مَن هُم .. ومَن أعدائهم ؟!..

 

 

شبكة المنصور

الدكتور محمود عزام / مقاتل ومقاوم عراقي

 

تقول المعلومات أن الإنفجار الذي هز المنطقة الخضراء وما يحيط بها قبل يومين كان قد إستهدف مقر جهاز المخابرات الحالي المحصن والمموه والذي تحيط به دوريات النخبة  الأمريكية المدربة بشكل كامل إضافة الى تشكيلات عراقية مختارة بدقة !..

 

والجديد في الخبر ان هنالك أصابع من الجهاز المذكور وخارجه من المعجبين به تتهم المخابرات الإيرانية بذلك!..وتقول إن المخابرات الإيرانية نفذت هذا التفجير الإنتحاري  بالتعاون والتنسيق مع عناصر متسللة للأجهزة الحكومية وميليشيات الأحزاب الحاكمة!!..

 

والمتمعن بطبيعة الخبر وتسريب هذه المعلومات يستطيع بوضوح أن يلمس الرغبة العارمة لفصل هذا الجهاز عما يحدث في العراق من هيمنة إيرانية تكاد تكون مطلقة وتدخل سافر وواضح ومباشر بالسياسة العراقية ومن محاصصة وفساد وتبعية كاملة للإرادة الإيرانية وبين واجب وتوجه ومنهج هذا الجهاز !..

 

وأول المنتقدين والمشككين ( والمادحين !) بهذا الجهاز هو أحمد الجلبي الذي قال إن هذا الجهاز غير مرتبط بالحكومة ولا يتقاضى منتسبيه رواتبهم ومخصصاتهم من ميزانية الدولة العراقية ومصادر تمويله مجهولة !..

 

ولو جاء هذا الإتهام من شخص غير أحمد الجلبي لقال الناس إن له الحق بهذا الإتهام ولكن تمويل أحمد الجلبي وميليشياته وتدريب منسبيه وما أستلم ويستلم من ملايين هي من نفس مصدر التمويل الذي يعيب الناس عليه!!..

هي إذا عملية تلميع لصورة الجهاز المذكور وصك مرور له للتنقل بحرية في (منعطفات العملية السياسية الغارقة فوق إذنيها بالطائفية) ومحاولة لجعل هذا الجهاز مؤسسة وطنية وجدت وأُسست لخدمة العراقيين والمحافظة على عروبتهم ووطنيتهم وهي غير مرتبطة بالمخطط الإيراني وغير مخترقة من عناصره وفيالقه ومخابراته !..

 

والغريب من كل ذلك الترويج القول بأن هذا الجهاز يضم خيرة العناصر العراقية المتخصصة بإيران ومكافحتها والتصدي لمخططات مخابراتها وأمنها التي تستهدف إبتلاع العراق ومصادرة إرادته وسيادته وقراراته ..وهذه العناصر القديمة الجديدة  تقلق إيران والتي تمثل عقبة صعبة ومهمة بوجه تمدد نفوذها  في العراق وهي تسعى الى تصفيتها بمختلف الطرق !!..وإشاعة أن هذا الجهاز هو الجهاز الحكومي الوحيد الذي إستطاع مقاومة إختراق المخابرات الإيرانية ومقاومة الرغبة الإيرانية وعناصرها من السيطرة عليه!!..

 

وبغض النظر عن كل ما قيل ويقال نسأل المختصين في هذا الجهاز ونسأل محبيه والمعجبين به عن بعد او عن قرب مايلي:

 

-    مضت مدة أكثر من خمس سنوات على عملكم كمخابرات (وطنية عراقية!) مسؤؤولة عن (أمن العراق وحماية شعبه وثروته ونظامه !) بحيث يحسدكم وينتقدكم الجلبي والربيعي والمالكي والعنزي والعامري ووزراء ومنتسبو الداخلية والدفاع والأمن الوطني وكل أجهزتهم الأمنية والحزبية وبالتأكيد (مثل هذا النقد والإتهام والحسد) سيتحول الى فعل مضاد لكم (بتوجيه وتخطيط المخابرات الإيرانية ) وحسب قولكم ووجهة نظر محبيكم ومشجعيكم ومموليكم !..ترى مالمفروض إتخاذه من خطوات فعليه لمواجهة هذا الخطرمن الناحية المخابراتية والأمنية؟..الجواب ببساطة هو إتخاذ الإجراءات بثلاث محاور:

 

المحور الأول : وهو تشخيص الأعداء بدقة بالأسم والمنصب والتأثير والعلاقات ومصادر القوة  ونقاط الضعف وتسلسل الأهميه في التأثير عليكم ويكون ذلك للمؤسسات والهيئات والجمعيات والتيارات والأشخاص وحتى الدول.

