البطل المنتظر الزيدي ... والأنتصار للكرامة والقيم

 

 

شبكة المنصور

صلاح أحمد

 

نحن جميعا نعلم حقيقة الحضور الفاعل والتفصيلي لمنظومة القيم الأخلاقية والدينية في وجدان وعقل المواطن العربي والمسلم والتي تؤطر بمجملها لسياقات التصرف المحترم في المعاملات العامة وفي رسم صيغ العلاقة البينية أو مع الآخرين في ظل حالة التوازن والأستقرار والأحترام المتبادل للحقوق والواجبات ،ولكن الأمر يكاد يكون مختلف كليا بالنسبة الى ماحصل من رشق الصحفي البطل منتظر الزيدي بزوج حذاءه صوب بوش والمالكي التي لايمكن النظر اليه بصيغته المجردة وفقا للأعتبارات التالية:


1-  أن ماحدث لايمكن أن يعزل عن حجم ما أختزن في عقول وضمائر وقلوب العرب والمسلمين من آلام ومعاناة تعتصر زمنهم وتفرض عليهم الشعور بأنهم  يسيرون في ممرات ضيقة وخانقة مقابل أن يسير أعداءهم في الآفاق الرحبة والفضاءات الواسعة ، وكل ذلك يقف وراءه السبب الرئيسي المتصل بتنفيذ التحالف الأنكلوصهيوأمريكي لجريمة أحتلاله للعراق وتدميره لبنى المجتمع المادية والبشرية والمعنوية فضلا عن ما لحق بالمواطن العربي والمسلم من ضرر الأحساس بالأهانة من جراء هذا العمل الأجرامي الذي لم يسعفه الكم الهائل من الضخ الأعلامي لمجموعة الأكاذيب والأفترءات التي تم التسويق لها لتبرير أرتكابه. وهذا ربما تلخص كله في شخص الصحفي البطل منتظر الزيدي ليتفجر بفعل متسارع لدى رؤيته للرأس الكبيرة التي تقف وراء تنفيذ هذه الجريمة ..


2-  نحن كمجتمع عربي ومسلم نقر بضرورة أكرام الضيف مصداقا لحديث خير خلق الله سبحانه سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام القائل " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه "أو كما قال عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم،ولكن هل حقا بوش هو ضيف على العراق والعراقيين!!؟؟ هل يمكن لكل عاقل ذي لب شريف أن ينظر الى بوش على أنه ضيف !!؟؟ وهو يدخل العراق متلصصا متخفيا مترقبا يخشى أن تناله يد المقاومة لتنزل به مايستحق من عقاب جزاء ماأرتكبه من جرائم بحق العراق والأمة ،هل دخل بوش العراق كما كان يدخل ضيوفه أبان الزمن الصحيح ليكون رموزه وقادته على رأس المستقبلين وعلى مرأى ومسمع الجميع وبالنقل الأعلامي المباشر ،هل أنقلبت المعايير الى الحد الذي تشجع فيه بعض الساقطين من أعضاء مايسمى بمجلس النواب العراقي لشجب فعل الصحفي البطل منتظر الزيدي ويعتبره تجاوزا على قيم الضيافة بحق (الرئيس) بوش !! ،وهو الضيف المحتجب وراء الجدر السميكة من السرية والكتمان فضلا عن الحرس والغلمان وهو من جاء ليعلن على الملأ خبر توقيعه على أتفاقية أذلال وأهانة العراقيين وبالصيغة (القانونية !!) .


3-  مع أحترامنا لأراء بعض المحترمين من الأعلاميين أمثال حافظ الميرازي الذي قال عبر قناة دريم 2 ،أن على الصحفي أن يتصرف بمهنية ،وأن يطرح مايشاء من الأسئلة القوية والمؤثرة ،أو حتى يعتصم مع من يعتصم ليبدي مايشاء من أعتراضات ،وهذا كله كلام لطيف ،ولكنه لطيف عندما يمتثل لشروطه وظروفه المتمثلة بحالات الأختلاف في حدودها الطبيعية ،والتي عندها ممكن أن يمارس الصحفي دوره بصيغة متوازنة ومنضبطة  في التعبير عن أختلافه مع من يختلف معه ،ولكن هل الحالة بين العراقيين وبين بوش وغلمانه ممكن وصفها بالأختلاف !!؟؟ وبوش وأدارة والده وأدارته هي من حاصرت وأحتلت وقتلت ودمرت وأرتكبت من الجرائم ولاتزال ماتعجز المخطوطات والمدونات عن حصرها على نحو دقيق وتفصيلي .هل يمكن أختزال حجم ماأرتكب في العراق من جرائم من العام 1991 ولحد الآن في جزئية الأختلاف !!؟؟ ونتخطى حقيقة ماترتب على هذه الجرائم من  صراع قوامه ما سفك من دماء أبناءه بغير حق ومن دون ذنب أرتكبوه ،وهوالصراع الذي فرض على العراق بغير أختيار منه.

