عام الحسم  بين المحتل والعميل المواطن الأصيل

 

 

شبكة المنصور

عراق المطيري

 

الشيء الوحيد الذي يمكن ان يتفق عليه الجميع في الشأن العراقي هو ان الولايات المتحدة الأمريكية بعد دخولها عملت على جعل القطر مسرحا لكل أنواع الصراعات التي يعرفها الإنسان في عصرنا هذا فقد تركت التيارات المحلية تأخذ مداها بل واتسعت رقعتها الى أكثر من ذلك في نفس الوقت الذي فتحت فيه أبواب القطر مشرعة على مصراعيها الى التيارات الإقليمية لتترك بصماتها سلبا في أكثر الأحيان في نموذج المجتمع العراقي إضافة الى الصراعات العالمية التي التقت على مسرح الأحداث فيه وقد تعمدت الإدارة الأمريكية فعل ذلك وتعلن عنه باستمرار دون اعتبار لمشاعر شعبنا لأسباب من بين أهمها  إبعاد شبح الحرب وأخطارها عن أراضيها وشعبها في تصفية حساباتها مع أعدائها الذين لا حصر لهم كأفراد أو منظمات أو شعوب ففي الوقت الذي تحاول فيه تأمين الحماية للمواطن الأمريكي ولثروته جعلت من بلادنا ساحة مفتوحة للصراع والاحتراب من جانب ومن الجانب الآخر تحطيم القدرات الذاتية العراقية وحرمان القطر من إمكانية  المشاركة في أداء دوره الطبيعي في الواجبات الوطنية والقومية والإقليمية  لا بل تعجيز المواطن عن توفير الحماية الذاتية لنفسه حتى في بيته حتى أصبحت تنعدم ثقافة الانتماء للوطن أو القومية وأصبحت الصورة ضبابية لدى عامة الشعب بحيث لا يستطيع تحديد هدفه في خضم  الفوضى التي حاولت أمريكا نشرها لتعم بين أبنائه وشرعت لذلك القوانين التي تمهد لتفتيت القطر وتقسيمه.
 
لقد ركزت إدارة الاحتلال على الجانب الطائفي والعشائري بشكل اكبر من غيره ومكنته من أسباب القوة ليكون سلاح فتاكا لما يمتلك من تأثير كبير على الذات العقائدية لدى الإنسان العراقي في الوسط والجنوب بينما غذت الاتجاه القومي لدى الأكراد في شمال القطر وطورت النزعة الانفصالية لديهم واستعملت التيارات التي نتجت عن ذلك لإبعاد القطر عن عمقه القومي العربي ،  وبمعنى آخر ان أجهزة الولايات المتحدة الأمريكية الإستخبارية المتخصصة العاملة في القطر قبل وبعد الغزو جندت الجانب الطائفي ليحقق غايتها في تفتيت النسيج الاجتماعي الداخلي للقطر في نفس الوقت الذي وحدت رواد الفكر الطائفي في مهاجمة الفكر القومي العربي بالتحديد بعد ان تعددت الولاءات المحلية الى جهات إقليمية ضعيفة والى جهات دولية بطبيعة الحال أقوى وأكثر تأثيرا في الساحة المحلية.
 
 
في وسط هذا الجو المتوتر الذي يعيشه القطر يصعب ان نجد من يستطيع ان يمارس حياته بشكل طبيعي دون ان ينحاز في موقفه الى جهة ما من أطراف الصراع الدائر الآن حتى وان كانت بعيدة عن مجال اهتمامه أو تفكيره إلا انه بالضرورة سيجد نفسه في مجمل تلك الأحداث التي تجبره على تبني موقفا معينا بين الخط الوطني الصحيح الذي يعبر عن مصلحته الشخصية كمواطن ومصلحة عموم أبناء شعبه وبين النقيض من ذلك تماما أي من يحاول جر القطر الى التبعية الى قوى خارجية لا فرق ان تكون إقليمية أو دولية وتعمل على ان يكون القطر بالحالة التي نعرفها الآن .
 
ولكي لا نذهب بعيدا فان قرابة السنوات الست التي مضت من عمر الاحتلال الأمريكي البغيض للعراق بما فيها من إجراءات وتشريعات مخالفة لكل الأعراف والقيم التي أسس لها أنتجت حكومة هشة غير قادرة على حماية نفسها من عناصرها ومكوناتها الذاتية قبل ان تهاجمها الشرعية الوطنية بحيث أسست على خليط غير متجانس للأسباب التي ذكرناها أعلاه إضافة الى اختلافها على تلبية مصالحها الآنية وإهمال تام لمصلحة الشعب العراقي وهذا ما بدا واضحا أثناء محاولات تمرير اتفاقية تحطيم وبيع العراق بين نوري جواد المالكي وبوش حيث قدمت المطالب الحزبية والشخصية على المصلحة الوطنية لا من فئة أو جهة واحدة بل من كل الأطراف التي تشكل اليوم ما يسمونه بالعملية السياسية.
 