 

المحور الثاني: وضع خطة وقائية متكاملة للحد من تأثير هذه الجهات ومحاربة منهجها وأساليبها في (الإختراق والسيطرة على هذا الجهاز أو إغتيال عناصره وإصطيادهم وتجنيدهم بالإغراء والترغيب والترهيب) ومكافحة أساليبها ووسائلها وأشخاصها ..

 

والمحور الثالث : وهو وضع خطة محكمة لمهاجمة هذه العناصر والمؤسسات والجهات وتفتيت قوتها وتحييد تأثيرها وفضحها ومعالجتها بكل الوسائل ووفق منهج علمي وفكري وعملي .

 

فما الذي عمله جهاز المخابرات الحالي في هذه المحاورالثلاث  ؟..

ومن هم اعداءه ؟..

أو لنقل من وضع له الأعداء وميّز له الأصدقاء والحلفاء؟..

من هي الجهات والمؤسسات والأشخاص الساعية ليل نهار لتدميره وإغتيال عناصره وإختراقه؟..

وهل وضعت قوائم تسلسلات الأعداء بدون رغبات شخصية وإنتقامية وطائفية؟..

 

مِن المعلن والمنفذ نرى أن تسلسلات اعدائكم لا تتعدى (الإرهاب ) بتوصيفه العام القابل للمطاطية ..و(المقاومة الوطنية ورجال البعث والنظام السابق) وحسب ما أملته عليكم الجهة الراعية والممولة ..ووفقا لهوى الحكومة والسلطة وأجهزتها وأحزابها!..

 

ولا ننكر أن هذه الجهة أقحمت إيران كعدو في هذه الفترة بسبب طبيعة العلاقات الإيرانية الأمريكية ووضعت أجندة خاصة لأهداف غايتها الأساسية خدمة الولايات المتحدة الأمريكية قبل مصلحة العراق ..

إذا لا يوجد نهج وطني واضح يضع مصلحة العراق في المقدمة في تحديد طبيعة الأعداء!..

 

-     هذا من جهة.. ومن جهة أخرى..ويبدو من خلال ما يشاع اليوم أن خطتكم الوقائية فاشلة بدليل ما يروج اليوم من إن إستهداف مقركم كان من قبل هؤلاء (الأعداء!) فأين إجراءاتكم  وخططكم لتحييد (عدوكم!) الذي يواصل الليل بالنهار (لإختراقكم وقد نال منكم مقتلا في أماكن ومواقف كثيرة !)..ومن الواضح إن السبب إذا صح ما تدعون من إن المخابرات الإيرانية تقف وراء هذا التفجير هو إن تسلسل أعدائكم يركز على غير أعداءكم الحقيقيين!!..حيث تنشغلون بالبحث والملاحقة للعناصر التي تستهدف (المتهمين بتفجير مقركم !)..وهكذا فليس هنالك تحديد علمي وواقعي للأعداء ..وليس هنالك خطة محكمة للوقاية من خبثهم وتغلغلهم وإستهدافهم لكم كمؤسسة وكأشخاص ويكفي أن تحسبوا عدد عناصركم التي إغتالتها المخابرات الإيرانية وفيلقي بدر والقدس وتنظيم المالكي والجلبي والتيار الصدري وفرق الموت!..لتعرفوا كم أنتم مخترقين فعلا !..

