مواقف نضالية في زمن الايام الطويلة

﴿ الحلقة الرابعة ﴾

 

 

شبكة المنصور

ابو عمار المخضرم

 

(( احتفالية المولد النبوي الشريف ))
********************************


(( في دار المعلمين العالية عام 1954 ))
((ولد الهدى فألكائنات ضياء , وفم الزمان تبسم وثناء ))


بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف المصادف 12\ربيع الثاني \ 1374 هجرية الموافق ليوم 8\12\1954 ميلادية . أقام التنظيم الطلابي للحزب احتفالا كبيرا على قاعة كلية دار المعلمين العالية (كلية التربية لاحقا) , حضره عدد من أساتذة الكلية إضافة الى الطلبة من مختلف الكليات وقبل افتتاح الحفل فوجئنا بحضور الدكتور المرحوم (عبد المجيد القصاب) وكان وزيرا للمعارف (على ما اذكر) حينذاك .


لقد تضمن منهاج الاحتفال كلمات وقصائد لعدد من الطلبة البعثيين وغيرهم من الطلبة من الاتجاهات الأخرى وكان من بينهم الشاعر المرحوم الدكتور (عصام عبد علي) والطالبة (ف) زوجة الدكتور (ح.البزاز) ... وكانت جميع الكلمات والقصائد تتغنى وتشيد بعبقرية الرسول الكريم وعظمته وسيرته العطرة ولكنها لم تخل جميعا من انتقاد الحكومة العميلة القائمة وشجب مواقفها الممالئة للأستعماريين والمعادية لتطلعات الشعب والأمة خاصة وإنها كانت في تلك الايام تسعى بجهود محمومة لإقامة حلف بغداد المشبوه الذي قضت عليه وقبرته ثورة 14\تموز\1958 قبل أن تقوم له قائمة وقبل أن يحقق أيا من أهدافه المرسومة له . كانت القاعة التي امتلأت بحشد كبير من الطلبة واغلبهم من البعثيين تعجّ بالهتافات القومية والوطنية , كما ازدانت جدرانها ببعض اللافتات والشعارات التي تمجّد صاحب الذكرى العطرة النبي العربي الأمي (ص) ومن بينها لافتة حملت مقولة للقائد المؤسس المرحوم (ميشيل عفلق) مقتبسة من محاضرته المعروفة {في ذكرى الرسول العربي (ص)} وهي :- {كان محمد (ص) كل العرب , فليكن كل العرب اليوم محمدا (ص)} ...


ولقد سار منهاج الحفل كما خطط له القائمون عليه وكان المتوقع أن يمضي الى نهايته على وفق ذلك غير إن ما حدث قبيل نهايته خيّب ذلك التوقع !! حيث قام الوزير المرحوم (عبد المجيد القصاب) من مكانه في الصف الأول وتوجه الى منصة الاحتفال بعد إنهاء الشاعر ( شفيق الكمالي ) رحمه الله قصيدته بالمناسبة وقدم له هدية هي قلمه الذهبي الذي كان معه تعبيرا عن إعجابه بالقصيدة وتقديرا لقائلها ... وفي هذه اللحظات بالذات هتف احد الحاضرين وهو المرحوم الدكتور (تحسين معله) وكان طالبا في كلية الطب آنذاك المعروف بصوته القوي الجهوري بما يلي :- (( الطبقة الحاكمة ليست منا يسقط الحكام الخونة عملاء الاستعمار )) فاشتعلت القاعة بالتصفيق والهتاف فما كان من الوزير إلا أن يتسلل مغادرا القاعة في حالة لا يحسد عليها وتحولت القاعة الى مظاهرة حماسية وتوجه المحتفلون الى الساحة المجاورة للقاعة مرددين الشعارات (والهوسات) الوطنية والقومية.. وفي تلك الأثناء وبعد مرور وقت قصيرة فوجئنا بقوة من الشرطة تداهم المكان محاولة تطويق المحتفلين الذين تمكن اغلبهم من مغادرة المكان في اتجاهات مختلفة , ولكن لم ينج منهم عدد قليل تم إلقاء القبض عليهم وسيقوا الى مراكز الشرطة .. ولكنهم أطلقوا بعد بضعة أيام لعدم وجود الأدلة التي تدينهم وبسبب تعاطف القائمين على التحقيقات معهم فعادوا الى إكمال مسيرتهم العلمية ومواصلة طريقهم النضالي الرسالي في آن واحد .

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الجمعة  / ٠٩ ذو القعدة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٠٧ / تشرين الثاني / ٢٠٠٨ م