الحسم النهائي لمشوار الاحتلال الأمريكي

 

 

شبكة المنصور

عراق المطيري

 

هكذا انتهى السباق الى الكرسي الأهم في قيادة اكبر قوة متغطرسة في العالم الى الملون الشاب باراك أوباما وحسب البرنامج الذي طرحه فان مستقبل الكرة الأرضية سيأخذ منحا آخر مختلف في اتجاهاته عن السياسة التي كانت الولايات المتحدة الأمريكية تنتهجه بزعامة القزم الصغير بوش ، وبينما يتجه هذا البوش الى مزبلة التاريخ الإنسانية وأقول هذا ليس تجنيا عليه لأني عراقي عربي وقد أصاب بلدي وأمتي الكثير من الكوارث بفعل سياسة هذا الأرعن الهوجاء وأريد وأتمنى إن أراه في مكان أنا اختاره له بل لان التاريخ المعاصر لن يجد ما يقدمه له من طيب ذكر أو فعل فخلال السنوات الماضية من حكمه والسعي المحموم لانفراده بالقرار العالمي والعمل بكل السبل الخبيثة لهيمنته بتفرد على مصير الشعوب الضعيفة وتنكر لحلفائه في الغرب إلا عند الحاجة أو لتغطية انكسار جيشه خلال السنوات ألثمان من حكمه انتهت بشعبه الى كارثة سوف لن يستفيق منها إلا وقد تفتت دولته بكاملها وهذا ليس للمبالغة أو ضرب من الخيال بل إن مؤشر تتابع الأحداث يشير بإلحاح الى ذلك وربما عبر عنه المنتخب باراك أوباما بشكل غير مباشر في خطابه الأول بعد فوزه حينما قال إن الإصلاح الاقتصادي في الولايات المتحدة الأمريكية يحتاج الى أكثر من دورة انتخابية وهو بذلك يبرر ويعلن مسبقا عن عدم إمكانيته في تجاوز الأزمة التي عمت العالم كله وعززت الثقة نهائيا بالاقتصاد الأمريكي ، فالولايات المتحدة دولة مؤسسات اقتصادية تحكمها مصالحها المالية الطمعة بشراهة قبل كل شيء وهذه المؤسسات انهارت أو تكاد ولا نرى في المنظور القريب معالجة تنقذها من أزماتها الاقتصادية ولعنات العالم الذي ارتبطت مصالحه بها تلاحقها والرئيس الأسمر سيصطدم بهول المشاكل الرهيب الذي سيرثه من بوش فهذا جانب واحد فقط غير النكسات العسكرية التي لحقت بالبنتاكون كأكبر قوة وفق كل المعايير في العالم نتيجة توريطها بما لا قبل لها به وأدت الى ما أدت إليه فالأموال التي أنفقت على المؤسسة العسكرية والتي كان من المنتظر أن تكون ذات مردودات تعويضية بالنسبة للمؤسسة المالية الأمريكية فشلت في الوصول الى تحقيق أهدافها في اغلب المناطق التي تورطت بها والتي لا نعتقد أنها ستنجو من تداخل المسائلات وإلقاء التهم بين مختلف الأطراف رغم ما يوفره القانون الأمريكي من حصانة للرؤساء الأغبياء على غرار القزم بوش عن فشل سياسات الدولة في فترة حكمهم .



المهم فان مشاكل أمريكا التي وضعها بها بوش أوصلتها الى نهاية أسطورتها التي كانت تفرض بها سياستها على العالم ولا تنقذها إلا معجزة خارقة أو ضرب من الخيال وهذا ما ستثبته الأيام القادمة لإنهاء مشاكل المجتمع الأمريكي وعدم القدرة الى بلوغ بر الأمان المنشود ولكن ما يعنينا نحن في العراق والأمة العربية هو حريتنا في اختيار قراراتنا المصيرية بكامل إرادتنا فكما اختار الشعب الأمريكي بقراره من سيتزعمه فنحن العرب لنا كل الحق بان نختار من يمثلنا أو يقودنا وان نعيش بأقطارنا ونتمتع بكامل حريتنا بثرواتنا وبتنظيم علاقاتنا الداخلية والخارجية وإذا كان من أسباب في سقوط بوش وحزبه اللا ديمقراطي في الهاوية والعزلة التامة التي بينتها نتائج الانتخابات الرئاسية فان للمقاومة العراقية الباسلة دور كبير فيها حيث استطاعت بفعل الالتفاف الشعبي الرائع حول القيادة العليا لجبهة الجهاد والتحرير أن تفشل المشاريع التي جاءت بها قوات الغزو وان تأتي بالمردودات العكسية التي عرت بوش وأجبرت أركان حكومته على الاعتراف بفشل المشروع الأمريكي في العراق ومنطقة الشرق الأوسط .