 

-    أما عن وضع خطة للتعرض لأعدائكم ..فلم نلمس غير ملاحقتكم للبعث والنظام السابق ورجاله ومناضليه ..ولو توجهتم بما تملكونه من إمكانات وقدرات ودعم أمريكي وصلاحيات لقلع رؤوس الفتنة والطائفية والدمار والنهب والفساد والروح الإنتقامية السوداء الذي حل بالعراق لأقتربتم من أهداف من تلاحقونهم من وطنيي العراق ..فإذا إفترضنا أن الجهاز يضع إيران في أولويات (أعداء) العراق!..وعناصر إيران المتغلغلة في كل مفاصل الدولة هي القائدة للدولة العراقية وصاحبة القرار والإرادة!..فهل هذا يعني أن السلطة الحالية هي في أولويات تسلسل أعدائكم ؟..وإذا كانو غير ذلك فهنالك خطأ إستراتيجي كبير..اما إذا كانو نعم هم أيضا أعداء فماذا فعلتم في المحور الثالث من خطة مجابهتكم لها؟..وهل يعقل مختصيكم ولا أقول سياسييكم! أن عملهم يتركز فقط في رفع الكم الهائل من المعلومات التفصيلية بدون إتخاذ أي إجراء تنفيذي أو مضاد؟!..والأمثلة كثيرة الى الحد الذي يقول العراقيين أنكم جزء من إيران ومن هذه السلطة!!..

 

لا يمكن أن يصدق عراقي عاقل أن ما قامت به وما تنفذه فيالق بدر والقدس وميليشيات القتل والموت والتيار الصدري من إستهداف لخيرة كوادر وعلماء وضباط ومختصي العراق وإغتيالهم وتشريد عوائلهم  وملاحقتهم ومصادرة ممتلكاتهم وحرمان عوائلهم من إستحقاقاتهم التقاعدية بعيد عن مفكري جهازكم ؟!!..

ولا يمكن لأحد يدعي الوطنية ولديه جزء من عشر إمكاناتكم ويسكت عما يعمله من تقولون انهم أعداءنا !..ويسخر كل إمكاناته لمتابعة وملاحقة وقطع أرزاق وإستحقاقات خيرة شباب العراق وكفاءاته وتسخير إمكانيات هذا الجهاز لتكبيل الإرادة الشعبية في مقاومة المحتل وهي الحق المشروع الذي لا نقاش فيه في وقت تسرح قطعان الطائفية وأذناب المحتل وإيران في خيرات العراق وهو بلد محطم ومهدم ومدمر..

 

وما يحدث من إستئثار بالسلطة والمقدرات والسرقات ونهب ثروة العراق وتوجيه دفة سيادة وإرادة العراق الى إيران لا يمكن ان يكون خاف عنكم !..ولا تعرفونه!..ولا تتابعونه!..

 

وإن إتخاذكم لموقف المدافع دائما والسماح للآخرين وخاصة الجلبي بالإساءة اليكم ما هو الا دليل على غياب المنهج الوطني وإرتباطه بمنهج المحتل والغازي والطامع..

 

وهو دليل على الصورة المشوشة المفترضة لطبيعة ومهام وواجبات هذا الجهاز الذي (يجلس جانبا ومتفرجا ) على دمار العراق وقتل أبناءه وإستباحة سيادته وإرادته وثرواته وهو يرفع إسم لا يتناسب في عنوانه مع أفعاله!!..

 

مؤسسة أمنية مهمة ( تدعي الوطنية ) وقد إختلطت على عناصرها الرؤية والأولويات وتداخلت الألوان بحيث أصبح عدو الأمس حليفا بل قائدا وموجها وراعيا إضافة الى  وجود ثغرات وطنية في سلوك هذا الجهاز وما لديه من إرتباطات بالأحزاب والشخصيات التي جثمت على صدر العراق وتعمل لصالح إيران ولمصالحها الخاصة.. 

 

قولوا لنا مَن أنتم؟.. 

ومَن هم أعدائكم؟.. 

وليس من سبب لديكم للسكوت.. 

غير مهادنة الظالم والباطل!.. 

وبلا مقدمات أو إستنتاجات..

إن سكوتكم لكل هذه المدة ما هي الا دليل على أنكم  ركن من أركان هذا الباطل..

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الخميس  / ٢٩ ذو القعدة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٢٧ / تشرين الثاني / ٢٠٠٨ م