الحل في سحب رموزه من التداول وليس في مكافأة المحتل !

 

 

شبكة المنصور

محمد صادق الحسيني

 

اخيرا وافقت ادارة بوش المنتهية ولايتها خلال الاسابيع القليلة القادمة على ما سمي بالتعديلات على ما بات يسمى بالاتفاقية الامنية الامريكية ـ العراقية، والتي هي ليست سوى اتفاق الاذعان الذي تسعى واشنطن الى فرضه على العراقيين من اجل صيغة جديدة لاستمرار الاحتلال وشرعنته على انقاض سفينة المحافظين الجدد، التي اغرقتها المقاومة العراقية الباسلة وصمود وصبر قوى الممانعة العربية والاسلامية الاستراتيجي امام الزحف الامريكي الامبراطوري المنظم باتجاه الوطن العربي والعالم الاسلامي!


من جهة اخرى فان ثمة لغطا كبيرا وكثيرا مقصودا وهادفا ايضا يدور حول هذه الاتفاقية الامنية وفيما اذا كان من حق العراقيين وحدهم ـ طبعا المقصود هنا الطبقة السياسية المتواجدة في المنطقة الخضراء ـ ان يقرروا عقد مثل هذه الاتفاقية ام لا انطلاقا من حسابات سياسية \'عراقوية\' محضة؟!


وسواء كنا موافقين ام معارضين لعقد مثل هذه الاتفاقية وسواء كانت الموافقة او المعارضة على الصيغة الاصلية التي عرضتها امريكا على الطبقة السياسية العراقية المتواجدة في المنطقة الخضراء او الصيغة المعدلة التي يقال انها ستبقى في حالة اخذ ورد بين الاطراف العراقية من جهة وبينها وبين المحتل الامريكي من جهة اخرى الى حين، علينا ان لا ننسى مطلقا بان القدر المتيقن من هذه الاتفاقية والذي لا يمكن الفرار منه هو انها يراد لها ان تعقد بين طرف لا يزال يمارس الاحتلال بكل ما للاحتلال من معاني العدوان والغزو وممارسة الارهاب والاذعان والتحقير حتى مع رموز المتعاملين معه، بحيث ان \'باستطاعة ضابط من قواته ان يعتقل كل الوزراء مجتمعين...\' كما ورد اخيرا على لسان اشد المتحمسين للتوقيع على الاتفاقية المذكورة اي السيد مسعود البارزاني رئيس اقليم كردستان، في سياق دفاعه عنها كبديل افضل! وبين طرف لا يملك بالتالي وحسب توصيف المسؤول الكردي الآنف الذكر من امره حتى حرية حركة وزرائه فما بالك بالدفاع عن سيادة البلد او استقلاله ناهيك عن حرية رفض او قبول اتفاقية امنية مع محتل بلاده!
ان الوصف السابق الذكر لا يعني مطلقا ان العراق المحتل لا يملك رجالا يستطيعون قول كلمة لا لاتفاقية اية اتفاقية كانت وبملء الفم، وان يدفعوا حياتهم ثمنا للموقف المذكور!


ابدا، فالمتتبع لما يجري يوميا في العراق من مقاومة عسكرية مسلحة بعيدة عن شبهة الارهاب المنظم الذي تشرف عليه اجهزة مخابرات العدو الاجنبي الحاقد وفي طليعتها المخابرات الامريكية والاسرائيلية، ومن مقاومات سياسية وفكرية وثقافية و.... يؤكد بان العراق العظيم ورغم مرور الايام العصيبة السوداء خلال السنوات الخمس الماضية عليه لا يزال يملك الكثير من قوة الرفض والثورة والانتفاضة المختزنة في صفوف شعبه وانه سيسقط بالتالي اتفاقية الاذعان والاذلال الجديدة هذه كما اسقط اتفاقية بورتسموث وحلف بغداد حتى لو وقعتها الطبقة السياسية الحالية الحاكمة مجتمعة!


المشكلة تكمن اصلا في بطانة المحتل لا سيما اولئك المتنطعين منهم للتحدث باسم العراق من على المنابر السياسية او الاعلامية وهم يحاولون خداع الرأي العام العربي والاسلامي المجاور للعراق بان لا حيلة امام العراقيين المساكين والمغلوبين على امرهم - كما يدعون طبعا ـ الا القبول بصيغة اتفاقية ما والا فان الطوفان قادم!