والآن وبعد دخول الجميع في نفق الوقت الضائع وفشل الرهانات التي نادت بها قوات الاحتلال وعملائهم المنصبين في المنطقة الخضراء فمع نهاية هذا العام يجب أن تحسم الكثير من المسائل العالقة في العراق والأمة العربية خصوصا بعد أن كنس الأمريكان السيف الذي كان قد ترك أثرا قاسيا في رقابهم ، بوش وحزبه ونهاية فترة ظلام أمريكا والعالم الدامس أثناء ولايته رغم إننا على يقين تام إن الرئيس القادم المنتخب باراك أوباما لن يتمكن من تغيير خطوط سياسة أمريكا العريضة ولن نأمل منه الكثير فهناك المشكلة الأكبر بالنسبة للجميع وباكورة أهداف بوش في العراق والمنطقة اتفاقية الإذلال وشرعنة الاحتلال الأمريكي للعراق وطريقة التوقيع عليها وإقرارها وما سيترتب عليه محليا وإقليميا .



ومع نهاية هذا العام يجب عليهم ( أي بوش ومن استند الى سياسته وراهن عليه ) الترتيب لبقاء القوات الأمريكية الغازية حيث ستنتهي الفترة المقرة لذلك بفشل ذريع بالحصول على العديد مما كان طموحا أمريكيا لتوقيع اتفاقيات نهب العراق كاتفاقية النفط والغاز وبنفس التوقيت ستنتهي الدورة الحالية لما يسمى مجالس المحافظات وما يرافق ذلك من سباق سيشهد عنفا دمويا عراقي بين أطراف العملاء للاستحواذ على اكبر نفوذ ممكن تركيزا في وسط وجنوب القطر بالنسبة لعملاء الفرس وفي الوسط والغرب بالنسبة للحزب اللا إسلامي وأتباع طارق الهاشمي والقاعدة بكل أطرافها وأطراف عناصر الصحوات خصوصا بعد رسالة التحذير التي بعثت بها السفارة الأمريكية الى حكومة عملائها وما تركته فيهم من اثر سلبي وتخبط إضافة الى الاستعداد لفترة مقبلة من تطبيق ما يسمونه قانون تقسيم العراق الى فدراليات وحكومات محلية وما يرافقها من رفض شعبي وسط همس إعلامي مكثف بقيام انقلاب عسكري مرتقب في منطقة العار الخضراء تنفذه المخابرات الأمريكية وتورط فيه عناصر ذات ماضي نظيف أو غير معروفة.



وإذا تجاوزنا مسألة فوز باراك أوباما وما سيترتب عليها من نتائج حسب البرنامج الذي طرحه وطريقته في سحب جيوش العدوان فواقع الحال على الأرض العراقية يؤشر الى نهاية هذا الكابوس الذي عبث بالمقدرات العراقية وهم يدركون ذلك بشكل جيد ويحاول كل طرف فيهم تقليص حجم خسائره في الصراع ومعظمهم استنفذ مناوراته واستعد للهرب وما لدينا من وثائق تشير الى جملة من الحقائق من بينها :



- إن معظم العملاء وتحسبا لساعة الحسم النهائي قد نقلوا عوائلهم الى خارج القطر في دول تعتبر أمينة بالنسبة لهم وكثير منهم أصبح مقر إقامته الدائم في الخارج والاستثناء إن يتواجد في العراق .



- تحويل الأرصدة الشخصية التي حصلوا عليها نتيجة سرقات الموارد العراقية بأسماء سرية في بنوك أجنبية .



- إيداع معظم أموال الدولة العراقية في بنوك أجنبية خصوصا في إيران .