ولان المجتمع العراقي ينفرد بخصوصية ربما يختلف  فيها حتى ان أشقائه العرب هي تنوع مزاج وتفكيره بشكل يتداخل الى اخص الخصوصيات لذلك تعددت أطيافه حتى في الموقف الواحد إلا في الإخلاص للوطن فسرعان ما يكشف الخونة ويلفظهم مهما حاولوا التستر تحت واجهات أو عناوين وطنية أو دينية وان حاولت تلك العناوين تلبية قسم من المتطلبات الطائفية أو المتطلبات المناطقية وحتى الفردية .
 
تأسيسا على ما تقدم فان شعبنا اليوم مطالب بجدية ان يعيد النظر وتحديد حركة هذا الكم الهائل من التكتلات والأحزاب التي تطرح نفسها على المسرح العراقي على حد سواء تلك التي أنجبها تزاوج الاحتلال الأمريكي للاحتلال الفارسي أو التي أنجبتها الصراعات الطائفية ومرجعياتها وغذتها بعناصر القوة والتمكين وإنفرضت بشكل ما في الشارع العراقي والتي تطرح نفسها على أنها ترعى هذه الطائفة أو تلك أو حتى تلك التي تدعي المقاومة وترفع شعاراتها وتصل بها الحالة حتى الى تنفيذ عمليات قتالية  لكنها لا تستهدف النوع أي العدو الحقيقي المحتل أو عملائه وليس لها أي نتائج تعبوية تخدم مشروع التحرير الوطني بل مجرد إثارة الفوضى والرعب أو قتل الأبرياء من أبناء شعبنا والتي تأسست أصلا لاختراق الفصائل الجهادية وان غرر ببعض العناصر الوطنية النظيفة فانخرطت سهوا فيها وتورطت بشكل أو بآخر معها وتعذر عليها الانسحاب لأنها أصبحت جزءا فاعلا في تلك الأحزاب أو التكتلات أو أخذتها مغريات معينة أو انخرطت معها تحت ظروف خاصة .
 
ان ما نريد قوله هو ان الأحزاب العميلة التي جعلت نفسها أدوات العدوان التي شاركت في تدمير تراث العراق الوطني بعد الغزو الأمريكي بعد ان انكشفت للشارع العراقي تحاول اليوم زج نماذج ووجوه جديد لتكون واجهاتها المستقبلية وتحاول ان تؤسس قواعد جماهيرية تستند إليها خلال لعبة الانتخابات التي يعدون العدة لإجرائها في محافظات القطر تطبقا لشعار الديمقراطية التي لم نلمس منها غير انهار الدم والقتل على الهوية التي انتهت الى صفحتها الأخيرة في محاولات بيع العراق مجزأ باتفاقية الذل والتي يحاولون استنساخها مع بريطانيا وإيران .
 
لقد وصلت حكومة المالكي الى مشوارها الأخير فقد استنفذت أسباب تشكيلها وأنهت تكليفها بدعم من المؤسسات الطائفية والطبخة الأمريكية التي أعدها بوش في العراق الآن قاب قوسين من إنضاجها بعد ان أصبحت رائحتها تملأ سماء العراق وأصبحت تشكيلاتهم تتصيد الأخطاء لبعضها بانتظار فرصة الانقضاض والإقصاء رغم ان هاجس العملاء الأكبر هو ان تعود أمور العراق الى نصابها الصحيح بعد ان يستلم باراك أوباما الحكم في أمريكا حيث أعلن رغبته بسحب قواته من العراق ولا تنقصه سوى وسيلة الانسحاب التي تحفظ لبلاده كرامتها لأنه يدرك تمام الإدراك قوة المقاومة العراقية الباسلة التي جعلت جيشهم يترنح أمام ضرباتها .
 
ان القادم القريب من الأيام سيشهد الكثير من الأحداث التي لا نريد ان نستبقها والتي سينقشع غبارها عن عراق حر خالي من العملاء موحد ان شاء الله وان غدا لناضرة قريب .

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

السبت  / ١٥ ذو الحجة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ١٣ / كانون الاول / ٢٠٠٨ م