرکز من أجل السلامة العامة) و(الصندوق من أجل صحافة مستقلة):  إن ( دراسة كاملة تدلّ على أن التصريحات شكلت جزءًا من حملة منظمة أثارت الرأي العام ودفعت البلاد إلى الحرب على أساس تصريحات كاذبة تمامًا).. وأضافوا أن :

(الرئيس بوش وسبعة مسئولين کبار في الإدارة بينهم نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني ومستشارة الأمن القومي آنذاك كوندوليزا رايس ووزير الدفاع دونالد رامسفلد أدلوا بما لا يقل عن 935 تصريحًا كاذبًا خلال السنتين اللتين تلتا 11 سبتمبر 2001 حول الخطر الذي تشكله العراق برئاسة الرئيس العراقي صدام حسين على الأمن القومي الأمريكي)!.. وتناولت الدراسة مئات التصريحات والمداخلات العامة لمسئولين کبار في الحكومة.

وأشارت إلى خطابات ومؤتمرات صحفية ومقابلات لبوش ووزير الخارجية کولن باول ومساعد وزير الدفاع بول ولفوفيتز والمتحدثين باسم البيت الأبيض آنذاك اري فلايشر وسکوت ماکليلان (أكّدت كذبهم ل 532 مرة خلال السنتين اللتين سبقتا التدخل الأمريكي في العراق في مارس 2003 حول ) :

(أن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل أو يحاول امتلاكها أو أن لديه صلات مع القاعدة, أو الأمرين معًا)!... وتذرعت الولايات المتحدة بامتلاك العراق ترسانة من أسلحة الدمار الشامل لتبرير احتلال هذا البلد, غير أنه لم يتم العثور على أثر لها بعد إحتلال العراق. وأعلن بوش  في سبتمبر 2002 في کلمته الإذاعية الأسبوعية :

( أن النظام العراقي يمتلك أسلحة بيولوجية وكيميائية وأعاد بناء منشآت لصنع المزيد منها ويمكنه بحسب الحكومة البريطانية أن يشنّ هجومًا كيميائيًا أو بيولوجيًا في غضون 45 دقيقة)!..  

مضيفًا أن :

(هذا النظام يسعى إلى إمتلاك القنبلة النووية ويمكنه صنع واحدة خلال سنة بإستخدام مواد إنشطارية)!..

وقال بوش في خطابه الذي أعلن فيه بدء الحملة العسكرية على العراق يوم 20 مارس/ آذار:

( في هذه الساعة فإن القوات الأمريكية العسكرية تقوم بعمليات عسكرية من أجل نزع سلاح العراق ووفقا لاوامري  فان قوات التحالف بدأت في إنتقاء بعض الأهداف أو ضرب بعض الأهداف المنتقاه لشل قدرة صدام حسين)!. .

وقوله:

(وفي هذا الصراع فان الولايات المتحدة الامريكية تواجه عدوا لايحترم أي مواثيق للحرب.)!..

وقوله :

(إن شعب الولايات المتحدة الامريكية واصدقاءها من الحلفاء لن يقعوا تحت رحمة نظام استبدادي طاغية يهدد العالم وسلامه بأسلحة الدمار الشامل .. علينا أن نضرب بكل قوة هذا التهديد بالبحرية والجيش والطيران وكل شيء حتى لا نرى الاطباء وعربات الاسعاف تأتى الى مدننا لترفع الأنقاض)! .

وقوله:

(المسالة الان تتعلق بتلك الضربات العسكرية .. وأقولها لكم بكل صراحة .. لن تكون هذه حملة ضعيفة او وسطى او متوسطة. الهدف هو الربح والانتصار )!..

أين أهداف بوش اليوم ؟..

وهل تحققت إدعاءاته من أن العراق كان نظاما يهدد الإستقرار العالمي ؟..

وعلى مَن سلّط هذه الحملة التي لم يرغب بان يصفها أحد بالضعيفة او المتوسطة؟..

 أين إنتصاراته؟..

وانت تغادر التأريخ مع عار الكذب والتزوير والدمار..

نقول لك..

نعم..

لقد ضربتم بكل قوتكم ..

ولكن نسيتم إن ضربة الله والحق أقوى..

 

وأنت يا كولن باول ..

لقد تحول يوم الأدلة في 5 شباط 2003 من يوم نصر لك الى يوم عار عليك ..

وسيبقى معك وحسب قولك..

وبدلأ من أن تعلن إعتذارك الذي رفضت تقديمه بعد عام من تلك الجلسة فأنت اليوم تعترف بوصمة العار لكل تأريخك ..

وهذا ما جعلك وأنت الجمهوري بتحويل ولاءك الى الديمقراطيين!..

فيا مَن ضحكوا عليك ..وأوهموك..وجعلوك اليوم بلا ولاء..

لن يكون لإعتذارك معنى ..

ولن يعيد لملايين شهداء العراق الحياة ..

وسيلحق بك وبكل من ساهم بالعدوان على العراق..عار آخر غير هذا العار..

إنه عار هذه الحكومة التي نصبتموها ..

والذي سيلاحقكم حتى بعد رحيلكم ورحيلها ..

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاثنين  / ١٩ ذو القعدة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ١٧ / تشرين الثاني / ٢٠٠٨ م