أفلست هذه الطغمة السياسيّة ،
الإعلامية الرسميّة المعتاشة على
فضلات .. نظام وقع بين فكيّ كماشة
أولهما ما يتبقى من معونة أمريكية
صهيونيّة ، و ثانيهما ما يجود به
برميل نفط سعوديّ صهيونيّ ..
وبهذه الحالة ، وكون الاقتصاد هو
عصب الحياة في أي دولة تحترم
ذاتها ، فتحصّنه ، و لا تجعله
شوكة في خاصرتها .. فإن مصر رهنت
نفسها .. لسياسات امريكا ، و
السعوديّة ، و دخلت في دوامة
الاعتدال العربي ، و أصبحت بوقا
اعلاميّا ينطق بما يُملى عليه ، و
بقايا ماء وجه سياسي يمسح ، ما
توسخه مؤخرة نظام سعوديّ بدأت
تظهر عليه علامات الترهل ، و
الانهيار ، و تحولت مصر من عاصمة
للعروبة .. الى أرملة عواصم
تستجدي ما يسد رمقها ، و ينفخ
كروش زعاماتها و الطبقة الطفيلية
من لصوص أصبحوا رجال أعمال نهبوا
البلاد ، و أذلّوا العباد ، و
تركوا مصر في غرفة العناية
المشددة ، و يدعم هذا الترمّل
أحزاب سياسيّة نمت على هامش
ديمقراطي ، أرغم عليه هذا النظام
العسكرتاري بسبب المعونة
الأمريكيّة .. فأصبحت هذه الأحزاب
عبئا على الشعب كونها لاتملك
برنامجا سياسيّا ، أو اقتصاديّا ،
أو تنمويّا .. فضربت مصر في مقتل
.. ساعد عليه عماء سياسي كبلت
يديه اتفاقيات كامب ديفيد التي
أخرجت مصر ، من حلبة الصراع
العربي و تحولاته .. و كشفت أمنه
القومي ، و ضعفه الاستراتيجي
الذين تراكما على مدى سيطرة
رئيسين خرّجتهما المؤسسة
العسكريّة المصريّة ، فقتل أحدهما
، و اخرج الآخر كالقنفذ من بين
مقاعد الاحتفال .. ليجلس على قلب
مصر رئيسا ابديّا .. انهكته
الأمراض في اواخر عمره ، و ترك
الحبل على الغارب .. لعصابات ابنه
المستترة خلف " بعبع الحزب الحاكم
" .. وكون هذا النظام قد أفلس
داخليا ، و جعل الشعب المصري يدفع
أكلافا عالية بسبب الفساد ، و
الفعل الإجباري لما يقوم به هذا
النظام نتيجة ضغط الدول المساعدة
.. فإن تدخلاته السياسيّة كشفت
احاديّة في الرؤية لمشاكل المنطقة
المصابة بوباء " الكيان الصهيوني
" فتخبّطت هذه السياسة في لبنان ،
و لم تستطع أن تسدّ الخلل الذي
أصاب السياسة السعوديّة فيها ، و
هاهو يقع في مصيدة السياسة
الأمريكيّة ، و نظرتها الى طبيعة
النظام السياسي الفلسطيني ، الذي
قام بعد اغتيال رئيس منظمة
التحرير الفلسطينية " ياسر عرفات
" و الذي ابّد حكومة أفرزتها
رجالات من منظمة " فتح " قادت
القضيّة الفلسطينيّة من رقبتها
الى " اتفاقيّات اوسلو " التي لم
تقطف إلاّ شوكها ، و تناقضاتها و
انقلاب " الحكومات الاسرائيليّة
المتتابعة " عليها ، و على النذر
اليسير مما ظن " ياسر عرفات " في
وقتها انّه حصل عليه .
ان تصدّي مصر لحلّ المشكلات
الواقعة في فلسطين ، و الناتجة عن
رؤيتين مختلفتين لطبيعة الصراع مع
اسرائيل .. كان أكبر من طاقاتها
السياسيّة الفاقدة أصلا لبوصلتها
، و اصرار النظام المصري على
تنفيذ الاملاءات السعوديّة -
الأمريكيّة .. جعله في موقع غير
محايد ، بدأت تنظر اليه حماس
نتيجة التسريبات الإعلامية
المقصودة في إظهارها على أنها
تعرقل الحوار ، و كان تصريح وزير
الخارجيّة السوري عن طبيعة " هذا
الحياد " هو القشّة التي قصمت ظهر
البعير .. فخرج الاعلام المصري
الرسمي ليشتم سوريّا على الملأ ..
و لم يكن أمام رئيس تحرير جريدة
الجمهوريّة الاّ إن يردد ما عجز
عن ترديده ابو الغيط في ذلك
الاجتماع .. ليسحب عن سوريّا
غطائها العربي ، و توجهها القومي
فيرميها تارة بأنّها تأوي جماعات
فلسطينيّة مسلحة ، وتارة بأنّها
تابعة لطهران .. و تارة بالتخاذل
عن إعادة الجولان ( على خلفيّة
أن مصر استعادة سيناء ) في
تعليقات صحافيّة لا تقرأ في
السياسة ، و لا في الاستراتيجيا
.. أظهرت فيها اللهجة التخوينيّة
العهر الإعلامي المصريّ الرسميّ
بورقة التوت الأخيرة ، و التي لم
تستر كامل العورة ، و التي لم تكن
الآ صيحة قد تجعل آل سعود يرمون
له " عظمة " المكافأة .. و لكنّها
لم تقدم الدليل حياديّة النظام
المصري .
|