لماذا باراك اوباما

 

 

شبكة المنصور

د. محمد رحال / السويد

 

كان من الضروري جدا ان نتمهل وجيزا كي تهدأ عاصفة انتخاب اوباما , والتي كانت عاصفة اثارت الرياح في العالم قاطبة , لما كان من غضب شديد على سياسات الرئيس الامريكي جورج بوش ومعه الحزب الجمهوري , ومعه ايضا سياسات اليمين الاوروبية والتي تاتي في العادة الى الساحة عقب فوز الحزب الجمهوري في امريكا.



والذي لايعرف كيف تسير عربة السياسة في الولايات المتحدة الامريكية , فانه سيطلق النار حتما ابتهاجا بفوز اوباما , ومعه الحزب الديمقراطي , ومن يعيش في البلاد العربية فانه سيعتقد حتما ان اوباما القادم سياتي ليكنس كل ماقام به جورج بوش , وذلك بسبب الصلاحيات الربانية التي نهبها حكام الشعوب العربية من رعاياهم لتتحول الرعية الى مجرد ارقام من البشر يستخدمهم الحاكم العربي استخدام الرقيق في زمن النخاسة الاسود , ولهذا فان غالبية ابناء الامة العربية يعتقدون ان هذا الفارس الملون والقادم نطفة من كينيا مزروعة في رحم امريكية من اصل ايرلندي , بحيث كان شكله العام اكثر شبها بالرئيس الديمقراطي الاسبق والايرلندي الاصل بيل كلينتون,سيغير العالم, وهذا الراي هو نفسه الذي يعتقده حكام الدول العربية , والذين اطار الله النباهة من عقولهم , اما اساطين السياسة فيعرفون ان هناك لوبي سياسي خفي للغاية يمسك بعصا السياسة ليتركها للفيل تارة والذي عليه ان يسير داعسا على كل شيء , وعندما ينتهي دوره ودورته الاقتصادية , فانهم يستدعون فريق الحمير ليصلحوا كل ماخربه الفيلة لصالح الولايات المتحدة
,

 

والتاريخ البعيد والقريب شاهد على ذلك, فقد كان باستطاعة الولايات المتحدة ان تقف منذ بداية الحرب العالمية الثانية الى جانب الحلفاء , وتنهي تلك المآسي التي خلفتها الحرب , ولكن اخلاق ارباب السياسة في تلك الامبراطورية الناشئة تركت الجميع يتحارب حتى ترنح الجميع , وخرجت فقط الولايات المتحدة من هذا الصراع رابحة من لعبة قمار كانت شركا وفخا للجميع ماخلا الرابح الامريكي الاكبر ,وبسبب الحرب فقد تحول اقرب حلفاؤها من امبراطوريات لاتغيب عنها الشمس الى مجرد دول لاترى الشمس , وعلى راسها انكلترا وفرنسا وبلجيكا وهولندا والبرتغال, والمضحك فعلا انهم خرجوا لتدخل الولايات المتحدة الامريكية مكانهم, وتحت مظلة مشروع مارشال طوقت بلدان العالم الغربي بمعاهدات ومواثيق اقتصادية , وروابط شراكة اقتصادية ليس للدول الاوروبية لها منها فكاكا,وهذا كله لم يكن ليتم لولا مشاركة مدروسة من قبل اللوبي السياسي الحاكم في الولايات المتحدة والجالس في الخطوط الخلفية على شكل لوبي في غاية السرية , ولهذا فاننا نشاهد مدى الارتباط الكبير بين الفيلة وبين الطبقة السياسية المحافظة في اوروبة, ومن ينظر في الخارطة الاوروبية اليوم يدرك ان المحافظين هم من يمسك عصى الحكم في غالب الدول الاوروبية اليوم , ومن يجري استطلاعا للراي الان فانه سيدرك وبعد فوز الحزب الديمقراطي – الحمير- ان غالبية في اوروبة هي الى جانب اليسار والتابع عمليا للحزب الديمقراطي في سياساته , وهذه الدورة السياسية هي بالاصل لوضع حد للثورات ضد انظمة الحكم , ولهذا فان هذا النوع من التداول المنضبط يضع حدا لكل طموح في التغيير الاكثر راديكالية , وهذه الدورة السياسية هي لااعادة هيكلة وترتيب البيت العالمي الاقتصادي ,

 