وحتى يزيدوا في اللغط لغطا ويحرفوا النقاش عن بوصلته الحقيقية، يحاولون جهدهم اتهام كل من يرفض الاتفاقية بانه اما انه قبض رشى من ايران او انه واقع تحت ضغوط دول الجوار او انه من اتباع القاعدة او من جماعات الخارجين عن القانون او من فلول حزب البعث .... الى ما هنالك من اتهامات جاهزة ومعبأة في مصانع نغروبونتي ـ كروكر وبطانتهما من \'المساكين\' الحقيقيين الذين تنتظرهم ايام سوداء بسبب قرب جلاء المحتل وتحرر العراق الحقيقي!
لهؤلاء نقول: المشكلة اصلا هي في مكافأة المحتل باتفاقية امنية، وليس في هذه الصيغة او تلك !


والمشكلة هي اصلا في \'مشروعية\' بقائكم حتى الآن في سدة الحكم رغم انكم من ابرز المتعاونين مع الاحتلال!
اما البديل والحل فهو اظهر من الشمس لكل عاقل الا وهو في مقاومة كافة الضغوط وبدعم كل الشرفاء من الجيران واحرار العالم لإسقاط اية صيغة اتفاقية بين طرفين غير متكافئين اصلا للجلوس على طاولة المفاوضات ما لم يتم جلاء المحتل اولا ومن ثم يكون لكل حادث حديث !


اما ان تتنطعوا انتم بالذات لقضية الدفاع عما تسمونه بمصالح الشعب العراقي وتتهمون كل من يعارض الاتفاقية بانه انما يقوم بذلك نيابة عن ايران او ...وتتهمونه بالخيانة، وحتى تكملوا \'التمثيلية\' كما يقول اخواننا العراقيون تزيدون جملة تضليلية على ما سبقها بالقول بان من يقبلها نيابة عن الآخرين هو الآخر يرتكب خيانة وطنية، فهذه \'التمثيلية\' لن تمر على الشعب العراقي الاصيل ولن يصدقها عاقل ايضا، لان كل من يقبل بأي صيغة من الصيغ المطروحة للاتفاقية الامنية مع المحتل انما يرتكب الخيانة العظمى بحق شعبه، اذ لا وجود لصيغة \'اتفاق امني\' مع المحتل في قاموس المقاومين وانما المقبول فقط هو صيغة جدولة الجلاء ولا غير !


ثم من خولكم اصلا للإتيان بالمحتل وانتم من اتيتم به - وتدعون كذبا وزورا وتحايلا على الرأي العام بانه اتى غصبا عنكم ـ حتى يخولكم اليوم بعقد اتفاقية معه او تأمين قواعد عسكرية له، ستكون آثارها كارثية على العراق وكل الجوار العراقي، تماما كما كان الغزو والاحتلال!؟


ان منطق الاشياء يقول بان الاحتلال راحل وانتم ينبغي ان ترحلوا معه، واذا تعلل الرئيس الامريكي الجديد في سحب قواته وسحبكم معها من التداول، فان منطق الاشياء يقول ان خيار المقاومة سيكون هو الكفيل في ايجاد الصيغة المناسبة ليس فقط لعراق متحرر من آثام بوش، بل ولكل بلاد العرب والمسلمين متحررة هي الاخرى من آثام بوش وعصره المتوحش !


ان الزمن لم يعد زمنكم ابدا، وتخطئون كثيرا اذا ما بقيتم ترقدون باحلام يقظتكم هذه وتريدون تصدر زعامة المرحلتين!


ان من يحق له التفاوض على جدولة الانسحاب وتحقيق الجلاء في اطار اتفاق مشرف هو ليس انتم بالتأكيد، فعملتكم عفا عليها الزمن ولا حل لمستقبل العراق والمنطقة الا بسحبكم من التداول بعد ان اصبحت عملتكم من الزمن الغابر كما حل بأهل الكهف انتم واسيادكم المحتلين!

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الثلاثاء  / ١٣ ذو القعدة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ١١ / تشرين الثاني / ٢٠٠٨ م