 

وهل يعلم الأستاذ حافظ ،أن لكل فعل رد فعل . وعندما يكون الفعل أستثنائيا لابد وأن يكون رد الفعل أستثنائيا أيضا أو أشد أذا ما أستفزت مشاعر الثأر لكرامة الأنسان وبلده وشعبه ،وهذا ما حصل عندما أدرك هذا الصحفي الغيور أن مجرد الممارسة الروتينية للمهنة حتى في اعلى مستوياتها لايمكن أن ترتفع الى مستوى جرائم هذا (الضيف !!) غير الكريم وغير المرحب به سوى من غلمانه وجواريه، لذلك جاء تصرف البطل الزيدي وفقا لهذه الرؤية المستندة على ضرورة أستخدام طريقة الضرب الموجع والخارق للعادة في حال كهذا لأيقاظ من ركنوا عن النظر الى قضية العراقيين أو تعمدوا تجاهلها ليرسخوا الأنطباع بتحول أحتلال العراق الى حقيقة مطلقة ،وأذا كان هناك من يقول بأن ضرب بوش بالأحذية لايعد أهانة في الثقافة الأمريكية أو الغربية ،فأنه سيكون كذلك بعد ماحصل ،خصوصا وأن العالم كله أفاق على ماحصل وفهم مقاصده ودلالاته عند العرب والمسلمين ،وماحصل هو تنفيس مشروع لأحتقانات تسببت بها تصرفات الأدارات الأمريكية المتعاقبة ويتحمل شعبهم هامش عريض من المسؤولية ازاءها بسبب نومهم الثقيل عما حدث ويحدث .

 

وبشأن ماذكره الأستاذ حافظ الميرازي من مثل بشأن ما سيحصل للصحفي لو أنه فعل فعلته أزاء ضيف من ضيوف العراق في زمن الرئيس الشهيد صدام حسين (رحمه الله ) ،وهو هنا أراد الأشارة الى المساحة ( الديمقراطية !!) التي يتمتع بها العراقيين الى الحد الذي يساعد في تجرؤ صحفي على رشق رئيس أكبر دولة في العالم بالأحذية ،والجواب هنا بسيط ،لأن ضيوف العراق في عهد الرئيس الشهيد صدام حسين (رحمه الله ) لاتوجد بينهم وبين عينة بوش أية مقاربة ،لأنها العينة التي لايتشرف بها صدام حسين أو شعبه ، ولايمكن أن ينظر اليهم كضيوف  ليكرموا ولكن ينظر اليهم كمجرمين ليرجموا بالأحذية .

 
نحن هنا لسنا بصدد الترويج لثقافات اهانة الآخرين أو أحتقارهم أو أزدراءهم ،حتى وأن كان ذلك بتقطيب الجبين أو تحمير العين أو النظر بشزر ،لأنها ببساطة ليست من شيمنا العربية والأسلامية التي يوصي بها ديننا الحنيف ،وحديث النبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام دال على ذلك بوضوح " لاتحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق "و كما قال عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصتم التسليم .ولكننا هنا لسنا في علاقة مع أخ أوصديق ولا حتى مع خصم شريف ،بل عدو مجرم موغل في أجرامه ولايستحق سوى القذف بأحذية العراقيين ،والعراقيين يخجلوا من فعلها الا مع أمثاله .

                                                  
بوركت أيها الشاب العراقي العربي  الغيور ،حماك الله سبحانه وفك أسرك وجعلك نبراسا وقدوة لكل العراقيين الشرفاء في جهادهم من أجل تحرير وتطهير العراق العظيم.

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاربعاء  / ١٩ ذو الحجة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ١٧ / كانون الاول / ٢٠٠٨ م