فنزوع الولايات المتحدة الى العولمة هدفه مشاركة كل دول العالم في لقمة عيشهم شاؤوا او رفضوا , ومن يتدارس اوضاع الشركات الاوروبية فانه سيلاحظ مباشرة مدى الولوج الامريكي في رحم الاقتصاد الاوربي الهش , وسيلاحظ الهيمنة الامريكية في كل شيء تقريبا , وعلى راسها الهيمنة الالكترونية والممثلة بالشبكة العنكبوتية , والتي تعتبر اهم خيوط الاستعمار العلمي والمعلوماتي الحديث , وقد يؤدي اغلاق المواقع الالكترونية لبلد ما الى افلاسها تماما, وارجاعها سنوات الى الوراء , بل انها من اهم خيوط الشنق التي تخطط الولايات المتحدة الى استعمالها بعد الغاء كل الانظمة اليدوية والتعلق بالشبكة العنكبوتية , وعلى راسها المعاملات المالية , ولقد وضح بالنسبة للوبي الحكماء الحاكم في اوروبة ان هناك الاف الشركات التي نمت وتوسعت في العالم ودون سيطرتها , اضافة الى استحداث شركات جديدة من المفروض ان اللوبي الحاكم هو من يسيطر عليها ولهذا فقد كان لابد من تغيير اقتصادي شامل , ولابد من افلاس عشرات الالاف من الشركات لغرض شرائها من جديد وباسعار بخسة جدا, وكنت قد نصحت عددا من الدول العربية من اجل توفير المال لهذه اللحظات وكان ندائي عبثا , وشاهدنا وسمعنا كيف ان الحكومة الامريكية تركت الكثير من الشركات والبنوك تتهاوى , في الوقت الذي ساعدت فيه الحكومة شركات اخرى وذلك لقرب هذه الشركات من هذا اللوبي الحاكم, والذي يحكم كلا من حزبي الفيلة والحمير شعار الحزبين اللذين يحكمان العالم , ولهذا فانه لابد من التغيير في الولايات المتحدة الامريكيية , فهو مطلب لهؤلاء الحكماء وكان لزاما عليهم ايجاد الوسائل الكافية من اجل التغيير , ولقد بقيت نتيجة الانتخابات الامريكية متارجحة في نتائج الاستطلاع ,

 

ومن اجل حسم الموقف كي تبدو اللعبة محكمة فقد كشف الجهاز المالي عن وجهه كما خطط له , وكان باستطاعتهم تاخيره لاسبوعين , ولكن الادارة الخفية ارادت حسم الموقف جماهيريا , ووقف جورج بوش متفرجا , بل واستمر في سياسته اللامبالية لانه يعرف اللعبة جيدا , بل وتنكيلا في مرشح حزبه فقد طلب العون المادي من الديمقراطيين , في الوقت الذي وقف الجمهوريين ضده في اغرب حدث في تاريخ الولايات المتحدة الامريكية ,وفي اغرب عملية خداع في العالم فقد طلب الرئيس الامريكي من الكونغرس الموافقة على الدعم المقترح والذي وصل الى حافة الالف مليار من الدولارات , وتلته الدول الاوروبية , وكان السؤال المطروح من اين استدانت الادراة الامريكية هذه المبالغ , وكان الرد الصحيح ان المبلغ المستدان هو اصفار دعم امريكي, وهذه الاصفار هي نفس الاصفار التي يقام عليها الاقتصاد العالمي , فاذا كانت الادارة الامريكبة لاتملك في خزانتها هذه المبالغ , ولم تستدن من احد فمن اين اتى المال ,؟؟؟؟

 

والجواب ان النظام المالي الامريكي والذي جر معه النظام المالي الاوروبي يستدين من نفسه ويقرض غيره اصفارا , والبنوك كذلك وهذا الدعم هو دعم صفري حكومي , ولهذا فان المرحلة القادمة هي في الظاهر انها مرحلة اوباما , ولكنها في الواقع مرحلة متتالية من مراحل السياسة الامريكية والتي تخطط لسلب كل مافي العالم من مال ونفوذ , وليس اوباما المسكين الا اداة من ادواة السياسة التي اتقن حكماء امريكا اكتشافها واعدادها وصقلها وتقديمها لنا على انها ثورة من ثورات القرن كما كتبت في مقال سابق , وابرزه الاعلام على انه حلم امريكا وباقي الملونين في العالم وانصرف الاعلام الذي يكرهه ويكره السود كلهم الى تاييده , وتركونا نحن الفقراء نتابع تلك الحملة ونشارك فيها وبافواه فاغرة , على انه نصر للفقراء على الاغنياء , وبدا المسكين اوباما كما صوره الاعلام مسيحا مخلصا لهذا العالم من شقائه , بالرغم من كونه الة في يد الحكماء لايستطيع ابدا ان يتنفس دون شورها وانه سيكون حربا على امتنا التي املت فيه الكثير والدليل على ذلك انه لم ينبس ببنت شفة حول الاتفاقية المزمع توقيعها في العراق ومن قبل الحكومة الخضراء ومن وراء ظهور العالم كله والمخالفة لكل قواعد الاحتلال والانسانية , والقادم من الايام سيثبت ان اوباما لايختلف في شيء عن جورج بوش والذي بدأ يسوعا وانتهى لاسعا , وانتهينا كالعادة ملسوعين.

 

 

 

تحرير العراق واجب ديني شرعي ووطني وانساني فساهم في تحريره وكل ارض مغتصبة

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاحد  / ١٨ ذو القعدة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ١٦ / تشرين الثاني / ٢٠٠٨ م