- كنتيجة لإدراكهم إن الشعب العراقي يرفضهم ويرفض التعاون معهم فان صراعهم على استقطاب وجوه جديدة وتحت عناوين وواجهات جديدة أصبح يأخذ طابع الترغيب أو التهديد بالتصفية كمرحلة أولية تشتد كلما اقترب الموعد من نهايته .



- ولنفس النتيجة طرحوا نفسهم في الشارع العراقي بأسماء مختلفة وتحت عناوين أو واجهات جديدة وقد زاد عدد تلك الواجهات لعموم القطر عن خمسمائة كيان مسجل لدى ما يسمى مفوضية الانتخابات جميعها لا تتعدى عن تكرارهم لأنفسهم في استخفاف برأي الشعب العراقي وإجباره على أن يصب صوته فيما إذا مارس الانتخابات في مصلحتهم .



- للتذكير فقط فأنهم عملوا على إهمال الأقليات والاستهتار بحقوقهم من خلال تغيب أصواتهم أو ممثليهم في برلمان العمالة ناهيك عن تأجيل حسم مسألة كركوك لتتم المساومة عليها لاحقا .


باختصار شديد كانت مليشيات مقتدى الصدر للاعتبارات كثيرة ولغباء العناصر المتنفذة فيها المصدر الذي أثار العنف الطائفي والقتل واستهداف العناصر الوطنية والعلمية وركائز النهضة العراقية وبمباركة نوري جواد المالكي الذي أوصلوه الى ما هو عليه الآن فابتلع طعم عزيز الحكيم بسهولة وبعد أن استنفذت تلك المليشيات مبررات وجودها أصبحت هدفا له فوضعهم تحت طائلة القانون وصفى معظم البارزين فيهم كعناصر أو كمجموعات مليشيات وحاول إبعادهم عن المشاركة بلعبة الانتخابات المقبلة رغم أنهم اعدوا لنفسهم واجهات جديدة يثقفون أتباعهم عليها للمشاركة ، وبعد أن أدرك متأخرا افتقاره للقاعدة الجماهيرية وإفلاسه وانتزاعه عنوة لزعامة إبراهيم الجعفري لكتلة الدعوة لتي كان مؤثرا فيها أي أدرك انه قد ضعف أكثر بعد الانشقاق الذي حصل في تيار الدعوة الذي أصبح يتزعمه لجأ الى استغلال وجوده في رأس هرم حكومة المليشيات وكأسلوب جديد في التغلغل بين الجماهير وضمان كسب أصواتهم في مرحلة الانتخابات المقبلة فبادر الى إنشاء مجالس إسناد عشائرية وحدد لوجودها سقفا زمنيا بنهاية اللعبة لكي لا تشكل عبئا يثقل كاهله بالاستفادة من تجربة مجالس الصحوات فأدرك مجلس عزيز الحكيم هدف المالكي فعمد ابنه عمار الى استقطاب العناصر المليشياوية من أتباع مقتدى الصدر التي تركت القطر وهربت الى إيران وتوفير الحماية لهم للممارسة عمليات التصفية القادمة ..


وشتان بين ديمقراطية مارسها الشعب الأمريكي رمت ببوش في مزبلة التاريخ وأوصلت أوباما على ما فيه الى كرسي الرئاسة في البيت الأبيض وبين ديمقراطية حاول بوش فرضها بالقوة في شعبنا وجميعنا نتفق إن غدا لناظره قريب .



لمساعدة الرئيس الأمريكي المنتخب أوباما على الخروج من مأزق العدوان الأمريكي على العراق مع الاحتفاظ بما تبقى من القدرات العسكرية الأمريكية التي انهارت في العراق فان القيادة العليا لجبهة الجهاد والتحرير والمؤسسة العسكرية الشرعية العراقية أعلنت استعدادها للتفاوض معه وفق الشروط والثوابت التي أعلنتها المقاومة العراقية مسبقا لأننا قررنا كعراقيين بعد الاتكال على الله القوي المتين أن تكون بداية العام القادم نهاية للوجود الأمريكي وعملائه في العراق ومهما بلغت التضحيات فإنها لن تكون أقسى وأكثر مما قدمنا خلال السنوات الست الماضية .

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الخميس  / ١٥ ذو القعدة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ١٣ / تشرين الثاني / ٢٠٠٨ م