المتاجرون بالعراق

﴿ الحلقة الاولى ﴾

 

 

شبكة المنصور

بقلم : ماجدة علوية

 

في متابعة لكل ما جرى ويجري، تظهر الأمم المتحدة كواحدة من الذين لعبوا دوراً خطيراً في العراق ابتداءً من اللحظة الأولى التي ُضرب بها الحصار على وطننا في العام 1990 وحتى يومنا الراهن هذا. وبالرغم من إدراك الجميع أن هذه المؤسسة الدولية أفرغت تماماً من محتواها، وخضعت إرادتها بالكامل لسدنة العالم الجديد وقادته الذين يسيرون العالم على هواهم وهم جالسون في غرف البيت الأبيض متعددة الألوان والمهمات، كان الأجدى لها أن تقوم ببعض المحاولات التي تمكَنها من تحسين صورتها ولو قليلاً أمام العراقيين الذين ينظرون إلى الأمم المتحدة كواحدة من المتهمين المتسببين في الوضع الذي وصل إليه العراق من احتلال ووضع إنساني سيء. و لن أبالغ إن قلت أن الأمم المتحدة شريك أساسي في كل جريمة تعرض لها العراق على مدى السنوات الأخيرة.


تعالوا معي لنر ماذا قدمته الأمم المتحدة للعراق، لا شيء سوى بيانات ضعيفة تشير إلى الوضع الإنساني تبعث بها إلى وسائل الإعلام وتقارير جوفاء إلى امينها العام !.


ربما هناك من يقول: لكن الأمم المتحدة تعرضت لتفجير أودى بحياة ممثلها في العراق في العام 2003 مما كان سبباً في حرمان العراقيين من برامجها. نعم المعلومة صحيحة تماماً، ولسنا بصدد معرفة من كان وراء ذلك التفجير الذي استهدفها في ذلك العام، بالرغم من أن الدلائل تشير إلى دولة إقليمية خططت منذ اليوم الأول للاحتلال أن يكون لها دور في العراق ولا تريد أي وجود لمنظمات دولية توثق جرائمها بحق الشعب العراقي، تلك الجرائم التي توالت في ما بعد.


لكن الأمم المتحدة عادت من جديد للعراق، و لابد أن يكون لها ملاذ آمن وليس أحسن من المنطقة الخضراء مستقراً لموظفي بعثتها الذين لم يرهم الكثير من العراقيين باستثناء دي مستورا، الذي لا يحلو مشاركة الشأن الداخلي العراقي وقضية كركوك إلا مع الأكراد والإيرانيين في جولات مكوكية!.


فكيف يتمكن من يستوطن المنطقة الخضراء أن يساعد العراقيين؟ و الله لا أعلم وهو أمر مضحك أيضاً في الوقت نفسه. لكن الأمم المتحدة بعثت سفيرتها في وقت سابق من هذا العام، نجمة هوليوود أنجلينا جولي للإطلاع على أوضاع العراقيين وزيارة أحد مخيمات النازحين، ثم زيارة المنطقة الخضراء، أليس هذا إنجازاً؟!!


بالأمس قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، إن نحو مليون عراقي يعانون من نقص في الطعام المناسب بالرغم من تراجع الرقم من أربعة ملايين عام 2005. وضيف مدير البرنامج إدوارد كالون في العراق:" يمكن أن نرحب بشكل حذر بهذه الأرقام. و أقول حذر لأن رقم 930 ألف هو كبير جداً بالنسبة غنية نسبياً. هذا إضافة إلى وجود 6.4 مليون شخص إضافي يمكن أن ينزلقوا إلى انعدام الأمن الغذائي لو لم تجد شبكات الأمان مثل نظام توزيع حصص الطعام".


انتهى تصريح موظف الأمم المتحدة، لكنه لم يشر في تصريحه الذي بدا فيه سعيداً جداً لأن عدد الجياع في العراق انخفض من 4 ملايين إلى مليون واحد فقط، أقول لم يشر هذا " الشبعان" إلى أن نظام الحصص الغذائية ليس من صنع حكومة المنطقة الخضراء، بل هو نظام أمن غذائي وضعته حكومة العراق الوطنية بقيادة الرئيس المجاهد الشهيد صدام حسين نتيجة للحصار الذي فرضته الأمم المتحدة على العراقيين وقضى بسببه في الأقل مليون عراقي. ولولا الحصة التموينية التي ما زال الكثير بل الغالبية العظمى من العراقيين يطلقون عليها اسم (حصة صدام حسين الغذائية)، التي يهدد بين وحين حكام المنطقة الخضراء على إلغائها أو تقليصها (وهو ما حدث فعلاً)، أو "اجتثاثها" لأنها ( من بقايا أو من أزلام النظام السابق)!!.


ولم تكتفي الأمم المتحدة بهذه " الفرحة| بل ثمة شيء آخر لابد أن نكون سعداء ونحن نتعرف عليه من تقارير الأمم المتحدة الإعلامية وهو، أن برنامجها الغذائي يقدم المساعدة لنحو 750 ألف عراقي نازح. ولم نعرف هل هم نازحو الداخل، أم النازحون في دول الجوار، أم في بلاد الغرب، العراقيون الهاربون من جحيم الوطن ليواجههم جحيم رفض طلب اللجوء، والإبعاد القسري والسجن أحياناً؟!!. لكننا في الأقل نعرف رداءة بعض ما يقدم من مفردات الحصص الأممية لكثير من النازحين العراقيين، الذين تبحر بلادهم على بحر من النفط تذهب موارده إلى أرصدة قطعان قطيع الائتلاف، والكرد، والحزب الإسلامي وغيرهم من(سيّاس) العملية السياسية التي تنتشر في غير مكان بالعالم.


جيمس هاجينغروبر، صحفي يعمل لجريدة " كريستيان ساينز مونيتر" ذكر في تقرير نشر يوم أمس أيضاً، "إن النظام الصحي في عراق السبعينات كان الأحسن، والآن هو الأسوأ في العالم والشرق الأوسط! ". قال ذلك بعد زيارة قام بها لمعسكر ميتيكا في جنوب العراق الذي يضم مجموعة من الأطفال العراقيين المرضى المشوهين خلقياً.


ولو أن صحفياً عراقياً منصفاً ذكر ذلك، لأتهم بأنه يريد تقويض العملية السياسية، ثم تنهال عليه قائمة التهم المتداولة والمعروفة لدى الجميع.


وللسيد جيمس أقول: كل شيء في العراق كان أحسن حتى في سنوات الحصار الذي فرضته الأمم المتحدة، و دول الغرب، والدول العربية. النظام الصحي كان أحسن، والماء كان أحسن، والغذاء كان أحسن والأهم من كل ذلك وغيره، كانت الغيرة أحسن والكرامة محفوظة، ولكن لا حياة لمن تنادي!.


وللحديث بقية..

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاحد  / ١٨ ذو القعدة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ١٦ / تشرين الثاني / ٢٠٠٨ م