براغماتية الجنرال ميشال عون

 

 

شبكة المنصور

د.محمد رحال / السويد

 

البراغماتية اصطلاح سياسي معناها حرفيا العملية, واذا وصف سياسي ما انه براغماتي فهذا يعني انه سياسي عملي , وفي العادة لاتطلق هذه الصفة على السياسي المستقيم ابدا وانما هي صفة مرزولة للسياسي المتقلب والذي في العادة يقفز من تيار الى اخر ومن مجموعة الى اخرى , وذلك لانعدام الخط الايدولوجي لديه , ولفقدان الرؤية الاستراتيجية الواضحة وضياع ادواتها وتشتت اهدافها , ومع اني لست من انصار الرابع او الخامس او العاشر او الرابع عشر من اي مجموعة لبنانية , ولست من هؤلاء او اولاء ولكن سيرة الجنرال عون تدعو الى الاهتمام , فهذا الجنرال والذي بدا طالبا في الكلية الحربية في عام 1957 والذي فتحت له المناصب والذي وجد له فرصة كبيرة باستقبال قادة الغزو الاسرائيلي عام 1982 كان له فرصة اكبر عندما اصبح قائدا للجيش الثامن والذي له الفضل مع الجيش السادس في محاصرة مخيم صبرا على يد ابطال العروبة الخالدين ميليشيات امل والتي يراسها الرئيس العروبي جدا نبيه بري , والمعروف بفصاحته ونضاله ,

 

والذين هاجموا المخيم من اجل قتل ضيوف لبنان من الفلسطينين صبرا واغتصبت فيه عشرات العذراوات امام ذويهن وفي الليالي الاولى من شهر رمضان المبارك , وبعد انتهاء الغزوة المباركة مشط ابطال حركة امل المخيم ليجهزوا على من بقي من الاحياء وهم يجعرون بهتافات سقوط العروبة , بعد ان استقبلوا القوات الاسرائيلية بالورود احتفاء بانتهاء الدور الفلسطيني في جنوبي لبنان , والذي امتد حتى اليوم وبرعاية بنادق المؤآآآومة في الجنوب الصامد , وكان دور العقيد ميشال عون فيها كبيرا في امداد المقاتلين من حركة امل, وكان حينها بلون القائد العسكري المعاون بممد العتاد لمقاتلة الفلسطينين العزل , ولم يلبث ان رفع الى قيادة الجيش في عهد الرئيس امين الجميل , والذي تنازل له عن وراثة التاج اللبناني فاصبح رئيسا لحكومة بعبدا , مقسما لبنان الى قسمين وفاتحا حربا شديدة ضد خصمه اللدود سمير جعجع , ومالبث ان قاد حربا لتحرير لبنان من المحتل السوري , مغمضا عينيه عن المحتل الاسرائيلي في الجنوب اللبناني ,والتي كانت تمثل تحالفا له ,

 

وعرف عنه تصريحاته المعادية للعروبة ولفلسطين خاصة, وهذه الحرب التي كلفته خسارته لبيروت واضطر بعدها الى الالتجاء الى السفارة الفرنسية ومنها خرج الى باريس , وفي طريقه سطا على مابقي من موازنة الدولة اللبنانية وهو مبلغ خمسون مليونا فقط من الدولارات ليحولها وباسم زوجته الى الدولة الفرنسية , وبقي يحارب النظام السوري هناك لسنوات طويلة , وليتحول بعدها وكعادته الى الكونغرس الامريكي , وهناك اتهم النظام السوري باشد انواع التهم اجراما وعلى الملأ , ثم عاد الى باريس , ومن باريس هاجم عصابة الاربعة هجوما شنيعا , وذلك بسبب وقوفهم ضد عودته الى لبنان , وفي باريس كان له اتصالاته الحميمة مع السفارة الاسرائيلية اصدقاءه القدامى , وفي باريس كان له اتصالاته مع اطراف دمشق, وعندما عاد الى بيروت فانه انقلب على حلفائه ليعكس مؤشر البوصلة الى الطرف المقابل , وتحول من عامل موحد للبنان الى عامل شقاق منفر ,

 

وتميزت احاديثه الصحفية والاعلامية بمفردات السوقة ومشردي الشوارع , وما زلت اذكر كيف كافأ رئيسه السابق امين الجميل حين قال عنه انه لايصل الى زناره وهي نوع من الشتائم لايتلفظ بها سياسي يحترم نفسه فضلا عن قيادته لتيار يدعوا لتحرير ووحدة لبنان وكان من اكثر الشامتين بخصومه في مواقف الموت التي اعتاد الجميع ان يحني راسه امامها , ثم قام بزيارة الى ايران نكاية بحلفاء الامس والتي كان وحتى عهد قريب يصفها بالشيطنة, ومن ثم فقد توج براغماتيته بزيارة الشقيقة سوريا , والتي ضربت بكل قواعد البروتوكول السياسي في استقباله, ومن ثم فقد دعي لالقاء محاضرة , حشد لها الاعداد الضخمة من الطلاب ليفاجا الحميع انا عبارة عن ورقة واحدة القيت سردا وليس محاضرة وذلك لعجزه عن القاء اي محاضرة فهو ادرى بقاموسه السياسي في المحاضرات , ولم يجد حرجا في القول ان العداء الطويل الدامي والذي سقط بسببه مئات القتلى , انه مجرد خصومة , وقلت حينها انها ليست عداوة او خصومة فلعلها سحابة صيف لبناني , وتمنيت ان ينهي الجنرال عون براغماتيته في دمشق فيقدم استقالته لأهل لبنان فيريح ويستريح , فلم تعد لعبة اليويو تناسبه او تناسب عمره الحافل بالتلون ومن الجيد ان ينهي عمره السياسي صامدا في دمشق.

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

السبت  / ١٥ ذو الحجة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ١٣ / كانون الاول / ٢٠٠٨ م